دان تقرير للأمم المتحدة، في 3 أيلول/سبتمبر، جميع أطراف الصراع العسكري في اليمن (التحالف والحوثيين) بارتكاب "جرائم حرب محتملة"، مشيراً إلى تواطؤ بلدان مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا في هذه الجرائم بتقديم العتاد والمعلومات والدعم اللوجيستي للتحالف الذي تقوده السعودية، ومتحدثاً عن "إفلات الجميع من العقاب".
وفي تقريرها أكدت لجنة محققي الأمم المتحدة في اليمن أن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا "ربما" تكون متواطئة في جرائم حرب باليمن من خلال تقديمها العتاد والمعلومات والدعم اللوجيستي للتحالف الذي تقوده السعودية والذي اتهمته بدوره بانتهاج سياسة "تجويع المدنيين" كأسلوب حرب.
كما أشار المحققون الذين عيّنهم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في عام 2017 إلى انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان في اليمن بما في ذلك أعمال قتل وتعذيب وعنف جنسي، لافتين إلى أنه إذا أكدت محكمة مستقلة ومختصة العديد من الانتهاكات التي تم توصيفها، فإن ذلك "قد يؤدي إلى تحميل أفراد مسؤولية ارتكاب جرائم حرب".
قائمة متهمين "رئيسيين" سرية
ووضع محققو الأمم المتحدة قائمة سرية بأسماء شخصيات يشتبه بارتكابها جرائم حرب اعتماداً على أحدث التقارير التي أعدوها حول الانتهاكات التي حدثت خلال الحرب المستمرة منذ أربع سنوات بين تحالف يضم دولاً عربية وجماعة الحوثي المدعومة من إيران والمسيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء.
تقرير للأمم المتحدة يؤكد أن جميع الأطراف في اليمن (التحالف والحوثيين) ارتكبت "جرائم حرب محتملة" و"انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان" وتواطأت معها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا
محققو الأمم المتحدة أرسلوا قائمة سرية بأسماء شخصيات يشتبه بارتكابها جرائم حرب في اليمن إلى المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، تحدد "الأفراد الذين قد يكونون مسؤولين عن الجرائم الدولية"
وأفاد التقرير الأممي بأن قائمة الأسماء السرية التي أرسلتها لجنة التحقيق المستقلة إلى المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه، تحدد "الأفراد الذين قد يكونون مسؤولين عن الجرائم الدولية".
ويذكر ملحق التقرير أسماء أكثر من 160 "ممثلاً رئيسياً" بين كبار الضباط السعوديين والإماراتيين واليمنيين، بالإضافة إلى أعضاء في جماعة الحوثي من دون توضيح ما إذا كانت أي من هذه الأسماء مدرجاً على القائمة السرية للمشتبه فيهم.
الجميع متورطون ومسؤولون عن الانتهاكات
وبينما رفضت جماعة الحوثي والتحالف الذي تقوده الرياض التعاون مع خبراء الأمم المتحدة، اعتمد الخبراء في نتائجهم على أكثر من 600 مقابلة مع الضحايا والشهود، فضلاً عن المواد الوثائقية والمفتوحة المصدر، حسبما أشاروا في تقريرهم.
وخلص المحققون إلى احتمال ارتكاب الجانبين (التحالف والحوثيين) جرائم. كما سلط تقريرهم الضوء، في الوقت ذاته، على الدور الذي تلعبه دول غربية كداعم أساسي لتحالف الدول العربية، مقابل الدور الإيراني الداعم للحوثيين.
وقد اتهم التقرير التحالف العربي الذي تقوده السعودية وحليفتها الإمارات بـ"قتل المدنيين في غارات جوية وحرمانهم عمداً من الطعام في بلد يواجه المجاعة"، في حين قالت إن الحوثيين "قصفوا المدن وجندوا الأطفال بكثافة واستخدموا ‘الحرب الشبيهة بالحصار‘".
وورد في التقرير: "ربما قام الأفراد في الحكومة اليمنية والتحالف، بما في ذلك السعودية والإمارات، بشن غارات جوية تنتهك مبادئ الإنسانية والتمييز والحيطة والحذر (الواجب مراعاتها قبل أي ضربة عسكرية)، ربما استخدموا أيضاً الجوع كوسيلة من وسائل الحرب، وجميعها أعمال ترقى إلى جرائم الحرب".
وأضاف: "لا تزال قانونية عمليات نقل الأسلحة التي تقوم بها فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ودول أخرى محل تساؤل، وهي موضوع لمتابعات عدة في المحاكم المحلية".
وبيّن التقرير الأممي أن لجنة تقييم الحوادث المشتركة التي أنشأتها السعودية لمراجعة الانتهاكات المزعومة للتحالف قد أخفقت في مساءلة أحد عن أي غارة تسببت بمقتل مدنيين، وهذا ما يثير "مخاوف بشأن نزاهة تحقيقاته".
وأفادت اللجنة الأممية الخاصة بتلقيها "مزاعم بأن القوات الإماراتية والفصائل التابعة لها قامت بتعذيب المعارضين السياسيين المشتبه بهم واغتصابهم عقب احتجازهم في منشآت سرية"، فيما زرعت قوات الحوثيين الألغام الأرضية.
توصيات وتحذيرات
من جهته، اعتبر رئيس فريق الخبراء البارزين الإقليميين والدوليين بشأن اليمن، كامل الجندوبي، أن "الإفلات المستشري من العقاب للانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبتها جميع أطراف الصراع لا يمكن الاستمرار في التسامح معه"، مشدداً على ضرورة "تمكين التحقيقات النزيهة والمستقلة لمحاسبة أولئك الذين لا يحترمون حقوق الشعب اليمني".
وتابع في البيان: "يجب على المجتمع الدولي أن يكف عن غض الطرف عن هذه الانتهاكات وعن الوضع الإنساني الذي لا يطاق" في اليمن.
وطالب الخبراء، في التقرير، من مجلس حقوق الإنسان السماح لهم بمواصلة عملهم لضمان بقاء وضع حقوق الإنسان في اليمن مطروحاً على جدول الأعمال، علاوةً على تعزيز صلاحياتهم بالسماح لهم بجمع وحفظ الأدلة على الانتهاكات المزعومة في محاولة لمكافحة الإفلات من العقاب.
كذلك دعوا الدول إلى الامتناع عن تقديم الأسلحة إلى مختلف أطراف الصراع، محذرين الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيران وغيرها من أنها "قد تتحمل مسؤولية تقديم المساعدة أو المساعدة في ارتكاب انتهاكات بحق القانون الدولي إذا تم استيفاء شروط التواطؤ".
ونجح الحوثيون في طرد الحكومة اليمنية من العاصمة صنعاء في عام 2014. وتدخل التحالف المكون من دول إسلامية سنية في الصراع في العام التالي في محاولة لإعادة الحكومة المخلوعة إلى السلطة. واستمر الصراع العسكري منذاك مخلفاً عشرات الآلاف من القتلى، وترك البلاد على شفا حفرة من المجاعة لتصبح "أكبر أزمة إنسانية في العالم" وفق تقدير الأمم المتحدة.
وفي 1 أيلول/سبتمبر، اتهمت جماعة الحوثي ومسؤول في الصليب الأحمر الدولي الغارات الجوية التي شنها التحالف بقيادة السعودية على جنوب غربي اليمن بإصابة مجمع للسجون وقتل عشرات الأشخاص.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...