كلفة بشرية باهظة تكبدها العراقيون المطالبون بسقوط الحكومة وأركان الفساد، حتى قرر رئيسها عادل عبد المهدي إعلان نيته تقديم استقالته. واليوم، السبت، سلم عبد المهدي رسمياً الاستقالة إلى مجلس النواب، على أن يتم البت بشأنها يوم غد الأحد في جلسة طارئة يعقدها البرلمان، يناقش فيها كذلك ما شهدته محافظة ذي قار من أعمال عنف.
وتستمر الساحات العراقية بحمل مشاهد مأساوية، لا سيما خلال اليومين الماضيين اللذين شهدا سقوط أكثر من 60 شخصاً وإصابة المئات، وكان من أبرز تلك المشاهد فيديو لشاب فارق الحياة بينما رنّ هاتفه حاملاً اسم "أمي"، وسط حيرة المحيطين بجثته بشأن التعامل مع الأمر.
تواصل الاحتجاجات
في كلمة مسجلة، نُشرت بعد تسليم البرلمان الاستقالة، دعا عبد المهدي إلى اختيار بديل له بشكل سريع، لافتاً إلى أن "الاستقالة مهمة لتفكيك الأزمة وتهدئة الأوضاع".
في المقابل، نوّه رئيس الوزراء إلى "التعامل السلمي" للسلطات العراقية مع التظاهرات، في وقت أشار إلى "المندسين" في التظاهرات.
رغم إعلان رئيس الحكومة نية الاستقالة، تواصلت الاحتجاجات في العراق. وقد تجمع المئات في مدينة الناصرية، جنوبي البلاد، وأحرقوا إطارات السيارات فوق ثلاثة جسور على نهر الفرات.
وكانت مدينة كربلاء شهدت، مساء الجمعة، اشتباكات بين المتظاهرين وأجهزة الأمن التي استعملت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.
من جهته، أعلن مجلس القضاء الأعلى فتح تحقيق في قتل المتظاهرين خلال اليومين الماضيين، متوعداً بمعاقبة الذين هاجموهم، بموازاة إدانة الأمم المتحدة لإزهاق الأرواح في المواجهات بين المتظاهرين وأجهزة الأمن في العراق، قائلة إن الأمر "لا يمكن السكوت عنه".
وبينما قيل إن الاستقالة أتت وسط ضغوط من المرجع الشيعي الأعلى في البلاد علي السيستاني، خرج زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ليؤكد أن "الاستقالة لا تعني نهاية الفساد".
"فارق الحياة وهو ممدد أرضاً مضرج بدمائه. وبينما كان من حوله يبحثون في جيوبه عما يثبت هويته، رنّ هاتفه ليتبيّن أن المتصل والدته"... مشاهد عراقية مؤلمة على وقع استقالة متأخرة
"الاستقالة مهمة لتفكيك الأزمة وتهدئة الأوضاع"... عبد المهدي يسلم استقالته إلى مجلس النواب والاحتجاجات تتواصل في المحافظات الجنوبية وسط تضامن من محافظات الشمال
وقدم الصدر سبعة مقترحات من بينها: أن يكون ترشيح رئيس الوزراء من خلال استفتاء شعبي على خمسة مرشحين وتوضع صناديق الاستفتاء في ساحات الاحتجاج، العمل على تأسيس مجلس مكافحة الفساد يضم نخبة من القضاة الأكفاء، أن يختار رئيس الوزراء الجديد كابينته بعيداً كل البعد عن الأحزاب والتكتلات والميليشيات وبعيداً عن المحاصصات الطائفية والحزبية والقومية والفئوية وما شاكلها، الاستمرار بالتظاهر السلمي وعدم التراجع.
كما رجا الصدر من أسماها بـ"الدول الصديقة" وغيرها إعطاء فرصة للعراقيين ليقوموا بتقرير مصيرهم بأنفسهم.
تضامن محافظات الشمال
لأول مرة منذ بدء الاحتجاجات قبل حوالي الشهرين، نظم آلاف العراقيين في محافظات شمال وغرب البلاد وقفات داعمة للاحتجاجات في محافظات الجنوب. واحتشد الآلاف في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى معلنين دعمهم للاحتجاجات في وسط وجنوب البلاد وتنديدهم بقمع قوات الأمن للمظاهرات.
وعلى صعيد آخر، هزت ثلاث انفجارات مناطق متفرقة من مدينة كركوك، شمالي بغداد. وقال المدير العام لدائرة صحة كركوك كريم ولي إن حصيلة انفجار 3عبوات ناسفة، واحدة قرب جسر دوميز وأخرى قرب أحد فروع مديرية الدفاع المدني وثالثة في سوق أحمد أغا قرب ساحة تجمع العمال والاسكافيين، أسفرت عن إصابة 16 مدنياً بجروح، أحدهم تم بتر ساقه وهو بغرفة العمليات.
مشاهد مؤلمة
انتشر فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لشاب فارق الحياة وهو ممدد أرضاً مضرج بدمائه. وبينما كان من حوله يبحثون في جيوبه عما يثبت هويته، رنّ هاتفه ليتبيّن أن المتصل والدته.
علت أصوات المسعفين ونادوا جميعاً باللهجة العراقية: "هاي أمه أمه أمه لحد يجاوبها"#العراق https://t.co/vtvLfi7wCU
— Roya News (@RoyaNews) November 30, 2019
وفي حوار مؤلم، بدأ المتظاهرون المحيطون بالجثة النقاش حول الطريقة المثلى للتعامل مع الموقف، والأصوات ترتفع مطالبة بعدم الرد على الهاتف.
لم تتضح هوية الشاب بعد، لكن التعليقات كانت تشير إلى أنه من بين ضحايا مدينة الناصرية في محافظة ذي قار الذين سقطوا بنيران الأجهزة الأمنية.
يأتي هذا المشهد المأساوي مشابهاً لمشاهد أخرى، حيث انتشر خبر رجل عراقي من النجف عرف باستشهاد ابنه في منشور عبر فيسبوك يسأل عن هوية الضحية، ليدخل ويكتب "هذا ابني مهدي".
ويُظهر فيديو رجلاً عراقياً يمشي في جنازة ابنه، رافضاً أن يشرب وهو يصرخ باكياً: "ابني عطشان، يشر وأنا أشرب وراءه".
#العراق| مشهد مؤثر لأب يبكي ويرثي ابنه الذي قتل خلال تظاهرات الناصرية pic.twitter.com/PFbfrHBsoy
— الحدث (@AlHadath) November 30, 2019
أما المشهد الآخر، فكان لصورة الشاب الذي يحمل لافتة "لا تقتلني أمي بانتظاري" مرفقة بعبارة "قتلوه"، وتفاعل كبير على هاشتاغ تشارك فيه العراقيون حكايات القهر والتحدي.
لا تقتلني، أمي بأنتظاري#العراق
— Hala s.s (@Hala17478988) November 29, 2019
Don’t kill me, my mother is waiting for me#Iraq
...
يالله شو .. هالوجع# pic.twitter.com/ThPQlJS7Y7
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين