"نحن نطالب، على الأقل يعني، بإرجاع مسجد قرطبة". أطلق هذه الدعوة حاكم إمارة الشارقة الإماراتية، الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، داعياً إلى استعادة المبنى الذي تحوّل إلى "كاتدرائية سيدة الانتقال" عقب خروج المسلمين من الأندلس.
تأتي هذه الدعوة في خضم الجدل الحاصل بشأن إلغاء قرار تحويل مبنى آيا صوفيا إلى متحف. اتُّخذ هذا القرار عام 1934 في عهد مؤسس الدولة التركية مصطفى كمال أتاتورك.
دعوة إلى استعادة مسجد قرطبة
في مداخلة هاتفية مع قناة الشارقة، مساء 16 تموز/ يوليو، قال حاكم الشارقة: "أنا طالبت طبعاً فقيل لي إن البلدية أعطته (مسجد قرطبة) إلى الكنيسة، فقلت أعطى مَن لا يملك لمَن لا يستحق، هذا ملكنا نحن كمسلمين".
كلام القاسمي جاء في سياق حديثه عن كتاب له عن محاكم التفتيش في الأندلس، اعتبر فيه أن أخطر ما لحق بأتباع الدين الإسلامي كان "تشويه العقيدة" وليس الحرق والقتل والسجن.
في خطوة وُصفت بأنها "تغريد خارج السرب"... حاكم الشارقة سلطان القاسمي يطالب بإرجاع كاتدرائية قرطبة إلى مسجد، في وقت تستمر الانتقادات لأردوغان بشأن إعادة آيا صوفيا مسجداً
وعبّر معلّقون على مواقع التواصل الاجتماعي عن دهشتهم من هذه "التغريدة خارج السرب"، إذ سبق أن انتقدت الإمارات تحويل آيا صوفيا مجدداً إلى مسجد.
والأسبوع الماضي، قالت نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة والشباب الإماراتية، رئيسة اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم إن تغيير وضع آيا صوفيا "لم يراعِ القيمة الإنسانية لهذا المعلم التاريخي، الذي لطالما شكل إرثاً عالمياً وقيمة ثقافية وتراثية، وجسراً لتقريب الشعوب وتعزيز الروابط المشتركة في ما بينها".
وأعرب متابعون ومحللون عن تخوفهم من قيام زعماء عرب أو غربيين بخطوات مماثلة، حتى أن بعضهم جاهر بتخوفه من إقدام إسرائيل على تحويل المسجد الأقصى إلى معبد يهودي بذريعة ما فعله أردوغان.
وكان فريق من المعلقين قد أثار قضية تحويل مساجد الأندلس إلى كنائس عقب سقوط الحكم الإسلامي فيها، آملين أن تعود هذه المساجد يوماً ما إلى حالتها الأولى.
وكانت كاتدرائية سيدة الانتقال مسجداً، حين كانت غالبية إسبانيا تخضع للحكم الإسلامي، قبل سقوطه وخروج المسلمين منها عام 1492، بعد نحو 800 عام من وجودهم فيها.
وهناك مزاعم بأنها كانت كنيسة مسيحية تسمى كنيسة سان فنسنت في زمن القوط الغربيين، وحوّلها عبد الرحمن الداخل إلى مسجد عام 784.
فكرة "متطرفة" من تونس
قبل بضعة أيام، ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس دعوات إلى تحويل كاتدرائية "القديس فنسون دو بول" في شارع الحبيب بورقيبة بتونس العاصمة إلى مسجد.
وذكرت هذه المواقع أن مطلقي الدعوات بشأن هذه الكاتدرائية التي تُعَدّ تحفةً معمارية ومَعلماً تاريخياً شامخاً على مدى نحو 123 عاماً، استندوا في مطالبتهم بأن فئة قليلة تستخدمها فيما عدد المساجد قليل في محيطها.
في تونس، ظهرت دعوات إلى تحويل كاتدرائية "القديس فنسون دو بول" في شارع بورقيبة بالعاصمة إلى مسجد، بزعم أنها تخدم فئة قليلة وأن المساجد قليلة في محيطها
وخرجت هذه الدعوات عقب تحويل "آيا صوفيا" إلى مسجد، وحث مطلقوها على الاقتداء بما فعله الجزائريّون بكنيسة "القدّيس شارل" التي حُوّلت إلى مسجد الرحمة.
لكن كثيرين عدّوا الفكرة التي روّجت لها صفحات إسلامية عبر السوشيال ميديا "متطرفة" ورفضوها.
وفي معرض رفضهم قرار أردوغان، لفت مواطنون لبنانيون، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن عدداً كبيراً من المساجد في أنحاء لبنان كانت في الأصل كنائس قبل دخول الإسلام، غير أنهم أوضحوا أنهم لم يطالبوا ولن يطالبوا بإعادتها إلى ما كانت عليه.
ولم تزل ردود الفعل المتباينة، بين غاضبة ومُحتفية، بشأن تحويل آيا صوفيا إلى مسجد مستمرة، فيما تقول السلطات التركية إن المبنى سيستقبل بين 1000 و 1500 مصلٍ في 24 تموز/ يوليو الجاري، مع إتاحة فرصة الصلاة في ساحته الخارجية لبقية المواطنين.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...