في الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، اختُطفت الشابة العراقية صبا فرحان حميد (36 عاما) بينما كانت في طريقها إلى منزلها عائدةً من ساحة التحرير حيث كانت تعمل على توفير الغذاء والماء ومواد الإسعافات الأولية إلى المتظاهرين.
بقيت الشابة معصوبة العينين طوال فترة اختطافها، بحسب عائلتها. وكانت أكثر حظاً من غيرها من المخطوفين إذ أُطلق سراحها في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر.
قصص أخرى
ليس واضحاً مَن هي الجهة التي تقوم باختطاف الناشطين، أهي كانت قوات الأمن الحكومية أو الجماعات المسلحة، بحسب منظمة هيومين رايتس ووتش التي وثّقت قصصهم، فبعضهم لا يزال مخفياً وبعضهم يرفض الحديث عن تفاصيل ما جرى معه.
الحالات كثيرة. ففي السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، اختُطف الشاب ميثم الحلو، أحد سكان بغداد، خلال الموجة الأولى من احتجاجات العراقيين، قبل أن يُطلق سراحه في 24 من الشهر نفسه.
وفي 20 تشرين الثاني/ نوفمبر، عاد عمر كاظم كاظع الذي يمضي كل وقته في ساحة التحرير منذ بدء الموجة الثانية من الاحتجاجات في 25 تشرين الأول/ أكتوبر، إلى منزله ليستحم، ثم غادر ولم تستطع العائلة أن تتصل به أو تعثر عليه منذئذ، بحسب شقيقه.
وقال شقيقه إنه في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر، اشتغل هاتفه مرة أخرى، وظهر لديه فجأة أن رسائله إلى أخيه قُرئت، لكنه اتصل به مرات عدة دون أن يتلقى منه أي رد.
قدّم شقيق كاظع الأكبر طلباً للبحث عن مفقود في مركز شرطة محلي في بغداد، لكن عناصره أبدوا اهتماماً ضئيلاً بمتابعة الأمر، وبحسب ما يعرفه، لم يحققوا بالطلب.
أطلق سراح كاظع في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر، وروى أن الشرطة الاتحادية اعتقلته عند نقطة تفتيش وهو في طريقه إلى التظاهرات وعرضته في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر على قاضٍ، قال له إنه ليس متهماً بأي شيء، ثم أطلقت الشرطة سراحه .
وأفاد شقيق عباس ياسين كاظم، الذي كان في ساحة التحرير، بأنه تحدث مع شقيقه عبر الهاتف يوم 3 تشرين الأول/ أكتوبر الساعة 5 مساء. ولكن عندما حاول الاتصال به مجدداً في الساعة 8 مساء، كان هاتفه مغلقاً. ذهب الشقيق إلى أربعة مراكز للشرطة، وطلب معلومات دون نتيجة، وما يزال كاظم مفقوداً.
وجاء سيف محسن عبد الحميد إلى بغداد في 25 تشرين الأول/ أكتوبر للتظاهر، وكان ينام في خيمة مع أصدقائه في ساحة التحرير. وأشار قريب له إلى أنه تحدث إليه ظهر يوم 28 تشرين الأول/ أكتوبر، فأخبره بأنه كان على جسر الجمهورية، الخط الأمامي من التظاهرات، ثم أغلق هاتفه. ذهب القريب إلى مراكز الشرطة والمكاتب الحكومية لكنه لم يحصل على أي معلومات عن المخفي، وقالت الشرطة إنها لا تملك ما يكفي من المعلومات لمتابعة القضية، وما يزال عبد الحميد مفقوداً.
ونشرت ماري محمد حرج، وهي امرأة من بغداد، في 29 تشرين الأول/ أكتوبر شريط فيديو لها على فيسبوك تنتقد فيه رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي وتدعم المتظاهرين. انتشر الفيديو وراح البعض يرسل إليها رسائل تتهمها بالعمل لصالح السعودية وتهددها بالقتل، بحسب قريبة لها.
وروت قريبتها إنها تحدث إليها آخر مرة وهي في ساحة التحرير الساعة 5 من مساء يوم 8 تشرين الثاني/ نوفمبر، ولكن عندما عاودت الاتصال بها الساعة التاسعة، كان هاتفها مغلقاً.
وقالت إن والد ماري وعمها ذهبا إلى مركزَي شرطة في بغداد، لكنهما لم يحصلا على أي معلومات. وطلبا من الشرطة طلب بيانات برج الهاتف الخلوي للمساعدة في معرفة مكان وجودها وتقديم بلاغ عن مفقود، لكنهما يعتقدان أن الشرطة لم تحقق في الأمر. أُطلق سراح ماري في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر.
أما مصطفى منذر علي الذي كان يساعد في ساحة التحرير يومياً كمسعف عند الحاجة، فتوقف عن الرد على مكالمات أخته الساعة 3 من صباح 15 تشرين الثاني/ نوفمبر.
وقالت الأخت إنها ذهبت إلى ساحة التحرير في وقت لاحق من صباح ذلك اليوم ولم تجده، كما لم تعثر على اسمه في مراكز الشرطة أو أي قوائم سجناء راجعوها، وأفادت بأنها لا تعرف كيف تقدم بلاغاً عن مفقود وبأن الشرطة لم تساعدها.
تمكن مصطفى من الاتصال بأسرته بتاريخ 17 تشرين الثاني/ نوفمبر، كما قال والده الذي تمكن من زيارته يوم 20 منه في معتقل في المثنى، وهي قاعدة عسكرية قديمة في بغداد تضم الآن مراكز احتجاز تابعة لمختلف الأجهزة الأمنية الحكومية.
أخبر علي والده أنه في منتصف ليلة 14 تشرين الثاني/ نوفمبر، سحبه رجل يرتدي ملابس مدنية من تظاهرة نحو مجموعة من العناصر الذين قبضوا عليه واقتادوه إلى مقر قيادة عمليات بغداد، وضربوه. وقال إنه بتاريخ 16 تشرين الثاني/ نوفمبر، عرضه العناصر على قاضٍ، أخبره أنه لم يتم توجيه تهم إليه، لكن القاضي لم يستطع الإفراج عنه حتى "تستقيل الحكومة أو تنتهي التظاهرات". وقال الأب إنه أكد أن محتجين آخرين كانوا محتجزين في المثنى.
ليس واضحاً مَن هي الجهة التي تقوم باختطاف الناشطين العراقيين، أهي قوات الأمن الحكومية أو الجماعات المسلحة، فبعضهم لا يزال مخفياً وبعضهم يرفض الحديث عن تفاصيل ما جرى معه... ولكن مسؤولية كشف مصيرهم تقع على الحكومة
ما يزال عدة متظاهرين عراقيين مخطوفين، وقالت عائلاتهم إنها زارت مراكز الشرطة والمقرات الحكومية طلباً للمعلومات دون جدوى، ولم تتخذ الحكومة إجراءات ملموسة لمعرفة مصيرهم
أما سنان عادل إبراهيم الذي كان يقضي وقته في ساحة التحرير، فقد تحدث معه ابن عمّه الساعة 2 من صباح 22 تشرين الثاني/ نوفمبر ليجد هاتفه مغلقاً. قامت الأسرة بخطوات للإفراج عنه لكنها لم تعلن ما هي خوفاً عليه.
وذهب حسن أحمد حاتم (16 عاماً) إلى ساحة التحرير في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر، وفقدت أسرته الاتصال به منذئذ، بحسب والده الذي ذهب إلى ثلاثة مراكز للشرطة دون أن يحصل على أي معلومات ولم يعرض أي شرطي عليه تقديم طلب للبحث عن مفقود أو أي مساعدة أخرى.
هذه القصص وثّقتها منظمة هيومن رايتس ووتش التي أعلنت في الثاني من كانون الأول/ ديسمبر أن سبعة أشخاص على الأقل فُقدوا من ساحة التحرير أو بالقرب منها منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر أثناء مشاركتهم في التظاهرات المستمرة في العاصمة العراقية.
مسؤولية الحكومة
ما يزال خمسة من هؤلاء مفقودين، وقالت عائلاتهم إنها زارت مراكز الشرطة والمقرات الحكومية طلباً للمعلومات دون جدوى، ولم تتخذ الحكومة إجراءات ملموسة لمعرفة مصيرهم.
وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة سارة ليا ويتسن: "سواء كانت الحكومة أو الجماعات المسلحة وراء عمليات الاختطاف في بغداد، تتحمل الحكومة مسؤولية الحفاظ على سلامة الناس من هذا الاستهداف"، وأضافت: "تخذل الحكومة العراقية مواطنيها إذا سمحت للقوات المسلحة باختطاف الناس، ويقع على عاتق الحكومة أن تتحرك سريعاً ضد الانتهاكات."
وبدأت "المفوضية العليا لحقوق الإنسان" العراقية بتعداد المخطوفين من قبل قوات الأمن والعناصر المجهولة خلال الاحتجاجات بتاريخ 1 تشرين الأول/ أكتوبر، لكنها أوقفت التعداد في 31 منه.
وأشارت المفوضية في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر إلى أنه تصلها باستمرار تقارير عن عمليات خطف ناشطين وصحافيين ومحامين على أيدي "مجهولين".
وفي مؤتمر صحافي بتاريخ 27 تشرين الثاني/ نوفمبر، أعلن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي أن السلطات أطلقت سراح 2500 شخص كانت قد ألقت القبض عليهم منذ بدء الاحتجاجات.
ووفقاً لـ"اللجنة الدولية للصليب الأحمر"، والتي تعمل بالشراكة مع الحكومة العراقية للمساعدة في استعادة المفقودين، يتراوح عدد المفقودين في العراق يتراوح بين 250 ألف ومليون شخص.
وكانت هيومن رايتس ووتش قد نشرت تقريراً يوثق حالات الاختفاء القسري للعرب السنّة بشكل أساسي بين عامي 2014 و2017.
وقالت ويتسن: "من غير المقبول أن تواصل الشرطة في العاصمة العراقية بغداد التعامل مع عمليات الاختطاف هذه بلا مبالاة. يجب أن تنهيها وتحقق فيها".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...