بعد تزايد المؤشرات حول اقتراب الإدارة الأمريكية من التوصل إلى اتفاق مع السودان لحل قضية تورطه في التفجيرات التي نفذها تنظيم القاعدة ضد السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998، جرى الإعلان عن الاتفاق.
وبحسب ما نقلت وكالة "رويترز" اليوم، في 21 أيار/ مايو، عن كبير الدبلوماسيين في وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون أفريقيا فقد توصلت الولايات المتحدة إلى تفاهم مشترك مع السودان حول "ملامح" اتفاقية المطالبات الثنائية المستقبلية المرتبطة بالتفجيرات، تمهيداً لرفعه من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
"هذه الاتفاقية النهائية ستعكس موافقة السودان على الدفع"، وفق ما قال مساعد وزير الخارجية للشؤون الإفريقية تيبور ناجي في مؤتمر عبر الهاتف، موضحاً أن ذلك سيشمل التعويض في ما يتعلق أيضاً بمطالبات المواطنين غير الأمريكيين الذين قُتلوا وأصيبوا في تفجيرات السفارة. ولم يذكر ناجي أرقاماً محددة لقيمة التعويض.
وفي 18 أيار/مايو الجاري، أصدرت المحكمة العليا الأمريكية بالإجماع قراراً بإلزام السودان دفع 4.3 مليار دولار تعويضات عقابية، علماً أن هناك حكماً آخر بستة مليارات أقرته محكمة اتحادية في واشنطن ضد الخرطوم.
وواجه السودان اتهاماً بإمداد تنظيم القاعدة، وزعيمه آنذاك أسامة بن لادن، بالدعم المادي والتقني في تفجير السفارتين الذي أسفر عن مقتل نحو 200 شخص وجرح الآلاف.
تفاهمات خاصة
وكشف تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" يوم أمس، في 20 أيار/ مايو، عن وضع وزارة الخارجية الأمريكية خطة لتسوية هذه القضية مع الحكومة المدنية في السودان.
ورأى مساعد في الكونغرس أن خطة وزارة الخارجية لتسوية القضية تنص على دفع حكومة السودان 300 مليون دولار إلى ذوي الضحايا، مضيفاً أن هذه المحاولة قد تكون الفرصة الوحيدة للحصول على تعويضات من هذا البلد الفقير.
وقال المساعد لـ"وول ستريت": "الحكومة الانتقالية في وضع ضعيف جداً، وقد واجهت ردة فعل محلية عندما وافقت على دفع 30 مليون دولار إلى عائلات 17 بحاراً أمريكياً قتلوا في تفجير السفينة الأمريكية ‘كول‘ في اليمن".
خطة أمريكية تنص على دفع السودان 300 مليون دولار تعويضات لأمريكيين بسبب الهجمات على سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998، تمهيداً لرفع العقوبات… وشكوك حول قدرة السودان على دفعها
ومع ذلك تبقى معضلة كبيرة أمام السودان، هي الأحكام القضائية، إذ أكد مسؤول في وزارة الخارجية أن التسوية ستحل جميع مطالب المواطنين الأمريكيين، ولن تستطيع واشنطن إسقاط مطالب الرعايا الأجانب عبر المحاكم.
وقُتل 12 أمريكياً في هذه الهجمات التي أسفرت عن مصرع 224 قتيلاً، وهذا ما يعني أن واشنطن تفاوض لدفع 300 مليون دولارإلى عدد قليل من مواطنيها، فيما سيستمر ذوو سائر الضحايا في ملاحقة الخرطوم قضائياً.
تطبيع ومحاربة الإرهاب
لا يبدو أن الخطة الأمريكية تقتصر على تسوية مالية لضحايا الهجمات فحسب، بل هناك أيضاً جوانب أمنية وسياسية، إذ رفضت الخارجية الأمريكية، وفقاً للصحيفة، اعتبار تسوية هذه القضية خطوة أخيرة لإزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب.
ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى قول رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك في مقابلة أجرتها معه في نهاية العام الماضي، إن بلاده قد تسمح للولايات المتحدة ببدء عملية لمكافحة الإرهاب في السودان.
وقالت الصحيفة إن حكومة حمدوك تحركت لبناء علاقات مع حلفاء أمريكا، وعقدت علاقة وثيقة مع إسرائيل، في خطوة أشاد بها وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو.
وفي شباط/فبراير الماضي، التقى رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مدينة عنتيبي، حيث اتفق الجانبان على السماح للطائرات المدنية الإسرائيلية بعبور الأجواء السودانية في أول إجراء نحو تطبيع العلاقات.
لا أموال للدفع
في السودان، يؤكد المحللون أن الخرطوم لن تكون قادرة على دفع التعويضات العقابية التي فرضتها المحاكم الأمريكية، والتي تصل إلى 10 مليارات دولار.
نائب أمريكي اقترح في رسالة أن دول خليجية قد تدفع 10 مليارات دولار قيمة التعويضات الكاملة المفروضة على السودان لضحايا الهجمات على سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998
وقال المحلل السوداني عبد المنعم همت في حديث لموقع "صوت أمريكا": "من الصعب دفع هذا المبلغ، لذلك يجب اتباع طرائق أخرى للحل، بما في ذلك مناشدة المجتمع الدولي الإسراع إلى رفع العقوبات عن السودان".
وأضاف: "يجب على الحكومة السودانية أن تقود المفاوضات مع عائلات ضحايا تفجيرات السفارتين، على غرار النهج الذي تبنته في معالجة قضية ضحايا المدمرة الأمريكية كول".
في سياق متصل، أعلنت وزارة العدل السودانية، في 19 أيار/مايو، أن الحكومة ستظل منخرطة في التفاوض مع الولايات المتحدة لتسوية قضايا التفجيرات الإرهابية، وتطبيع العلاقات مع واشنطن بشكل كامل، مشيرة إلى أنها ستستأنف على هذه الأحكام.
وقالت في بيان: "تعبِّر حكومة السودان عن تعاطفها الثابت مع ضحايا العمليتين الإرهابيتين على سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام، لكنها تؤكد مجدداً أن لا علاقة لها بهما أو بأي أعمال إرهابية أخرى".
وفي ظل الحديث عن عدم قدرة السودان على دفع هذه التعويضات الضخمة، اقترح النائب الأمريكي بيني طومسون في رسالة الى رؤساء لجان في الكونغرس أن "هناك دولاً خليجية عدة قد تكون مستعدة لتقديم أموال التسوية من أجل تسهيل الأعمال المستقبلية في السودان".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ 19 ساعةالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يوموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت