فيما يزداد عدد ضحايا فيروس كورونا على مستوى العالم، تجهد الجماعات المتطرفة، كداعش والقاعدة، لاستغلال التشتت والفوضى اللذين تشهدهما بعض البلدان، من أجل إعادة نشاطها. هذا ما أشارت إليه مصادر أمنية خلال الأيام الماضية، في حين توقعت تقارير أن يستعد تنظيم داعش لشن هجمات غير مسبوقة.
وكان تنظيم داعش قد دعا عناصره، مطلع الشهر الماضي، عبر صحيفة "النبأ" التابعة له، إلى الاستفادة من الإرباك الدولي الناجم عن أزمة كورونا بغية تنفيذ "ضربات خاطفة".
وأكد التنظيم في افتتاحية المجلة أن "الدول الصليبية (الغربية) آخر ما ستفكر فيه في هذه الظروف هو إرسال قوات إلى الدول الموبوءة". ورأى تنظيم القاعدة أن أزمة كورونا فرصة "لنشر العقيدة الصحيحة، ودعوة الناس إلى الجهاد في سبيل الله، والتمرد على الظلم والظالمين".
ودعا، في 6 نيسان/أبريل الجاري، عناصره في منطقة الساحل الأفريقي إلى الاستفادة من أزمة فيروس كورونا التي أضعفت قوات خصومه وتنفيذ هجمات دموية.
هجمات على الأرض
هذه الدعوات تُرجمت على أرض الواقع بهجمات متزايدة شنّها مقاتلو تنظيم داعش في العراق وسوريا مع اشتداد أزمة كورونا.
في العراق، أفادت تقارير إعلامية أن تنظيم داعش زاد من حدة هجماته، مستغلاً انهماك القوات الأمنية بتنفيذ حظر التجول لمكافحة الفيروس المستجد.
وفي مساء 16 نيسان/أبريل، نفذ التنظيم هجوماً على القوات السورية وميليشيات إيرانية في بلدة الصالحية في ريف مدينة البوكمال، تسبب بمقتل العشرات من الجانبين.
من جهة ثانية، أفادت مواقع سورية محلية أن تنظيم داعش نفذ 24 هجوماً على قوات النظام السوري في البادية أسفرت عن مقتل نحو 40 عنصراً.
كذلك نفّذ في مدينة السخنة، يومي 9 و10 نيسان/أبريل، هجمات عديدة ضد مواقع موالية للنظام أسفرت عن مقتل 10 جنود على الأقل.
ووفقاً لـ"مجموعة الأزمات الدولية"، فإن التنظيم استغل الفراغ الناجم عن انسحاب القوات الأمريكية من عدة قواعد في العراق وبدأ الانتشار بشكل مكثف. وقدّر خبراء أمنيون عراقيون عدد الهجمات التي نفذها بـ 39 عملية أسفرت عن وقوع 73 شخصاً بين قتيل وجريح.
"أزمة فيروس كورونا يمكن أن توفر فرصة للمتشددين لكسب الدعم لأن الحكومات الفاسدة وغير الفعالة وذات الموارد الضعيفة في جميع أنحاء أفريقيا والشرق الأوسط فشلت في توفير الرعاية الكافية للسكان"
بدورها، أعلنت جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، وهي أكبر تحالف للجماعات الإسلامية تابعة لتنظيم القاعدة في الساحل الأفريقي، مسؤوليتها عن الهجوم الذي وقع شمال مالي وأودى بحياة 25 جندياً، مشيرة إلى أن هذا التوقيت ملائم جداً لتنفيذ المزيد من الهجمات في ظل أزمة كورونا.
وفي ألمانيا، أحبطت الشرطة هجوماً على قاعدة أمريكية، خطط له أربعة طاجيكيين ينتمون لتنظيم داعش الذي طالب عناصره بتنفيذ عمليات خاطفة في هذا التوقيت.
وفي مصر، تمكنت قوات الأمن من ضبط خلية إرهابية في القاهرة كانت تخطط لتنفيذ هجمات ضد المسيحيين، وأسفرت العملية عن مقتل المسلحين وضابط وإصابة آخر.
لماذا يُعد كورونا فرصة للمتطرفين؟
قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، في تقرير نشرته في 16 نيسان/أبريل، إن "أزمة فيروس كورونا يمكن أن توفر فرصة للمتشددين لكسب الدعم لأن الحكومات الفاسدة وغير الفعالة وذات الموارد الضعيفة في جميع أنحاء أفريقيا والشرق الأوسط فشلت في توفير الرعاية الكافية للسكان الذين لا يثقون بها".
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قالت إن منطقة الشرق الأوسط في خضم "أزمة صحية وزلزال اجتماعي - اقتصادي قد يكون مدمراً"، جراء فيروس كورونا.
"الدول الغربية آخر ما ستفكر فيه في هذه الظروف هو إرسال قوات إلى الدول الموبوءة"... داعش يُبلغ عناصره أن كورونا فرصتهم للعودة
ولفتت الصحيفة إلى أن القوات الأمريكية والبريطانية وجيوش دول أخرى بدأت التراجع في تنفيذ بعض العمليات ضد هذه الجماعات نتيجة الخوف من فيروس كورونا، تاركة بذلك فرصة كبيرة للمتطرفين من أجل إعادة بناء أنفسهم.
وفي الشهر الماضي، أعلنت بغداد انسحاب القوات الفرنسية العاملة ضمن التحالف الدولي ضد داعش بعد تعليق برنامج تدريب القوات العراقية، وهو ما عُدّ "إجراءً وقائياً" من تفشي فيروس كورونا.
وفي الشهر نفسه، ألغى الجيش الأمريكي تمرينين رئيسيين مع دول أفريقية خوفاً من انتشار كورونا.
وترجح الصحيفة أن الوحدات العسكرية الإفريقية التي تعاني ضعفاً كبيراً ستكون غير قادرة على اتخاذ إجراءات للوقاية من الفيروس الذي يهدد صفوفها.
وحذرت "الغارديان" من استغلال داعش انتشار فيروس كورونا بين اللاجئين والمعتقلين لشن هجمات على السجون بغية الإفراج عن عناصره.
بدورها، لفتت "مجموعة الأزمات الدولية" إلى أن داعش يستفيد من الصراعات التي نشبت بين خصومه، منها الصراع الإيراني - الأمريكي والصراع الليبي - الليبي من أجل إعادة بناء قوته.
ونقل موقع "المونيتور" الأمريكي عن مدير المكتب السياسي في "لواء المعتصم" التابع للجيش السوري الحر مصطفى سجاري قوله: "لدى إيران اهتمام كبير بعودة تنظيم داعش".
وقال سجاري: "نحذر المجتمع الدولي من أن إيران يمكنها إحياء هذا التنظيم الإرهابي"، زاعماً أن قائد "فيلق القدس" إسماعيل قآني ينوي إعادة إحياء التنظيم الإرهابي لإشغال الولايات المتحدة وتقويض مصالحها في سوريا.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...