دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية السلطات السعودية إلى الإفراج الفوري عن المدوّن والناشط الحقوقي اليمني محمد البُكاري، المعتقل منذ 8 نيسان/ أبريل الماضي، في وقت تزايدت الاعتقالات والملاحقات الأمنية لناشطي/ات مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد.
وكانت شرطة منطقة الرياض قد قبضت على البُكاري (29 عاماً) وجميع مرافقيه عقب تفوهه بـ"عبارات تتنافى مع القيم والأخلاق، وتتضمن إيحاءات جنسية" في مقطع فيديو متداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أحد متاجر وسط العاصمة السعودية.
في المقطع المشار إليه، قال الشاب اليمني: "كل واحد حر في نفسه والمثليون لهم حقوقهم. وكل واحد له حق وأتمنى أن تتركوا المثليين في حالهم".
انتهاكات حقوقية ترقى إلى تعذيب
وأوضح مصدر متصل بالبُكاري لـ"هيومن رايتس ووتش" أنه محتجز احتياطياً في "سجن الملز" بالرياض، ولا يحظى بمساعدة قانونية، كما يسمح له القانون.
ولفت المصدر إلى "الضغط البدني والنفسي" الذي يعيشه البّكاري، قائلاً إن أحد رجال الشرطة السعودية "ركله وصفعه مراراً عندما اعتُقل لإرغامه على ‘الاعتراف بأنه مثلي‘".
"يعاني مرضاً مزمناً بالقلب وتعرض للضرب وحُرم من التواصل مع محام"... هيومن رايتس ووتش تستنكر استمرار اعتقال مدوّن يمني في السعودية على خلفية فيديو نشر له عبر السوشيال ميديا "من دون تهم محددة"
وحذرت المنظمة الحقوقية من أن الشاب اليمني يعاني مرضاً مزمناً في القلب، لافتةً إلى أنه أخبر المصدر بأنه يواجه صعوبات في التنفس والأكل والنوم، وأن حالته النفسية والجسدية تتدهور وأن الشرطة تضربه يومياً منذ اعتقاله.
وأكد المصدر نفسه أن البُكاري خضع لفحص شرجي قسري لإيجاد "دليل" على السلوك المثلي، على ما يبدو. هذا الفحص يُعدّ ممارسة مجرمة دولياً وقد ترقى إلى التعذيب.
في بيانها أيضاً، لفتت هيومن رايتس ووتش، نقلاً عن المصدر المتصل بالبُكاري، عدم توجيه تهم محددة إليه، باستثناء وصمه من قبل الشرطة بأنه "لوطي" و"يتشبّه بالنساء" و"ينتهك النظام العام" عبر "الدفاع علناً عن المثلية الجنسية عبر الإنترنت".
وشددت المنظمة الحقوقية على أن المدوّن اليمني يواجه "تمييزاً على أساس توجهه الجنسي وتعبيره الجندري المفترضين".
واستنكرت "مواظبة السلطات السعودية على توجيه اتهامات إلى نشطاء حقوقيين على أساس ممارستهم السلمية لحرية التعبير، منتهكة بذلك الالتزامات الدولية لحقوق الإنسان".
تحريض واعتقالات
وقبل أيام، راجت أنباء عن اعتقال السنابر السعودي المعروف أبو الفدا عقب نشره مقطع فيديو يُظهر رفوف المتاجر فارغةً، داعياً المستهلكين إلى شراء حاجتهم فقط.
? عاجل
— معتقلي الرأي (@m3takl) June 3, 2020
تأكد لنا خبر اعتقال الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي #ابو_الفدا إثر نشره مقطع سناب عن انتهاء الخبز في أحد المحال التجارية. pic.twitter.com/NYKxMXB8r2
ويبدو أن السلطات السعودية اعتبرت المقطع "رسالة تخويف" أو "إساءة إلى صورة المملكة".
زيادة في حملات التبليغ والتحريض ضد رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المملكة، كان آخرهم #أبو_الفدا الذي اعتقل بسبب تصويره رفوف متاجر فارغة مشجعاً المواطنين على الشراء على قدر الحاجة
وأعرب الكثير من السعوديين عن تضامنهم مع أبو الفدا الذي قالوا إنه "شخص على نياته وماله ومال المشاكل"، ملقين اللوم على "الوطنجية"، أي مدعي الوطنية الذين باتت مهمتهم التبليغ عن كل ما يظنونه تحريضاً، وإن لم يكن ذلك.
وانتقد عدد كبير من المغردين السعوديين الناشط محمد بن عبد العزيز، الذي يحفل حسابه بالعشرات من بلاغات التحريض ضد غلق حسابات أو اعتقال أصحابها وأخبار القبض على بعضهم لاحقاً، ومن بينهم أبو الفدا، داعين إلى القبض عليه ووقف ممارساته "التحريضية" التي تنتهك الحريات الشخصية.
واعتبر الناشط الحقوقي السعودي يحيى عسيري أن "اعتقال أبو الفدا يحكي الكثير عن قمع، وغباء، وتفاهة هذه السلطات! من أجل أرفف خبز يعتقل إنسان!".
في سياق متصل، تواردت أنباء عن توقيف لاعب نادي النصر السعودي فهد الهريفي على خلفية تغريدة اعتبرت مسيئة للمسؤولين في البلاد، وتحديداً وزارة الداخلية، برغم حذفه إياها لاحقاً وتوضيح قصده منها واعتذاره عن سوء الفهم الذي حدث بعد نشرها.
في التغريدة المحذوفة، شارك الهريفي بياناً لوزارة الداخلية السعودية عن إعادة تشديد الإجراءات الصحية في مدينة جدة لمدة 15 يوماً، معلقاً عليها: "هالكلام والبيانات، لا أستبعد استكمال الدوري. تعودنا الهلال فوق كل شيء حتى لو كانت حياة وموت"، في إشارة إلى وجود محاباة لمصلحة الهلال.
ولم يتسن لرصيف22 التثبّت من أنباء التحقيق مع الهريفي أو اعتقاله.
وعلى خلفية اعتقال البُكاري وغيره من المدونين/ات في المملكة، قال مايكل بَيْج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "تكشف الرقابة الصارمة التي تفرضها السعودية على حرية التعبير عن نفاق حكومة وعدت بتنفيذ الإصلاحات. الحكومة التي تعتقل شخصاً لمجرد أنه تحدث عن قضايا اجتماعية حساسة تلغي مساحة الحوار والإصلاح".
ومنذ صعوده إلى السلطة عام 2017، يسعى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى تنفيذ إصلاحات جذرية لتحسين صورة بلاده خارجياً. غير أن استمرار اعتقال عدد كبير من المشايخ ونشطاء حقوق الإنسان ومحاكمتهم تعسفياً، برأي حقوقيين، ينسف مزاعم الإصلاح هذه.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...