طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية، في 17 آذار/مارس، السلطات الجزائرية بإسقاط جميع التهم عن الصحافي البارز خالد درارني عقب اعتقاله تعسفياً وإطلاق سراحه مع إبقائه قيد المتابعة القضائية.
ودرارني هو مراسل منظمة "مراسلون بلا حدود" وقناة "تي في 5 موند" الفرنسية في الجزائر. وهو أيضاً مؤسس موقع "القصبة تربيون"، وأحد أبرز الصحافيين الجزائريين الذين رصدوا ووثقوا فعاليات الحراك الشعبي ونقلوها عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضحت المنظمة أن درارني الذي اعتُقل في 7 آذار/مارس الجاري أثناء تغطيته تظاهرات مطالبة بالديمقراطية في الجزائر العاصمة، وسُجِن أربعة أيام قبل تخلية سبيله مؤقتاً في انتظار محاكمته، يُعدّ "أحدث مثال على عدم تسامح السلطات مع المعارضة".
والاتهامات الموجهة إلى درارني هي: "الدعوة إلى التجمهر غير القانوني" و"المساس بسلامة وحدة الوطن" وجميعها متعلقة بتغطيته الحراك الشعبي الذي انطلق في 22 شباط/فبراير عام 2019، وأطاح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
"أحدث مثال على عدم تسامح السلطات مع المعارضة"... هيومن رايتس ووتش تطالب بإسقاط جميع التهم عن صحافي جزائري بارز بسبب تغطيته فعاليات الحراك الشعبي
لا للاعتقالات التعسفية
وقالت المنظمة الحقوقية في بيانها: "على السلطات الجزائرية التوقف عن اعتقال النشطاء تعسفياً، وإطلاق سراح الذين حوكموا لمجرد ممارسة حقهم في حرية التعبير أو التجمهر" وإن عليها "إسقاط التهم الموجهة إلى درارني".
ونقل البيان عن مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش بالإنابة، إريك غولدستين، قوله: "محاكمة درارني غير المبررة هي أحدث مثال على عدم تسامح السلطات الجزائرية مع المعارضة. على الحكومة وقف مساعيها لتقييد حرية الصحافة عبر تجريم التقارير المستقلة".
واعتقل درارني أثناء تصويره قمع الشرطة الجزائرية للمتظاهرين في جادة ديدوش مراد وسط مدينة الجزائر حيث صرح لـ"هيومن رايتس ووتش" بأن الشرطة أجبرته على ركوب سيارة شرطة مع نشطاء آخرين، منهم سمير بلعربي، أحد قادة الحراك، ونقلته إلى مركز شرطة الرويبة، على بعد 20 كيلومتراً من الجزائر العاصمة.
وفي 9 آذار/مارس، مدد النائب العام في المحكمة الابتدائية في سيدي محمد بالعاصمة فترة توقيف درارني 48 ساعة، ثم صدر قرار بالإفراج عنه مؤقتاً في اليوم التالي مع وضعه قيد الرقابة القضائية، ومصادرة جواز سفره وهاتفه الذكي.
وذلك بعدما وجّه النائب العام اتهامات إليه بـ"الدعوة إلى التجمهر غير القانوني" و"المساس بسلامة وحدة الوطن" بموجب المادتين 100 و96 من قانون العقوبات.
وتلفت "هيومن رايتس ووتش" إلى أن هاتين التهمتين استخدمتهما السلطات في البلاد بشكل روتيني لمحاكمة مئات المتظاهرين السلميين والناشطين.
وذكّرت بأن هذه ليست المرة الأولى يتم توقيف درارني الذي كانت مجموعة من الضباط العسكريين قد اقتادته، في 9 كانون الثاني/يناير الماضي، إلى ثكنات عسكرية حيث استجوبه ضباط الشرطة القضائية العسكرية عدة ساعات بشأن تصريحاته المنتقدة للسلطة في الأخبار وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقيل لدرارني حينذاك إن منشوراته "مخربة ومُضللة ومتحيزة"، وإن هذا التوقيف سيكون "تحذيراً أخيراً" قبل إحالته إلى القضاء.
وانتقدت "هيومن رايتس ووتش" عدم إصلاح السلطات الجزائرية قانون العقوبات وقوانين التجمع الخانقة للحقوق والحريات بعد مرور أكثر من عام على الحراك الشعبي وبرغم حديث الرئيس الجزائري المنتخب نهاية العام الماضي، عبد المجيد تبون، عن انفتاحه على حوار مع الحراك، وزعم الحكومة أنها "ستدعم الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان".
ورأت المنظمة أن السلطات "اعتمدت على مواد في قانون العقوبات تُجرم ‘التجمهر غير القانوني‘ لإسكات المنتقدين وقمع الاحتجاجات".
وقد وثقت "اللجنة الوطنية لتحرير المعتقلين" في الجزائر اعتقال أكثر من 1400 ناشط ومتظاهر سلمي منذ بداية الحراك، منهم 173 على الأقل قيد المحاكمة حالياً.
وأضاف غولدستين: "بدلاً من الوفاء بوعودها بالتغيير السياسي، تُحاول السلطات الجزائرية إسكات أصوات المعارضة. على السلطات إسقاط التهم الموجهة إلى خالد درارني والمتظاهرين الآخرين الذين يُحاكمون لانتقادهم الحكومة، وعليها أيضاً بدء الإصلاحات التي طال انتظارها".
هيومن رايتس ووتش: "بدلاً من الوفاء بوعودها بالتغيير السياسي وبدء الإصلاحات التي طال انتظارها، تُحاول السلطات الجزائرية إسكات أصوات المعارضة"
تضامن وانسحاب
وكان عدد كبير من الإعلاميين والصحافيين الجزائريين قد أعربوا عن تضامنهم مع درارني واستنكارهم الشديد لملاحقته قانونياً، ووقّع نحو 200 منهم عريضة داعمة له ونظمت وقفات ضد احتجازه ومحاكمته.
خالد درارني حر طليق #الحراك_مستمر pic.twitter.com/U1OGTajMOG
— مريم باتول???? (@5kdtQeRrbfLfcc8) March 10, 2020
قال الإعلامي والصحافي قادة بن عمار في تغريدة: "خالد درارني ليس ‘مجرماً‘ ليتم حبسه! كفوا عن هذا الاستهتار بسمعة البلد وحبس أصحاب الرأي والصحافيين! ما أعرفه عن خالد أنه صحافي مهني ووطني، وهو ليس بحاجة إلى شهادتي أو إلى شهادة أحد لأنني لا أراه متهماً أصلاً! عيب أن تكون تهمته الآن تغطية الحراك أو بالأحرى تعرية الممارسات المؤسفة للنظام!".
وأوضح المعلق الرياضي الجزائري الشهير حفيظ دراجي أنه "متضامن مع الزميل الصحافي خالد درارني المتهم بممارسة مهنة الصحافة!! متضامن مع كل زملاء المهنة ومعتقلي الرأي وكل الأحرار الذين يناضلون من أجل تحرير العقول والقلوب، وتحرير العباد والبلاد من ممارسات بقايا النظام".
وعاد مغرداً بأن "تمديد توقيفه على ذمة التحقيقات إساءة إلى القضاء من طرف الجهات الأمنية التي تريد توريطه (أي درارني) في اتهامات أكبر".
أما خالد، فأعلن عبر حسابه على تويتر، في 16 آذار/مارس، انسحابه من المشهد وعدم تغطية أخبار أو فعاليات الحراك. وكتب: "أنا لست رجلاً سياسياً أو شخصية من الحراك. أنا صحافي حر يغطي المسيرات من اليوم الأول ليرى الجزائريون والعالم هذه الثورة التاريخية وسط تعتيم إعلامي". وأضاف: "قررت تعليق تغطيتي ابتداءً من الغد. سنعود أقوى مما كنا".
يشار إلى أن بياناً صادراً عن منظمي مسيرات الثلاثاء والجمعة الأسبوعية المستمرة منذ شباط/فبراير من العام الماضي، أفاد بتعليق جميع الفعاليات اعتباراً من 17 آذار/مارس إلى انتهاء الأزمة "إعلاءً للمصلحة الوطنية".
وحتى كتابة هذه السطور، جرى الإعلان عن 60 حالة إصابة بفيروس كورونا في الجزائر، بينها خمس وفيات.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون