شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!

"اركبوا على ضهرنا إنتو الصحافيين"... استدعاء ديما صادق للتحقيق بتهمة "النيل من مكانة الدولة المالية"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 20 مايو 202007:15 م

"أنا ديما صادق، إعلامية، مستدعاة إلى المباحث الجنائية". هذا ما كتبته صادق في 19 أيار/ مايو، على حسابها على تويتر. قالت إنها لا تعرف سبب الاستدعاء "المخالف لكل الأصول القانونية"، وإنّ جواب الشخص الذي اتصل بها لاستدعائها على استفساراتها كان: "ممنوع نقلك (هوية الجهة المستدعية)".

لاحقاً، تبيّن أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة هو المدّعي وهو الذي طلب كتم هويته حتى وصولها إلى التحقيق.

هي خطوة جديدة في مسار التضييق على الحريات في لبنان، والتي تأخذ في الانحسار، خاصة بعد انتفاضة تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ووقع ضحيته إعلاميون وناشطون كثيرون استُدعوا إلى التحقيق بسبب رأي عبّروا عنه.

اليوم، في 20 أيار/ مايو، توجّهت صادق إلى قصر العدل في بيروت برفقة محاميتها ديالا شحادة، ليتبيّن أن هناك أربع دعاوي ضدها، وخضعت الإعلامية اللبنانية لاستجوابات متلاحقة بشأنها، وهي مرفوعة من حاكم مصرف لبنان وشقيقه رجا سلامة ومستشارته ماريان الحويّك بالإضافة إلى مصرف "فرست ناشونال بنك" (FNB).

أما التهم التي وُجهت لصادق فكانت، كما ذكرتها محاميتها:

• النيل من مكانة الدولة المالية؛

• تحريض الفقراء ضد رياض سلامة؛

• الإساءة إلى سمعة القطاع المصرفي.

وفسّرت محامية صادق سبب الدعاوى بقولها إن "الحاكم وجماعته مستاؤون من ‘الإساءة’ التي ألحقها التقرير/الإخبار المنشور على موقع ‘درج’ قبل نحو شهر حول شبهة تورطهم في جرائم نهب مال عام وإثراء غير مشروع". وكان موقع "درج" قد نشر التقرير المشار إليه بتاريخ 9 نيسان/ أبريل الماضي. 

بعد ساعات من التحقيق، غادرت صادق إلى منزلها بسند إقامة، فيما يُتابع المعنيون التحضير للعديد من الخطوات لمواجهة المناخ المتزايد من الانتهاكات والملاحقات القانونية ومحاولات قمع الحريات، فضلاً عن شخصنة الأمور في أحيان كثيرة مع الصحافيين.

النقطة الأخيرة أشار إليها مَن رافقوا صادق إلى التحقيق، إذ قالوا إن محاولة إبقائها لأطول وقت ممكن في التحقيق بدت واضحة، بينما سمعت كلاماً عن "أسلوبها غير الملائم"، في وقت حصلت مواجهة بينها وبين محامي "فيرست ناشيونال بنك" صخر الهاشم الذي كان وحده مَن حضر من بين محامي الجهات المدّعية.

هي خطوة جديدة في مسار التضييق على الحريات في لبنان، والتي تأخذ في الانحسار، ووقع ضحيته إعلاميون وناشطون كثيرون استُدعوا إلى التحقيق بسبب رأي عبّروا عنه... استدعاء الإعلامية ديما صادق للتحقيق بتهم من بينها "النيل من مكانة الدولة المالية"

وأشار مَن كانوا برفقة صادق في قصر العدل إلى أن الهاشم كان يتصرف بأريحية في المكان، كما توجه إلى صحافيين تواجدوا هناك بالقول: "اركبوا على ضهرنا إنتو الصحافيين".

واستنكر موقع "درج" الذي ذُكر اسمه وأسماء العاملين فيه مراراً خلال التحقيق الاتهام لصادق بأنها "أساءت لسمعة القطاع المصرفي في لبنان، بينما لم تُسء لهذه السمعة الفعلة الكبرى المتمثلة بحجز ودائع الناس، لا بل السطو عليها من خلال لعبة قمار كبرى اسمها الهندسات المالية!"، مشيراً إلى أن "عراضة سلامة في قصر العدل اليوم لن تكون المشهد الأخير، فالطبقة السياسية بدأت تتقاذف التهم بالمسؤولية عن الفساد، وسيظهر قريباً من يرمي الملفات بوجه الحاكم ومصارفه”.

وفي سياق متصل، لفتت محامية صادق إلى "سرعة القضاء" في الاستجابة لـ"تظلّم الحكام بأمرهم من انتقادات المحكومين على أمرهم"، و"بطئه" في محاسبة الحكام المسؤولين عن نكبة البلاد، في إشارة إلى الظروف الاستثنائية التي علّقت عمل المحاكم والعدالة وأقعدت أغلب القضاة في منازلهم بسبب كورونا. يبدو، حسب شحادة، أن "الظروف الاستثنائية" لا تسري على الجميع.

وكتب المحامي نزار صاغية الذي تابع قضايا مشابهة لصحافيين كثر: "ديما صادق تخضع لتحقيق في المباحث الجنائية على خلفية المس بكرامة حاكم مصرف لبنان. أما الحاكم فلم تستدعه حتى اليوم أي محكمة رغم أنه متورط بمعية زعماء عدة بتقويض كرامة شعب برمته. بالنسبة للنيابة العامة التمييزية التي استدعتها كرامة الحاكم أهم من كرامة وطن برمته".

وبدت التهم الموجهة لصادق، بالنسبة للعديد من المعلقين، مستغربة وكيدية و"وقحة" في ظل ما آلت إليه الأوضاع المالية والاقتصادية للبلاد، والمتهم بالتسبب بها بشكل أساسي حاكم مصرف لبنان والمصارف، بجانب الحكومات المتعاقبة، وفي ظل أزمة احتجاز ودائع الناس خلال الأشهر الماضية وتقييد حرية المودعين في سحب ودائعهم، لا سيما بالدولار.

وأصدرت "نقابة الصحافة البديلة" بياناً قالت فيه إن "وقاحة النظام اللبناني بلغت مستوى جديداً، فأقطاب النظام المصرفي الذي أوصلنا إلى الانهيار وجّهوا إلى الزميلة ديما صادق لائحة اتهامٍ يوجّهها الشارع إليهم منذ انتفاضة 17 تشرين الأول".

واستنكر البيان "مسارعة الجهاز الأمني لتحقيق رغبات "مراكز القوة"، بلا لجوء إلى السبل القانونية، الأطر الملائمة أو الأصول المرعية الإجراء"، مشدداً على أن "لا علاقة للمباحث الجنائية بالصحافة والحريات والتعبير، بقدر ما لا علاقة للزميلة صادق بالجرائم التي ارتُكبت وأدت إلى انهيار اقتصادنا ونظامكم المالي".

وختمت النقابة البديلة بيانها بالقول: "كرامة الدولة المالية لا تنهار بقوة تقرير استقصائي، إنما بفعل النهب وسوء الإدارة والظلم المجتمعي الذي نعيشه منذ عشرات السنين. هذا النظام حافظ على وقاحته على مرّ العقود دون أن يُمسّ، لكننا مستمرّون بملاحقته، بمعاييرنا المهنية، وبنشر أخباره، حتى تطاله العدالة".

وتعمل النقابة البديلة حالياً على جبهات عدة للتنسيق مع الجهات المعنية من محامين وصحافيين للقيام بتحركات ونقاشات تسهم في إرساء معايير تضمن حرية الصحافة والتعبير في لبنان، في وقت تظهر مؤشرات عدة حول السعي لفرض قيود إضافية على العمل الصحافي ومنها ما ورد في التصريح الأخير لوزيرة الإعلام واستدعاء جهات عسكرية لصحافيين.

أشار مَن كانوا برفقتها إلى أن محامي إحدى الجهات المدّعية توجه إلى صحافيين تواجدوا هناك بالقول: "اركبوا على ضهرنا إنتو الصحافيين"... استدعاء الإعلامية ديما صادق للتحقيق بتهم من بينها "النيل من مكانة الدولة المالية"

وتضامن العديد من الصحافيين والناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع صادق، وقال طارق طه: "نحنا ما بدنا هالفقراء يعرفوا شو شكله الفساد البنيوي في مؤسساتنا، وكل مَن يثير وعي المتسضعفين، يُتّهم بالتحريض"، في وقت كتبت الصحافية مريم سيف: "المضحك أن حاكم مصرف لبنان يحمّلها في الدعوى مسؤولية الإساءة لسمعته وسمعة المصارف معتبراً أنه لم يخسر شخصٌ وديعته. تكفي الجملة الأخيرة لإثبات كذب ادعاءات الجهة المدّعية".

وكتب ماريو: "أنا صحيح كتير بختلف مع ديما صادق و كتير من آرائها ما بحبهن بس الواحد لازم يفكر شوي بالمنطق، الشعب اللي عم يحرق حاله قدام المصارف و عم يعرض حياته لخطر الإصابة بالكورونا محتاج ديما صادق تحرضو على حاكم مصرف لبنان بعد كل اللي عمله؟".

واستنكر صحافيون تسييس القضاء الذي يهرع لدعم المتسببين بالأزمات، فيما يتجاهل دعاوي كثيرة ضد المصارف متحججاً بأزمة كورونا، كما أعادوا التحذير من حضور "الدولة الأمنية" المتزايد، وخشية المسؤولين من كل ما يمس بـ"الهيبة المزعومة" في وقت تتداعى فيه أركان الأمان والاستقرار.

وأعاد مغردون مشاركة ما كتبته صادق رداً على الاستدعاء: "أنا، شو ما كانت جنايتي، ما حتكون أكبر من جرم سرقة أب قضى عمره عم يجمع ليرة ورا ليرة ليؤمن مستقبل ابنه، وإجا مين سرق تعب سنينه اللي راحت وسنين ابنه اللي جاي".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard