في ظل تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والحقوقية في العالم العربي، وانخفاض وزن العديد من وثائق السفر العربية، يحرص العديد من الأثرياء والقادرين على منح أطفالهم الجنسية الأمريكية أملاً في تأمين حياة أفضل لهم.
بدءاً من 24 كانون الثاني/يناير، لن يكون هذا يسيراً، وعلى العربيات البحث عن وجهة أكثر ضماناً لأطفالهن إذا كن يرغبن في منحهم جنسية أجنبية.
يأتي هذا تنفيذاً لتعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عام 2018، بعد تعديل قواعد الحصول على تأشيرة دخول الولايات المتحدة بهدف الحد من "سياحة الولادة"، وهذا ما يثير تساؤلات بشأن الوجهة التي قد يقصدها عدد وافر من العربيات مستقبلاً لمنح أجنتهن "جنسية أفضل" و"جواز سفر أقوى".
بموجب الدستور الأمريكي، تُمنح الجنسية لكل طفل مولود على الأراضي الأمريكية، بمعزل عن جنسية والديه.
ونظراً لقوة جواز السفر الأمريكية والمزايا المتعددة التي يحصل عليها حامله راجت "سياحة الولادة".
ويقصد بهذا النوع من السياحة تخطيط آلاف السيدات سنوياً لوضع أطفالهن في أمريكا، حتى باتت هناك وكالات سفر ومستشفيات متخصصة في ذلك.
ويشير مركز دراسات الهجرة، المنظمة المؤيدة للقيود على الهجرة في أمريكا، إلى إجراء نحو 33 ألف ولادة سنوياً لأجنبيات دخلن البلاد بتأشيرات سياحية مؤقتة، في غياب أي إحصاء دقيق لـ"سياحة الولادة". وروسيا والصين هما أكثر البلدان إقبالاً على "سياحة الولادة" في أمريكا.
"حفاظاً على الأمن القومي"
وكانت الخارجية الأمريكية قد أرسلت برقية إلى سفاراتها في جميع أنحاء العالم، في 23 كانون الثاني/يناير، بشأن القواعد الجديدة الخاصة بمنح التأشيرة للحوامل الراغبات في السفر إلى أمريكا.
ليس واضحاً بعد كيف سيتم الكشف عن حمل السيدة المتقدمة بطلب للحصول على التأشيرة، لا سيما أن برقية الخارجية توضح أنه لا يجوز للموظفين القنصليين سؤال أي امرأة بشكل مباشر عن حملها من عدمه، لدى التقدم للحصول على تأشيرة دخول البلاد.
"ما لم يكن لديه، أي الموظف القنصلي، سبب محدد واضح للاعتقاد بأنها قد تكون حاملاً وتخطط للولادة داخل الولايات المتحدة"، تضيف البرقية التي نشرتها شبكة "سي أن أن" الأمريكية.
حفاظاً على أمن أمريكا وسلامة جنسيتها، ترامب يحارب "سياحة الولادة". لكن ما الوجهة المستقبلية المحتملة للعربيات الراغبات في جنسية أفضل وجواز سفر أقوى لأطفالهن؟
تلزم البرقية الموظفين القنصليين بـ"توثيق أي سبب من هذا القبيل (بشأن حمل المتقدمة) في ملاحظات الملف. ينبغي، بطبيعة الحال، عدم سؤال جميع النساء المتقدمات (أو أي مجموعات فرعية محددة من المتقدمين) عما إذا كن حوامل أو يعتزمن أن يصبحن حوامل".
ووفق إعلان البيت الأبيض، فإن الولايات المتحدة لن تمنح "النساء اللواتي يسافرن إلى الولايات المتحدة من أجل أن يلدن على الأراضي الأميركية كي يحصل أطفالهن بصورة تلقائية ودائمة على الجنسية الأميركية" من الآن فصاعداً تأشيرات زيارة مؤقتة (B-1 / B-2).
واعتبر ذلك "التغيير في القاعدة ضرورياً لتعزيز السلامة العامة والأمن القومي وسلامة نظام الهجرة الأمريكي والجنسية الأمريكية".
ولفت إلى أن "صناعة سياحة الولادة تهدد بتكديس موارد المستشفيات، وتسمح بانتشار الأنشطة الإجرامية، وأن إغلاق ثغرة الهجرة الواضحة سيحارب هذه الانتهاكات المتوطنة ويحمي الولايات المتحدة في النهاية من مخاطر الأمن القومي الناجمة عن هذه الممارسة، وسيحمي دافعي الضرائب الأمريكيين من صرف أموالهم التي اكتسبوها بشق الأنفس لتمويل التكاليف المباشرة وغير المباشرة المرتبطة بسياحة المواليد".
ترامب محطم الآمال
تأتي القواعد الجديدة المعلنة بشأن تأشيرات دخول الحوامل بعد خطوات غير معلنة لمناهضة "سياحة الولادة".
فقبل أيام، تحديداً في 16 كانون الثاني/يناير، اعتذرت شركة طيران من إحدى المسافرات بعدما ألزمتها بإجراء اختبار لإثبات أنها لم تكن حاملاً قبل صعودها إلى طائرة متجهة إلى جزيرة سايبان الأمريكية (في المحيط الهادئ) حيث رواج "سياحة الولادة".
وقالت الشركة المعتذرة: "اتخذنا إجراءات في الرحلات الجوية إلى سايبان منذ فبراير/شباط 2019 لضمان عدم تقويض قوانين الهجرة الأمريكية".
ومنذ توليه الرئاسة، فرض الرئيس ترامب قيوداً واسعة على نظام الهجرة وعلى دخول المواطنين من دول ذات أغلبية مسلمة إلى أمريكا.
ونهاية تشرين الأول/أكتوبر عام 2018، أثار ترامب الجدل بعدما تعهد إلغاء حق المواطنة المكتسبة بالولادة.
وقال في مقابلة صحافية آنذاك: "نحن الدولة الوحيدة في العالم التي تمنح المواليد حق المواطنة، يأتي شخص ويرزق مولوداً، فيصبح هذا المولود أمريكياً 85 عاماً، ويتمتع بكل هذه المميزات. إنه أمر سخيف ويجب أن نوقفه".
وفي سابقة لافتة، ادّعت وزارة العدل الأمريكية في العام الماضي على ثلاثة أشخاص بـ"تهمة" إدارة شركات "سياحة الولادة" لخدمة عملاء صينيين في جنوب كاليفورنيا.
ومع فرض العديد من دول الاتحاد الأوروبي قيوداً مماثلة كتلك التي أعلنتها الخارجية الأمريكية، يبقى السؤال المطروح بقوة: ما هي الوجهة المقبلة للعربيات الراغبات في منح مواليدهن جنسية أجنبية قوية؟
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين