بعد أيام قليلة من إثارة القضية للمرة الأولى، وجهت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في 13 أيلول/سبتمبر، رسالة جديدة إلى السعودية حول اعتقال الرياض مجموعة من الفلسطينيين، بينهم ممثل الحركة في المملكة محمد الخضري.
وفي مقابلة مع موقع مؤسسة القدس الدولية، قال القيادي في حماس أسامة حمدان إن بوصلة حماس كانت وما تزال ضد الاحتلال الإسرائيلي، برغم ما عانته طوال 30 عاماً من "آلام وجراحات"، في ظل عدم ردها على الإساءات "ليس ضعفاً ولا عجزاً"، ولكن لمسؤوليتها في أن تظل بوصلة الأمة كاملة تجاه فلسطين، وعدم إدخالها في فتن ومعارك جانبية.
وانطلق حمدان من هذا للقول إن صمت الحركة عن الاعتقالات التي جرت بحق فلسطينيين في السعودية عدة شهور كان بهدف فتح الطريق أمام "جملة من المحاولات والسعي السياسي لحل هذه المشكلة دونما ضوضاء أو شوشرة"، معرباً عن أسفه للوصول إلى "نقطة لم نستطع فيها البقاء صامتين".
قبل أن يردف موضحاً "برغم ذلك لا تزال مساعينا قائمة لحل المسألة، بأقل قدر من الضوضاء، ولكن أتمنى ألا يقرأ هذا بأنه ضعف في موقفنا، فالذي يقاوم الاحتلال، ويصمد في وجه الضغوط الأمريكية، والذي يقدم قادته شهداء على طريق تحرير فلسطين من أجل تحرير فلسطين والقدس، لا يعجزه ولا يخيفه أن يواجه أي معركة". ويستطرد "لكننا نحسن تقدير الأمور، ونعتقد بأن معركتنا كانت وما زالت ضد الاحتلال الصهيوني".
وأضاف: "إذا قرر أحد أن يكون إلى جوار الاحتلال الصهيوني وضد الشعب الفلسطيني، أن يكون إلى جوار الاحتلال الصهيوني ويبيع القدس... فعليه أن يدرك تماماً أن هذا لن ينفعه"، وأنه ينبغي "الإفراج عن الأخوة المعتقلين، وآمل أن يستجاب لذلك ليس من باب الجميل أو المنة، ولكن على قاعدة أن هؤلاء الرجال عملوا من أجل فلسطين، وأنهم يستحقون التكريم لا الوضع في السجن".
إعلان أول بعد 5 أشهر
وفي 9 أيلول/سبتمبر، كشفت حماس للمرة الأولى عن اعتقال السلطات السعودية للقيادي فيها محمد الخضري (81 عاماً) ونجله الأكبر، وعدداً من الفلسطينيين قبل أكثر من 5 أشهر.
وقالت الحركة في بيان صحافي إن جهاز مباحث أمن الدولة السعودي، اعتقل الخضري في 4 نيسان/أبريل الماضي، في عملية "غريبة ومستهجنة"، بعدما قضى نحو ثلاثة عقود في مدينة جدة، عمل خلالها كمسؤول عن إدارة العلاقة مع السعودية على مدى عقدين من الزمان، متقلداً مواقع قيادية عليا في الحركة.
وأعربت الحركة عن استغرابها اعتقال نجل القيادي الأكبر، هاني الخضري، "بدون أي مبرّر"، في حملة "طالت العديد من أبناء الشعب الفلسطيني المقيمين في السعودية"، من دون تحديد العدد.
مطالب متكررة من قياديي حماس ومساعٍ دبلوماسية حثيثة للإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين في السعودية... فما هي خلفيات اعتقالهم؟
تراوح عددهم بين 60 و150… معلومات عن انتهاكات بحق المعتقلين الفلسطينيين في السجون السعودية، وحماس تؤكد أن الصمت لم يعد ممكناً
كما أشارت إلى أنها التزمت الصمت على مدى أكثر من خمسة أشهر، "لإفساح المجال أمام الاتصالات الدبلوماسية، ومساعي الوسطاء"، مشددةً على أنها "لم تسفر عن أي نتائج حتى الآن، لذا تجد الحركة نفسها مضطرة للإعلان عن ذلك".
قبل أن تشير إلى أنه "لم يشفع للخضري عمره الذي تجاوز الثمانين، ولا وضعه الصحي، إذ يعاني ‘مرضاً عضالاً‘، ولا مكانته العلمية، كونه أحد أبرز الأطباء الاستشاريين في مجال الأنف والأذن والحنجرة، ولا مكانته النضالية، التي عرف فيها بخدماته الجليلة التي قدّمها للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، داخل فلسطين وخارجها".
إعلانات سبقت حماس
وكان موقع "الخليج أون لاين" المعارض للسعودية أول من تناول الاعتقالات، إذ أشار في 17 نيسان/أبريل الماضي إلى شن السلطات السعودية حملة "سرية" للتضييق (تحقيقات واعتقالات ومنع من السفر) على الفلسطينيين المقيمين على أراضيها.
وفي حزيران/يونيو الماضي، أكد حساب "معتقلي الرأي" المعني بالمعتقلين في السعودية، أن السلطات اعتقلت عدداً من الفلسطينيين، يراوح بين 140 و150 شخصاً، بالإضافة إلى رجال أعمال كانوا يشغّلونهم، مشيراً إلى أن المعتقلين ممنوعون من التواصل مع عائلاتهم وبعضهم مر عليه قرابة عام قيد الاحتجاز.
وفي 25 تموز/يوليو الماضي، أعرب نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، عن أسفه لقيام "دولة عربية باعتقال عشرات المناصرين لقضيتنا الفلسطينية والداعمين لشعبنا"، من دون ذكر اسم هذه الدولة صراحةً.
وفي 6 أيلول/سبتمبر، أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إخفاء السعودية قسرياً نحو 60 فلسطينياً، استناداً إلى شهادات 11 عائلة فلسطينية، موضحاً أنه لم يستطع إحصاء عدد المعتقلين بدقة، وأن تقديرات داخل الجالية الفلسطينية بالسعودية ترجح أن العدد يفوق ذلك كثيراً.
وطالبت المنظمة الحقوقية غير الربحية، ومقرها جنيف، بالإفراج الفوري عن الفلسطينيين المحتجزين إذا لم تتم إدانتهم في أي مخالفات.
ونقلت المنظمة عن معتقل جزائري سابق بالسجون السعودية أُطلق سراحه أخيراً أن المعتقلين وخصوصاً الفلسطينيين تعرضوا للانتهاكات وأساليب التعذيب، بينها الحرمان من النوم أو الحصول على أي علاج طبي برغم أن بعضهم من كبار السن ويحتاجون إلى رعاية خاصة.
ولاحقاً، في 11 أيلول/سبتمبر، طالب القيادي في حماس، محمود الزهار، السلطات السعودية بالإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين مشدداً على أن "هؤلاء المعتقلين كانوا يجمعون الأموال بشكل علني، وبعلم السلطات السعودية، وكانت ترسل للشرائح الضعيفة في قطاع غزة وخصوصاً الأيتام، وأصحاب البيوت المهدمة".
حماس والسعودية صعود وهبوط
ومنذ تأسيس الحركة الفلسطينية في عام 1987، لم تبق علاقتها مع الحكومات السعودية على وتيرة واحدة. فالبداية شهدت تقارباً كبيراً وكان ممثلو الحركة يحظون بحفاوة بالغة في المملكة واستقبال على أعلى مستوى.
لكن العلاقة تدهورت بشكل ملحوظ بعد انهيار اتفاق مكة الموقع للمصالحة بين حركتي فتح وحماس في شباط/فبراير عام 2007، إذ حملت السعودية حماس المسؤولية عن انهيار الاتفاق الذي رعته.
وتحسنت العلاقات بين الرياض وحماس بعد ذلك بسنوات، قبل أن تعاود التأزم خلال السنوات القليلة الماضية. ووصف عادل الجبير، حين كان يشغل منصب وزير الخارجية السعودي، حماس بـ"الإرهابية" في مناسبتين في العامين 2017 و2018.
وقبيل حملة الاعتقالات الأخيرة، وتحديداً في أواخر آذار/مارس الماضي، شنت صحيفة عكاظ السعودية حملةً ضد حماس، أكدت خلالها أن الحركة تحولت "منذ استفرادها بقطاع غزة، إلى دمية في يد حزب الحمدين القطري والإسرائيلي اللذين يتلاعبان بها كيفما شاءا".
ووصفت الصحيفة في إحدى مقالاتها مسيرات العودة الفلسطينية التي أطلقتها الحركة بأنها "أسلوب لا يفكر فيه غير الشياطين".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون