"نحن في حالة حرب"، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ستّة مرّاتٍ في كلمةً مُسجّلة أذيعت مساء الإثنين 16 آذار / مارس 2020. أعلن ماكرون في خطابه "تقليص تحركاتنا إلى حد كبير" بغية ضبط انتشار فيروس كورونا في فرنسا.
تسارعت الخطوات التي اتّخذتها الحكومة الفرنسية للحد من الانتشار المتسارع للفيروس: أغلقت المدارس والجامعات يوم الخميس، ألحقت بها المطاعم والمقاهي والحانات وصالات السينما يوم السبت، وتبعها إعلان غير مباشر للعزل الكامل يوم الإثنين. فرنسا، التي بدأت بمنع تجمع أكثر من خمسة آلاف شخص في مكان واحد، ومن ثم خمسين شخصاً، ومن ثم أي شكل من أشكال التجمعات.
"من الواضح أن ماكرون لا يدرك أبداً ما تعنيه الحرب،" قال فاروق، لاجئ سوري مقيم في لبنان منذ خمسة أعوام. "لا أحاول تسخيف التهديد الذي شكّله كورونا اليوم ولكن هذه ليست حرباً، ليس بالنسبة لسوري خسر كلّ شيء بسببها."
لا ينحصر الاختلاف بين رؤية ماكرون، أو الكثير ممن يعيشون في دول الغرب، ورؤية من هم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في جانب مفهومهم للحرب فقط. بل يمتدّ ليشمل أحد أبرز النشاطات التي يعتادها الأوروبيون والأميركيون وأفسدها فايروس كورونا: السفر.
يسعدني قليلاً أني رأيت كل الناس سواسية، بشكلٍ ما، لمرّة في حياتي، وهذا أمرٌ نادر الحدوث: شكراً كورونا!"
اقتبس فاروق من الشاعر الفاطميّ أبو الطيّب المتنبّي الذي خاطب حمّى أصابته عام 994 في مصر قائلاً: "جَرَحتِ مُجَرَّحاً لم يَبقَ فيه / مكانٌ للسيوفِ ولا السهامِ"، في حين استعان محلّل اقتصادي مقرّب من النظام في لقاء على إحدى إذاعات دمشق بالمثل الشعبيّ السوريّ "يا مصفاية ما يعيبك بخش".
وفاروق، الذي تخرّج من كلية الهندسة الميكانيكية في جامعة دمشق قُبيل اضطراره لمغادرة سوريا عام 2015، كان واحداً من عشرات، وربّما مئات مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في الشرق الأوسط، الذين شاركوا مع أصدقائهم "ميمز" (memes) تتعاطى بشكلٍ ساخر مع فايروس كورونا والآثار الاجتماعية لانتشاره.
اختلفت "الميمز" التي انتشرت في الغرب عن تلك الّتي انتشرت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولعلّ معظمها في الإقليم الأخير ركّزت على السخرية من جانب الحجر الصحي، لكونه نمط الحياة الطبيعي أغلبية سكّان المنطقة؛ أيّ أنهم لم يكونوا بانتظار كورونا ليحدّ حركتهم ضمن الدوّل، أو في بعض الأحيان، ضمن الدولة الواحدة. أحد تلك الصور الساخرة تظهر رجلاً مستلقياً على فراشه تحت لحافٍ أحمر، وتقول: "عندما تدرك أنّ حياتك العادية يسمّونها الآن الحجر الصحي".
"لا تخرج من المنزل، لا تحتكّ مع الناس، لا تخرج بعد غروب الشمس… هذه كلها أوامر أمي لي ولاخوتي خلال السنوات الأولى من الحرب!" يقول فاروق. "لست أشمت بحاملي جوازات سفرٍ أخرى، ولكن يسعدني قليلاً أني رأيت كل الناس سواسية، بشكلٍ ما، لمرّة في حياتي، وهذا أمرٌ نادر الحدوث: شكراً كورونا!"
أمّا عن السفر، فليس الأمر وارداً للكثير من حاملي جنسيات الدول العربي أصلاً، خصوصاً بعد أزمة اللاجئين عام 2015 ووصول زعماء سياسيين شعبويين إلى السلطة، أو إلى درجات واسعة من التمثيل البرلماني، في الولايات المتّحدة والمملكة المتّحدة وإيطاليا وغيرها.
رشا، تركت مدينتها إدلب أواخر العام 2010، لتبدأ دراسة الأدب الإنكليزي في جامعة دمشق. "تخرّجت منذ ست سنوات، ولا أزال غير قادرة ليس فقط على السفر خارج سوريا، بل على زيارة مدينتي، إدلب."
"مجرد حوزتي جواز سفرٍ سوري فقط، يكفي لمنعي من دخول معظم دول العالم" … كيف يختلف أثر كورونا فايروس على الناس بحسب مواطنهم
لا يزال عدد من أفراد عائلة رشا، ذات الـ 28 عاماً، يقيمون في مدينة إدلب التي تسيطر عليها فصائل المعارضة، في حين يقطن أحد أشقّائها في هولندا، والآخر في ألمانيا. "لم أر أحداً منهم منذ أعوام،" قالت رشا. "الحجر الصحي المفروض عليّ اليوم لا يحرمني من لقاء أحد لا أستطيع لقائه أصلاً لأسبابٍ أخرى أشدّ قسوة."
تضيف رشا، التي تعمل اليوم كمترجمة بين اللغتين العربية والإنكليزية، وتتعلم الإسبانية: "لا اعتبر نفسي نازحة أو لاجئة، اخترت المجيء إلى دمشق، وهي عاصمة بلدي، ولم يجبرني أحدٌ على ذلك. بالطبع أتمنى كل يوم لو يمكنني الذهاب إلى مدينتي والاطمئنان على أقربائي، ومدرستي، وأصحابي، والشوارع التي أحب، ولكنني كنت لأبقى مقيمة في دمشق."
"السفر من أحلامي التي يتعسر جداً تحقيقها،" أضافت. "رغم أنّ العامل الماديّ ليس من العوائق الرئيسية، إلّا أن مجرد حوزتي جواز سفرٍ سوري فقط، يكفي لمنعي من دخول معظم دول العالم."
فاروق، سخر من كثرة تعليقات المواطنين في أميركا وأوروبا الغربية حول عدم تمكنهم من السفر خلال الأسابيع الجارية: "أهلاً وسهلاً بكم بيننا … ما هذه إلا حلقة من حلقات مسلسل المواطن العربيّ."
انضم/ي إلى المناقشة
jessika valentine -
منذ 6 أيامSo sad that a mom has no say in her children's lives. Your children aren't your own, they are their father's, regardless of what maltreatment he exposed then to. And this is Algeria that is supposed to be better than most Arab countries!
jessika valentine -
منذ شهرحتى قبل إنهاء المقال من الواضح أن خطة تركيا هي إقامة دولة داخل دولة لقضم الاولى. بدأوا في الإرث واللغة والثقافة ثم المؤسسات والقرار. هذا موضوع خطير جدا جدا
Samia Allam -
منذ شهرمن لا يعرف وسام لا يعرف معنى الغرابة والأشياء البسيطة جداً، الصدق، الشجاعة، فيها يكمن كل الصدق، كما كانت تقول لي دائماً: "الصدق هو لبّ الشجاعة، ضلك صادقة مع نفسك أهم شي".
العمر الطويل والحرية والسعادة لوسام الطويل وكل وسام في بلادنا
Abdulrahman Mahmoud -
منذ شهراعتقد ان اغلب الرجال والنساء على حد سواء يقولون بأنهم يبحثون عن رجل او امرة عصرية ولكن مع مرور الوقت تتكشف ما احتفظ به العقل الياطن من رواسب فكرية تمنعه من تطبيق ما كان يعتقد انه يريده, واحيانا قليلة يكون ما يقوله حقيقيا عند الارتباط. عن تجربة لم يناسبني الزواج سابقا من امرأة شرقية الطباع
محمد الراوي -
منذ شهرفلسطين قضية كُل إنسان حقيقي، فمن يمارس حياته اليومية دون ان يحمل فلسطين بداخله وينشر الوعي بقضية شعبها، بينما هنالك طفل يموت كل يوم وعائلة تشرد كل ساعة في طرف من اطراف العالم عامة وفي فلسطين خاصة، هذا ليس إنسان حقيقي..
للاسف بسبب تطبيع حكامنا و أدلجة شبيبتنا، اصبحت فلسطين قضية تستفز ضمائرنا فقط في وقت احداث القصف والاقتحام.. واصبحت للشارع العربي قضية ترف لا ضرورة له بسبب المصائب التي اثقلت بلاد العرب بشكل عام، فيقول غالبيتهم “اللهم نفسي”.. في ضل كل هذه الانتهاكات تُسلخ الشرعية من جميع حكام العرب لسكوتهم عن الدم الفلسطيني المسفوك والحرمه المستباحه للأراضي الفلسطينية، في ضل هذه الانتهاكات تسقط شرعية ميثاق الامم المتحدة، وتصبح معاهدات جنيف ارخص من ورق الحمامات، وتكون محكمة لاهاي للجنايات الدولية ترف لا ضرورة لوجوده، الخزي والعار يلطخ انسانيتنا في كل لحضة يموت فيها طفل فلسطيني..
علينا ان نحمل فلسطين كوسام إنسانية على صدورنا و ككلمة حق اخيرة على ألسنتنا، لعل هذا العالم يستعيد وعيه وإنسانيته شيءٍ فشيء، لعل كلماتنا تستفز وجودهم الإنساني!.
وأخيرا اقول، ان توقف شعب فلسطين المقاوم عن النضال و حاشاهم فتلك ليست من شيمهم، سيكون جيش الاحتلال الصهيوني ثاني يوم في عواصمنا العربية، استكمالًا لمشروعه الخسيس. شعب فلسطين يقف وحيدا في وجه عدونا جميعًا..
محمد الراوي -
منذ شهربعيدًا عن كمال خلاف الذي الذي لا استبعد اعتقاله الى جانب ١١٤ الف سجين سياسي مصري في سجون السيسي ونظامه الشمولي القمعي.. ولكن كيف يمكن ان تاخذ بعين الاعتبار رواية سائق سيارة اجرة، انهكته الحياة في الغربة فلم يبق له سوى بعض فيديوهات اليوتيوب و واقع سياسي بائس في بلده ليبني عليها الخيال، على سبيل المثال يا صديقي اخر مره ركبت مع سائق تاكسي في بلدي العراق قال لي السائق بإنه سكرتير في رئاسة الجمهورية وانه يقضي ايام عطلته متجولًا في سيارة التاكسي وذلك بسبب تعوده منذ صغره على العمل!! كادحون بلادنا سرق منهم واقعهم ولم يبق لهم سوى الحلم والخيال يا صديقي!.. على الرغم من ذلك فالقصة مشوقة، ولكن المذهل بها هو كيف يمكن للاشخاص ان يعالجوا إبداعيًا الواقع السياسي البائس بروايات دينية!! هل وصل بنا اليأس الى الفنتازيا بان نكون مختارين؟!.. على العموم ستمر السنين و سيقلع شعب مصر العظيم بارادته الحرة رئيسًا اخر من كرسي الحكم، وسنعرف ان كان سائق سيارة الاجرة المغترب هو المختار!!.