شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
ما شأن فَرْجها بعملها كنائبة في البرلمان؟

ما شأن فَرْجها بعملها كنائبة في البرلمان؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الأربعاء 16 أكتوبر 201903:13 م

كأن كلمة نائبة باللغة العربية تعني مصيبة، فحتّى لقب ممثل الشعب في المؤنث جعلوا منه بليّة.

لا يمكننا في اللغة العربية أن نتوجّه إلى ممثلة في البرلمان بلقب نائبة، بل علينا أن نذكّر كل شيء، حتى الألقاب.. يا لها من لغة ظالمة!

لكنني سأتمرّد على هذه اللغة الذكورية الّتي جعلت من المرأة تابعاً مفعولاً به، اسماً ناقصاً لا محلّ له من الإعراب، وسأواجه موجة الحقد التي تواجهها النائبة في البرلمان اللبناني، بولا يعقوبيان، التي رفعت صوتها أمام حرّاس "العهد القوي" وذكوريتهم العفنة، تواجه الآن حملة من الشتائم التي تتهمها بالعهر، والسبب... كونها امرأة.

متى يفهم البعض أن "الكس" ليس شتيمة، وممارسة المرأة للجنس بالتراضي مع الطرف الآخر لا يجعل منها "عاهرة"؟

هل سمعتم في يوم من الأيام عن نائب يتم الطعن بشرفه عبر وصفه بالعاهر الذي يمارس الجنس ليصل إلى مآربه؟

هل شاهدنا مرّة على شاشات التلفزيون مناظرة بين نائب ووزير، يتهم فيه الواحد الآخر بأنه بلا شرف لأنه يمارس الجنس؟

لم ولن نسمع عن حادثة كهذه، لأن شرف العرب يقبع بين أفخاذ النساء، والرجل لا شرف له خارج هذه المنطقة.

متى يفهم البعض أن "الكس" ليس شتيمة، وممارسة المرأة للجنس بالتراضي مع الطرف الآخر لا يجعل منها "عاهرة"؟

يبحثون عن الشرف بين أفخاذ النساء، ويبقون بين الأفخاذ عالقين.

أمّا تعاليمهم الدينية فقد شوهت عندهم مفهوم الأخلاق والشرف، واستبدلته بممارسات تقتل حرية الأفراد تحت غطاء شرعي ديني، فأصبحت أخلاقنا، كمجتمعات، عبارة عن قطع قماش ومهبل وممارسات لا تفيد المجتمع ولا تربّي أجيالاً صالحة.

لا يمكننا في اللغة العربية أن نتوجّه إلى ممثلة في البرلمان بلقب نائبة، بل علينا أن نذكّر كل شيء، حتى الألقاب... يا لها من لغة ظالمة!

احترموا عقولنا كنساء، وتوقفوا عن اتهامنا بالعهر في كل مرّة تعجزون فيها عن الردّ في السياسية والدين. فنحن كعربيات عانينا ونعاني كل يوم، سنبقى ننادي بالعدل والحرية حتى انقضاء الدهر.

قالت النائبة بولا يعقوبيان لوزير المهجرين غسان عطالله: "تفه عليك يا عيب الشوم عليك، يا بلا شرف إنت وتيارك، الشرف مش بين الإجرين الشرف بالراس اللي ما عندك ياه". وأنا أكرر ما قالته بولا، وأشدّد على أنه وتيّاره بلا شرف. فبدل أن يقوم هذا الوزير بعمله ويساعد على انتشال لبنان من بؤرة الفساد والبطالة والتلوّث الذي أغرق البلد، يقوم بالتهجّم على نائبة تعارض توجهاته السياسية، ويتهمها بالعهر بدل أن يجادلها بالحجج والبراهين.

في بلد لا زالت المرأة فيه تعاني من قوانين جائرة ومحاكم شرعية ظالمة، يُطلّ علينا هذا الوزير المنتمي إلى فرقة "العهد القوي" التي تدّعي التمدّن والرقيّ، ويبرهن لنا أنه لا يختلف عن غيره من الرجال الذكوريين القابعين في كهوف الأديان والعادات والتقاليد.

متى يفهم العرب أن الشرف هو الحب، التسامح، الصدق، الوفاء، الاحترام، واتقان العمل؟ دعوا النساء وشأنهن! حاسبوا نواب الأمة بسواسية بين الرجل والمرأة، هل وفت النائبة بوعودها؟ هل قامت بتشريعات لمصلحة الشعب اللبناني؟ هل سرقت ونهبت وقمعت الشعب؟ هل وضعت المفكّرين والكتّاب في السجن؟ ما شأن فرجها بعملها كنائبة؟!

في كل مرّة أشعر ببصيص أمل يتسلل إلى منطقتنا المظلمة، لا يلبث أن يختفي سريعاً بسبب الذكورية المقيتة التي تجذرت في العقول والقلوب ولم يعد بالإمكان اقتلاعها. فالذكر فيها مهووس بالجنس، يكره المثليين ويحتقر المرأة، يعمل جاهداً على قمع من يخالفه الرأي، لكن أكثر ما يخشاه الرجل الذكوري ويكرهه هو المرأة القوية، الجريئة والمتمردة على عاداته التي وضعها وجعلها قوانين إلهية مُنزلة.

بولا ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فالمرأة في بلداننا ليست مواطنة درجة أولى ولا يُنظر إليها كإنسان، بل كفرج قابل للنكاح، مهما علا شأن هذه المرأة ومنصبها.

احترموا عقولنا كنساء، وتوقفوا عن اتهامنا بالعهر في كل مرّة تعجزون فيها عن الردّ في السياسية والدين. فنحن كنساء عربيات عانينا ونعاني كل يوم، سنبقى ننادي بالعدل والحرية حتى انقضاء الدهر.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard