شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"الرجل أسد البيت"... "انفلونسر" أردنية تثير جدلاً بتحميل المرأة مسؤولية الخيانة الزوجية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 11 يونيو 202003:23 م

لقبها "مؤثرة" (Influencer) على مواقع التواصل لأن عدة ملايين من مختلف الجنسيات والأعمار تتابعها. إنها زين كرزون، الشابة الأردنية التي أثارت جدلاً في 10 حزيران/يونيو بعدما انتشر لها فيديو تتحدّث فيه عن أهمية اعتناء المرأة بجمالها لئلا يخونها زوجها، كما حصل مع صديقتها التي "أهملت نفسها"، بحسب رأيها.

في سلسلة فيديوهات على سناب شات، تحدثت كرزون (وهي شقيقة المطربة الأردنية ديانا كرزون) عن أهمية الاعتناء بالنفس من أجل "النفسية"، ثم انتقلت للحديث عن "تقصير" بعض النساء المتزوجات تجاه أنفسهنّ قائلةً: "أكثر المشاكل اللي بتصير بين المتزوجين لمّا الستّ تبلش تهمل بحالها... الطبيعي أنه زوجك يطلع وتصير عينه زايغة ويشوف غيرك. طبيعي. أنا ما بلوم الرجل... لما يرجع الزوج ويلاقيكي مش مرتبة حالك، مش لابسة حلو، مش عاملة أظافرك، مش مرتبة شعرك، غير لما يرجع يلاقيكي مثل الفلّة. هالمكياج، هاللطافة، هالترتيب... خلص بيثبت وبظل عندك. بس لما يلاقي حالك ضيم (مستكينة)، بده يطلع وعينه تزوغ برّة".

وتابعت: "أعلم أن مشاغل الحياة كثيرة"، موجهة نصيحتها للمتزوجات: "لا تقولي ليس هناك وقت لهذا. هذه الأمور لا تتطلب الكثير من الوقت. عبارة 'ما عندي وقت' أكبر غلطة، وليست مبرراً. عليك تخصيص وقت لنفسك لئلا يملّ زوجك شكلك. يمكنك تخصيص وقت للاهتمام بأظافرك، وتنظيف بشرتك، وترتيب شعرك كل يوم".

ثم تحدثت كرزون عن صديقتها التي تعرّضت لخيانة زوجية قائلةً: "قلت لها أريني صورة الفتاة التي خانك زوجك معها... البنت حلوة! تهتم بنفسها. وزوج صديقتي من الأشخاص الذين يهتمون بالمظهر... صديقتي أهملت نفسها، كانت ترتدي 'training' (ملابس رياضية) و'بيجامات' في الفترة الأخيرة. ولم تكن تهتم بشعرها".

وأوضحت أنه "لا يحق للرجل أن يخون بالطبع، ولكن قد تكون هناك 'نزوة' تؤثر عليه".

وبحسب روايتها، كشفت لصديقتها أهمية أن تعتني بنفسها، موضحة: "البنت الشاطرة هي اللي بتسحب زوجها لعندها، هي اللي بتثبته". وحذّرت صديقتها من الحديث مع زوجها في موضوع خيانته لها.

وتابعت: "الرجل بحب يحسّ حاله أسد البيت. أعطيه لقطته (بمعنى دعيه أن يعيش الأجواء). لما بحس بهاي اللقطة اللي عايشها جوا بيته، صدقيني ما رح يتطلع على غيرك. وأهم إشي ما تنكدي عليه حياته. بس يرجع من الشغل أضحكيله وغيريله مواضيعه".

ولتكن "عادلة"، أنهت حديثها بالقول إن الاعتناء بالنفس لا يقتصر على المرأة، راويةً أن هناك سيدة تركت زوجها بسبب "رائحة قدميه الكريهة".

"الرجل بحب يحسّ حاله أسد البيت. أعطيه لقطته. لما بحس بهاي اللقطة اللي عايشها جوا بيته، صدقيني ما رح يتطلع على غيرك. وأهم إشي ما تنكدي عليه حياته. بس يرجع من الشغل أضحكيله وغيريله مواضيعه"... جدل أثارته كرزون بتحميل المرأة مسؤولية الخيانة الزوجية

"حيوانات ناطقة"

انتشرت مقاطع من حديث كرزون المطوّل على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وأعرب العديد من المستخدمين عن استيائهم من تحميل المرأة ذنب خيانة الزوج.

من التعليقات، هذه العيّنة:

- "مُصرّين يتعاملوا مع الذكور كأنهم حيوانات ناطقة، ما عندهم مبادئ ولا تحكّم في الذات والرغبات بس بمشوا ورا شهوتهم، هاي الفيديوهات إهانة للطرفين على حدٍّ سواء، المرأة والرجل".

- "تخيلي ترتبطي بواحد ما تقدري تكوني معاه على طبيعتك في كل حالاتك، تخيلي تتزوجي واحد مضطرة كل يوم تتأنقي وتتجملي عشان ما يشوف غيرك؟ تخيلي تتزوجي واحد وتأسسي أسرة مع شخص ما يحبك في كل حالاتك. ليش ممكن تدخلوا في علاقات معلقة على شرط! (لو ما كنت كذا رح يخونني أو يتركني)؟"

- "أشعر بالأسف تجاه النساء اللواتي يعتقدن أنهن موجودات لإرضاء الرجال".

وكانت كرزون قد تعرضت لخيانة من قبل حبيبها، وتحدثت في الإعلام كيف هجر والدها عائلته وهي في عمر صغير، وهو ما دفع روّاد التواصل إلى تذكيرها بهاتين الحادثتين وإلى أنه قد لا تكون هناك علاقة بين الاهتمام بالنفس وانفصال الثنائي.

"يهدمون سنوات من الحراك"

ممن علّقوا على الفيديو المتداول والخاص بالخيانة وعلى ما قالته كرزون لصديقتها، الناشطة والإعلامية الأردنية عروب صبح التي كتبت في تغريدة على تويتر: "المشاكل الشخصية والنفسية والعلاقاتية لا تحلها شخصية (مؤثرة)".

وفي حديثها لرصيف22، قالت صبح إن "الخطر من ‏زين أو غير زين ممن يستعملون المنصات للفتوى ولسرد آرائهم المبنية على عدم المعرفة وعدم تجربة ويشددون على مفاهيم سلطوية نريد أن تنتهي من حياتنا هو أن بعض متابعيهم يأخذون كلامهم على محمل الجد".

"الخطر من ‏زين أو غير زين ممن يستعملون المنصات للفتوى ولسرد آرائهم المبنية على عدم المعرفة وعدم تجربة ويشددون على مفاهيم سلطوية نريد أن تنتهي من حياتنا هو أن بعض متابعيهم يأخذون كلامهم على محمل الجد".

وأضافت: "الحديث عن العلاقات الإنسانية يحتاج الى أهل المعرفة والتخصص، هؤلاء يتحدثون من رؤوسهم ويسقطون التنميط المتداول عن العلاقة الزوجية والأدوار فيها". وتابعت: "هي تجعل الخيانة (كنزوة) أمراً مقبولاً وتربطها بجهد المرأة في المحافظة على الرجل (الأسد) الذي يجب أن تعطيه (لقطته)... ‏وكأن الزواج علاقة سيد بمحظيّة جارية عليها أن تعمل جهدها لإسعاد الأسد لكي لا يمارس نزواته".

وأشارت إلى أن هذا المنطق "يحمّل المرأة (إذا لم تضع المكياج والعطور وترتب نفسها) ذنب (نزوة) الأسد الغضنفر"، متسائلةً: "‏تُرى هل هذا مقبول لو حصل العكس؟".

ورأت صبح أن زين وغيرها "يهدمون سنوات من الحراك والعمل المدني والحقوقي في أي مجتمع للارتقاء بتفكيره والخروج من التنميط البشع للرجل والمرأة وعلاقتهما التي من المفروض أن يكون أساسها الاحترام والمودة والرحمة. ‏يهدمون عمل الأطباء والمعالجين المتخصصين في العلاقات الاجتماعية. ‏يخضعون الأمور الأساسية في الحياة والمفاهيم الأخلاقية لأحكامهم الشخصية".

وأشارت إلى أنها ليست من متابعي كرزون وأنها نقلت الفيديو عن صفحة الحركة النسوية الأردنية التي بادرت بانتقاده، مضيفةً: "‏زين ليست الوحيدة، هناك أناس صاروا خبراء بالعلاقة الوالدية والتربية ويفتون بكل شيء! ‏لكل شخص الحق بالتعبير وإبداء رأيه على أن يقول إن هذا رأيه الشخصي بلا مرجعية معرفية. ‏أغضبني أنها تتحدث عن قصة (صديقتها) وأنها أخذت دور الناصحة للنساء بأمر هو غاية في الحساسية من دون أن تكون مؤهلة أو حتى صاحبة تجربة. ‏هي لا تعي أن كلامها يؤثر في الصغيرات اللواتي يتابعنها ولا تعي أثره على من تسمعها".

"زين كرزون وغيرها يهدمون سنوات من الحراك والعمل المدني والحقوقي في أي مجتمع للارتقاء بتفكيره والخروج من التنميط البشع للرجل والمرأة وعلاقتهما معاً"... جدل أثارته كرزون بتحميل المرأة مسؤولية الخيانة الزوجية

"من يولد في قفص يعتقد أن الطيران جريمة"

في السياق نفسه، قالت لرصيف22 الناشطة النسوية الأردنية إيمي سوزان داود، المسؤولة عن صفحة الحركة النسوية الأردنية على انستغرام، وهي في طليعة اللواتي انتقدن الفيديو: "في المجتمعات الذكورية التي تفتقد العدالة بشكل عام والعدالة بين الجنسين بشكل خاص تجد النساء أنفسهن مسؤولات عن أخطاء الرجال برغم كونهن ضحايا هذه الأخطاء".

وتابعت: "ثمة أبحاث تنظر إلى ذلك باعتباره أثراً جانبياً للرغبة البشرية في العدالة. نحن نشعر بالخطر حين تسير الأمور بشكل غير عادل ولا يوجد انفراج قريب لإنصاف الضحايا. لإبعاد هذا الشعور، نميل إلى البحث عن تبرير، فنلجأ إلى لوم الضحايا. المشكلة أن هذا يزيد عدد الضحايا ويشجع المجرمين".

ولفتت إلى ضرورة التوقف عن لوم الضحية، خاصة حينما يصدر الحديث عن "مؤثرين"، قائلةً إن "الجهل اليوم ليس مقبولاً، فنحن في أوج عصر المعلومات".

وأشارت إلى أن "فكرة أن الرجل أسد المنزل والسي سيد هي فكرة هادمة لمفهوم الأسرة المتحابة التي يجب أن تكون قائمة على أساس التشارك والحوار"، موضحة أن هذا الأسلوب يوّلد مجتمعات لا تستوعب مفهوم الحرية ولم تذق طعم الديمقراطية، مستشهدةً بمقولة للكاتبة النسوية المصرية نوال السعداوي: "الديمقراطية ليست عضواً ينبت فجأة تحت قبة البرلمان بواسطة قرار ولكنها سلوك ينتهجه الإنسان منذ الطفولة وفي جميع مراحل العمر، فإذا كانت بيوتنا ومدارسنا وجامعاتنا ومؤسساتنا المختلفة غير ديمقراطية فهل يمكن للبرلمان أن يكون ديمقراطياً؟".

"من يولد في قفص يعتقد أن الطيران جريمة، هناك سبب آخر، فثمة نساء يرين أن ثمن الحرية غال لكنهن لا يدركن أنهن يدفعن أضعاف هذا الثمن الآن"

وتعترض داود على أن هناك "نساء ضد نساء"، قائلةً إنها لا تستخدم هذه العبارة برغم الكم الهائل من النساء اللواتي يعترضن المسيرة، موضحة: "من يولد في قفص يعتقد أن الطيران جريمة، هناك سبب آخر، فثمة نساء يرين أن ثمن الحرية غال لكنهن لا يدركن أنهن يدفعن أضعاف هذا الثمن الآن... نشر الوعي بالحجة والمنطق يحقق نتائج أفضل من عزل المختلفين".

وقالت إن خطر بعض مؤثري مواقع التواصل يكمن في أنهم يعاملون المتابعين غالباً كـ"أرقام"، وتالياً لا يدركون مسؤوليتهم تجاههم.

وختمت داود: "عندما تبرر فعلاً ذميماً وأنت تعرف نتائجه الكارثية كالخيانة، فأنت تساهم في تفكك الأسر وتزيد من عدد المجرمين وترسخ الفكر الذكوري والدكتاتوري".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image