في الرابع من يوليو/تموز عام 2014، كان العالم على موعد مع مشهد من العصور الوسطى، بعدما ظهر أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، ليعلن نفسه خليفة للمسلمين.
بهذا الإعلان، تجاوز قائد التنظيم الأخطر في سجل الحركات الجهادية المسلحة، كل من سبقوه من قادة تنظيمات مشابهة، حيث جاء الإعلان عمومياً ولم يقتصر على أعضاء التنظيم والمنضوين تحت رايته فقط.
على الرغم من التشابه البنيوي بين غالبية التنظيمات الإسلامية السنية، على اختلاف مذاهبها ومعتقداتها، تتباين آليات اختيار القادة والزعماء داخل هذه التنظيمات، ورغم اشتراكها في رفع راية الدين كمنطلق تأسيس، إلا أن القواعد الحاكمة غالباً تكون فردية وبعيدة تماماً عن معايير الاختيار القائم على مبدأ الشورى الإسلامية المتعارف عليه.
معايير الاختيار
منذ ظهور فرق الإسلام السياسي، سواء من تبنى منها منهجاً عنيفاً أو سليماً، حظي الآباء المؤسسون في كل تنظيم بمكانة خاصة، أهّلتهم في مجمل الأحوال لتولي منصب الزعامة حتى الوفاة، ليختلف الأمر من فريق لآخر في ما بعد بين التزكية والانتخاب السري، أو حتى التوريث كما هو الحال في الطرق الصوفية، وهو ما يُرجعه المتخصصون في دراسة هذه التجمعات، لاختلاف الظروف والأهداف التي أُنشئ من أجلها كل تنظيم.
وفي حديث مع رصيف22، يقول الباحث المصري ماهر فرغلي إنه رغم وجود قواعد لاختيار القيادات في غالبية التنظيمات، إلا أن الأمر تتحكم فيه عدة آليات منها النفوذ، والمصلحة، وقوة التمويل، وهو ما تؤيده عدة دراسات رصدية تناولت حالات بعض المجموعات الجهادية.
"كل تنظيم له حساباته الخاصة، لذا لا يمكن القول إن هناك نسقاً محدداً تتبعه التنظيمات الإسلامية في اختيار قيادتها، حتى لو وجدت لوائح داخلية حاكمة لها".
ويشير فرغلي، وهو متخصص في دراسة الجماعات الإسلامية، إلى أن اختيار الزعيم الإسلامي يختلف من تنظيم لآخر حتى لو كان التنظيمان متقاربان فكرياً، وحتى لو اشتمل الأمر على تسميات مشابهة لقواعد الاختيار.
ويقول: "الأمر تحكمه في بعض الأحيان طبيعة التنظيم أيضاً سواء كان سرياً أم علنياً، أو إذا كان الاثنين معاً كما هو الحال مع الإخوان المسلمين على سبيل المثال، إضافة لشكل التنظيم وطريقة اختيار الأعضاء سواء كان ذلك عن طريق التجنيد السري أو غيره من الأساليب".
ويضيف فرغلي: "كل تنظيم له حساباته الخاصة، لذا لا يمكن القول إن هناك نسقاً محدداً تتبعه التنظيمات الإسلامية في اختيار قيادتها، حتى لو وجدت لوائح داخلية حاكمة لها".
من جهته، يضيف القيادي السابق في الجماعة الإسلامية في مصر هشام النجار، وهو باحث كذلك في شؤون الجماعات الجهادية، معياراً رابعاً يتمثل في القبلية والانتماء المكاني.
سلطات القائد العام ومهامه
تختلف الصلاحيات التي يتمتع بها القادة في التنظيمات الإسلامية لا سيما الجهادية منها، وإن كان الجميع يحظون بالمكانة نفسها تقريباً، وفقاً لما يقوله القيادي السابق في تنظيم "الجهاد المصري" نبيل نعيم، فيما يشير إلى أن القائد يتمتع بدور محوري وسلطوي في مجمل الأمر.
ويقول نعيم في تصريح لرصيف22 إن القائد هو من يوزع الأدوار ويختار نوابه داخل التنظيم ويدين الجميع له بالطاعة، كما يكون صاحب كلمة الحسم في المواقف الطارئة.
"داعش"... خليفة قرشي
مر تنظيم "داعش" بمراحل تنظيمية مختلفة منذ تأسيسه على يد أبو مصعب الزرقاوي، عام 2006 في بعض المحافظات العراقية، لينتهي به الحال كنواة لدولة إسلامية بعد صعود أبو بكر البغدادي على رأسه عام 2011.
وضع المؤسسون عدة معايير لاختيار القائد العام، يجملها فرغلي في أن يكون على دراية بقواعد العمل العسكري وخطيباً مفوهاً، وحسن التدبر.
وبحسب فرغلي، تعرض "داعش" لتغيرات إدارية بعدما تحول من مجرد جماعة إلى تنظيم دولة، أبرزها إضافة شرط أن يكون الخليفة قرشي، كما كان الحال مع أبو بكر البغدادي وسلفه أبو عمر البغدادي.
وتفسر هذه الآليات دراسة نشرها "مركز الجزيرة للدراسات" للباحث حسن أبو هنية، بعنوان "البناء الهيكلي لتنظيم الدولة الإسلامية"، حيث تصف منصب الخليفة بأنه يجمع شروط الولاية كالعلم الشرعي، والنسب القرشي وسلامة الحواس، وسائر الوظائف الدينية والدنيوية المذكورة في التراث السياسي الإسلامي السني وفقه الأحكام السلطانية.
وتشير الدراسة إلى أن الخليفة يتم اختياره من قبل مجلس شورى التنظيم، وأهل الحل والعقد، وعادة يكون أقرب نواب سلفه، وتكون له الكلمة العليا في التنظيم.
"القاعدة"... المنظر الأول خليفة
على حطام عدد من التنظيمات الجهادية التي أنهكت في المواجهات بعدد من الدول لا سيما في أفغانستان، أعلن السعودي أسامة بن لادن تأسيس "الجبهة الإسلامية العالمية لجهاد اليهود والنصارى" بمساعدة مؤسس تنظيم "الجهاد المصري" أيمن الظواهري، عام 1988، وضمت الجبهة داخلها 6 تنظيمات جهادية من أكثر من دولة، وعرفت إعلامياً بتنظيم "القاعدة".
"داعش"، "القاعدة"، "الإخوان المسلمون"... على الرغم من التشابه البنيوي بين غالبية التنظيمات الإسلامية السنية، تختلف آليات اختيار القادة والزعماء داخلها، فما هي تلك الآليات وبماذا تأثرت؟
"فكرة مجالس الشورى نفسها غير موضوعية، فالمصطلح يوحي بتطبيق مبدأ الشورى الإسلامي لكن الأمر على أرض الواقع مختلف تماماً... حيث تخضع الجماعة لعصبية قبلية"، فكيف تختار الجماعات الإسلامية قادتها؟
وترجع آليات اختيار بن لادن زعيماً، وفق "دليل الحركات الإسلامية في العالم" الصادر عن "مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية"، لسببين رئيسين، أولهما رغبة شركائه في الاستفادة من ثروته في الإنفاق على التنظيم وثانيهما خبرته الإدارية والعسكرية، وهو ما يصفه فرغلي بـ"اختيار قائم على المصلحة".
وعن كواليس اختيار الظواهري خليفة لبن لادن، تشير دراسة "مركز الأهرام" إلى أن الطبيب المصري يعد المنظر الرئيسي للتنظيم، كما أنه كان صاحب الفكرة وهو من أقنع بن لادن بضرورة تدشين جبهة عالمية تضم المجاهدين، وقت كان أميراً لمجلس شورى "الجهاد المصري".
ووفقاً لـ"دليل الحركات الإسلامية في العالم"، فإن العلاقة بين الظواهري وبن لادن كانت توحي بقرب الثاني من الأول على المستوى الإنساني، فمنذ أن التقيا لأول مرة عام 1986 نجح الظواهر في إقناع بن لادن بالفكر الجهادي وحوّله من مجرد داعية سلفي يهتم بأمور الإغاثة إلى مقاتل جهادي، وزرع حوله أخلص خلصائه من أمثال أبو حفص المصري وأبو عبيدة البنشيري، وهو ما أهّله ليحل مكانه بعد وفاته.
جهاديو السبعينات
مع تتابع الأحداث السياسية في مصر بدأت مجموعات جهادية تظهر على السطح، لا سيما في محافظات الصعيد حيث البعد عن المركزية الأمنية في العاصمة، ووعورة التضاريس التي تسمح بتنامي مثل هذه التنظيمات، لينتج عنها في ما بعد أشرس التنظيمات المسلحة، على رأسها "الجماعة الإسلامية" التي نفذت عملية اغتيال الرئيس المصري محمد أنور السادات عام 1981.
تم تأسيس الجماعة الإسلامية، على يد شخص يدعى صلاح هاشم، واتخذت بداية من جامعة أسيوط نقطة تمركز لها إذ كانت عبارة عن مجموعات طلابية تقدم بعض البرامج التثقيفية للطلاب، ثم تطور الأمر في ما بعد لهيكل تنظيمي مؤسسي يضم مجلس شورى، وأميراً يقود المجموعات في الجامعات،واستمر ذلك حتى عام 1979 الذي حمل تغييراً عظيماً بعد اندماجها مع تنظيم الجهاد لتبدأ مرحلة الصراع المسلح.
القبلية... تتحكم في الجماعة الإسلامية
رغم وجود نسق تنظيمي داخل الجماعة الإسلامية، يتمثل في اختيار الأمير من بين أعضاء مجلس شورى الجماعة، وفي أن يتمتع بعدد من الصفات التنظيمية والقيادية، إلا أن هشام النجار، المتحدث السابق باسم الجماعة والذي استقال في صيف عام 2013، يقول إن آليات الاختيار ليست نموذجية كما يعتقد البعض.
في حديثه لرصيف22، يشير النجار إلى أن فكرة مجالس الشورى نفسها غير موضوعية، فالمصطلح يوحي بتطبيق مبدأ الشورى الإسلامي لكن الأمر على أرض الواقع مختلف تماماً، ففي الجماعة الإسلامية توجد 3 مستويات حاكمة في اختيار القيادات العليا، بداية من الأمير حتى أعضاء مجلس الشورى، حيث تخضع الجماعة لعصبية قبلية تنص بشكل غير صريح على أن القائد يجب أن يكون من محافظات الصعيد وبالأخص المنيا (جنوب).
ويشرح النجار هذا المبدأ بأنه في أوقات الاختيار يركن الجميع لقيادات منطقة الصعيد، ليس على سبيل الكفاءة أو حتى القدرات الإدارية، لكن الأمر يحكمه منهج قبلي بحت، مشيراً إلى أن الناظر إلى تنظيم الجماعة الإسلامية في مصر يرى أن من يمتلكون رؤية نقدية ويتمتعون بإمكانيات قيادية تم تهميشهم حتى استقالوا من التنظيم.
السلفية العلمية
رغم خروج كافة الحركات السابقة من عباءة الحركة السلفية بمفهومها الواسع، إلا أن هناك حركات سلفية أخرى تصنف تحت بند السلفية العلمية التي لا تميل إلى استخدام العنف وتهادن الحكومات، وتتخذ من مبدأ رفض الخروج على الحاكم منهجاً مؤسسياً، وتنتشر في عدد من الدول العربية على رأسها المملكة العربية السعودية ومصر وغيرها من بلدان القارة الأفريقية، إلا أن الحالة المصرية هي الأكثر تطوراً من حيث البناء الهيكلي، حتى أن حزبها "النور" هو الكيان الديني الوحيد المسموح له بممارسة أنشطة سياسية في مصر.
الدعوة السلفية... تزكية في السر والعلن
في العام 1979، ظهرت الدعوة السلفية ككيان إسلامي أصولي التوجه في مصر، على يد الشيخ محمد أبو إدريس، واختير الأخير "قيّماً" لهذه الدعوة، وظل قائداً للتنظيم حتى هلّت روائح التغيير عام 2011، باندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني.
عقب الثورة لجأت الدعوة السلفية التي تتخذ من محافظة الإسكندرية (شمال) مركزاً للانطلاق عدة إجراءات داخلية، لتتحول من العمل السري إلى العلانية، بعدما سمحت السلطات بتحول الدعوة السلفية لكيان مرخص يحمل صفة جمعية أهلية تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي المصري.
وبدلاً من "قيّم" للدعوة السلفية تحول الأمر لاختيار رئيس مجلس إدارة لجمعية "الدعاة الخيرية" وهو الاسم الذي تبنته الدعوة السلفية لكيانها الجديد، أما مجلس الإدارة فيتكون من 13 عضواً يتم انتخابهم كل 5 سنوات.
وبعيداً عن الإطار التقليدي لمجالس إدارات الجمعيات الخيرية، وقع الاختيار على محمد أبو إدريس رئيساً لمجلس الإدارة، على أن يكون نوابه في الدعوة هم نوابه في مجلس الإدارة، ويجدد المجلس الثقة فيه بالتزكية في كل مرة تجري فيها الانتخابات، وهكذا تم تطويع اللوائح لتتطابق مع رغبة القادة المؤسسين للتنظيم.
لم تحم سلمية التنظيم ولا مهادنته العلنية للأنظمة الدعوة السلفية من الانشقاقات، فنشب صراع داخلي عام 2012 بسبب اختلاف المصالح، حيث مالت قيادة الدعوة لتأييد عبد المنعم أبو الفتوح كمرشح رئاسي، بينما آزر رئيس "حزب النور" وقتها عماد عبد الغفور السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل، وهو ما دعا الأخير للانفصال عن الدعوة وتأسيس "حزب الوطن".
"الإخوان المسلمون".. النفوذ يحدد المرشد
لم تغب الصراعات الداخلية عن منصب القيادة العليا في جماعة "الإخوان المسلمين" منذ الخمسينيات، وظهر ذلك في العقود الثلاثة الأخيرة، بسبب سيطرة التيار القطبي على مقاليد الجماعة وتحكم جيل المؤسسين في الجماعة، وفقاً لما يقوله فرغلي.
وعلى الرغم من أن وثيقة النظام العام للإخوان، الصادرة عام 1982، أعطت لأعضائها حق اختيار قياداتهم، إلا أن المادة 34 من النظام الأساسي للإخوان تقضي على هذا المبدأ حيث تحصر اختيار المرشد في الهيئة التأسيسية للتنظيم، والتي تتشكل منها الجمعية العمومية لمكتب الإرشاد، و تشترط أن يكون المرشد من الهيئة التأسيسية أيضاً، وأن يكون عضواً عاملاً بها لمدة 15 عاماً.
وتنص اللوائح الداخلية للجماعة على مبدأ التجديد للمرشد كل 6 سنوات، إلا أن ذلك لم يحدث وظل التجديد للمرشد يتم بالتزكية، حتى عام 2010 عندما رفض محمد مهدي عاكف البقاء في منصبه.
ويتفق فرغلي مع ما يقره دليل مركز الأهرام للحركات الجهادية في أن اعتزال عاكف للمشهد لم يكن حرصاً منه على إرساء مبدأ جديد في القيادة، لكنه راجع لتنامي الصراعات الداخلية التي دفعت بمحمد بديع - المسجون حالياً - ليكون المرشد الثامن للجماعة.
وتسببت الصراعات الداخلية في حدوث كثير من الانشقاقات الداخلية ومغادرة أعضاء بارزين للجماعة رغم تصدرهم للمشهد، أبرزهم وفق النجار نائب المرشد السابق محمد حبيب، وعبد المنعم أبو الفتوح، وثروة الخرباوي، وكمال الهلباوي الذين غادروا الجماعة بعد إقصائهم من قبل التيار القطبي، إبان انتخاب المرشد الحالي.
"حزب التحرير".. الخلافات تأكل أول نبت إسلامي
قبل أن تعرف المجتمعات العربية الأحزاب الإسلامية بشكلها الحالي عقب موجة الربيع العربي، أسس القاضي الفلسطيني تقي الدين النبهاني "حزب التحرير"، في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، متخذاً من مدينة القدس مقراً له.
كان النبهاني يخطط أن يكون حزبه رأس حربة لإعادة الخلافة الإسلامية، ووضع لذلك قواعد لائحية محكمة تتدرج فيها المناصب بشكل هرمي، إلا أنه كغيره من التنظيمات الإسلامية غرق في بحور الخلافات الداخلية، والصدام مع الحكومات المركزية، إضافة لضعف الرؤية وعدم امتلاك الأدوات.
لم يختلف الحزب كثيراً في التدرجات القيادية الداخلية، فمنذ التأسيس عام 1953 اعتبر النبهاني نفسه "الأمير المؤسس" وبقي زعيماً للحزب حتى وفاته عام 1977، ورغم وضع الحزب آليات محددة للقيادة إلا أنها لم تحمه من التصدع، فنشبت الخلافات سريعاً بين الشيخ النبهاني وأقرب نوابه إليه داوود حمدان ونمر المصري.
اعترض الأعضاء الذين شاركوا في التأسيس على رغبة الأمير المؤسس في إدخال سوريا في الولايات التي يعمل فيها الحزب، لكي تكون ملجأً آمناً لمن يتعرض للملاحقة في بقية البلدان، وبذلك تكون القواعد التنظيمية فشلت في أول اختبار لها بعدما غادر المصري وداوود الحزب.
ويقسم دستور حزب التحرير الداخلي المكون من 187 مادة دول العالم الإسلامي إلى إمارات، تشرف على كل إمارة لجنة مكونة من عدة أشخاص تسمى "لجنة الولاية" كما أن هناك لجاناً أخرى تشرف كل منها على مدينة معينة أو منطقة محددة تسمى "اللجنة المحلية".
ويسمي الحزب رئيس اللجنة في كل دولة بالمعتمد، وجميع اللجان تتبع لجنة القيادة، التي يترأسها رئيس الحزب، وفق القانون الداخلي.
المشيخة.. ميراث صوفي
في ما يخص الطرق الصوفية، وهي من أوسع التنظيمات الدينية انتشاراً في العالم الإسلامي، تختلف الأمور تماماً، فعلى عكس التنظيمات السابقة لا تتمتع الطرق الصوفية، التي تعد أقدم التجمعات السنية ظهوراً، بهياكل إدارية هرمية الطابع، ويغلب عليها مبدأ التوريث القيادة، لكن ذلك يعد مبدأ دخيلاً على هذه المجموعات روحية الطابع.
"في بداية التأسيس لم تتخذ الطرق الصوفية مبدأ التوريث في الولاية، حتى أن أبو الحسن الشاذلي- مؤسس أوسع الطرق الصوفية انتشاراً في مصر والعالم- لم يخلفه أحد أبنائه".
في بداية التأسيس لم تتخذ الطرق الصوفية مبدأ التوريث في الولاية، حتى أن أبو الحسن الشاذلي - مؤسس أوسع الطرق الصوفية انتشاراً في مصر والعالم - لم يخلفه أحد أبنائه في قيادة الطريق، بل اختير أبرز تلاميذه أبو العباسي المرسي خليفة له في مشيخة الطريق، ولم يتغير الأمر في ما بعد ليصبح بالتوريث، سواء في الطرق التي انبثقت عن الشاذلية أو أسسها متصوفة آخرون.
الغظفية... حالة فريدة
تكاد تكون طريقة الاختيار واحدة في معظم الطرق الصوفية إلا في الطريقة الغظفية، وهي إحدى الطرق المنبثقة عن الشاذلية، وكان قد أسسها المتصوف الموريتاني محمد الأغظف بن حمى الله بن سالم الداودي.
وتتميز هذه الطريقة في أن شيخها يتم اختياره ممن تتوفر فيه شروط العلم والاستقامة، لكن معارضي هذه الطريقة في اختيار القيادة يرون أن التوريث يحفظ الطرق الصوفية من الانقسامات، ويحميها من الصراعات.
في الإطار، يقول المتحدث باسم "الاتحاد العالمي للطرق الصوفية" عبد الحليم الحسيني إن عملية انتقال القيادة لابن شيخ الطريقة الصوفية أو وريثه الشرعي أمر طبيعي بحكم أن الطرق الصوفية ليست تنظيمات سياسية أو جهادية، لكنها تجمعات روحية، الأمر فيها قائم على المحبة بين الشيخ ومريديه.
ويقول الحسيني لرصيف22 إنه في حالة وفاة أحد مشايخ الطرق الصوفية يتقدم وريثه للمجلس الأعلى للطرق الصوفية في مصر (شبه حكومي يعين رئيسه بقرار جمهوري ويضم بعض الوزراء) لاعتماده شيخاً جديداً للطريقة، وفقاً لنصوص القانون رقم 118 لسنة 1976، مشيراً إلى أن الأمور تتم بشكل مشابه في غالبية الدول.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...