قبل عدة أيام اختفى اسم سينما "ريالطو" العريقة من كازابلانكا، أي المدينة البيضاء في المغرب.
المبنى، الذي شُيّد عام 1929 ويُعتبر من أبرز المعالم الثقافية والتاريخية في البلاد، يحمل الآن اسم "مسرح المغرب" بعدما استحوذت عليه قناة "أم بي سي" السعودية عبر منصتها المخصصة للمنطقة المغاربية "أم بي سي 5"، وتنوي تحويله إلى مسرح لتصوير مسرحيات شابة ستعرضها القناة.
قتل لهوية كازابلانكا؟
طرحت هذه الخطوة تساؤلات عديدة، أبرزها هل هي ضرب للهوية والتاريخ ومحاولة لـ "مشرقة" و"خلجنة" (نسبة إلى الشرق والخليج) الفضاءات الثقافية المغربية، وتغيير خصوصيتها، أو هي مبادرة جيدة تعيد الروح إلى هذا المرفق الذي طواه النسيان بسبب تراجع الإقبال على دور السينما في المغرب.
من الانتقادات، ما كتبه موقع "كود" المغربي مثلاً، متطرقاً إلى تغيير اِسم السينما الذي يعود تأسيسها إلى نحو تسعين سنة.
وكتب الموقع المغربي :"من دون حياء أقدم المسؤولون عن القناة إلى تغيير ديكور السينما، ومحو اسمها المنقوش على البناية بصباغته بالأبيض، ووضعوا اسماً جديداً لها… ما يظهر أنهم لم يفكروا كثيراً. فقد نقلوا حرفياً ومن دون ذرة إبداع هذا الاسم من برنامج "مسرح مصر" الذي تبثه قناة "ام بي سي 5".
وأضاف: "في الواقع قام المشرفون على القناة بنزع الروح المغربية عن هذا المعلم، وهؤلاء لا يهمهم إلا الأضواء وجني الأموال".
"أم بي سي تستحوذ على مبنى سينما "ريالطو" المغربية العريقة. "نحن أمام مستثمر خليجي لديه المال ويحتاج إلى بنية تحتية للتصوير. وقد حصل عليها"
وواجه مازن حايك، المتحدث الرسمي باسم مجموعة أم بي سي، أسئلة الصحافة التي تمحورت حول قتل تاريخ هذا المعلم بإنشاء هذا المشروع على أنقاضه، وحاول في أجوبة "ديبلوماسية" تبيان مراعاة إدارة القناة الخصوصية التاريخية لهذه القاعة السينمائية.
وقال في مؤتمر صحافي: "أهمية هذه الخطوة تكمن من جهة في الإقدام على إعادة تحديث القاعة السينمائية "ريالطو" التي تحتضن هذا المشروع، أخذاً في الاعتبار رمزيتها كتراث سينمائي وفني مغربي، ومن جهة أخرى في العمل على عرض تجربة المسرح المغربي وجمهوره النخبوي عبر القناة التلفزيونية إم بي سي 5".
بنية تحتية لا غير
في سياق متصل، قلل عادل السعداني، وهو فاعل ثقافي ناشط في مدينة الدار البيضاء من أهمية هذا الحدث وانعكاساته على الوضع الثقافي في المدينة.
وقال لرصيف22: "لا يمكننا الحديث عن قتل معلم في هذه الحالة، لأن السينما كانت شبه مشلولة، كما أن الحديث عن خلجنة الثقافة أو الفن المغربي هو مزايدة، لأن مشكلتنا في المغرب بنيوية وأعمق من ذلك كله".
سينما "ريالطو" المغربية العريقة تحولت إلى "مسرح المغرب" بعد استحواذ أم بي سي السعودية عليها. هل بدأ عصر "مشرقة" و "خلجنة " الفضاءات الثقافية المغربية؟
وقال السعداني: "نحن أمام مستثمر خليجي لديه المال ويحتاج إلى بنية تحتية للتصوير. وقد حصل عليها. هذا أمر جيد لتوفير بنية تحتية نشيطة لقطاع فني معين".
وتابع: "رأينا هذه التجربة بتحويل صالات سينمائية إلى مسارح في أوروبا قبل عقود. لكن لا أعتقد أن ذلك سيغير شيئاً في طبيعة الوضع الثقافي في المغرب، أو سيصب في مصلحة المسرح المغربي وتطوره. في اعتقادي سنكون أمام أعمال استهلاكية، لأن إنتاج مضمون جيد يحتاج إلى توفير مناخ يسمح بحرية التعبير وهو ما ترفضه الدولة".
إحياء المسرح على حساب السينما
أما المخرج السينمائي الهواري الغباري، فقال لرصيف22: "إن الفكرة محبذة في إطار إعادة تفعيل فضاءات كانت شبه مهجورة، وجعلها فضاء لتقريب الفن وجميع أشكال الفرجة إلى الجمهور المغربي".
وأضاف: "الوفاء للتاريخ يجب أن لا يكون مبرراً لقتل المبادرات. من الجميل أن نبقى أوفياء للتاريخ، ولكن يجب أن تكون لنا الإرادة لتفعيل هذه الفضاءات بمبادرات يشارك فيها الشباب. وقد اطلعت على بعض الأسماء التي ستساهم في العروض وهي أسماء ذات وزن ولديها غيرة على السينما والمسرح في المغرب".
ويشارك في كتابة المسرحيات التي ستعرض على "مسرح المغرب" خالد ديدان، وحسن فوطة، ومريم الإدريسي. ويُخرجها حسن هموش، وأمين ناسور، وهشام الجباري، وينتظر تقديم حوالى 20 عرضاً خلال الموسم الأول من هذه التجربة.
وقال المخرج الجباري: "فقرات برنامج هذا المشروع الفني تتضمن تقديم عروض مسرحية بشكل أسبوعي وعلى امتداد السنة، أي بمعدل عرضين مسرحيين كل خميس وجمعة وسبت. مدة العرض الواحد 60 دقيقة".
من جهة أخرى، اعتبر الناقد السينمائي عبد الكريم واكريم أن المبادرة الجديدة، وإن كانت ستحيي الحركة المسرحية المغربية، تأتي على حساب قطاع آخر شبه متوقف.
وقال لرصيف22: "جميل أن تفتتح قناة تلفزيونية مسرحاً تقام فيه مسرحيات، وتبثها على شاشتها، لكن كان سيكون أفضل لو لم تم ذلك على حساب قاعة سينمائية عريقة".
وتابع: "طبعاً هذا يدخل ضمن عملية إحياء الحركة المسرحية في المغرب، والتي شهدت تراجعاً في السنوات الأخيرة".
وأضاف: "لكن هنالك أيضاً أزمة إغلاق القاعات وتراجع عددها، ولهذا يجب أن نقوم بعمل فني نبيل يساهم في إحياء قطاع ميت أو على وشك الموت. وفي المقابل نساهم أيضاً في تأزيم قطاع فني آخر هو السينما".
يذكر أن سينما ريالطو، التي تقع على شارع محمد الخامس في الدار البيضاء، تعدّ من أقدم الصالات في البلاد. إذ شُيدت سنة 1929، وهي من تصميم المعياري بيار جابان، وفيها 1300 مقعد.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع