لم تنجح الحكومة اليمنية المعترف بشرعيتها دولياً والانفصاليون الجنوبيون في تشكيل حكومة جديدة خلال المهلة الزمنية التي حددها "اتفاق الرياض" الذي وقعه الطرفان في الشهر الماضي لتقاسم السلطة وإنهاء الصراع العسكري بينهما. ومعروف أن السلطة برئاسة عبد ربه منصور هادي ويدعمها تحالف عربي تقوده السعودية، في صراع مع المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء منذ عام 2014، وتدعمهم إيران.
لكن، بسبب خلافات عميقة داخل المعسكر المناوئ للحوثيين، نشبت معارك في جنوب اليمن، في آب/أغسطس الماضي، بين مؤيدين للانفصال عن الشمال وعودة دولة "جنوب اليمن" لما كانت عليه قبل وحدة عام 1990، وقوات موالية للسلطة التي يقودها هادي.
وسيطر الانفصاليون، إثر هذه المعارك، على مناطق جنوبية مختلفة، أهمها عدن، التي اعتبرت عاصمة موقتة للسلطة المعترف بها دولياً منذ أن سيطر الحوثيون على صنعاء.
ولـ"توحيد الصف" في مواجهة الحوثيين، رعت السعودية اتّفاقاً لتقاسم السلطة بين الطرفين، وقعه عبد ربه هادي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، السلطة السياسية الأقوى في جنوب اليمن، عيدروس الزبيدي، مساء 5 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي في الرياض.
"ضربة لجهود إنهاء الحرب"
ارتكز "اتفاق الرياض" على تولي الانفصاليين الجنوبيين عدداً من الوزارات في حكومة وحدة يمنية كان مقرراً أن تتكوّن من 24 وزيراً، مع عودة حكومة هادي إلى عدن.
وتمهيداً لتنفيذ بنود الاتفاق، اتجه رئيس الحكومة المرتقبة معين عبد الملك من الرياض الى عدن، في 2 كانون الأول/ديسمبر.
غير أن الحكومة الجديدة لم تتشكل برغم انتهاء المهلة الزمنية المقررة في الاتفاق في 5 كانون الأول/ديسمبر.
ويمثل تعثر تنفيذ الاتفاق "ضربة ًلآمال إنهاء الحرب التي تمزّق اليمن منذ 4 سنوات"، وفق ما أكده مراقبون لوكالة فرانس برس.
الباحثة في شؤون اليمن بجامعة أوكسفورد البريطانية، إليزابيث كيندال، ترى أن "الجدول الزمني لتطبيق اتفاق الرياض كان دوماً طموحاً للغاية. لم يكن من المفاجئ أن نرى عدم الالتزام بهذه المواعيد".
وأضافت لفرانس برس: "السؤال الأكبر هو: هل تأخرت هذه الوعود أم أنها لن تكون قابلة للتحقيق في نهاية المطاف؟".
طرفا "اتفاق الرياض" فشلا في تشكيل حكومة "وحدة" في إطار المهلة الزمنية المحددة باتفاق تقاسم السلطة الذي طمح الكثيرون إلى أن ينهي "حرباً أهلية داخل حرب أهلية"
طرفا الاتفاق يؤكدان باستمرار التزامهما بنود الاتفاق، لكنهما يتبادلان الاتهامات بالتسبب في عرقلة تنفيذه. ومراقبون ومحللون يرون "استحالة" تطبيق الاتفاق
لكن طرفي الاتفاق يؤكدان استمرار التزامهما بنوده على الرغم من تبادلهما الاتهامات بشأن مسؤولية عدم الالتزام بالموعد المحدد لتشكيل حكومة جديدة.
فقد اتهم المتحدث باسم المجلس الجنوبي نزار هيثم حكومة هادي بـ"الخروج عن نص الاتفاق لا سيما عبر عملية التحشيد المستمرة باتجاه الجنوب".
ورد المتحدث باسم الحكومة اليمنية راجح بادي، في بيان، موضحاً أن الحكومة اليمنية تقوم بتحركات عسكرية في الجنوب "تتفق" مع بنود اتفاق الرياض بالتنسيق مع التحالف بقيادة السعودية، ومتهماً الانفصاليين الجنوبيين بـ"عرقلة تنفيذ" الاتفاق.
تأكيدات بشأن حدوث تقدم
ويأتي فشل تشكيل الحكومة الجديدة في إطار المهلة المحددة باتفاق تقاسم السلطة، برغم تأكيد مصدر في المجلس الجنوبي لفرانس برس، نهاية الأسبوع الماضي، حدوث "تقدم كبير" في الترتيبات العسكرية والأمنية المنصوص عليها في اتفاق الرياض.
وقال المصدر: "اعتباراً من الأسبوع المقبل (أي الحالي)، ستبدأ الخطوات التنفيذية لما تم التوافق عليه". وقد صدرت تأكيدات سعودية عديدة بشأن "تقدم" في خطوات تنفيذ الاتفاق أيضاً.
لكن كيندال تعتقد أن الوضع الميداني لا يزال "هشاً" برغم تراجع حدة الاشتباكات بين الطرفين، مشيرةً إلى أن "المسألة تتعلق باتفاق يسهل التوقيع عليه ولكن من شبه المستحيل تنفيذه".
يتفق معها في هذا الرأي الخبير في شؤون الخليج نيل بارتريك الذي قال لفرانس برس إن "اتفاق الرياض وضع مجموعة من المواعيد النهائية التي تتوقف على صدقية تامة من أطراف يمنية متباينة جداً في رغبتها وقدرتها على تقاسم السلطة في عدن"، مضيفاً أن "تعليق الآمال على صمود اتفاق تقاسم السلطة في عدن طموح جداً".
يذكر أن "اتفاق الرياض" كان قد حظي بدعم عربي ودولي ودفع بالعديد من المراقبين والمسؤولين إلى توقع قرب التوصل إلى حل لإنهاء النزاع الدامي في اليمن حتى مع الحوثيين.
وكان وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير قد تحدث، في 6 كانون الأول/ديسمبر، عن "إمكانية التوصل إلى تهدئة تتبعها تسوية في اليمن".
وقد خلّفت الحرب اليمنية "أسوأ كارثة إنسانية في العالم"، وفق تقدير الأمم المتحدة، عشرات الآلاف من القتلى ودفعت بالملايين إلى حافة المجاعة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.