كشف التقرير السنوي لفرجينيا غامبا، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة للأطفال والصراعات المسلحة، عن تصاعد خطير في الانتهاكات بحق الأطفال خلال العام الفائت، مبرزاً توثيق 25 ألف انتهاك بواقع 70 انتهاكاً يومياً.
التقرير الأممي الذي نشر، مساء 15 حزيران/ يونيو، أوضح أن وتيرة الانتهاكات ظلت مشابهة إلى حد كبير للوضع عام 2018.
وقالت غامبا: "الفتيان والفتيات أسيء استخدامهم في النزاعات المسلحة بعدما استُبدلت طفولتهم بالألم والوحشية والخوف بينما العالم يقف متفرجاً".
واتهمت، في تقريرها، أطراف النزاع في مختلف مناطق العالم بأنها "غالباً ما تهمل حماية الأطفال في المعارك وتحرمهم من المساعدة الحيوية التي يحتاجونها بشدة"، مضيفةً: "بانتهاك قواعد الحرب، تعرّض الأطراف أطفالها للخطر".
ولفتت إلى أن المأساة التي يواجهها الأطفال استمرت بلا هوادة طوال عام 2019، مُظهرةً توثيق الأمم المتحدة أكثر من 25 ألف انتهاك جسيم ضد الأطفال، نحو نصفها ارتكبته أطراف غير متصلة بالحكومات.
وسلط التقرير الضوء على الأطفال في اليمن (4042 انتهاكاً جسيماً)، والصومال (3709 انتهاكات جسيمة)، والعراق (186 انتهاكاً جسيماً)، وسوريا (2638 انتهاكاً جسيماً)، وإسرائيل وفلسطين (3908 انتهاكات جسيمة) باعتبار أن الأوضاع هناك "الأكثر إثارة للقلق". علاوةً على السودان (208 انتهاكات جسيمة) ولبنان وليبيا.
تقرير أممي يوثّق 25 ألف انتهاك جسيم بحق الأطفال العالقين في مناطق الصراع لا سيما في فلسطين وسوريا واليمن والعراق في العام الماضي. لكن منظمة حقوقية ترى أنه "ألحق العار بالأمم المتحدة"...
أرقام مقلقة
وتنوعت الانتهاكات الموثقة بين تجنيد الأطفال واستخدامهم في الصراع (7747 طفلاً، بعضهم دون السادسة)، وقتل وتشويه (10173 طفلاً)، والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي ضد الأطفال (735 حالة)، والهجمات على المدارس والمستشفيات (927)، واختطاف الأطفال (1683 طفلاً، غالبيتهم في الصومال).
وقالت الأمم المتحدة إنها تحققت من مقتل 4019 طفلاً وتشويه 6145. ولوحظ أن حوادث قتل وتشويه الأطفال تظل الانتهاك الأكثر شيوعاً بحقهم. وأصيب 25% من الضحايا في حوادث تفجير بقايا الحرب وألغام وكان العدد الأكبر منهم في العراق (80 طفلاً) والفلبين.
منوهاً عن 4400 حادث تم التحقق منها، كشف التقرير عن قفزة صادمة بنسبة 400 % في منع وصول المساعدات الإنسانية إلى الأطفال في العام الماضي. وصفت غامبا ذلك بـ"الاتجاه الأكثر إثارة للقلق عام 2019".
وسلط التقرير الضوء على حرمان أو تأخير حصول 2127 طفلاً على الرعاية الطبية اللازمة والمتوفرة خارج قطاع غزة.
ورسم التقرير الأممي صورة أوسع للعنف المتكرر ضد العاملين في المجال الإنساني، والاعتداءات التي تعرقل عملهم في تقديم المساعدة الأساسية للأطفال، مثل نهب الإمدادات وتقييد الحركة.
ودعت غامبا: "جميع أطراف النزاع إلى إعطاء الأولوية على الفور لوصول المساعدة الإنسانية إلى الأطفال والسكان الضعفاء في حالات النزاع المسلح والسماح لخبراء حماية الأطفال والعاملين في المجال الإنساني بالقيام بعملهم".
وبرغم فصل 13200 طفل عن أطراف النزاع غير المتصلة بالدول عام 2019، أعاقت التحديات الأساسية جهود إعادة إدماجهم وغيرهم من الأطفال المعرضين لخطر التجنيد، بحسب التقرير الأممي.
"مستوى جديد من العار"... تنديد حقوقي بحذف التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن وإسرائيل وروسيا وأمريكا من "قائمة العار" لمنتهكي حقوق الأطفال في مناطق الصراع
واعتُبر عدم احترام الحقوق الأساسية داخل المدارس والمستشفيات أحد أكثر الانتهاكات خطورة، لا سيما في أفغانستان وإسرائيل وفلسطين وسوريا حيث تم الإبلاغ عن حوالى 927 حادثة اعتداء مثبتة (494 على المدارس و433 على المستشفيات).
كذلك حُرم ملايين الأطفال في مناطق الصراع خلال عام 2019 التعليم والرعاية الصحية الفعالة نتيجة الهجمات أو عمليات الإغلاق للاستخدام العسكري.
وفي غياب الإبلاغ عن هذا النوع من الانتهاكات، سُجلت 735 حالة عنف جنسي واعتداء بحق الأطفال، غالبيتها في الكونغو والصومال والسودان.
وأشار التقرير إلى أن الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال مثل الاغتصاب والاغتصاب الجماعي والاسترقاق الجنسي والزواج القسري ظلت "تكتيك حرب". علماً أن عوامل مثل تفلّت الجناة من العقاب وعدم الوصول إلى العدالة، والخوف من الوصمة ونقص الخدمات للناجين، أدّت إلى نقص كبير في الأرقام.
ودق التقرير الأممي ناقوس الخطر تجاه اعتقال 2500 طفل لارتباطهم الفعلي أو المزعوم بالجماعات المسلحة، بما في ذلك الارتباطات المحتملة مع جهات مصنفة من قبل الولايات المتحدة كيانات إرهابية.
وذكّرت الممثلة الخاصة بضرورة معاملة الأطفال كضحايا في المقام الأول، منبهةً إلى أن الاحتجاز لا يُستخدم إلا لأقصر فترة وكملاذ أخير مع البحث عن بدائل فعالة للسجن.
واختتمت: "أدعو الدول الأعضاء إلى تسهيل العودة الطوعية للأطفال العالقين في مخيمات العراق وسوريا إلى بلدانهم الأصلية".
اعتراضات حقوقية
وأثير سجال حقوقي على خلفية حذف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن ودول أخرى من "قائمة العار" التي تضم الأطراف المنتهكة لحقوق الأطفال.
وأورد التقرير أنه حذف التحالف من الملحق المرفق بالتقرير الذي يتضمن الدول والمجموعات التي تنتهك حقوق الأطفال "بأعمال قتل وتشويه، ‘بعد تراجع كبير ومستمر (لهذه الجرائم) في الغارات الجوية وتوقيع اتفاق إطار في آذار/مارس الماضي‘" يهدف إلى تجنّبها.
ونددت منظمة "هيومن رايتس ووتش"على الفور بـ"مستوى جديد من العار"، مدينةً في الوقت نفسه "تجاهل الانتهاكات من قبل دول قوية أخرى مثل روسيا والولايات المتحدة وإسرائيل بحذفها من القائمة".
الأمم المتحدة وثّقت قتل القوات الإسرائيلية 29 طفلاً فلسطينياً، واعتقالها 529 آخرين، وشهادات 166 بشأن تعرضهم لسوء المعاملة وخرق الإجراءات القانونية لكن إسرائيل ليست على "قائمة العار" برغم ذلك كله
واستغربت المنظمة الحقوقية توثيق التقرير "مسؤولية التحالف بقيادة السعودية عن إصابة 222 طفلاً وأربع هجمات على مدارس ومستشفيات في اليمن عام 2019، لكنه أزالها من قائمة الأطراف المسؤولة عن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال. كما فشل في إدراج القوات الروسية في سوريا، أو القوات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، على الرغم من الانتهاكات التي وثّقتها الأمم المتحدة بشكل جيد".
ووثّق التقرير اعتقال القوات الإسرائيلية نحو 529 طفلاً فلسطينياً بزعم ارتكاب جرائم أمنية. وتلقت الأمم المتحدة شهادات من 166 طفلاً بشأن تعرضهم لسوء المعاملة وخرق الإجراءات القانونية الواجبة على أيدي القوات الإسرائيلية، بما في ذلك العنف الجسدي وتهديد طفل بالعنف الجنسي.
ولفت إلى مقتل 32 طفلاً فلسطينياً (29 منهم على أيدي الإسرائيليين) وتعرض 1539 آخرين للتشويه.
واعتبرت المنظمة أن قرار الأمين العام حذف هذه الدول "يثير تساؤلات بشأن التزامه محاسبة الدول علناً عن الانتهاكات المتكررة".
في حين شدد جو بيكر، مدير الدفاع عن حقوق الأطفال في هيومن رايتس ووتش، على أن الحذف يتجاهل "الأدلّة المقدّمة من الأمم المتحدة نفسها على تواصل الانتهاكات الخطيرة بحقّ الأطفال" في هذه المناطق، معتبراً أنه ألحقَ العار بالمنظمة الأممية.
وأوضحت "هيئة الرصد المعنية بالأطفال والصراعات المسلّحة" أن "الأمين العام للأمم المتّحدة يعرّض الأطفال لهجمات جديدة ويقوّض آلية مهمة لتعيين المسؤولية".
وكان الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بان كي مون، قد خضع لضغوط الحكومة السعودية عام 2016 وأخرج قواتها في اليمن من "قائمة العار"، مندداً علناً بالابتزاز السعودي للأمم المتحدة عبر التهديد بإلغاء تمويلها برامج الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين. وأعاده غوتيريش عام 2017.
وقالت غامبا في مؤتمر صحافي إن الأمم المتحدة لم تتعرّض لـ"أي ضغوط" سعودية وإنّ التقرير مبنيّ على "أرقام".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...