بين الألم واللذة حكاية طويلة وكبيرة حاول علم النفس التحليلي أن يفككها مع سيغموند فرويد وغيره من المحللين، وعمقها الفلاسفة وتوسع فيها الكتاب وعباقرة الفن مسرحيين وتشكيليين وسينمائيين، فلا تكتمل اللذة إلا بشيء من الألم يتعاظم هذا الألم حسب الشخصية موضوع التمتّع.
أستعيد هذه الأفكار وأنا أتابع ذلك التفجّع الذي تتناقله الجماهير العربية على اشاعة خبر وفاة الدكتاتور الكوري الشمالي كيم جونغ أون والفرحة العارمة بخبر تكذيب وفاته وظهوره العلني إلى الناس. وما تبع ذلك من مديح كبير الذي وصل إلى درجة من "التمعشق" الفونطازمي لهذا الطاغية.
بين الألم واللذة حكاية طويلة وكبيرة... أستعيد هذه الأفكار وأنا أتابع ذلك التفجّع الذي تتناقله الجماهير العربية على إشاعة خبر وفاة الدكتاتور الكوري الشمالي كيم جونغ أون والفرحة العارمة بخبر تكذيب وفاته وظهوره العلني إلى الناس. وما تبع ذلك من مديح كبير الذي وصل إلى درجة من "التمعشق" الفونطازمي لهذا الطاغية
الطاغية
يبدو أن هذا الطاغية يدغدغ ذاكرتهم وذكرهم بطغاة من تاريخهم "المجيد" من الحجاج بن يوسف والوليد ابن يزيد في الشام ومجنون الحكم الحاكم بأمر الله الفاطمي في مصر حتى مراد الثالث أبو بالة والرهيب ابراهيم ابن الأغلب في افريقية
يعتبر أفلاطون في كتابه "السياسة" أن الطغيان بمعناه الدقيق يتمثل في الطغيان الشرقي" حيث نجد لدى الشعوب الآسيوية، على خلاف الشعوب الأوروبية، طبيعة العبيد، وهي لهذا تتحمل حكم الطغاة بغير شكوى أو تذمر" . هذه الطبيعة هي التي جاءت بكيم إلى الحكم وجعلته يتحول من طفل إلى طاغية ويأتي شوق العرب إليه من كونه طاغية أصيل فهو طاغية ابن طاغية ابن طاغية ويروى أنه أجرى عشرات عمليات التجميل ليشبه جده الذي أعلن نفسه الها وبعث للشعب الكوري الشمالي دينا جديدا.
يبدو أن هذا الطاغية يدغدغ ذاكرتهم وذكرهم بطغاة من تاريخهم "المجيد" من الحجاج بن يوسف والوليد ابن يزيد في الشام ومجنون الحكم الحاكم بأمر الله الفاطمي في مصر حتى مراد الثالث أبو بالة والرهيب ابراهيم ابن الأغلب في افريقية.
ويخبرنا التاريخ بوقائع غريبة عن رفض العبيد الحرية خاصة مع موجات تحرير الرقاب وإلغاء الرق فقد كان العبيد في تونس يعودون باكين إلى أسيادهم الذين عتقوهم فيضربونهم بالسياط ليذهبوا في طريق الحرية وهذا يذكرنا بنظرية أرسطو في تفسير حكم الطاغية والذي يقول بأن هناك شعوب خلقت لكي تكون مستعبدة ويقصد الشرقيين "فهم بطبيعتهم عبيد" وهي نفس النظرية التي بنى عليها ياسمينة خضرا بعض خطاب روايته عن القذافي.
الطاغية وذرائع حب الجماهير
الشعوب التي تربت على القمع لا يمكن أن تحب إلا الطاغية فهي تنكر الشخصية الهشة حتى مظهرا ولذلك تريد أن يكون حاكمها قويا وعنيفا ليكون جديرا بحكمها، وتتخلى الجماهير على الطاغية نفسه إذا ما أبان عن ضعفه فالرئيس التونسي الحبيب بورقيبة مثلا كما يحلل الناقد الأدبي والسينمائي الهادي خليل أجهز على نفسه عندما أسرف في ظهوره تليفزيونيا خاصة في السنوات الأخيرة من حكمه عندما كان هزيلا ومريضا يقول د خليل: لقد أجهز بورقيبة على نفسه بنفسه. كان مشطا في الظهور تلفزيا. لقد كان مبذرا كبيرا في مجال تصريف صورته. في السنوات الأخيرة من حكمه، كنا نشاهد حتى حصصه الاستحمامية في شاطئ المنستير مسقط رأسه....كان بورقيبة في كل مرة يتطاول على الموت و"يضرب موعدا جديدا مع التاريخ "وكأنه تناسى حقيقة بسيطة: أنه زائل...لذا وقع خلعه بالإعتماد على هذه النقطة بالذات" طول شيخوخته" وتجريده من كل قدسية".
وبالطريقة نفسها، المجاهرة بالضعف، سقط زين العابدين بن علي، عندما ظهر في خطابه الأخير مرتجفا مرتبكا معلنا خضوعه لإرادة الجماهير معترفا بخطئه وأنه تعرض إلى مغالطة وكانت رجفته عندما لطم المكروفون وهو يقول "منيش شمس باش نزرق على الجميع" وكانت عبارات من نحو "غلطوني" و"فهمتكم" و"حزني وألمي كبيران" كافية لكي ينهي حكمه وتجعل الروائي التونسي حسن بن عثمان يقول عبارته يومها"بن علي مات". إن الموت هنا موت الطاغية الذي لم تحميه كل وعوده بمحاكمة المذنبين ومنهم عائلته واغراء العاطلين ب 300 ألف موطن شغل والتخفيض من أسعار المواد الغذائية. فقد فات الأوان وارتجف الطاغية وانطلقت عبارة "لا خوف بعد اليوم" على ألسنة الخائفين السابقين. سقط بن علي لأنه استحوذ على رأس مال الجماهير:الحزن والألم، تلك الثروة الوحيدة التي يستمر بها الجماهير في الحياة، الكوجيتو الوحيد الذي يؤكد وجودها: "أنا حزين وأتألم إذا أنا موجود". فكيف للسلطة أن تتألم وتحزن؟ هي المطالبة بانتاح وصناعة الحزن والألم وتوزيعه توزيعا عادلا بين الناس لكي تستمر هي في الحكم ويستمر الجماهير تحت يدها.
هذه الجماهير نفسها تعيد انتاج الدكتاتور في غياب بديل له، فقد خانت بورقيبة بظهور طاغية جديد اسمه زين العابدين بن علي جاء بانقلاب عسكري سنة 1987 وخانت بن علي وهي لم تجهز طاغية جديد فالتجأت إلى ديكتاتورية الثورة وإلى تمثيل دور الطاغية البديل عبر الشعبوية ولجان حماية الثورة. وعندما تفكك ذلك الطاغية المتعدد غير الأصيل والمركب عادت إلى طغاتها القدامى لتألهم وتعكسهم على وجوه السياسيين والأحزاب الجديدة.
الجماهير لا تتحمل أن تعيش بلا طاغية وهي تستعير صور طغاة آخرين تحت مسمى القومية العربية فترى الجماهير العربية في كل مكان ترفع صور صدام حسين أو عبد الناصر والقذافي وبن علي وأخيرا بشار متناسية كل الفظائع التي ارتكبوها في شوق إلى الطاغية والحاكم المستبد الذي سيجعلها في طمأنينة
فالجماهير لا تتحمل أن تعيش بلا طاغية وهي تستعير صور طغاة آخرين تحت مسمى القومية العربية فترى الجماهير العربية في كل مكان ترفع صور صدام حسين أو عبد الناصر والقذافي وبن علي وأخيرا بشار متناسية كل الفظائع التي ارتكبوها في شوق إلى الطاغية والحاكم المستبد الذي سيجعلها في طمأنينة، وهذا الشوق الدائم للطاغية والنزوع إلى خلقه هو ما سهل على السيسي مثلا الانقضاض على الثورة المصرية والعودة بالحكم إلى الاستبداد. لذلك كانت ردوده على تهم الفساد بالإعتراف والتحدي كقوله ردا على تهمة تكديس بناء القصور الرئاسية:"قصور رئاسية، طيب أمال ايه، أنا عامل قصور رئاسية وهعمل و أعمل واعمل".
هنا يستفيد السيسي من خطأ الاعتراف للرئيس بن علي بالذنب فيلح على الفعل كمعادل ذكوري في لهجة تهديد. أما بورقيبة فكان روائيا كبيرا فيمسك بتلابيب مواطنيه عبر القص فيروي قصة اغتياله لمنافسه والشعب مشدوه ومنبهر وكأنه يشاهد فيلما بوليسيا. ولكن السيسي أيضا يمتص الحقد بارجاع الفعل للوطن وللشعب فكل شيء "مش باسمه" إنما باسم مصر. وهكذا يحوّل انتهاك ذوات الجماهير إلى فعل وطني وتحطيم الذات المصرية إلى فعل بناء للدولة الجديدة.
مازوخية الجماهير
إذا استحضرنا أن الجماهير هي أفراد يتحركون في موافقهم من العالم والأشياء وفق مكتسبات وغرائز يمكننا أن نفهم هذا الشوق إلى الديكتاتورية. فالإشباع الذي يوفره له الطاغية كالإحساس بالظلم عوض الاحساس بالفشل والحرمان مقابل الاعتراف بالكسل مثلا لا يمكن أن يضمنه له النظام الديمقراطي. إلى جانب الرغبة في التمتع بالإذلال، نسبة كافية منه ليستمر في الحياة. فيتحول النظام إلى معادل قضيبي ويتحول الشعب إلى بويضة أنثوية جاهزة للإخصاب وتعطل العامل الذكوري القضيبي بالديمقراطية يرعب الجماهير المثقلة ببويضاتها.
هناك شيء من الشذوذ والتلذذ الجنسي عند الجماهير بطاغيتها الذي يظهر عادة يطلق الرصاص من بندقيته أو رافعا سيفه كما هو الحال مع صدام حسين والقذافي هذه الاكسسوارات المعادلة للقضيب إلى جانب الشارب الفحولي. فلم يكن صدام في الستينات يربي شاربا إلا عندما تمكن من السلطة وهو بذلك يدعم فحولته لإدارة الجماهير فنقرأ في رواية "عالم صدام حسين" لمهدي حيدر :في صورة أخرى التقطت بعد سنوات، تظهر(ساجدة) واقفة وراء كرسي زوجها الذي يدخن غليونا. صدام حسين بشاربه الكثيف الأسود ينظر إلى نقطة غير محددة".ص77
إن هذه الصور التي تتحدث عنها الرواية كوثيقة نشرت ولم نتأكد منها، لكنها ان وجدت فهي مثال حاسم حيث تتجمع فيها كل رموز الذكورة في صورة واحدة: الشارب والكرسي والغليون والأنثى في ماوراء السلطة والنظرة الغامضة.
وظلت صورة الحاكم الفحل في ذهنية الجماهير صورة ثابتة ومازلنا نذكر أشهر الرسوم الكاريكاتورية التي كانت توزع في المظاهرات المساندة لصدام حسين في حرب الخليج الأولى كانت تظهره في وضع مضاجعة لجورج بوش.
إن تخوين كل معارضي صدام والقذافي اليوم ، ويقوم بذلك بعض المثقفين، يعكس هذه المشاعر البشرية للفرد العربي الذي لم يجد ما يفعل بالحرية أو الذي فقد ذلك النعيم في أن يكون مظلوما. والحق أن أغلب المناصرين لصدام حسين في العالم العربي من الانتلجنسيا تجدهم معارضون لطغاتهم الذين يحكمونهم في الداخل. ويخلطون بين أحقية الثورة على الطاغية والاستنجاد بالأجنبي ونتائج الاطاحة به كما يخلطون اليوم بين اسقاط الأنظمة الديمقراطية ومآلات الثورات والتدخل الأجنبي فيتحول الطاغية الذي ثاروا عليه في بداية الثورة إلى بطل قوي بفعل صموده في قمع ثورتهم نفسها كما في الحالة السورية أو تدخل أطراف أجنبية فيها وهذا مزيج من ثقافة الاستلذاذ بالقمع والقبلية.
إن الجماهير بسيكولوجيتها الأنثوية الشرقية يردها إلى عبوديتها الضرب والحاكم الناجي هو الذي يصمد ولا يصغي لهتافاتهم المتمردة ولا يتنازل لها في شيء كالأنثى التي تصرخ تحت ذكرها ألما كلما صاحت وتوسلت له أو شتمته زادها انتهاكا.
ولعل خروج المغنية والراقصة نجلاء التونسية تدعي أنها كانت على علاقة بالقذافي ليس إلا دليلا آخر على هذا الشوق لمضاجعة الديكتاتور ولو كانت ميتا وشكلا من أشكال النيكروفيليا ولكن بقطع النظر عن صدقها من كذبها فإن اللافت في الأمر ليس اعترافاتها أو ادعاءاتها بل الهجمة الشرسة عليها من الجماهير بالتكذيب لأن الجماهير لا تريد أن يبتذل الفحل القوي ولا أن يقع الإستحواذ على قضيبه، قضيب الطاغية لا يضاجع الأفراد بل ينتهك الجماعة؛ الجماهير. فكيف يمكن للجماهير أن تفرط في قضيب رجل الجماهيرية لمغنية درجة سابعة وترضى بأن تكون عشيقته الخاصة.
الرعب من انتهاء الخوف
لا يتحمل الكائن العربي الذي عاش العبودية قرونا أن يطلق سراحه هكذا. إذ تتحول الحرية إلى شيء أثقل من الأصفاد. ماذا يعني أن تحرر إن عتق الرقاب في مجتمعات العبودية أشد من قطع الرقاب في الديكتاتوريات وهي لحظة أشبه بتقشير الأجساد من جلدها واطلاقها عارية إلى الريح. حالة من العذاب الكبير قبل أن يستعيد الجسد نفسه ويستنبت لنفسه جلدا ثانيا يقيه لسعات الفضاء الخارجي. إنها نفس الألم الذي يشعر به الرضيع لحظة خروجه من رحم أمه. قطيعة مؤلمة. لكن الأجساد البشرية لا تستنبت كالثعابين جلود أخرى بل يتيبس اللحم و تظل الأجساد المحروقة أو المسلوخة مشوهة.
لا يتحمل الكائن العربي الذي عاش العبودية قرونا أن يطلق سراحه هكذا. إذ تتحول الحرية إلى شيء أثقل من الأصفاد. ماذا يعني أن تحرر إن عتق الرقاب في مجتمعات العبودية أشد من قطع الرقاب في الديكتاتوريات وهي لحظة أشبه بتقشير الأجساد من جلدها واطلاقها عارية إلى الريح
ذلك التشوه الذي يذكرها كل مرة بحالتها الأولى الجميلة والزائفة في ظل العبودية. أينما كان الجسد يتعرض إلى العقاب ويجلد جلدا عرضيا سرعان ما يندمل لكي تختفي حتى الندوب وكأنها لم تكن. أجساد بلا ذاكرة فعلية إلا ما ندر من وسم التقاليد أو تدشين العبودية عبر ثقب في الأذن أو وسم في الزند. فالمستعبد لا يعنيه كثيرا أن يبقى جسد المستعبد جميلا ومستعدا للعقاب من جديد. فالخوف من التشوه أعنف وأشد وطأ من عملية التشويه نفسها.
ومن ثم فهذه الأجساد المستعبدة مستعدة لكي تفدي مستعبديها بأرواحها لتتقاسم معها تلك الطمأنينة الدامية عبر انتاج الخوف وحمايته. وقد أبدع الروائي الليبي اللاجئ بألمانيا محمد الأصفر في سرد تلك الحالة السايكولوجية للجماهير العربية المستعبدة عبر يومية كتبها في بدايات الثورة الليبية ونشرت في كتابه "ثوار ليبيا الصبورون": أبحث عن خوف الآن. جائع إلى وجبة خوف. أذهب إلى الجبهة حيث المعارك العنيفة فلا أخاف من القذائف ولا صواريخ الجراد. ألعن الدكتاتور والطاغية وكل زمرته فلا أشعر بأي خوف، جائع إلى رعدة في البدن. أيتها الثورة أحتاج إلى بعض الخوف. هذا السلام وهذه السكينة والطمأنينة لم أتعود عليها. طيلة 42 عاما من حكم القذافي وأنا أرتعد. وأنا نائم على بطني والدكتاتور فرسمه على رقبتي. أنا مدمن خوف. ولا يمكن أن تفعلي في أيتها الثورة فعلك هكذا بهذه السرعة. على الأقل بالتدريج. سأموت الآن يا ناس. أحتاج إلى خوف. سألعن المجلس الوطني الانتقالي الليبي سألعن الثورة نفسها".
يظل الانسان والعربي والشرقي عموما يختلق الذرائع ليقدم نفسه قربانا للطاغية فمرة ذرائع دينية كالإحساس بالذنب عبر جلد الجسد عند الشيعة وعند اليهود مثلا ومرة ذرائع وطنية عبر الغناء والمديح وأعمال البروباغندا الدرامية لتمجيد الطاغية ومرة عادات وتقاليد كتقبيل لأيادي الملوك والسلاطين والأمراء ومرة رفعا لصور الطغاة في وسائل التواصل الاجتماعي بدلا عن صور الأفراد في عملية محو للذوات وذوبان العاشق في معشوقه عبر صورة الطاغية وفي شكل من أشكال الرثاء الأبدي. يكتب ياسمينة خضرا في رواية "ليلة الريس الأخيرة موسعا من دائرة هذه المشاعر التي تعتري الجماهير في شوقها للطاغية:" ومع ذلك، حين تدور الخمرة في الرؤوس، كانوا يتذمرون من كل شيء، ويجدون أن البلاد تسير مباشرة نحو الهاوية، وأن الرداءة متفشية في المؤسسات، وأن الفساد منتشر بين الحكام، ويتأسفون على قبضة ستالين الحديدية. الأمور كانت دائما هكذا، أيها الأخ القائد. في الشيلي يتأسفون على بينوشيه، في اسبانيا على فرانكو، في العراق على صدام، في الصين على ماو، كما يتأسفون على مبارك في مصر وعلى جنكيز خان في مانغوليا".
ويحاول رفيق القذافي الهاب في الفيافي من الشعب الثائر في رواية ياسمينة خضرا الكاتب المتخرج من الجيش الجزائري أن يبرر له أفعاله عندما سأله أي صورة سيحفظونها عني، صورة القائد أم صورة المستبد؟: لست مستبدا. لقد قمت بالضبط بما عليك القيام به. ثمة نوعان من الشعوب، الشعب الذي يتصرف بروية والشعب الذي يسيّر بالهراوة. شعبنا كان في حاجة إلى السّوط". ويظل المقدّم لآخر لحظة يبرر للقذافي أفعاله رغم اعترافات القذافي أنه أخطأ وأنه كان بلا رحمة في أحايين كثيرة مع معارضيه ومع شعبه.
هكذا يمكن أن نفهم هذا التغني العربي بحاكم كوريا الشمالي المرعب على اعتباره شوق للفحل السادي المؤلم الذي يقتل خصومه لأتفه الأسباب بقذيفة مدفع أو يرميهم إلى الكلاب الجائعة وكأنه ورث دماغ ماركيز دي ساد وربما هذا ما جعل الآلاف تلتحق بتنظيم الدولة داعش بعد أن شاهدوا عملياتها الفظيعة في التقتيل لمبايعة البغدادي الطاغية الجديد.
لذلك تحتاج الشعوب العربي إلى علاج نفسي نتيجة وطأة تاريخ الاستبداد والقمع فهي جسد واحد تعود على القمع والمحو والشطب ولا يمكن أن يستعيد الثقة في ذاته إلا بسنوات من العلاج النفسي الذي يصعب أن يحدث في ظل مجتمعات لم تنتج فضاءات اعتراف ومجتمعات لا تقرأ فالعلاج النفسي البديل للجسد الاجتماعي العربي هو المعرفة والمعرفة معلقة في الظلمة، لتظل، كما العادة، تشطب أجسادها المتقاعدة بالسكاكين والمشارط .
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...