رفضت نقابة الأطباء المصريين، في 5 أيار/مايو، مقترحاً رئاسياً مثيراً للجدل بتحويل الصيادلة إلى أطباء بشريين بعد "معادلة الشهادة"، معتبرةً أن ذلك "يضر بصحة المواطن المصري وبسمعة مصر الطبية في العالم".
وكانت الأكاديمية الطبية العسكرية في البلاد قد دعت نقابة الأطباء إلى اجتماع لدرس إمكان تحويل الصيادلة إلى أطباء بشريين عقب حصولهم على "الدراسات اللازمة لمعادلة الشهادة".
وورد في نص الخطاب المتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والموجه من رئيس الأكاديمية العسكرية أحمد التلاوي إلى نقيب الأطباء حسين خيري: "إيماءً لتوجيهات رئيس الجمهورية (الأحد 29 آذار/مارس الماضي) المتضمنة درس إمكان تحويل الصيادلة إلى أطباء بشريين، بعد حصولهم على الدراسات اللازمة لمعادلة الشهادة، تتشرف الأكاديمية بدعوة سيادتكم لحضور اجتماع (في 6 أيار/مايو الجاري) لمناقشة إمكانية تحويل الصيادلة إلى أطباء بشريين طبقاً لتوجيهات رئيس الجمهورية".
ضرر وإساءة
وجاء رد النقابة على الخطاب بالرفض التام، قائلةً إنه "يضر بصحة المواطن المصري، إذ من المعلوم أن لكل فئة من فئات الفريق الطبي دوراً مهماً جداً تقوم به فعلاً، وتمارسه طبقاً للأصول العلمية والمهنية، وطبقاً لنوعية الدراسة النظرية والعملية التي درستها على مدى سنوات طويلة، ولا تستطيع أي فئة أن تحل محل الفئة الأخرى، ولا يجوز القول إن أي دراسة مكملة يمكنها معادلة شهادة علمية وعملية مختلفة".
وأضافت: "هذا الأمر سيضر بسمعة مصر الطبية العالمية، إذ لا توجد أي سابقة لذلك في تاريخ مهنة الطب الحديث، وبالتالي على من يرغب في امتهان مهنة الطب كي يكون مسؤولاً عن أرواح المصريين، أن يلتحق بالسنة الأولى من كلية الطب البشري، وبعد تخرجه وتدريبه يتم منحه ترخیصاً لمزاولة مهنة الطب. لذلك فإن نقابة الأطباء ترفض هذا المقترح جملة وتفصيلاً".
"فقه الأزمة"؟
يأتي الاقتراح في ظل تزايد عدد المصابين بفيروس كورونا في البلاد، إذ بلغ سبعة آلاف حالة مؤكدة وأكثر من 900 ألف مخالط للمصابين يتابعهم الطب الوقائي. بالإضافة إلى عدم توفر أماكن في مستشفيات العزل والنقص في أعداد الأطباء لا سيما عقب وقوع إصابات ووفيات في صفوفهم.
ودافع رئيس لجنة الحق في الصحة علاء غنام عن المقترح الرئاسي بالقول إن "بعض الضرورات تُبيح المحظورات في أزمة كهذه. يجب أن نُعوّد أنفسنا طلب الممكن وترتيب خطورة التحديات"، مضيفاً "نفترض جدلاً أننا في قرية نائية وهناك غياب أو انعدام وجود طبيب عام ممارس لا يحمل سوى بكالوريوس طب. وفي القرية صيدلي. تفتكروا الناس هتلجأ له ولّا لأ".
"مرفوض جملةً وتفصيلاً"... نقابة الأطباء في مصر ترد على مقترح رئاسي وصلها عبر "الأكاديمية الطبية العسكرية" بتحويل الصيادلة إلى أطباء، بالتأكيد أنه "يضر بصحة المصريين ويسيء إلى سمعة مصر الطبية"
وأضاف: "عندنا نقص في الأطباء في العموم، وزيادة ضخمة في عدد الصيادلة، وعندنا وباء. مين أقرب حد نحمله مسؤولية الطبيب لحد الأزمة ما تعدي؟ دا مجرد مثال للضرورات التي تبيح المحظورات، دي مش القاعدة إنما الاستثناء".
وختم الغنام: "زمان خريج العلوم كان ممكن يكمل في الطب بامتحان. وحتى لو الأزمة حكمت، المراقبين الصحيين هيقوموا بدور أكبر، والمسعفين والممرضين. نحن في قلب الحرب الوبائية. ولن نتوقف كثيراً أمام ‘هوامش‘".
الطبيب المصري البارز والأستاذ في معهد تيودور بلهارس للأبحاث علاء عوض رد على هذا الرأي قائلاً إن "فكرة تحويل الصيادلة إلى أطباء غير مقبولة لأنها تسيء إلى مهنة الطب ومهنة الصيدلة... من الممكن في زمن الوباء إيجاد السبل للاستفادة من كل أعضاء الأطقم الطبية بأقصى إمكانية خصوصاً لدى وجود عجز في القوى البشرية، وتدريب تخصصات من هذه الأطقم على القيام بأعمال تخص الأطباء في حدود معينة، وتوظيفها في هذه الأعمال مؤقتاً، وهو أمر مقبول في إدارة سياسات الأزمة".
وتابع عوض: "هذا أمر مختلف تماماً عن منح ترخيص مزاولة الطب بعد الحصول على دورة دراسية تكميلية... الطب رحلة دراسة وتدريب طويلة ومستمرة، وليس مجرد دورة دراسية محدودة".
ووجّه عضو مجلس نقابة الأطباء السابق خالد سمير الشكر لمجلس النقابة على رفض المقترح، مذكراً بأن "المسؤول عن التعليم الطبي في مصر دستورياً وقانونياً هو لجنة القطاع الطبي بالمجلس الأعلى للجامعات. إن هذا المجلس مكلف باعتماد منح الشهادات الجامعية التى تؤهل للتدريب على ممارسة مهنة الطب وهي شهادة بكالوريوس الطب والجراحة".
رفض واستهجان
ووجه الاقتراح بالرفض على نطاق واسع من قبل الأطباء والصيادلة، حسب ما يظهر من التعليقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما قوبل بالاستهجان والسخرية.
"عندنا نقص في الأطباء في العموم، وزيادة ضخمة في عدد الصيادلة، وعندنا وباء. مين أقرب حد نحمّله مسؤولية الطبيب لحد الأزمة ما تعدي؟"... جدل واسع في مصر حول مقترح رئاسي بتحويل الصيادلة إلى أطباء لمواجهة كورونا
قال أحد المعلقين: "بعد ما طفشوا الأطباء اتجهوا للصيادلة… المرحلة الجاية العودة إلى حلاق الصحة" الذي كان يقوم بدور المعالج الشعبي قبل عقود.
وكتب آخر ساخراً: "عموماً يعني التجربة ناجحة وعملناها قبل كده من زمان والأستاذ رشدي أباظة كطبيب بهايم (في فيلم آه من حواء) اتحول لطبيب بشري وعالج الشحار وجاب نتايج زي الفل".
وبعيداً عن السخرية، رأى فريق من المعنيين أن "صيغة الخطاب الموجه لنقيب الأطباء توضح كيفية تعامل العقلية العسكرية مع الأزمات. الخطاب يقول ‘تحويل‘ الصيادلة إلى أطباء بشريين، وليس ‘تأهيل‘ أو ‘معادلة شهاداتهم‘. وكأنما سيتم وضعهم في جهاز يدخلونه صيادلة من ناحية ويخرجون أطباء من ناحية ثانية".
واقترح أطباء كثر الاستعاضة عن الاقتراح بإعادة الأطباء الموقوفين أو المفصولين من العمل، فيما أعرب آخرون عن اعتقادهم بأن حل أزمة نقص الأطباء تكمن في منح الأطباء حقوقهم المادية وتقديرهم مادياً ومعنوياً وتوفير الحماية لهم في مواجهة اعتداءات ذوي المرضى المتكررة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...