اليوم 17 حزيران/ يونيو، تمر الذكرى الأولى لرحيل الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي داخل قاعة المحكمة لدى بتّ مسألة اتهامه بـ"التخابر مع منظمات ودول أجنبية".
وتصدر وسم #محمد_مرسي قائمة الأكثر تغريداَ في البلاد، إذ عكست التغريدات عدم حدوث تغيّر ملحوظ في الموقف من الرئيس المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين بعد عام على رحيله.
انقسم المغردون بين مترحم على #الرئيس_الشهيد ولاعن يتمنى له جهنم. علماً أن معظم المدونين في ذكرى رحيله محسوبون على جماعة الإخوان المسلمين أو حلفائها بالإضافة إلى عدد كبير من الإعلاميين المنتقدين للسلطات المصرية وبعض الناشطين الحقوقيين.
انتقائية التعاطف
ولفت فريق من المغردين والمتابعين إلى المفارقة في تزامن ذكرى رحيل مرسي وانتحار الناشطة في حقوق مجتمع الميم سارة حجازي قبل أيام عدة، مثيرة بوفاتها سجالاً قوياً بشأن الترحم على ذوي الميول الدينية والجنسية المختلفة وكذلك بشأن انتحارها وإلقاء اللوم على النظام المصري الذي اعتقلها ودفعها لاحقاً إلى الهجرة الاضطرارية.
عندما توفي مبارك علت أصوات عديدة بالترحم عليه، مبررةً ذلك بـ"له ما له وعليه ما عليه"، أي حسابه على الله. لكن هذا لم ينطبق على #محمد_مرسي "الذي ظُلم من الجميع" ولا يزال الكثيرون يرفضون الترحم عليه
وقال معلقون على رحيل مرسي إن عدداً من الذين رفضوا مزاعم عدم جواز الترحم على سارة لم يترحم على مرسي أو يهتم بوفاته معتقلاً.
وانتقدوا بشدة "ازدواجية" من يتعاطف مع سارة ويعزو انتحارها إلى انتهاكات النظام المصري بحقها خلال فترة اعتقالها، بينما يرى "القتل البطيء" بحق مرسي أمراً عابراً.
في الوقت نفسه، أثيرت المفارقة المتمثلة في الترحم على الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي توفي في وقت سابق من العام الجاري، والتهافت على حضور جنازته برغم إطاحته في ثورة شعبية عقب "30 عاماً من الفساد"، كما تتهمه جماعات حقوقية.
وتساءل إعلاميون وناشطون حقوقيون: "إذا كان مبارك ‘له ما له وعليه ما عليه‘، فلماذا لا يعامل بالمثل مرسي الذي لم يمكث في الحكم سوى عام واحد؟"، وكان عمرو أديب قد نعى مبارك بهذه العبارة ثم تناقلها الكثيرون ويقصد بها "حسابه على الله".
شهادات ومواقف تُروى
أصر متعاطفون مع مرسي على أنه "ظُلم من الجميع حياً وميتاً"، في حين أثار نجله، أحمد، جدلاً لدى نشره صورتين من تقريري النائب العام ووزارة الداخلية يظهر بينهما اختلاف في تحديد موعد وفاة والده، مفسراً ذلك بوجود "شبهة جنائية" في وفاته.
واسترجع بعضهم عيّنة من مواقف مرسي. قال سمير الوسيمي، أحد مستشاري رئاسة الجمهورية إبان حكم مرسي في سلسلة تغريدات، جاء في إحداها: "عايشت الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي في مواقف كثيرة، تحديداً من بدايات عام 2000 إلى فترة الرئاسة (...) كان رجلاً بكل معنى الكلمة، وطاهر اليدين، ونقي السريرة، ويحب مصر جداً، وكانت لديه آمال وأحلام مشروعة، اجتهد ما استطاع طوال حياته، وحقق كثيراً من النجاحات".
ولفت إلى أن "ما استحقه هو أن يتم تكريمه من وطنه، وليس ما حدث له على يد القلة المستبدة التي هي أبعد ما تكون عن حب مصر".
وأشاد مواطنون كثر برفضه التعامل مع إسرائيل وعدّوا موقفه هذا "وسام شرف على صدره"، لافتين إلى ولائه التام للقضية الفلسطينية.
هناك من تعاطف مع #سارة_حجازي ورأى أن انتحارها مرتبط بسوء معاملة النظام المصري لها خلال فترة الاعتقال، لكنه لا يرى في #محمد_مرسي الذي مات معتقلاً "ضحية" للنظام
وفي مقابلة مع قناة "الجزيرة" القطرية، قال أحمد مكي، وزير العدل المصري بين تموز/ يوليو عام 2012 ونيسان/ أبريل عام 2013: "أشهد أني لم أر له (أي مرسي) مثيلاً في حياتي (...) لا أستطيع أن أقيّمه أو أحكم عليه لأني (بذلك) أظلم نفسي وأظلمه… لكن سأحكي وقائع حصلت معي"، مؤكداً أنه "شخصية من التاريخ".
وروى مكي: "في أحد الأيام اتصل بي وقال إنه لا يستطيع النوم بسبب قرار حبس الصحافي إسلام عفيفي، رئيس تحرير صحيفة الدستور آنذاك، بعدما وجه شتائم لمرسي ولحزب الحرية والعدالة وقياداته، معرباً عن شعوره بأن قرار حبس الصحافي مجاملة له".
وأضاف أنه أبلغ مرسي تعذر وساطته لدى المحكمة وأوصاه بإلغاء قانون الحبس الاحتياطي للصحافيين، مبرزاً أنه قام بذلك على الفور.
وسرد مكي واقعة أخرى بحضور عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع آنذاك ورئيس الجمهورية الحالي، قال مكي إن مرسي رفض اقتراحاً بإطلاق الرصاص على المهاجمين، مستشهداً بحديث نبوي.
واعتبر عدد كبير من مؤيدي مرسي أن هذه الشهادة "تاريخية" إذ تدحض اتهامات "أعدائه" المزعومة بحقه. في حين أصر أنصار السيسي على أن رواية مكي هذه "كذب وافتراء"، متسائلين "لماذا لم يصرح بذلك طوال السنوات الماضية؟".
وغرد جمال سلطان، رئيس تحرير صحيفة "المصريون": "تتفق أو تختلف معه، إلا أنك لا تستطيع تجاهل حقيقة أن التاريخ سيتوقف طويلاً أمام صمود هذا الرجل كل تلك السنوات، وهو أسير القوة الباطشة التي انقلبت عليه، ورفضه التنازل لها عن شرعيته حتى الموت. القادة أصحاب المبادئ وحدهم من يفعلون ذلك، يرحمه الله".
وكان مرسي، المولود في 20 آب/ أغسطس عام 1951، شارك في أول انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 كانون الثاني/ يناير عام 2011، مرشحاً احتياطياً لحزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر).
وتولى الراحل الحكم عام 2012 ليصبح خامس رئيس في تاريخ البلاد. لكن احتجاجات على حكمه بدأت بعدما منح نفسه صلاحيات واسعة في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2012، بموجب مرسوم رئاسي.
وتفاقمت وتيرة الاحتجاجات عقب إقرار جمعية تأسيسية يسيطر عليها الإسلاميون دستوراً رفضه الليبراليون والعلمانيون والكنيسة القبطية.
وفي الذكرى الأولى لوصوله إلى الحكم، في 30 حزيران/ يونيو عام 2013، نظمت حركة "تمرد" تظاهرات احتجاجية ضخمة شارك فيها الملايين. وأطاح الجيش المصري بقيادة السيسي مرسي وزج به في السجن حتى وفاته.
وكثيراً ما شجبت منظمات حقوقية، محلية ودولية، ظروف احتجاز مرسي وإجراءات محاكمته، فيما اتهمت أسرته السلطات بإهمال الرعاية الصحية اللازمة له برغم ما يعانيه من أمراض مزمنة. واعتُبرت وفاته على نطاق واسع نتيجة مباشرة لهذه الانتهاكات.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...