"أنا هانی ماشیة، وأنت هاو تو یاکلک الدُّود هنا... يا خامج"، جملة باللهجة التونسية الدارجة قالتها المذيعة لبنى بن عبد الله على الهواء مباشرةً لأحد المحجورين صحياً بشكل احترازي لاحتمال إصابته بفيروس كورونا، مثيرةً غضباً واسعاً في البلاد.
وتعني: "أنا سأخرج من هنا الآن، أما أنت فسيأكلك الدود يا عفن".
كان ذلك خلال حلقة 27 آذار/مارس من برنامج "كلنا تونس" الذي يقدمه علاء الشابي على قناة التاسعة.
« أنا هانی ماشیة، و أنت هاو تو یاکلک الدُّود هنا .. يا خامج!! »، صحفيّة على المباشر، في برنامج #علاء_الشّابّي في #قناة_التّاسعة.
— The Godfather (@Al_Pacino_) March 27, 2020
« الصحفيّة »، تتوجّه بالحديث لمصاب بـ #كورونا_الجديد، في الحجر الصّحي .. !!
مستوى مُنحط .. #نعن_دين_السّخط! ? #AttassiaTV #Tunisie #COVID19 pic.twitter.com/UnsK72zgp9
جاء رد فعل المذيعة عقب إعراب عدد من المحجورين صحياً بأحد الفنادق في مدينة شط مريم الساحلية بولاية سوسة، عن رفضهم التصوير داخل المكان أو إظهار هوياتهم. لكن الشابي طلب من مراسلته أن تستمر في عمل اللقاءات مع من تشاء وأن تتجاهل الغاضبين.
في النهاية، أبلغت بن عبد الله المذيع أنها ستخرج من المكان، ورصدت الكاميرا خروجها مسرعةً بينما تنظر خلفها مخاطبةً أحد المحجورين صحياً بجملتها التي أثارت الضجة.
مآخذ عدة
لم تكن تلك السقطة الوحيدة في حلقة الشابي المذيع الذي اشتهر بتقديم البرامج الاجتماعية المثيرة للجدل والفضائح، إذ استضاف في حلقته للحديث عن أزمة كورونا في تونس رجل أعمال وجراح تجميل يدعى برهان بلخيرية.
وتعمد بلخيرية طوال الحلقة الهجوم على إجراءات السلطات التونسية وقدم النصائح كـ"خبير في الأمراض الجرثومية".
وأثارت الحلقة استياءً واسعاً في تونس، وعلق عليها العديد من المسؤولين من بينهم مستشارة رئيس الجمهورية رشيدة النيفر، وزير الصحة عبد اللطيف المكي ونقابة الصحافيين التونسيين.
وقال المكي عبر حسابه في فيسبوك: "أزمة الكورونا هي قضية علم وليست جدلاً بيزنطياً، وهي أيضاً قضية أخلاق وشهامة"، مستنكراً استضافة "فاسدين وشبه متحيلين غشوا السوق التونسية سابقاً بأدوية غير صالحة".
عقب رفضهم الظهور معها على الهواء... مذيعة تونسية توبخ أحد المحجورين صحياً بكلمات حاطة للكرامة. قالت له: "سأخرج من هنا بينما أنت سيأكلك الدود ياعفن"
بحث عن الإثارة
وفي بيان شديد اللهجة، اعتبرت لجنة أخلاقيات المهنة الصحافية بالنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين أن الحلقة "شابها العديد من الأخطاء المهنية والأخلاقية الجسيمة، لا سيما عدم الالتزام بالمعايير المهنية المعروفة من موضوعية وتوازن، وعدم احترام حرمة المريض". ورأت أن الحلقة لا مبرر لها إلا "الإثارة".
وحذرت اللجنة مسؤولي "التاسعة" من خطورة "استعمال قناة تلفزية في خدمة الأجندات السياسية والمالية للممولين، وتصفية الحساب مع الخصوم السياسيين".
كما أشارت إلى أن "البلاتو الذي أداره الشابي لا يرقى إلى مستوى حصة تلفزية، حيث تم اختيار الضيوف من غير المختصين وباتجاه واحد، الأمر الذي جعل الحوار منصباً على انتقاد وزارة الصحة والكوادر الطبية وشبه الطبية إلى حد التجنّي".
وانتقدت بشدة "إصرار المنشّط (المذيع) على بقاء المراسلة في مسرح الحدث في سلوك غير مهني، إذ كان يتوجب عليه حسن إدارة التشنج (التوتر) على الهواء وإنهاء الرسالة بطريقة سلسة ومهنية".
كذلك نددت بإرسال هيئة التحرير وإدارة القناة مراسلة ميدانية في مثل تلك الظروف ما قد يعرضها والفريق المرافق إلى الخطر، وبـ"انتهاك حق الأشخاص الذين تم تصويرهم دون موافقتهم، رغم حصول القناة على تصريح، ما يمس سرية معطياتهم الشخصية".
وسبق أن حذرت النقابة التونسية من الذهاب إلى أماكن الاحتجاز والمستشفيات داعيةً إلى احترام خصوصية المصابين وبياناتهم الشخصية، وتجنيب الطواقم الصحافية خطر العدوى.
وزير الصحة التونسي معلقاً على حلقة علاء الشابي: "أزمة الكورونا هي قضية علم وليست جدلاً بيزنطياً، وهي أيضاً قضية أخلاق وشهامة"
وقف البرنامج و"تأديب" المخطئين
وتحركت الهيئة التونسية العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري (الهايكا)، في 28 آذار/مارس، ضد مخالفة البرنامج داعيةً الممثل القانوني لقناة التاسعة الخاصة إلى التحقيق استناداً إلى الفصل 30 من المرسوم عدد 116 لسنة 2011.
وأشارت الهايكا في بيان إلى أن الحلقة تضمنت "مخالفات جسيمة مست قواعد المهنة وأخلاقياتها وأخلت بالمبادئ العامة للتعاطي الإعلامي زمن الأزمات".
وفي وقت لاحق، قررت الهيئة استعجالياً إيقاف برنامج "كلنا تونس" لمدة ثلاثة أشهر وعرض القضية على مجلس الهيئة للنظر فيه، مع سحب الحلقة مثار الجدل عبر الإنترنت وعدم إعادة نشرها.
وفي أول رد فعل له، انتقد الشابي قرار الهيئة وقف برنامجه، معتبراً أن المسؤولين عن القرار "يريدون تلافز (قنوات) وبرامج على قياسهم"، موضحاً في منشور آخر أنه سيظهر على شاشة القناة في 3 نيسان/أبريل المقبل بغض النظر عن القرار.
يذكر أن شركة "كاكتوس برود" المنتجة للبرنامج حاولت تبرئة ساحة قناة التاسعة من المسؤولية عن الحلقة مقدمةً اعتذارها للجمهور ولوزير الصحة وجميع العاملين ضمن الجهود الرسمية للحد من تفشي الفيروس وأخيراً جميع المصابين بالفيروس والمحجورين صحياً تحديداً في مكان الواقعة.
وأكدت الشركة مسؤوليتها عن البرنامج إعداداً وتقديماً، و"التزامها اتخاذ الإجراءات التأديبية الضرورية تجاه من أخطأ وتحميل المخطئين مسؤولياتهم كاملة عما صدر في الحلقة".
ولم يقلل هذا من الغضب الرسمي أو الجماهيري.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه