شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"قال لي الرجال قوامون وضحك"... التنمر على نساء عربيات ناجحات

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 16 يوليو 202005:33 م
بعد انتهاء مؤتمر صحفي لأحد الوزراء بالعاصمة تونس، حاولتُ ومجموعةٌ من الزملاء الصحفيين الإسراع نحو الوزير، لنيل سبق صحفي أو طرح سؤال لم يتطرق إليه أحد خلال المؤتمر، وصلت أمام الوزير، وهممت بطرح سؤالي عليه، لكن تفاجأت بأن أحدهم وضع مذياعه أمامي مباشرة، وطرح سؤاله قبل أن أنهي نصّ سؤالي، نظرت له باستغراب، فقال: "الرجال قوامون على النساء"، وضحك بسخرية.

آلمني التعليق واعتبرته إهانة لشخصي كامرأة، خاصة أنه جاء من أحد الزملاء الذي يدرس طوال حياته عن حقوق وحريات المرأة.

رغم ما حققته المرأة العربية من مكاسب في مجال الحقوق والحريات والمساواة مع الرجل في شتى المجالات، مقارنة بالعقود السابقة، إلا أن ثقافة أفضلية الرجل عليها وفكرة "الرجال قوامون على النساء"، مازالت راسخة في وجدان ليس بالقليل من الذكور العرب.

"يقولون عملي حرام"

وتعد تونس رائدة في مجال المساواة بين الجنسين مقارنة ببعض الدول العربية الأخرى، فمجلة الأحوال الشخصية تكفل للمرأة التونسية حقوقها كاملة، تلك الحقوق التي أصبحت وقود الحملات الانتخابية للسياسيين، على غرار الرئيس التونسي الراحل، الباجي قائد السبسي، الذي انتخبته مليون امرأة، بحسب وسائل إعلام محلية وعربية، بسبب ما روجه خلال لقاءاته الإعلامية، من مساندة للمرأة ومساعدتها في تحقيق مساواتها كاملة مع الرجل، لكن بدا ذلك مجرد كلام ذهب أدراج الرياح، عندما كرر عبارة "ماك إلا مرا"، أي لستِ سوى امرأة مرّتين، الأولى قالها لصحفية في أحد اللقاءات الإعلامية، وكررها ثانية للسياسية محرزية العبيدي، التي قال عنها: "ما هي إلا مرا"، وهو ما كشف النقاب عن الفكرة السلبية التي ترسّخت في عقول البعض من الرجال، مهما بلغت رتبهم ومناصبهم.

"البعض قال لي إن ما أفعله حراماً، وإنني قمت بسرقة وظيفة الرجل، أخمّن أن كل تلك التعليقات من أشخاص فاشلين، لكن ما حزّ في نفسي أنني سمعت مثيلها من أحد المسؤولين في الدولة عندما ذهبت لمقابلته، نظر إلي وقال: هيئتك هيئة عارضة أزياء، ما شأنك والفلاحة"

أسماء (27 عاماً)، من تونس، تعمل في مجال الفلاحة رغم صغر سنها، اختارت تربية الأبقار، وسطع نجمها على وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، لتفانيها في العمل، وقدرتها على منافسة أكبر الفلاحين، وقد كرمها مؤخراً وزير الفلاحة.

تعرّضت أسماء مراراً للانتقاص من قبل بعض الرجال على اختلاف مناصبهم وتعليمهم، تقول لرصيف22: "أسمع مراراً عبارات من قبيل: هل يداك يدا فلاح؟ أو هل تستطيع قدماك الدوس على فرامل الجرار؟ واتركي هذه المهنة، إنها حكر على الرجال، وخاصة العبارة الشهيرة: رجال لم ينجحوا في الفلاحة هل ستنجح امرأة؟".

وتضيف أسماء: "البعض قال لي إن ما أفعله حراماً، وإنني قمت بسرقة وظيفة الرجل، أخمّن أن كل تلك التعليقات هي من باب الغيرة والحسد لا غير، وهي من أشخاص فاشلين، لكن ما حزّ في نفسي أنني سمعت مثيلها من أحد المسؤولين في الدولة عندما ذهبت لمقابلته، نظر إلي وقال: "هيئتك هيئة عارضة أزياء أو ممثلة، ما شأنك وشأن الفلاحة. كان من الأفضل لك أن تسلكي مسلكاً غيرها مثل لداتك".

"سياقة نسوان"

وتعاني النساء العاملات من نظرة الانتقاص التي تلاحقهن كالظل، تقول مريم (38 عاماً)، إعلامية مغربية، لرصيف22: "كنت أشتغل في جريدة ورقية، وعندما أقفلت، وبينما أتجاذب أطراف الحديث مع الزملاء حول آفاق التشغيل، قال لي أحدهم بسخرية: "أنت امرأة شوفيلك مجلة تهتم بالطبخ"، هذا غير أنني أسمع دوماً عبارة: ما حاجتك بالعمل؟ اهتمي بأسرتك أفضل".

ولا يقتصر التنمّر على النساء فقط في العمل، فحتى في الطرقات، يجب على المرأة ألا تخطئ ولو خطأ صغيراً، وإن فعلت ستتلقى وابلاً من الشتم، وتلك العبارة الشهيرة "سواقة النسوان".

تقول فاطمة (33 عاما)، صحفية من الجزائر، لرصيف22: "أعيش التنمّر أثناء السياقة يومياً تقريباً، وأكثر ما يحزّ في نفسي أن الرجل عندما يخطأ لا أحد يشتمه مثلما يفعلون مع النساء، رغم أن نسبتهن التي تنجح في امتحان السياقة أعلى من نسبة الرجال، ولا أخفيك أن التنمّر بدأ منذ أيام تعلمي السياقة، حيث كان الشبان آنذاك يستهزئون بسياقة البنات، لكن في الأخير نحن من نجحنا بينما أخفق أغلبهم".

"أعيش التنمّر أثناء السياقة يومياً تقريباً، وأكثر ما يحزّ في نفسي أن الرجل عندما يخطأ لا أحد يشتمه مثلما يفعلون مع النساء، رغم أن نسبتهن التي تنجح في امتحان السياقة أعلى من نسبة الرجال"

أما ريم (28 عاماً)، ممرضة من ليبيا، فقد وصل التمييز في التعامل معها بسبب أنها امرأة لمدى أبعد، تحكي قصتها لرصيف22: "يرفض بعض الرجال المرضى أن أفحصهم أحياناً لمجرد أني امرأة، حيث قال لي أحدهم بينما كنت أهم بحقنه: ابتعدي أريد أن يحقنني رجل، أنتن لا تفقهن شيئاً غير وضع طلاء الأظافر".

وقد أثارت الإعلامية السعودية، نادين البدير، جدلاً واسعاً وانتقادات من قبل رجال على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب تصريحاتها المناهضة لعدم المساواة مع الرجل أو الدفاع عن حقوق المرأة، وقد انتشر فيديو لها مؤخراً في برنامج "اتجاهات"، حينما ردت ساخرة على أحد ضيوفها: "أنت هنا تبعي، أنا مديرة البرنامج"، دفاعاً منها عن المرأة، حينما قال إن النساء تبع للرجال.

وقد لاقى مقطع الفيديو انتشاراً واسعاً بين رجال مستنكرين ما قالته، وبين نساء دعمنها واعتبرن ردّها "رد اعتبار لجميع نساء الكوكب".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image