"انتهينا من مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية"، هذا ما أعلنت عنه مؤسسة الأزهر قبل أيام، وهذا ما تسبب بجدل واسع في مصر، خاصة داخل البرلمان الذي يرى العديد من نوابه أن المؤسسة الدينية تعدت على دورهم الأساسي، وهو اقتراح القوانين. وفيما اتهمها البعض بأنها تريد أن تجعل من مصر دولة دينية، أصر الأزهر على أن مشروع القانون هو من مهماته، وقال شيخه أحمد الطيب إن المؤسسة قامت بواجبها الشرعي.
بداية الأزمة
في 18 تشرين الأول/أكتوبر عام 2017، أعلن الطيب تشكيل لجنة "لإعداد مقترح مشروع قانون لتعديل بعض أحكام القوانين المصرية المتعلقة بالأحوال الشخصية"، مؤكداً أن هذه الخطوة "تهدف إلى ضمان توسيع نطاق الحفاظ على حقوق الأسرة المصرية".
ومنذ ذلك الحين عقدت اللجنة التي ضمت قامات فقهية وقانونية رفيعة من الأزهر أكثر من 30 اجتماعاً، قبل أن تنتهي من صوغ مشروع القانون، وعلى الفور أحالت المشروع إلى هيئة كبار العلماء التي تعد أعلى مرجعية شرعية في الأزهر.
وتقول المذكرة الإيضاحية المرفقة بمشروع القانون إن الأخير يتكون من 192 مادة، تناولت قضايا الأحوال الشخصية "في صياغة تهدف إلى معالجة ما يعاني المجتمع من مشكلات تبحث عن حلول منصفة وناجزة، وذلك في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية، وبما يواكب العصر الذي نعيش فيه ومستجداته".
لكن بحسب بعض نواب البرلمان المصري، فإن الأزهر تعدى على السلطة التشريعية في البلاد، ويرغب في أن يحول مصر لدولة دينية برغم أن دستورها يشدد على أنها دولة مدنية.
ماذا جاء في مشروع الأزهر؟
يتعلق مشروع القانون الذي انتهى من تنفيذه الأزهر بموضوعات الخطبة والزواج والنفقة والطلاق والحضانة وغيرها من الأحوال الشخصية.
وبسبب اعتباره مراحل الخطبة والزواج الخطوة الأولى والأهم في بناء الأسرة، أفرد مشروع القانون لها 10 مواد كاملة، تتناول علاقة الخطبة والزواج وتنظمها، وتحدد لكل من الطرفين حقوقه تجاه الآخر.
على سبيل المثال، تنص المادة رقم 1 من مشروع القانون على أن "الخطبة وما قد يصاحبها من قراءة الفاتحة وتقديم الهدايا هي وعد بزواج ذكر بأنثى، ولا يترتب عليها ما يترتب على عقد الزواج من آثار"، أما المادة رقم 2 فتؤكد أنه "إذا عدل أحد الطرفين عن الخطبة أو مات، فللخاطب أو ورثته أن يسترد المهر الذي أداه، أو قيمته يوم القبض إن تعذر الرد عينه، ولا تُعد الشبكة من المهر، إلا إذا اتفق على ذلك، أو جرى العرف باعتبارها منه".
وتابعت المادة "إذا اشترت المخطوبة بمقدار مهرها أو ببعضه جهازاً، ثم عدل الخاطب، فلها الخيار بين إعادة المهر أو تسليم ما تم شراؤه من الجهاز أو قيمته وقت الشراء".
وتشدد المادة رقم 3 على أنه "إذا عدل أحد الطرفين عن الخطبة بغير سبب، فلا حق له في استرداد شيء مما أهداه للآخر، وإن كان العدول بسبب من الطرف الآخر، فله أن يسترد ما أهداه إن كان قائماً أو قيمته يوم قبضه، ويستثنى من ذلك ما جرت العادة باستهلاكه".
"مصر ليست إيران"... بعد إعلان الأزهر تجهيزه لمشروع قانون جديد للأحوال الشخصية، بدأت معركة بينه وبين مجلس النواب المصري. ما أسبابها وما هي نقاط الخلاف؟
"هل باتت مصر دولة دينية حتى تخرج قوانينها من مؤسسة الأزهر؟"... جدل واسع أعقب إعلان الأزهر انتهاءه من مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية وسط انتقادات لـ"تعديه على السلطة التشريعية في البلاد"
وجاء في المادة رقم 5 أن "مجرد العدول عن الخطبة لا يوجب تعويضاً، إلا إذا ترتب على العدول ضرر، فللمتضرر حق طلب التعويض".
وتنص المادة رقم 6 على أن الزواج ينعقد "بإيجاب وقبول وشاهدَين"، وتضيف أنه "لا يحق للولي منع تزويج المرأة برجل كفء ترضاه، إذا لم يكن للمنع سبب مقبول، وللقاضى إذا رفع إليه أمرها أن يزوجها".
لكن واجهت بعض مواد مشروع القانون انتقادات من حقوقيين، مثل مرتبة الأب فيما يخص الحضانة، إذ وضع في المرتبة السادسة، كما نصت إحدى مواد القانون على أنه يحق للولي المطالبة بفسخ الزواج قبل الدخول، إذا زوجت المرأة "نفسها من غير كفء"، وهو ما اعتبر تقييداً لحرية اختيار المرأة.
"أفكار دينية قديمة"
وحسب رأي وكيل لجنة التضامن الاجتماعي في مجلس النواب محمد أبو حامد، فإن الأزهر تعدى على دور نواب البرلمان المنوط بهم التقدم بمشاريع القوانين، مؤكداً في حواره مع رصيف22 أن مشروع القانون الذي عمل عليه الأزهر حافل بالأفكار الدينية القديمة التي لا تواكب العصر، وفق قوله.
يضيف أبو حامد أن نواب البرلمان عملوا قبل سنوات على مشروع قانون خاص بالأحوال الشخصية، وأرسلوا نسخة منه إلى الأزهر، لكنه تجاهلها ولم يرد عليها، مضيفاً أن السبب هو أن رجال الأزهر كانوا يخططون لتنفيذ القانون بأنفسهم في تعدٍ صارخ على السلطة التشريعية.
"هل باتت مصر دولة دينية حتى تخرج قوانينها من مؤسسة الأزهر؟" يتساءل أبو حامد، ويكمل أن أغلب المواد التي جاءت في مشروع قانون الأزهر تعتمد على تفسيرات دينية قديمة، وتحتاج لإعادة العمل عليها حتى تواكب العصر الحديث الذي نعيش فيه، قائلاً إن "مصر ليست إيران حتى تصنع قوانينها المؤسسات الدينية".
ويشير أبو حامد إلى أن الأزهر لا يمثل الشعب المصري، فيما البرلمان هو الممثل الوحيد لهم بحكم الدستور والقانون، مؤكداً أن الحكومة بالتأكيد لن توافق على مشروع القانون الذي وصفه بالرجعي.
الأزهر ضد الدولة المدنية؟
وكان النائب المصري محمد فؤاد قد تقدم قبل ثلاثة أعوام بمشروع قانون خاص بالأحوال الشخصية، ويقول لرصيف22 إن البرلمان أرسل نسخة منه للأزهر، متعجباً من أن الأزهر تجاهلها وقرر العمل على مشروع جديد تماماً.
"الأزهر تعدى على السلطة التشريعية حين قرر العمل على مشروع قانون الأحوال الشخصية، استناداً إلى المادة 122 من الدستور المصري (2014)".
ويلفت فؤاد إلى أن الأزهر تعامل مع مشروع قانون الأحوال الشخصية باعتباره أمراً دينياً وشرعياً، موضحاً أن هذا فهم مخطىء لأن مصر دولة مدنية وليست دولة دينية وفق قوله، ويكمل أن البرلمان حين أرسل نسخة من القانون للأزهر كان يرغب في معرفة رأيه في القانون، ولم يطلب منه العمل على قانون جديد.
هل تعدى الأزهر على السلطة التشريعية؟
يرى المحامي المصري فؤاد توفيق في حواره مع رصيف22 أن الأزهر تعدى على السلطة التشريعية حين قرر العمل على مشروع قانون الأحوال الشخصية، استناداً إلى المادة 122 من الدستور المصري (2014).
وتنص المادة على أن "لرئيس الجمهورية، ولمجلس الوزراء، ولكل عضو فى مجلس النواب، اقتراح القوانين. ويُحال كل مشروع قانون مقدم، من الحكومة أو من عُشر أعضاء المجلس، إلى اللجان النوعية المختصة بمجلس النواب، لفحصه وتقديم تقرير عنه إلى المجلس، ويجوز للجنة أن تستمع إلى ذوي الخبرة في الموضوع".
ويضيف توفيق أن الدستور نفسه ينص في مادته السابعة على أن "الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه، وهو المرجع الأساسي فى العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، ويتولى مسؤولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم".
ويؤكد المحامي المصري أن دور الأزهر الوحيد الذي حدده القانون هو أن يبدي رأيه في مشاريع القوانين إذا طلب منه ذلك، وليس إصدارها.
لكن في حوار مع صحيفة "صوت الأزهر"، رفض شيخ الأزهر كل الانتقادات التي وجهت للمؤسسة الدينية، ومنها أنها تعدت على دور البرلمان، قائلاً إن الأزهر هو جهة الاختصاص الوحيدة التي من حقها أن تتناول هذا القانون من الجانب العلمي والشرعي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع