شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"رصيد إستراتيجي لتركيا"... ماذا تعني خسارة حفتر لقاعدة "الوطية" في ليبيا؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 18 مايو 202007:04 م

ما إن سيطرت حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دولياً على قاعدة "الوطية" الجوية، حتى بدأ نقاش واسع بشأن احتمال تحويلها إلى قاعدة تركية دائمة للحفاظ على مصالح أنقرة في شمال إفريقيا، في ما اعتُبر "انتكاسة" لخصومها الإقليميين.

وقالت وسائل إعلام موالية لقائد ما يُعرف بـ"الجيش الوطني" خليفة حفتر، في 18 أيار/مايو، إن قواته انسحبت من الوطية التي تقع على بعد 90 ميلاً جنوب طرابلس، وأظهرت مقاطع فيديو منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي قوات حكومة الوفاق تتحرك داخل القاعدة من دون عوائق.

ويأتي سقوط الوطية بعدما تعرضت قوات حفتر التي تسيطر على القاعدة منذ عام 2014 لقصف جوي مكثف من طائرات تركية بدون طيار، أدى إلى تدمير نظامَيْ دفاع جوي من طراز" بانتسير" الروسي الصنع، ومقتل كبار القادة المسؤولين عن تأمين "الوطية".

هل تتحول إلى قاعدة تركية؟

لاحقاً، رجّح عدد من المحللين تحويل الوطية إلى قاعدة تركية في القريب العاجل، مشيرين إلى أن موقعها الإستراتيجي في شمال أفريقيا، وقربها من الحدود التونسية والجزائرية والبحر المتوسط، حافزان كبيران لأنقرة كي تتمسك بها من أجل الحفاظ على مصالحها في المنطقة.

وتعد القاعدة من أهم القواعد الجوية الليبية وأكبرها، إذ تبلغ مساحتها 50 كيلومتراً مربعاً، وتحتوي على عدد كبير من "الدشم" الشديدة التحصين والتي أقامتها الولايات المتحدة في أربعينيات القرن الماضي.

وجزم المحلل المتخصص في الشأن التركي على بكير بأن سقوط الوطية يعني أن جنوب طرابلس والمنطقة الغربية باتا آمنين.

وأضاف بكير في تغريدة أن حكومة الوفاق ستتمكن من نشر المزيد من الأصول العسكرية في القاعدة التي من المحتمل أن تستخدمها تركيا بعد إعادة تأهيلها، وهذا ما سيغيّر طبيعة المعركة في المسرح الليبي.

وقال جلال حرشاوي، الباحث في معهد "كلينكلدايل" للشؤون الدولية في هولندا، إن سقوط القاعدة في قبضة حكومة الوفاق يعني أن تركيا ستجعلها أصلاً إستراتيجياً دائماً في المغرب العربي.

وأضاف الباحث المختص في الشأن الليبي في تغريدة: "من المثير للاهتمام أن نرى كيف أدى رفض فرنسا مواجهة التدخل الإماراتي لدعم حفتر في ليبيا إلى تحويل الوطية إلى قاعدة تركية في المغرب العربي".

سقوط قاعدة "الوطية" الجوية الليبية "انتكاسة" للإمارات و"كارثة" لمصر، بحسب محللين توقعوا أن تصبح أول قاعدة عسكرية تركية في شمال أفريقيا والمغرب العربي للحفاظ على مصالح أنقرة الإستراتيجية في المنطقة

وكانت تركيا قد وقعت اتفاقاً مهماً في كانون الأول/ديسمبر الماضي لترسيم الحدود البحرية مع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، وهذا ما أثار غضب حفتر ودول إقليمية عدة مثل اليونان وقبرص والإمارات ومصر والسعودية.

ومنذ ذلك الحين، سعت تركيا إلى منع سقوط حكومة الوفاق التي تسيطر على طرابلس للحفاظ على بقاء الاتفاقية التي وقعها السراج.

وأكدت تركيا أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية هي الخيار الوحيد الذي يضمن مصالحها الاقتصادية في البحر المتوسط، ويدفع بمصر واليونان وقبرص وإسرائيل إلى مشاركة أنقرة في مشروع "شرق المتوسط" لنقل الغاز إلى أوروبا.

ورأت الدول الرافضة للاتفاقية والداعمة لحفتر أن السيطرة على مقاليد الحكم في العاصمة طرابلس ضرورية من أجل إلغاء الاتفاق الموقع مع أنقرة، والذي سمح لتركيا بالاستحواذ على مناطق بحرية.

وعليه، يتوقع محللون أن الوطية ستكون قاعدة دائمة لتركيا من أجل الدفاع عن حكومة الوفاق لمنع سقوط اتفاق ترسيم الحدود.

ماذا يعني سقوط الوطية لحفتر وحلفائه؟

اعتبر الباحث والكاتب الليبي محمد الجارح أن فقدان قاعدة الوطية الجوية أكبر خسارة إستراتيجية للجيش الوطني منذ بدء هجومه على طرابلس في نيسان/أبريل 2019.

وكتب الجارح في تغريدة: "تمثل القاعدة أحد الأصول المهمة لعمليات الجيش الوطني الليبي وإمداداته في المعارك الجارية غرب ليبيا".

برأيه، فإن خسارة الوطية ستضر بمعنويات قوات الجيش الوطني، التي ستصبح تحت ضغط غير مسبوق في المعارك الجارية جنوب طرابلس، في حين سيعزز مقاتلو الوفاق خطوط إمداداتهم، وستكون مدينة ترهونة - المعقل الأخير لحفتر في غرب ليبيا- هدفهم المقبل.

"من تداعيات سقوط قاعدة الوطية انهيار معنويات قوات حفتر وسيكونون تحت ضغط غير مسبوق في المعارك الجارية جنوب طرابلس، في حين سيعزز مقاتلو الوفاق خطوط إمداداتهم، وستكون مدينة ترهونة هدفهم المقبل"

وقال الجارح إن خسائر الجيش الوطني الليبي الكبيرة أدت إلى زيادة المشاعر المعادية للحرب في صفوف قاعدة حفتر، كما عززت صورة منافسه في الشرق رئيس مجلس النواب عقيلة صالح الذي دعا في الشهر الماضي إلى مبادرة سياسية لحل الأزمة.

ولفت إلى أن خسارة الوطية تعني أن ما يفعله الداعمون الخارجيون للجيش الوطني من أجل مواجهة توسع تركيا في ليبيا غير فعال.

وختم الجارح متسائلاً :"هل يفضي سقوط الوطية إلى إطلاق فرص للتسوية السياسية أم إلى المزيد من التصعيد؟". ثم أضاف: "أعتقد بأن التصعيد ممكن، لأن التصعيد لم يلد سوى المزيد من التصعيد حتى الآن".

من جانبه، رأى الباحث في المعهد الألماني للسياسة الدولية والأمن ولفرام لاتشر أن انسحاب حفتر من معركة السيطرة على طرابلس حفتر سيتسبب بانهيار تحالفه ويهدد سلطته حتى في الشرق.

وقال لاتشر في تغريدة إن سقوط "الوطية" سيحرر قوات حكومة الوفاق من البقاء في المدن الغربية لحمايتها، وهذا ما يساعدهم على الانتقال إلى الخطوط الأمامية لقتال حفتر جنوب طرابلس.

ولفت إلى أن هذه الخسارة ستعزز الشعور لدى أي شخص، باستثناء المؤمنين الحقيقيين بحفتر بأن حربه لا يمكن كسبها.

وغرد حساب " Egypt Defence Review " المتخصص في الشأن العسكري المصري: "سقوط الوطية يعني للقاهرة إنشاء أول قاعدة عسكرية تركية في شمال إفريقيا، وعلى مقربة من حدودها… وهذا كارثة".

وكتبت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن هناك قلقاً في فرنسا والإمارات من أن تصبح الوطية رصيداً إستراتيجياً لتركيا، خصوصاً في ظل اهتمام الأخيرة بحقول النفط في جنوب ليبيا.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image