"حالة من الفوضى والعصيان في صفوف المرتزقة السوريين الذين أرسلتهم تركيا إلى ليبيا بسبب الأوضاع الصعبة التي يواجهونها هناك، وإخلال أنقرة بتقديم المغريات التي وعدت بها، فضلاً عن سقوط عدد كبير من القتلى والمصابين منهم".
هذا ما أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان، في 31 أيار/ مايو، مذكّراً بأن الحكومة التركية تواصل تجنيد المرتزقة السوريين ونقلهم إلى الأراضي الليبية، حيث بلغ عددهم، وفق المرصد، نحو 11600، علاوة على 2500 مجند وصلوا إلى المعسكرات التركية بغية تلقي التدريب.
وبيّن المرصد أن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر قتل وجرح العديد من العناصر السورية المسلحة التي أرسلتها تركيا، ومعظمهم ينتمون إلى فصائل وتنظيمات مثل الجيش السوري الحر وعناصر من داعش وهيئة تحرير الشام وجهاديين آخرين.
وتشير أرقام المرصد إلى وفاة 351 من مرتزقة تركيا السوريين بليبيا، بينهم 20 طفلاً (أقل من 18 عاماً). وتقول مصادر المرصد إن القتلى، ومنهم قادة فصائل، قضوا خلال اشتباكات على محاور عدة في الأراضي الليبية.
وجدد المرصد مناشدته المجتمع الدولي التدخل ووقف عملية تجنيد السوريين، وتحويلهم إلى مرتزقة من قبل الحكومة التركية وإرسالهم إلى القتال في ليبيا والتدخل بالشأن الداخلي الليبي.
من الترغيب إلى الترهيب
وقال المرصد الحقوقي إن "عملية نقل المقاتلين السوريين التي تقوم بها تركيا من الأراضي السورية إلى داخل الأراضي الليبية، شهدت في الآونة الأخيرة تحولاً من ‘الترغيب‘ إلى ‘الترهيب‘"، لافتاً إلى ممارسة تركيا ضغطاً كبيراً على قيادات فصائل "الجيش الحر" لإرسال مقاتلين منهم نحو ليبيا.
تركيا وعدت براتب شهري يُقدّر بألفي دولار أمريكي لكل من المرتزقة السوريين الذين يقاتلون في ليبيا، وتعويضات تصل إلى 50 ألفاً لمن يتعرض منهم لإصابة خطرة، و100 ألف لأسرة من يُقتل. لكنها لم توفِ بتعهداتها
وأضاف: "بعدما كان المقاتلون يتسابقون للذهاب إلى ليبيا طمعاً بالمغريات التي قدمتها تركيا في البداية، تحول الأمر إلى ضغوط كبيرة وتهديدات الاستخبارات التركية لقادة الفصائل بشأن إرسال مقاتلين، وإلا فستكون النتيجة فتح ملفات تتعلق بفضائح ارتكبوها".
ووقعت حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دولياً، في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2019، اتفاقين بشأن تعاون عسكري بينهما وترسيم الحدود البحرية بين البلدين. واعترف أردوغان للمرة الأولى، في شباط/ فبراير، بإرسال مقاتلين سوريين موالين لأنقرة إلى ليبيا ومدربين أتراك.
وأبلغت مصادر من الفصائل السورية الموجودة في ليبيا المرصد السوري أن المقاتلين السوريين الموالين لأنقرة لعبوا الدور الأبرز في العمليات العسكرية غرب ليبيا، وساهموا في "قلب الموازين وترجيح كفة" حكومة الوفاق أخيراً، وخصوصاً بعد السيطرة، في وقت سابق من الشهر الماضي، على قاعدة "الوطية" الجوية الإستراتيجية.
وكانت تركيا قد أنشأت في البداية مكاتب للتطوع داخل سوريا بغرض استقطاب الشباب السوريين وتجنيدهم وإرسالهم إلى القتال في الأراضي الليبية.
وانتهجت أنقرة أسلوب "التحفيز المادي وتقديم المغريات" لتشجيع هؤلاء على التجنيد وقدمت/ وعدتهم بالرواتب المجزية. ووقعت للمرتزقة عقوداً تنص على حصولهم على رواتب شهرية تقدر بألفي دولار إمريكذ، وتعويضات تصل إلى 50 ألفاً لمن يتعرض منهم لإصابات خطرة، و100 ألف لأسرة من يُقتل على الجبهات.
علاوة على ذلك، مُنح هؤلاء وعوداً بتلقي خدمات إضافية تسديها الدولة المضيفة إليهم، وحمل الجنسية التركية. وركّزت عمليات التجنيد على استغلال حاجة "فقراء سوريا وأطفالها".
ولفت المرصد السوري إلى اعتماد "الخداع وعمليات غسيل الأدمغة" وسيلةً للتجنيد إذ "يُخدع من يُجند ضمن المرتزقة عن طريق إيهامه بأنه سيُستخدم في عمليات قتالية تنفذ ضد الجنود الروس في ليبيا انتقاماً مما مارسوه في سوريا من عمليات قتل وغيرها، وبأن المرتزقة سيقاتلون مع الجيش التركي، لكن الأخير في الحقيقة لا يشارك في المعارك".
"بعدما كان المقاتلون سابقاً يتسابقون للذهاب إلى ليبيا طمعاً بالمغريات التي تعد بها تركيا، تحول الأمر إلى ضغوط كبيرة وتهديدات من الاستخبارات التركية لقيادات الفصائل لإرسال مقاتلين وإلا فستكون النتيجة فتح ملفات تتعلق بفضائح لقادة الفصائل"
تذمر ورفض العمليات
وعن أسباب "حالة العصيان والتمرد بين جماعات المرتزقة وتصاعد رفض عمليات التجنيد في صفوف السوريين"، نبه المرصد السوري إلى "الخسائر الفادحة التي تكبدها عناصر المرتزقة في محاور القتال في مواجهة الجيش الوطني الليبي، وعدم قبض مستحقاتهم المالية برغم الوعود التركية بصرفها دورياً مقابل قتالهم في ليبيا".
من أبرز التفسيرات التي قدمها المرصد أيضاً "اكتشاف المرتزقة السوريين عملية الخداع التي تعرضوا لها لدى تجنيدهم في سوريا والأكاذيب التي اختلقها الجانب التركي لإقناعهم، بما في ذلك زعم مواجهة القوات الروسية في ليبيا والثأر منها والقتال بجانب القوات التركية".
وذكر المرصد أن أحد المقاتلين أفاد في تسجيل صوتي بأن الجميع نادمون على قبولهم القدوم إلى ليبيا، بعدما شعروا بأنهم تورطوا في الحرب.
وتتسق هذه المعلومات مع شهادة الشاب السوري وائل عمرو (22 عاماً) التي أدلى بها لصحيفة "الغارديان" البريطانية، أواخر الشهر الماضي، بشأن تعرضه للخداع من قبل المسؤولين الأتراك الذين حثّوه على القتال في ليبيا لمصلحة حكومة الوفاق. قال عمرو: "قالوا لي إنني سأنضم إلى خط الدعم أو الوحدات الطبية. لكن القتال هنا أسوأ من أي شيء اختبرته في سوريا. شاركت في معارك بشوارع متقاربة وضيقة"، مضيفاً "بعض السوريين هنا من أجل المال، وآخرون يقولون إنهم يدعمون الليبيين ضد الاستبداد".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 5 أيامtester.whitebeard@gmail.com