تُتم الثورة السورية في منتصف آذار/ مارس عامها التاسع. وفيما يستعدّ البعض للاحتفال بذكرى اليوم الذي كسر فيه العشرات حاجز الخوف ويثوروا في وجه نظام لا يعرف الرحمة، يعيش بعض آخر حالةً غالباً ما يشوبها الحزن، فتغلب على تفكيرهم ذكريات ما حلّ بهم وبمدنهم وقراهم جراء الحرب.
في هذا السياق، أطلق سوريون على تويتر هاشتاغ #ما_بروح_من_بالي (أي: لن أنساه أبداً)، وراح مستخدمو الموقع يستحضرون تجارب خاضوها أو تابعوها خلال الحرب، مستعرضين أثرها عليهم اليوم.
شارك البعض قصص أبرز الأحداث التي تركت أثراً كبيراً في نفوسهم، وإنْ لم تكن قد جرت معهم شخصياً، فتحدثوا عن شعورهم وهم يتابعون التظاهرات الأولى، ولافتات حملها المتظاهرون خلال أشهر الثورة الأولى، عبّروا فيها عن رفضهم للطائفية والصبغة الإسلاموية للثورة، واستشهاد الطفل حمزة الخطيب تحت التعذيب، واستشهاد كاتب الأهازيج الثورية إبراهيم القاشوش، وتحطيم تمثال للرئيس السوري السابق حافظ الأسد...
بجانب ذلك، شارك عدد من مستخدمي تويتر السوريين تجاربهم ومآسيهم الخاصة، أو تلك التي مسّت أقاربهم أو أصدقاءهم. بعض المعتقلين السابقين، تحدثوا عن تجاربهم في سجون النظام السوري وما شهدوه هناك.
وروى مستخدم يُدعى مازن روى قصّة فتى فقد بصره من شدة التعذيب، وراح يستفسر ببراءة إنْ كان الطبيب قادراً على إرجاع بصره له بعد إطلاق سراحه.
كثيرون تحدّثوا عن ألم خسارة مَن قُتل أو اختفى قسرياً على يد النظام السوري وأجهزته الأمنية. إحدى المشاركات في الحملة، وتدعى نوف، كتبت عن معاناة خالتها التي قضى ابنها تحت التعذيب في سوريا، ولا تزال تفترض أنّها تعيش معه مراحل حياته رغم رحيله.
قالت: "لن أنسى خالتي التي ما انفكّت تحسب عمر ابنها الذي استشهد تحت التعذيب. في كل مرّة أراها تقول لي: [لو كان حياً] لكان الآن طالباً، خريجاً، عريساً، لا زالت تحسب عمره الذي سُرق منه".
أحدهم روى قصّة فتى فقد بصره من شدة التعذيب، وراح يستفسر ببراءة إنْ كان الطبيب قادراً على إرجاع بصره له بعد إطلاق سراحه... سوريون يتحدثون عن أحداث عاشوها ولا تغيب عن بالهم
وتذكرت المستخدمة آية الدكاك في تغريدة نشرتها أبان اختفاء والدها بعد أن أوقفه أحد الحواجز عام 2013. لم يستطيعوا التواصل معه أو معرفة أي شيء عن مصيره حتى رأوا صورة جثته بين حوالي 45000 صورة سرّبها مصوّر سابق في الشرطة العسكرية، يُلقّب بقيصر، عام 2015.
"استغرقتُ وقتاً طويلاً حتى تعافيتُ مما رأيت ومما حصل لي، ولكنني لن أنسى الجندي الذي عاملني بقسوة شديدة. كنت طفلةً صغيرة، وقد شعر بالفخر بنفسه لأنه أخافني. يحضرني في كوابيسي كل يوم"... سوريون يتحدثون عن أحداث عاشوها ولا تغيب عن بالهم
كثيرون من السوريين يرون أنه من الصعب جداً العودة بالذاكرة إلى ما حصل معهم خلال السنوات السابقة، حتى لو كانوا اليوم في مكان آخر أكثر أمناً.
كتبت مستخدمة يحمل حسابها اسم Spella باللغة الإنكليزية: "عاش السوريون تجارب أليمة. أرغب [أيضاً] بمشاركة قصّتي، ولكنني لا أريد تذكّر ما حصل. استغرقتُ وقتاً طويلاً حتى تعافيتُ مما رأيت ومما حصل لي، ولكنني لن أنسى الجندي الذي عاملني بقسوة شديدة. كنت طفلةً صغيرة، وقد شعر بالفخر بنفسه لأنه أخافني. يحضرني في كوابيسي كل يوم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...