بعد نحو عامين من التقارير المتضاربة، أسدلت محكمة سيدي محمد في الجزائر العاصمة، في ساعة متقدمة من مساء 26 شباط/فبراير، الستار على قضية اتهام نجل الرئيس الحالي، عبد المجيد تبون، خالد، بالفساد وتلقي امتيازات غير مستحقة واستغلال النفوذ. وكان قد اتهم فيها مع أشهر متهم بإغراق الجزائر بـ"الكوكايين" وخمسة آخرين.
وقضت المحكمة ببراءة نجل تبون من جميع التهم الموجهة إليه بعدما "استمات" المتهم الرئيسي في القضية كمال شيخي (الشهير بالبوشي)، في الدفاع عنه ونفي صلته بأي مخالفات مفترضة.
وبعد العثور على سبعة كيلوغرامات من الكوكايين ضمن شحنة لحوم استوردها البوشي، منتصف عام 2018، تفجرت قضايا أخرى تتعلق بتورط مسؤولين عموميين وأبناء مسؤولين بارزين في منح ترخيص واستغلال نفوذ لتسهيل عمل البوشي الذي يركز على العقارات والبناء. وقيل آنذاك إن خالد تبون منح البوشي تراخيص غير مستحقة لبناء أملاك عقارية في مناطق مميزة من العاصمة منذ كان والده وزيراً للإسكان والتعمير حتى عام 2014.
والمتهمون الآخرون في القضية هم نجل والي غليزان السابق مهل جلال الدين (أربع سنوات حبساً نافذاً) ورئيس بلدية بن عكنون بوعرابة كمال (السجن ست سنوات) والسائق الشخصي للهامل، بن زهرة عبد القادر (أربع سنوات حبساً نافذاً و200 ألف دينار غرامة نافذة)، ووكيل الجمهورية لمحكمة بودواو هادف مسلم (براءة)، ووكيل الجمهورية المساعد لمحكمة بودواو يوسف صادق (براءة).
أما شيخي فحكم بثماني سنوات حبساً نافذاً وغرامة مليون دينار جزائري (قرابة ستة آلاف دولار أمريكي).
جميع المتهمين استماتوا في الدفاع عنه لا عن أنفسهم… القضاء الجزائري يبرىء نجل الرئيس، خالد تبون، من اتهامات بالفساد واستغلال النفوذ مع أخطر متهم بـ"إغراق البلاد بالكوكايين"
الجميع يدافعون عن نجل الرئيس
لوحظ خلال جلسة المحاكمة أن جميع المتهمين دافعوا بشدة عن نجل الرئيس ونفوا أي صلة له بالاتهامات أو معرفة سابقة به، عدا المتهم الرئيسي الذي أقر بصداقته. وزعم اثنان منهما، جلال الدين وبوعرابة، تعرضهما للتعذيب والضغط الشديد لـ"توريط مسؤولين في الدولة".
كذلك نفى خالد معرفته بأي من المتهمين، ما عدا كمال، الذي وصفه بـ"صديق قديم"، معترفاً بتلقيه قارورة عطر هدية من دون مقابل.
واستطرد خالد: "لا أفهم لماذا أنا في السجن؟ خمس مرات وقاضي التحقيق يسمعني (يستجوبني) بقيت 18 شهراً في السجن دون سبب، ولا أعرف أي شخص منهم".
وعقب انتهاء المرافعات والاستجواب، التمست النيابة العامة لخالد تبون عقوبة السجن النافذ عامين و200 ألف دينار غرامة نافذة.
وطالما دافع تبون عن براءة نجله، معتبراً أن ما تعرض له نتاج المؤامرة المستمرة ضده هو شخصياً، في إشارة إلى ما راج نهاية عام 2017 عن تحالف سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق ورجال أعمال بارزين لإطاحته عن رئاسة الحكومة في تلك الفترة.
الجزائريون مقتنعون؟
وفور تداول أخبار براءة نجل تبون أعرب العديد من الجزائريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن استيائهم من "المهزلة" أو "المسرحية" التي ستظل "بقعة سوداء في جبين القضاء الجزائري"، وتناقض مع مبدأ "استقلال القضاء"، مبدين دهشتهم من دفاع المتهمين عن نجل الرئيس أكثر من اهتمامهم بالدفاع عن أنفسهم.
على جانب آخر، دافع بعض أنصار الرئيس الحالي عن الحكم واعتبروه عادلاً، مذكرين بأن خالد ومن خلفه والده كانا ضحيتين لـ"العصابة"، في إشارة إلى رموز النظام السابق.
"عدالة القصور vs نهاية مؤامرة"... كيف رأى جزائريون الحكم ببراءة نجل الرئيس تبون من اتهامات بالفساد بعد عامين في السجن؟
وكتبت مغردة تدعى هدى: "ميزان العدالة يبكي في زاوية ما من قاعات القضاء"، وعقبت عليها سلمى ساخرةً: "براءة ضربة واحدة؟ أنا اللي دخلت الكوكايين البلاد".
وقال سمير: "خالد تبون براءة مرحباً بك في دولة الكوكايين يا إفريقي"، فيما تساءل مهدي: "براءة نجل الرئيس المعين عدالة حرة؟".
أما الناشط الحقوقي سبتيوي طارق فكتب عبر حساباته منشوراً مطولاً تحت عنوان "مسرحية: شاهد مشفش خالد تبون"، قال فيه: "وقف كمال شيخي مجرم الكوكايين وصاحب أكبر شبكة علاقات وامتيازات ومزايا ورشىً لأبناء وزوجات وإطارات جزائرية أمام القاضي ودافع وترافع عن خالد تبون واعترف وأقر بأن لا علاقة تربطه به وأنه التقاه في إحدى الحفلات صدفةً وقدم له زجاجتين عطر قبلهما خالد مشكوراً بكل تواضع، ثم بكى البوشي أمام القاضي، وتحسر على سجن خالد ظلماً معه وصرخ طالباً إطلاق سراحه، وتبرئته من التهم الموجهة إليه لأن ضميره لا يحتمل جر مظلوم معه إلى السجن… نعم البوشي لم يدافع عن نفسه ودافع عن خالد واستمات في الدفاع عنه بكل جرأة".
وأضاف: "تحولت المحاكمة إلى مسرحية مبكية أبطالها قضاة باعوا شرفهم وضميرهم ومتهم رئيسي عقد صفقة في الكواليس لتبرئة نجل الرئيس وقلب كل الوقائع وإنكارها… تحولت إلى محاكمة هزلية ترافع فيها المحامون عن زجاجتي عطر قبلهما خالد بكل براءة ونية سليمة ليصبح نجل الرئيس ضحية".
وتابع: "انقلبت القضية ومال ميزان العدل وانقلب القانون إلى قرنون وأصبحت العدالة نذالة وتطبيقها يقتصر على الفقير والمعدم من الجزائريين... إنها عدالة القصور".
وسخر طارق مما اعتبره "تعمّد" الرئيس الجزائري تبون السفر إلى السعودية في اليوم نفسه "ليكون بعيداً عن محاكمة نجله ولا يقال أو تسري الشائعات والدعايات بأنه ضغط على القضاء الحر الشامخ النزيه لتبرئته في يوم أسود في تاريخ القضاء الجزائري".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين