في ظل العطش العربي إلى المحتوى المعرفي، الرقمي والصوتي، تطل منصّة ضاد للكتب الصوتية، من مدينة جدة للمساهمة في إزالة حجر ضخم عن الطريق.

قد لا تكون الكتب الصوتية العربية بالأمر الغريب على القارئ العربي، بل قد تجد المئات من الكتب الصوتية على مختلف صفحات الإنترنت، خاصة "يوتيوب" YouTube و"ساوندكلاود" SoundCloud، لكن الأمر الذي تقدمه ضاد مختلف وأبعد من مجرد محتوى صوتي.

"يجب أن تكون حكواتياً"

يقول محمد دياب، أحد أعضاء ضاد، فإن طريقة قراءة الكتاب وتسجيله "مختلفان تماماً عن أي نوع من آخر التسجيلات، من أخبار وبرامج وثائقية، وغيرها".

فعندما نتحدث عن قراءة كتاب سردي، أقصوصة أو رواية، "يجب أن تكون حكواتياً، بسيطاً في أدائك، قريباً من مستمعيك. ومن المهم أن تتشرب النص في لفظاته، ومعانيه. فالصوت فاضحٌ عن مشاعر الحكواتي؛ الحزن، الرجفة، الإرهاق، كل المشاعر، حتى الابتسامة".

ويضيف: "الحدّوتة يجب أن تكون سهلة، والصوت جزءاً من إمكانية المستمع على تخيّلها ومعايشتها".

ومن ناحية أخرى، تضيف منار سعود، المديرة العامة للمشروع، أن “أحد أركان ضاد، الذي لا يمكن التساهل فيه، هو جودة التسجيل. فلا يُحاك المحتوى الصوتي المقبول في ضاد إلا في إستديوهات متخصصة، تتوافق مع المعايير المتفق عليها مسبقاً".

"يجب أن تكون حكواتياً، بسيطاً في أدائك، قريباً من مستمعيك..." هكذا تعد محتوى صوتياً

كما تقول إنه ولأجل الخروج بمواد صوتية مقبولة، يُطلب من الراوي تجاوز اختبارات صوتية  vocal ونحوية، بالإضافة إلى مخارج الحروف، وطبقات الصوت، وغيرها من الأمور. تقول:"'في ضاد، لدينا Vocalist متخصص لضمان الجودة.

قراءة الكتب بصوت مرتفع هو أمر مرهق، وتسجيل الكتب يحتاج إلى راوٍ بكامل قوته الصوتية”، مضيفةً: “نمرر بعض الحيل إلى الرواة، لالتقاط أنفاسهم بطريقة سلسة، فمن المهم أن يقف الراوي على كلمة لا تُشعر المستمع بانقطاع الجملة أو المعنى”.

كيف يتم اختيار المحتوى في المنصة؟

عملية اختيار المحتوى ليست عشوائية بحتة، ولا حتى اختيارات شخصية. وليست الحقوق الصوتية هي المعيار الوحيد لاختيار الكتب. فالمنصة تقوم بتقديم المحتوى حسب الطلب Demand، وبناء على رغبة جمهور المستمعين.

فعندما تحصل المنصة على حقوق كتب صوتية، تقوم بسؤال القراء عمّا يرغبون بالاستماع إليه. ومن ثم هناك البحوث عن التريند Trend بين القراء. وعلى سبيل المثال، فقد اتجه عدد من القراء إلى “الأدب الكبير والأدب الصغير” لـ(ابن المقفع). لأن أحد الرؤساء السابقين لشركة بترولية سعودية، ذكر مرة أن كتاب (ابن المقفع) هو أحد الكتب الرئيسية المؤثرة في حياته. ومن هنا، تم نشر الكتاب الصوتي المذكور في منصة ضاد.

بالإضافة إلى أن الأحداث السياسية والاقتصادية، والمناسبات الاجتماعية، وغيرها، أمور تتدخل في عملية اختيار الكتب.

“الكتب التي نقدمها في شهر رمضان مثلًا، تختلف عما نقدمه في بداية السنة، أو في ربيع الأول مثلًا”، تقول سعود.

"الحفاظ على حقوق النشر"

ما يميّز ضاد هو حفاظها على حقوق النشر. فقبل البدء في تسجيل أي كتاب صوتي، يُبرم اتفاق مع أصحاب حقوق النشر، سواء كان المؤلف أو دار النشر، فتكون منصة ضاد هي الوكيل القانوني للحقوق الصوتية، ومن ثم يمكن البدء في التسجيل.

وبناء على ذلك، تم حذف عدد من المواد الصوتية من عدة منصات، مثل ساوندكلاود SoundCloud ويوتيوب YouTube وحتى آي تونز iTunes.

تقول منار: “ هكذا تسير عجلة الكتابة والنشر والتوزيع دون تضحيات أو تكبد خسائر يمكن تفاديها”. وتضيف: “الأهم هو محافظتنا على الحقوق، وعلى التجربة الإيجابية مع المستمعين وأصحاب حقوق النشر”.

كما تقدّم المنصة بعضاً من “المحتويات المُشاعة”، وهي الكتب الصوتية المجانية التي انتهت حقوق ملكيتها. فمن المعلوم أن حقوق الطبع والنشر تنتهي بعد 50 عاماً في بعض البلدان و100 في بلدان أخرى بعد وفاة المؤلف.

من مهمات المنصّة الرئيسية، كما يقول القائمون عليها، توفير المحتوى الصوتي على أية منصة تحتمل نشر المحتوى. فعلى سبيل المثال، تم إبرام اتفاق بين المنصة ونسما للطيران، ليتم توفير المحتوى الصوتي الذي تقدمه ضاد، بالمنصة الترفيهية في اليوم العالمي للكتاب، على رحلات نسمة، وبشكل مجاني.