مع أحداث اليوم، الجمعة في 27 أيلول/ سبتمبر، عادت مصر إلى تصدّر الأخبار العربية، إذ تظاهر المئات، بين مؤيدين ومعارضين، في أماكن متفرقة، وسط أجواء أمنية استثنائية شهدتها المدن الكبرى.
وتخلل وقائع هذه الجمعة وصول رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي إلى القاهرة عائداً من نيويورك، بعد رحلة استمرت خمسة أيام للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأمام بوابة المطار المخصصة للرحلات الرئاسية ورحلات كبار الزوار، والواقعة في منطقة مغلقة عادةً أمام المدنيين، تجمع مئات المواطنين، حاملين لافتات مؤيدة للرئيس المصري.
بابتسامة عريضة، تحدث السيسي أمام عدد من المواطنين، قائلاً: "واقفين هنا ليه… ايه اللي مصحيكم بدري؟ الموضوع مش مستاهل خالص"، مضيفاً: "احنا جامدين أوي (...) يوم ما هاطلب من المصريين، رسالة من العالم كله، ينزل الملايين، مش أقل من كدة"، في إشارة إلى إمكانية الحشد لتظاهرات تدعم النظام.
وترقب كثيرون من المتابعين لحظة وصول السيسي إلى القاهرة، في اليوم الذي حدده المقاول محمد علي للتظاهر تنديداً بسياسات النظام وللمطالبة برحيله.
وكما في الأسبوع الماضي، استجاب البعض لدعوات التظاهر، ولكن التحركات المعارضة كانت محدودة، ونشرت حسابات إلكترونية مقاطع مصورة لم يتسنَّ لنا التحقق من مدى صحتها لتظاهرات في الأقصر وقنا والمنيا. غير أن حسابات أخرى نشرت مقاطع بث حي لتظاهرات في الإسكندرية، وجزيرة الوراق في القاهرة، وفي مدينة سوهاج في الصعيد.
وقال أحد أبناء جزيرة الوراق لرصيف22 إن تظاهرة شارك فيها المئات من المواطنين جابت شوارع الجزيرة عقب صلاة الجمعة، رددوا فيها هتافات "ارحل يا سيسي… الشعب يريد إسقاط النظام"، وذلك قبل أن تفرقها قوات الأمن باستخدام القنابل المسيّلة للدموع.
تظاهرات معارضة متفرقة؛ اعتقال أكثر من 2000 مواطن؛ حشد منظم للمؤيدين والرئيس يلوّح بإنزال الملايين إلى الشوارع... ماذا يحدث في مصر؟
"في انتهاك صارخ لحرية الحركة والتجمع، أغلقت السلطات المصرية على الأقل أربع محطات مترو رئيسية في وسط القاهرة، وأقفلت معظم الطرق المؤدية إلى ميدان التحرير"... النظام المصري يضيّق على المتظاهرين والسيسي يلوّح بإنزال الملايين
ونقل موقع مدى مصر المحلي عن شهود عيان قولهم إن قوات الأمن استخدمت الرصاص المطاطي وقنابل الغاز لدى تفرقة الجموع.
كذلك نقل الموقع المصري عن شهود في جنوب القاهرة قولهم إن الشرطة فرّقت عشرات متظاهرين الذين حاولوا التجمع عقب صلاة الجمعة أمام مسجد الاستقامة في حلوان بإطلاق أعيرة نارية في الهواء.
وشهدت منطقة "المنصة" القريبة من ميدان رابعة العدوية احتشاد مئات المواطنين، رافعين شعارات مؤيدة للنظام، وتتهم المعارضة بتنفيذ أجندات "أجنبية".
ورصدت مواقع محلية عمليات نقل منظمة لموظفي الشركات وعمالها من مختلف المحافظات إلى مكان التظاهرة المؤيدة للنظام في العاصمة.
ووثّق موقع "المنصة" المحلي بعض تلك العمليات من محافظات الفيوم والإسماعيلية والمنيا.
ودانت منظمة العفو الدولية إغلاق الشوارع التي سعى المتظاهرون المعارضون للوصول إليها، كما نددت بالاعتقالات الجارية منذ أسبوعين، والتي استهدفت نحو ألفَي مواطن.
وقالت المنظمة: "في انتهاك صارخ لحرية الحركة والتجمع، أغلقت السلطات المصرية على الأقل أربع محطات مترو رئيسية في وسط القاهرة، وأقفلت معظم الطرق المؤدية إلى ميدان التحرير للحد من التظاهرات المناهضة للنظام. سيادة الرئيس، التظاهر هو حق للمؤيدين والمعارضين على السواء. هذا ما نقوله للرئيس #السيسي الذي قال إن ملايين من المصريين سينزلون إلى الشارع لتأييده لو طلب منهم ذلك، في حين اعتقلت قوات الأمن أكثر من ألفي شخص نزلوا إلى الشارع للمطالبة برحيله".
وأضافت: "منذ اندلاع التظاهرات حتى الآن، قبضت السلطات المصرية على نحو ألفَي مواطن- منهم صحافيون ومحامون في مجال حقوق الإنسان ومتظاهرون وسياسيون- في موجة اعتقالات جماعية صادمة، وذلك بحسب المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية".
كذلك نقلت المنظمة الدولية عن مصدر لم تذكره قوله إن قوات الأمن أعطت تعليمات بالإبلاغ عن المعارضين لدى إصابتهم وتوجههم إلى المستشفيات، مضيفةً: "أبلغ أحد العاملين الطبيين منظمة العفو الدولية أن قوات الأمن المصرية طلبت منه التبليغ عن المحتجين الجرحى الذين سيأتون إلى المستشفى اليوم".
وأعلن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن عدد المعتقلين على خلفية الدعوة إلى التظاهرات بلغ نحو 2076 شخصاً.
وفي عداد مَن قبض عليهم خلال الأيام الماضية ستة أجانب هم أردنيان وتركيان وفلسطيني وهولندي. وبثّ الإعلامي عمرو أديب عبر برنامجه الحكاية على قناة إم بي سي مصر اعترافاتهم بالصوت والصورة من دون أن يوضح طريقة حصوله على هذه التسجيلات.
وقال المركز: "تتابع غرفة عمليات المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حالات التوقيف والقبض التي تحدث منذ أحداث 20 سبتمبر، وقد تلقت حتى آخر تحديث (الساعة 23:59 مساء)، 2076 حالة في الـ7 أيام الماضية، منها 976 عُرضت على النيابات و1092 لم ترد أي معلومة رسمية بشأنها، منها 1002 من الذكور و 74 أنثى و 100 طفل".
وصدرت بحق 980 معتقلاً قرارات بالحبس 15 يوماً على ذمة التحقيق من قِبل نيابة أمن الدولة، في حين لم ترد أية معلومة عن 927 موقوفاً. علماً أنه أُفرج عن ثمانية، بحسب المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وكانت منظمة العفو الدولية قد طالبت في بيان آخر في 24 أيلول/ سبتمبر بأن "يواجه قادة العالم الرئيس عبدالفتاح السيسي بإدانة واضحة للهجوم الذي شنه على التظاهرات في الأيام الماضية"، مناشدةً السلطات المصرية الإفراج الفوري عن المحتجزين بسبب ممارسة حقوقهم على نحو سلمي، والسماح بإجراء تظاهرات يوم الجمعة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...