شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
مهرجان رؤى الافتراضي للفيلم القصير...  هل يكون شكل حياتنا الثقافية الجديد؟

مهرجان رؤى الافتراضي للفيلم القصير... هل يكون شكل حياتنا الثقافية الجديد؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

السبت 4 أبريل 202002:51 م

في الوقت الذي تغلق جميع المهرجانات الفنية، سواء السينمائية أو الموسيقية، أبوابها وترفع شعار "لأجل غير مسمّى"، في ظل الظروف الطارئة مع جائحة انتشار فيروس كورونا في العالم، وفي ضوء الإجراءات التي تتخذها الدول من فرض حظر التجوال الجزئي والكلي لمنع تفشي الفيروس، قرر مهرجان "رؤى – مهرجان القاهرة للفيلم المصري القصير" في نسخته الثالثة، تحدي كورونا بطريقة إيجابية، وتحويل عروضه الجماهيرية لأول مهرجان افتراضي في مصر والعالم العربي.

المهرجان الذي يضم 72 فيلماً، بين الروائي القصير، الوثائقي، التحريك وتجربة الفيلم الأول، كان من المقرر أن تقام فعالياته بين العروض الجماهيرية، الندوات ومعرض فني للمخرج المصري سامي السلاموني، وذلك في الفترة من 11- 19 آذار/مارس، بمقر الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ولكن بعد تصاعد وتيرة أزمة كورونا، وإلغاء الحكومة المصرية لكافة الفعاليات الفنية، المهرجانات والتجمعات مع فرض حظر التجوال الجزئي، تحول المهرجان لافتراضي على مدار خمسة أيام من 2- 6 أبريل، بواسطة facebook watch.

"لم تكن فكرة إلغاء المهرجان خياراً مطروحاً نهائياً، كان فريق العمل يضع المهرجان في قلبه ومتحمساً لاستمراريته، وخُضنا محاولات كثيرة للحفاظ على هذه النسخة، في الوقت الذي نراقب كل المهرجانات حولنا تغلق أبوابها، وبدأنا بإلغاء حفل الافتتاح منعاً للتجمعات، ثم تخفيض عدد الحضور لـ200 مشاهد لقاعة سعتها 900 فرد، لخلق المساحة الآمنة بين الحضور، فضلاً عن توفير المطهرات، وتواجد فريق من المتطوعين للتوعية والتنظيم للحفاظ على إقامة المهرجان لآخر وقت"، يقول مصطفى حسين، المدير التنفيذي لمهرجان رؤى.

يضيف حسين لرصيف 22: "سأصارحك بأن قرار تحويل المهرجان من عروض حية إلى افتراضي كان محبطاً للجميع، خاصة بعد صدور قرارات حكومية رسمية بإلغاء كافة الفعاليات والمهرجانات، وكذلك أغلقت الجامعة الأمريكية أبوابها والتي كانت مستضيفة للمهرجان، ولكن لم نيأس، ووضعنا أمام أعيننا 100 مخرج بذلوا جهوداً كبيرة خلال الأشهر الماضية للمشاركة في المهرجان، وكذلك جهود فريق عمل المهرجان التي بدأت قبل 7 شهور، وأخيراً هو أهمية دور السينما والفن في هذه الأوقات الصعبة من صناعة الترفيه الهامة، وأن تجد الناس لها طريقاً نحو عالم السينما، وسط كل الأخبار المفزعة وحالة الهلع من عدد الوفيات والإصابات من فيروس كورونا".

تحول رقمي

وعن ردود فعل المخرجين حول هذا التحول الرقمي للمهرجان، يقول حسين: "حصلنا على موافقات كتابية من 70% من المخرجين، الذين تفهموا الأسباب الطارئة التي فرضت على المهرجان هذه الاتجاه الإلكتروني، لنُقدم في هذه الدورة 72 فيلماً، بين الوثائقي، القصير، التحريك والعمل الأول".

يستدرك المدير التنفيذي للمهرجان قائلاً: "محاولاتنا لإنقاذ نسخة هذا العام، لايمكن فصلها عن رؤية المهرجان وهدفه منذ تأسيسه بشكل عام، وهي كونه منصة لصنّاع الأفلام المصرية القصيرة المهضوم حقهم، وكل مخرج له تجربة فيلم أقل من نصف ساعة، في ظل غياب المهرجانات التي تهتم بالفيلم القصير، وفي ضوء أزمة صناعة السينما التي تُعاني منها مصر، لا يمكن أن نضيف عبئاً آخر على هؤلاء المخرجين، بأن نحرمهم من فرصة عرض إنتاجهم الذي صنعوه بإمكانيات ضعيفة جداً، وأن نلغي منصة العرض، أي المهرجان، وكانت رسالتنا: سنعرض فيلمك مهما كانت الصعوبات، سواء كورونا حالياً، أو أزمة صناعة بصفة عامة".

وبسؤاله عن المشكلات التقنية التي واجهت تجربة العرض في أول يوم افتراضي للمهرجان، والمخاوف من سرقة الأفلام، يرد حسين: "رغم هذه المشكلات التقنية التي ظهرت، وسببها يعود لإدارة الفيسبوك، والتي ظهرت فجأة رغم استعدادنا جيداً، إلا أنني سعيد للغاية بنجاح تجربة العرض في أول يوم، رغم تأثر أول حفلات للمهرجان، ولكن بدون ظهور هذه المشكلة لم نكن نستطيع تطوير أنفسنا وحلها، وهو ما حدث واستمرت باقي أيام العروض ناجحة".

أما عن مخاوف سرقة الأفلام: "بحثنا في هذا التخوف كثيراً، لذا لجأنا لـfacebook watch party، لأنه يحمي الأفلام وفرص سرقته صعبة للغاية، وستكون بجودة ضعيفة جداً، ورغم أنه قرارنا كأدارة المهرجان بحذف الأفلام بعد عرضها، إلا أنه استقبلنا طلبات من المشاهدين على الصفحة، بالرغبة في إعطائهم فرصة أخرى للمشاهدة، وبالفعل قررنا أن تكون 12 ساعة فقط بعد كل ليلة عرض".

أخيراً، يأمل المدير التنفيذي لـ"رؤى" بانتشار العدوى الإيجابية لفكرة مهرجان "القاهرة للفيلم المصري القصير" الافتراضي الأول في مصر والعالم العربي، لمهرجانات أخرى خلال الفترة المقبلة: "على منظمي المهرجانات البحث عن طرق بديلة لمواجهة كورونا التي أجلستنا في المنزل، ولتحيا السينما في مواجهتها، علينا أن نبقى آمنين في منازلنا ومستمتعين بالفن أيضاً"، يقول حسين.

"على منظمي المهرجانات البحث عن طرق بديلة لمواجهة كورونا التي أجلستنا في المنزل، ولتحيا السينما في مواجهتها، علينا أن نبقى آمنين في منازلنا ومستمتعين بالفن أيضاً"

ومن جانبه، يقول حسن الشواف، مخرج فيلم "170 كلمة يومياً" عن تجربته مع المهرجان الافتراضي: "بلا شك أن صانع الأفلام يفضل أن يعرض فيلمه على الشاشة الكبيرة، ويراقب ردود فعل الجمهور مع كل مشهد وجملة، ولكن الظروف الطارئة لأزمة كورونا حالت دون العرض اللايف LIVE للمهرجان، ورحبت باقتراح الإدارة جداً وتفهمته، بل أعجبني إصرارهم على الاستمرار رغم أن كل المهرجانات المحيطة تغلق أبوابها، وخرجت التجربة بشكل مقبول في ضوء الظرف الطارئ وتعامل المنظمون معها بذكاء".

يكمل الشواف: "كان لدي مخاوف بالطبع قبل عرض الفيلم وأغلبها صدق، فيما يتعلق بالجودة التي تظهر عليها الأفلام والمشكلات التقنية، والتي حدث بعضها مع عروض الحفلة الأولى في أول أيام المهرجان، ورغم إحباطي من هذا التأخير الذي جعل عدداً من المشاهدين يكفون عن متابعة الفيلم، إلا أنني متفهم للظروف التي خرجت فيها التجربة".

أكد الشواف عن توقعه بأن فكرة مهرجان رؤى الافتراضي سيفتح الباب أمام نوع جديد من المهرجانات الأونلاين في مصر والعالم العربي، وسيبدأ منظمو المهرجانات بالبحث عن طرق غير تقليدية تضمن استمرارها وعدم إلغائها، في ظل أزمة كورونا التي لا يعلم أحد متى ستنتهي، ولكن يبقى من المهم أيضاً الحفاظ على الشكل القديم للمهرجانات، لأنه يعنى الكثير لصناع الأفلام.

فيلم 170 كلمة يومياً!

"170 كلمة يومياً" هو الفيلم الروائي القصير الأول لحسن الشواف، الذي يتحدث فيه عن تأثير التكنولوجيا على حياة الأفراد.

يقول: "تأثرت بقصيدة لشاعر أمريكي قرأتها منذ سنوات، عن سماح الحكومة فقط بـ170 كلمة للمواطنين يومياً، وعن الصعوبات التى واجها بطل القصيدة في التصريح بحبه لحبيبته، ومن هنا انطلقت بفكرة الفيلم وبناء تفاصيل وعالم البطل ولغة الإشارة".

يضيف: "الفيلم أقرب لحكايات المدينة غير الفاضلة، مثل 1984، ومسلسل BLACK MIRROR، لم أقصد إسقاطاً سياسياً مباشراً عن قمع حرية الرأى والتعبير في بلادنا العربية، ولكن انطلقت للتعبير عن أزمة البطل في التصريح عن حبه، ويستطيع المشاهد أن يقرأ الصعوبات بأي طريقة يريدها".

افعل شيئاً ياحامد!

"كان أفضل قرار من إدارة المهرجان لتحويل عروضه أونلاين، كانت لدي مخاوف حقيقية من مغادرة منزلي يوم العرض، وشعرت براحة شديدة بهذا القرار الشجاع في توقيت حرج وقصير جداً، فهو قرار يحافظ على سلامة الجمهور أولاً، ثم صناع الأفلام وكذلك فريق عمل المهرجان، وفكرة ذكية للتغلب على الصعوبات التي تواجهها الفعاليات الفنية والثقافية هذه الفترة، العرض الإلكتروني أفضل من الإلغاء"، يقول سيد عمر، مخرج فيلم "افعل شيئاً ياحامد".

Hamed, Do Something! Trailer from Sayed Omar on Vimeo.


يعبر عمر لرصيف22 عن رضاه عن تجربة عرض فيلمه على منصة المهرجان بواسطة watchparty، مضيفاً أنه كان يشعر وكأنه في صالة العرض، حيث ظهرت تعليقات وتفاعل الجمهور أونلاين، بجوار منصة العرض، وكانت تجربة إيجابية بصفة عامة، بدل الوقوف عاجزين كصناع سينما أمام كورونا، علينا ابتكار أساليب مختلفة للتكيف مع هذا الظرف الطارئ، وتحقيق المتعة الفنية للجمهور، ولكن في ضوء قواعد الحماية والوقاية".

وعن فيلمه "افعل شيئًا ياحامد"، يحكي عمر قائلاً: "هو فيلمي الأول الروائي القصير كإخراج وكتابة، بعد تجارب في كتابة سيناريو عدة أفلام، وشخصية حامد وفكرة الفيلم تدفقت في ذهني بعد صورة متخيلة عن صديقي المقرب محمود الوكيل، وهو بطل الفيلم، عندما تخيلته ذات مرة يمشي في بقعة أرض وفجأة سقطت مياه على رأسه من اللامكان، استفزتني الصورة وبدأت تنضج في رأسي يوماً بعد الآخر، حتى كتبتها كسيناريو فيلم".

ولكن عندما سألناه عن حامد، هذا السلبي، اللامبالي بما حوله، الغارق في عزلته، يرد عمر: "هذا صحيح، وقصدت عدم ذكر خلفية البطل المحملة بالإحباطات والأزمات، التي جعلته يصل لهذه الحالة من فرضه لعزلة إرادية على نفسه وحاجز يفصله عن العالم الخارجي، لم يستفزني حامد بل كنت متعاطفاً جداً معه، وأعلم جيداً إحباطاته وأزماته التي جعلته يصل لهذا الحال".

وعن التصوير والإنتاج: "لم تكن هناك صعوبات إنتاجية، تحمست شركة الإنتاج للسيناريو الذي كان يراعي ميزانية محدودة للفيلم، فلم نحتاج سوى شقة كموقع تصوير داخلي للفيلم، وتم التصوير في 18 ساعة".

وعن حال سوق صناعة الفيلم القصير في مصر والعالم العربي، يقول سيد عمر: "السينما تواجه صعوبة بصفة عامة منذ سنوات، وكذلك الفيلم القصير، ولكن استمرارية وجود مهرجانات مثل رؤى، تدعم صناع الأفلام القصيرة، يلعب دوراً هاماً في دعم هذه الصناعة، فالفيلم القصير يتميز بقدرته على كونه مجالاً خصباً للتجريب والحرية في طرح الموضوعات الجريئة، عكس الفيلم الطويل الذي تحاصره ظروف السوق والإنتاج، ومن ثم تحدّ من حرية المبدع، فضلاً عن أهمية المهرجان لكونه مساحة للتشبيك بين صناع الأفلام، يتناقشون ويتبادلون الخبرات من خلالها".

فيلم ميريه

ومن جانبها، تقول رنا متولي، مخرجة فيلم "ميريه": "تحمست جداً لقرار إدارة مهرجان رؤى لبث أفلامه عبر الفضاء الإلكتروني، بعد حالة الإحباط التي أصابتنا كصناع أفلام من إلغاء المهرجان في البداية، وفي ظل حالة الإغلاق العام التي تشهدها المهرجانات السينمائية حالياً، ولكن بعد تحويله لمهرجان افتراضي كان ضوء نور حقيقي في ظل هذه الأخبار السلبية يومياً عن كورونا والوفيات".


تضيف متولي لرصيف22: "كانت لدي مخاوف تقنية فقط من حدوث مشكلات أثناء عرض الأفلام على الفيسبوك وعدم الجودة والانقطاع، حدث بعض منها وتعرض فيلمي لذلك، ولكن كتجربة بصفة عامة، تعتبر ناجحة جداً ومستمرة، وأظن أن عدد المشاهدات التي حققها المهرجان الأونلاين أكثر من تلك التي كانت محتملة لو كان العرض الجماهيري مستمراً، خاصة في ظل مخاوف المواطنين من النزول للشارع".

أكدت متولي أن استمرار عروض المهرجان أونلاين أعطت المخرجين فرصة أكبر لتسويق أفلامهم ومشاهدتها على نطاق واسع، من جمهور ليس من القاهرة فقط كان سيذهب لمقر الجامعة الأمريكية، ولكن من كل محافظات مصر، وربما من العالم العربي، ومن ثم هناك جانب إيجابي لا يجب نسيانه، رغم مأساة كورونا ومحاصرتها للفاعليات الفنية، لذلك نستطيع أن نقول للمشاهد: اجلس في منزلك واستمتع بالسينما، فالمهرجانات تصل إليك الآن".

وعن فيلمها "ميريه" تقول رنا خريجة الجامعة الأمريكية: "هو نتاج تجربة شخصية مع اضطراب يسمى شلل النوم، ومايواجه أصحاب هذا المرض من مخاوف وأفكار سوداوية وصعوبات في حياتهم، وتحمست لتجسيد هذه التجربة على الشاشة، ليكون فيلماً توعوياً أيضاً بطبيعة هذا المرض النفسي غير المنتشر، والذي لا يعرف الكثيرون عنه، حتى الأشخاص الذين يعانون منه".

وقالت متولي إن الأمراض النفسية موصومة اجتماعياً، وتحتاج إلى الحديث عنها بشكل مستمر، كي يتعامل معها الجميع بإيجابية ودعم، سواء في السينما أو الميديا بصفة عامة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image