شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
تعليقات بذيئة واستغلال جنسي... ردود أفعال رجال على عازبات بلا

تعليقات بذيئة واستغلال جنسي... ردود أفعال رجال على عازبات بلا "بكارة"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 9 أكتوبر 201903:55 م

لم تنس ندى (23 عاما) رائحة أنفاس خالها المعبأة بالتبغ، وتلك المنبعثة من عرقه أثناء اغتصابه لها في طفولتها، ذكريات تعود بشكل حاد كلما حاول تهديدها، واستغلالها حتى بدايات مرحلة المراهقة.

تقول ندى لرصيف22 أنه بعد وفاة والدها، وزواج والدتها برجل آخر، انتقلت للعيش مع جدتها وخالها، حيث تعرضت للاغتصاب من الأخير، ولم تجد من يدافع عنها حين أعلنت عن ذلك، وعاتبتها والدتها وجدتها، وقالا لها: "لو كان لك راجل كان قتلك وغسل شرفه".

"كبسولة البكارة"

حاولت ندى الانتحار مرتين، واعتادت ممارسة العادة السرية كل يوم تقريبا، تقول: "كنت أقتل بها الغضب والتفكير، أمارسها لأُنهك، وأنام، ولم أكن أستمتع".

وأحبت ندى زميلاً لها في الدراسة، ولكنها لم تجرؤ على مصارحته، في البداية كانت تسيء معاملته ليبتعد، حيث باتت تشعر بأن ما تعرضت له لا يجعلها مؤهلة للارتباط به، ولكنهما  ارتبطا في النهاية.

وفي محاولة لتتويج العلاقة بالزواج، بحثت ندى عن حل، سمعت عن "كبسولة البكارة"، ولكن طبيباً استشارته عبر موقع طبي على الإنترنت، أخبرها أن عملية "ترقيع بكارتها" أفضل، وأن الكبسولة قد تعرّضها لافتضاح أمرها.

لجأت ندى لطبيب يجري لها العملية، ووافق مقابل أن تمارس معه الجنس، لم ترد على العرض، وتركت الخيار موجوداً، عله يكون حلها الأخير إن لم تجد حلاً آخر، حسبما قالت لرصيف22.

وتشير دراسة أصدرها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، بالتعاون مع عدد من المراكز الحقوقية، إلى وقوع 20 ألف حالة تحرش واغتصاب في مصر سنويًا، وأن ٨٥% من الضحايا أطفال.

وفقا للدراسة، فإن 45% من حالات العنف الجنسي ضد الأطفال هي اغتصاب كامل للضحية، مع الإجبار على عدم إخبار الأسرة بالحادث، فيما يتعرض 20% من الضحايا للقتل بطريقة بشعة.

"أنا مش بكر، ومش ندمانة على علاقتي الأولى، لكن ندمانة إني سمحت لحد يستغلني، لما أحب حد هاقوله إني مش بكر عاجبه تمام مش عاجبه مع السلامة، صعب أحب حد دماغه ضيقة للدرجة دي"

لجأت فاطمة لطبيب يجهض جنينها، وفقدت معه ثقتها بنفسها، وبمن حولها، وحاولت الانتحار، وزاد من صعوبة الأمر أن أحداً لا يعلم ما بها ليساندها

الصمت بدلا من القتل

لم تتمكن شيماء (33 عاماً)، وهي ربة منزل مقيمة في إحدى قرى محافظة أسيوط، امن إجراء عملية "ترميم بكارتها"، لكون المجتمع المنغلق نسبياً في صعيد مصر، وكذلك لعدم إخبارها لأحد عن ابن عمها الذي اغتصبها في طفولتها.

لا ترى شيماء أن تكتّمها على جريمة قريبها "خطأ"، وتعتقد أن إعلانها الأمر كان سيؤدي في النهاية لإلقائها في النيل، والادعاء أنها غرقت للتخلص من الفضيحة، وتتذكر في تصريحات لرصيف22 حكاية صديقتها في المدرسة الإعدادية، التي لاقت هذا المصير، وأنه لم يكن بعيداً عنها.

وكانت الدكتورة فادية أبو شهبة، أستاذة القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، قد صرحت لصحيفة محلية أنه لا يتم الإبلاغ عن جرائم الاغتصاب في الوجه القبلي خصوصاً، حيث يتم قتل المغتصبة.

وتقدر أبو شهبة نسبة الجرائم المسجلة رسمياً بـ 10٪ فقط من جرائم الاغتصاب الفعلية.

توجز شيماء حالتها النفسية في العقد الثاني من عمرها: "فضلت أهرب من الناس، وأعاملهم وحش، عشان محدش يتقدم لي، لكن أبويا كان بيوافق، واتخطبت فعلا 3 مرات لكن كل مرة كنت بافتعل حجج وخناقات لحد ما أطفش العريس، ماكنتش سمعت عن عمليات الترقيع والكلام ده".

تتابع شيماء: "في القرى فسخ الخطوبة بيقلل فرص الجواز بعد كدة، وبعد 3 خطوبات العرسان بطلوا ييجوا، وحمدت ربنا، وكبرت، سني عدى 30 سنة، بقى يتقدم لي عواجيز وأرامل ومطلقين، لحد ماجالي واحد من ذوي الاحتياجات الخاصة، وافقت، وأهلي ما صدقوا عشان يقولوا للناس إن بنتهم مش معيوبة".

"باتجنّن لما باشوف ابن عمي اللي اغتصبني عايش مع زوجته وأولاده مبسوط".

تخلصت شيماء، من قلق افتضاح فقدان بكارتها، بعد أن قدمت لأسرتها منديلاً ملطخا بكبد الحمام وفق الطريقة الشعبية الشائعة، ولكنها تعاني من صعوبة الحياة مع الزوج الذي قبلت به، تقول: "باشوف ابن عمي اللي خرب حياتي مبسوط مع مراته وولاده باتجنن.. بافكر كتير أقتله أو أموت نفسي.. مش عارفة أعمل إيه لكن مش قادرة أستحمل".

وقد رصدت إحصائية أجراها المجلس القومي للأمومة والطفولة، 1000 حالة اغتصاب تعرّض لها الأطفال في الفترة من يناير إلى أكتوبر 2014، وقُدّرت الحالات غير المسجلة بـ 3000 حالة سنوياً.

وحيدة في عيادة طبيب

 في الماضي كان الوصول لطبيب يجري عملية "ترميم البكارة" صعباً، ولكن مؤخرا، ومع تزايد شعبية مواقع التواصل الاجتماعي، انتشرت إعلانات "ترميم البكارة" على مواقع كفيس بوك، التي توفر كثيراً من العروض.

تواصلت رصيف22 مع صاحب أحد الإعلانات، قال إنه طبيب ممارس عام، توجد عيادته التي يجري فيها العملية على أطراف القاهرة.

طلب الطبيب الذي يستخدم حساباً مزيفاً يغير معلوماته باستمرار، وينشر الأدعية، والمنشورات الدينية، إجراء مكالمة فيديو أو إرسال تسجيل صوتي ليتأكد أن من تحادثه فتاة.

شرح الطبيب التفاصيل، والوقت المناسب هو اليومين السابقين للزواج، وطلب مبلغ 1000 جنيه مقابل إجراء العملية، وأخبرنا في النهاية عن وجود عرض آخر مقابل عدم الدفع.

خضعت سها (25 سنة)،  محامية مقيمة بمحافظة الجيزة، لعملية ناجحة لترميم بكارتها، وصلت لطبيب عبر فيس بوك، طلب منها 5000 جنيه مقابل العملية التي يجريها في عيادته بعد منتصف الليل، اعتقدت أن أزمتها ستحل، ولكنها فوجئت بعد أن دخلا غرفة الكشف منفردين بناءً على تعليماته، بتعليقاته البذيئة وبعضوه المنتصب.

عرض الطبيب عليها دفع نصف المبلغ فقط مقابل أن يمارس معها الجنس، وانتهت ليلتها الطويلة بدفع ضعف المبلغ المتفق عليه مقابل العملية فقط.

"استغلني لمّا عرف إني مش عذراء"

تختلف الشابة الثلاثينية فاطمة قليلاً عن سابقاتها، حيث فقدت عذريتها في علاقة حميمة مع شاب أحبته، تقول عن نفسها: "كنت سعيدة وقتها، وعايزة أعمل كدة، البكارة مش الشرف حتى لو مجتمعنا شايف كدة".

ولكن اختلاف فاطمة لم يحمها من التعرض للاستغلال الجنسي، تقول لرصيف22: "بعد سنوات من الانفصال، تقرّب مني شاب وكان يعجبني، صارحني لاحقاً بحبه، فأخبرته أني مارست الجنس من قبل".

تضيف فاطمة: "تقبل الشاب الأمر وقال إن علاقتي السابقة لم تغير رغبته في الارتباط بي، لم أكن متأكدة من مشاعري تجاهه، وطالبته بالتمهل، ولكنه ظل يلاحقني بحبه ومشاعره، ولاحقاً برغباته الجنسية".

تابعت فاطمة، وهي صحفية مقيمة بالقاهرة: "مارسنا الجنس عدة أشهر بعد إلحاح وضغط وعجلة، ولكني لم أحتمل شعوري أنه يفعل ذلك لأني فعلته من قبل، لم يكن ليطلب ممارسة الجنس إن لم أخبره أني فعلت مسبقاً، شعرت بالإهانة والاستغلال فقررت الابتعاد وطلبت منه التوقف ولكنه ظل يلاحقني لشهور حتى شغلته أخرى".

لجأت فاطمة لطبيب يجهض جنينها، وفقدت معه ثقتها بنفسها وبمن حولها وحاولت الانتحار، وزاد من صعوبة الأمر أن أحداً لا يعلم ما بها ليساندها.

"لو أهلي عرفوا كانوا قتلوني.. كنت لوحدي تماماً".

تعلق فاطمة: "لو أهلي عرفوا كانوا قتلوني، كنت لوحدي تماماً"، لم تفكر فاطمة، مطلقا في "ترميم بكارتها"، قررت في البداية عدم خوض تجربة الزواج أو الارتباط مجدداً، وبعد أن هدأت، عادت لطبيعتها المتحررة: "أنا مش بكر، ومش ندمانة على علاقتي الأولى لكن ندمانة إني سمحت لحد يستغلني، لما أحب حد هاقوله إني مش بكر عاجبه تمام مش عاجبه مع السلامة، صعب أحب حد دماغه ضيقة للدرجة دي".

بعد مرور سنوات تصفها فاطمة بـ"التيه"، أنقذها فيها حبها لعملها، وشاب أحبها، وبقي سنوات يبني جسور الثقة والأمان التي انتهت بالزواج، وأنجبا طفلهما الأول.

ولاتزال غالبية الفتيات اللاتي "فقدن عذريتهن" خارج إطار الزواج، سواء بممارسة جنسية طوعية أو تعرضن لاغتصاب، يواجهن مضايقات، ومخاطر التعرض للقتل أو الإيذاء، كما لا يسلمن من الاستغلال الجنسي والمادي في طريقهن للحصول على "بكارة جديدة"، تمكنهنّ من الذوبان مجدداً مع الصورة التي يفرضها المجتمع عن "البكر الرشيد".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard