شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"أنا البطل الزناتي/ للوطن بايع حياتي"... بطل المغارب والمدافع عن تونس

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 11 سبتمبر 201906:28 م

تعدّ السيرة الهلالية واحدة من أهم السير الشعبية الملحمية الرائجة في المنطقة العربية، من الخليج إلى المحيط، وذلك بسبب خصوبة أحداثها وتعدّد أبطالها وخلفيتها الوثيقة الصلة بذاكرة الشعوب العربية.

خيال الفنان الشعبي العربي تمكّن من تجاوز حدود التاريخ المجرّد لواقعة غزو القبائل العربية النجدية لتونس الخضراء، لينسج ملحمةً طويلةً تتوارى فيها العوامل السياسية والمذهبية جانباً، تاركةً الساحة للبطولات الفردية وشجاعة الفرسان في ميدان الحرب.

شخصية الزناتي خليفة، بطل المغارب كما وصفته السيرة، كانت واحدة من أهم شخصيات تلك الملحمة على الإطلاق، فهو البطل المدافع عن أرضه ضدَّ جحافل الغزاة، وهو الذي جندل أبطال العدو واحداً تلو الآخر، حتى لقي مصيره المؤلم على يد دياب بن غانم.

هنا، يظهر السؤال حول نقاط التلاق والتماس بين التاريخ والسيرة الشعبية للزناتي خليفة، وعن حدود تأثير الأول في الثانية، والعوامل المسؤولة عن حدوث مثل هذا التأثير.

كيف تشكلت السيرة الملحمية للزناتي خليفة؟ الخلفية التاريخية 

في بدايات القرن الخامس الهجري، أصيبت مساحات واسعة من شبه الجزيرة العربية بالجَدْب والجفاف، وكانت منطقة نجد على وجه التحديد، من أكثر المناطق التي تأثرت سلباً وعانت من تلك الظروف الطبيعية القاسية.

بحسب ما يذكر الدكتور الراضي دغفوس في كتابه "مراحل تاريخ الهلالية في المشرق"، فأن القبائل العربية التي كانت تسكن في نجد، وهي قبائل هلال وسليم ودريد والأثبج ورياح، وجدت نفسها مجبرةً على ترك مواطنها، والتحرّك لمناطق أخرى أفضل حالاً.

مصر، والتي عُرفت -منذ قديم الأزل- بخصوبة أراضيها ووفرة ما بها من مزروعات ومياه، كانت الخيار الأنسب لتلك القبائل المنكوبة، ومن هنا، لم يكن من الغريب أن تهاجر تلك القبائل إليها، لتستقرَّ في أماكن متفرقة على الجهة الشرقية من النيل.

الخلفاء الفاطميون الذين حكموا مصر في تلك الفترة، رحّبوا بتلك القبائل في أول الأمر، وما ساعد على ذلك، الرخاء الاقتصادي الذي ساد في مصر في بدايات القرن الخامس الهجري، ولكن مع توالي المحن الاقتصادية على مصر في عهد الخليفة المستنصر بالله الفاطمي (427- 428هـ)، فأن مسألة إعالة تلك القبائل قد أضحت مشكلة كبرى، خصوصاً أن تلك القبائل قد اعتادت على إحداث الفوضى والشغب، ولم تعتد الانصياع للسلطة السياسية المركزية في القاهرة.

المعز بن باديس: من موالاة الفاطميين للانقلاب عليهم

في نفس الفترة التي كان الفاطميون فيها يعانون لإخضاع القبائل العربية، وتوفير المأوى والمعيشة لهم، كانت هناك الكثير من الأحداث المهمة التي تجري في بلاد المغرب الكبير، وبالتحديد في تونس الخضراء.

ابتدأ الفاطميين قد ملكهم من المغرب، وكان خليفتهم الأول، عُبيد الله المهدي قد أسس في297هـ، دولته واتخذ من مدينة المهدية عاصمة له.

بعد إتمام الفتح الفاطمي لمصر عام 358هـ، اختار المعز لدين الله الفاطمي، القاهرةَ، لتكون عاصمةً جديدة لدولته، فانتقل إليها، وكلّف واحداً من كبار القادة المغاربة، وهو بلكين بن زيري الصنهاجي، بولاية المغرب، وكان مدفوعاً في ذلك بثقته في ولاء بلكين المُطلق للأئمة الفاطميين.

منذ تلك اللحظة، تحول المغرب من مقرٍّ للخلافة إلى ولاية تابعة للقاهرة، وتعاقب الولاة الزيريون على كرسي الحكم في القيروان، وكانوا حريصين على إظهار ولائهم للخلفاء الفاطميين.

في 406هـ، توفي الوالي الزيري باديس الصنهاجي، فحل محله ابنه المعز بن باديس، وأرسل إلى القاهرة خاطباً ودَّ الخلافة الفاطمية كما جرت العادة، فأتته الكتب والمراسيم بتعيينه وإقراره على كرسي والده، وبعد بضعة سنوات، قام الوزير أبو محمد الحسن بن علي اليازوري، باستصدار مرسوم من الخليفة المستنصر بالله، بتسمية المعز، بـ"شرف الدولة"، وهو لقب فخري تشريفي، عبّر عن العلاقات القوية التي كانت قائمة بين القيروان والقاهرة في تلك الفترة.

في 435هـ، وقعت إحدى التحولات المهمة، عندما قام عموم أهل القيروان، من أتباع مذهب أهل السنة والجماعة، بالتعرّض للطبقة الأرستقراطية الشيعية الإسماعيلية، فجرى قتل الكثير من أتباع المذهب الشيعي الإسماعيلي، ونُهبت أموالهم وأملاكهم، ولم يستطع المعز بن باديس أن يفعل شيئاً أمام ذلك الحراك الشعبي الثائر، الذي أنتجته الدوافع الاجتماعية والمذهبية.

المعز، والذي كان متأثراً بأساتذته الفقهاء مالكيي المذهب، أعلن عن مساندته للجماهير السنية، وخلع طاعة الفاطميين، وتحوّل لاعتناق مذهب الإمام مالك، وعدّه المذهب الرسمي للدولة، كما أنه أمر بأن يُخطب على المنابر للخليفة العباسي في 439هـ، فأتاه مرسوم من الخليفة العباسي القائم بأمر الله، بتعيينه على ولاية إفريقية، وذلك بحسب ما يذكر حسن عبد الوهاب في كتابه" خلاصة تاريخ تونس".

خطة الوزير اليازوري: ضرب العدو بالعدو

أمام تلك المتغيرات المتسارعة، كانت الخلافة الفاطمية تبحث عن حلولٍ لتدارك هيبتها المفقودة في تونس، وسرعان ما أتى ذلك الحل على يد الوزير الحسن بن علي اليازوري.

اليازوري، أدرك أن الأخطار قد صارت تحيط بالدولة من داخلها (قبائل العرب التي لا تنصاع للسلطة)، ومن خارجها (الانقلاب الذي أحدثه المعز بن باديس في القيروان)، ومن هنا فقد عمل على حل المشكلتين بطريقة مبتكرة، وهي خلق حالة من الصراع بين القوتين (القبائل والمعز)، بحيث يتمخّض هذا الصراع في شتى الأحوال، عن تحقيق مكاسب سياسية للدولة الفاطمية.

استطاع الوزير الداهية أن يقنع الخليفة المستنصر بتلك الخطة، فأصدر الأخير قراراً في442 هـ، بتحريك تلك القبائل غرباً، وأذن لهم في استيطان إفريقية، بل ومنح كل رجل منهم، ديناراً كاملاً لتحفيزهم على التحرك والتوجه لقتال ابن باديس.

بحسب ما تذكر الدكتورة ريم هادي في بحثها "دور الوزير اليازوري وسياسته الداخلية والخارجية لمصر"، فأن ما يقرب من النصف مليون نسمة من القبائل العربية، قد تحركوا باتجاه المغرب، فاستولوا على برقة، ولما خرج لهم المعز بن باديس، قاتلوه وهزموه، ثم دخلوا إلى إفريقية فحاصروا مدنها، فخرج لهم المعز بن باديس في جيش بلغ ثلاثين ألف مقاتل، ولكنهم هزموه مرة أخرى.

ابن باديس لم يجد أمامه سوى التحصن داخل أسوار عاصمته، ثم جمع جيشاً آخر عدّته ثمانين ألف مقاتل، وخرج لقتال قبائل العرب، ولكنه هُزم للمرة الثالثة، وقُتل الكثير من أفراد الجيش الصنهاجي.

في449 هـ، أدرك المعز بن باديس أنه لن يتمكن من التصدي لتلك الهجمة القبلية الشرسة، فرضخ للأمر الواقع، وترك القيروان وانتقل إلى مدينة المهدية، وتنازل عن الحكم لابنه تميم، وعاش في معزل عن الحياة السياسية إلى أن توفى حزيناً مكلوماً في 453هـ، وقد وصفه شمس الدين الذهبي في كتابه الأشهر "سير أعلام النبلاء" بقوله: "وكان ملكاً مهيباً، وسرياً شجاعاً، عالي الهمة، محباً للعلم، كثير البذل، مدحه الشعراء.".

رواة الملحمة الشبعية للزناتي خليفة قد جعلوا منه البطل المُعادل والمكافئ لشخصية أبي زيد الهلالي، فإذا كان أبو زيد فارس بني هلال وبطلهم، فأن الزناتي هو فارس المغارب وأسدها الغالب، والبطلان بحسب تعبير الراوي "ضدان لما استجمعا حسنا/ والحسن يظهر حسنه الضد"
هل موت البطل "أفضل" نهاية؟ وهل هي السبب وراء اختار الراوي الشعبي أن يُقتل الزناتي خليفة، عوضاً عما حددته المصادر التاريخية بانزواء المعز بن باديس في مدينة المهدية بعيداً عن مشاغل الحكم ومتاعب السلطة 

من المعز بن باديس للزناتي خليفة

لم تقتصر تأثيرات هجرة القبائل العربية الهلالية إلى تونس على النواحي السياسية فحسب، بل إنها تعدت ذلك، لتمتد إلى إحداث تأثيرات إثنية وديموغرافية حقيقة في منطقة المغرب الأوسط، إذ امتزج العرب بالأمازيغ، وانعكس ذلك على الثقافة الجمعية السائدة في المنطقة.

العقل الشعبي اهتم بإدخال سيرة المعز بن باديس إلى الملحمة الهلالية، ولكن لما كان من المعتاد أن يلجأ الفنان إلى تغيير أسماء الشخصيات بما يتناسب مع البعد الخيالي المرتبط بالسيرة، فأن شخصية المعز بن باديس، قد تحولت في السيرة الهلالية لتأخذ اسماً أخر أكثر شيوعاً وشهرة، وهو الزناتي خليفة.

يظهر الزناتي في الملحمة الشعبية في صورة حاكمٍ عظيم، شديد المراس، قوي الشكيمة، وكان رغم سنه المتقدمة -التي تجاوزت المائة عام في بعض الروايات الشفوية للسيرة- لا يزال يمتلك القدرة على القتال ومصارعة الأبطال في ساحات الوغي والعراك.

بحسب ما تذكر السيرة -المتحيزة لجانب قبائل العرب الهلالية- فأن الزناتي خليفة هو الذي دقَّ طبول الحرب أولاً، وذلك عندما طمع في أملاك عزيز الدين بن الملك جبر القريشي، فاستولى عليها وضمها إلى أملاكه الواسعة، ليستغيث الملك القريشي بأبناء عمومته من الهلاليين وبني سليم، ويقدموا هم عليه أفواجاً لنصرته وتقديم يد المعونة والنصرة له.

الزناتي –بحسب السيرة- وقف صامداً أمام هذا الغزو البربري، لمدة أربعة عشر عاماً كاملة، وكان رغم عجزه عن صد تلك الجحافل، قد تمكن من جندلة العشرات من أبطالهم في المعارك، إذ حددت بعض الروايات، أن عدد من قُتل على يد الزناتي من الهلاليين، يقترب من الثمانين أو التسعين رجلاً، وفي السياق نفسه، رسمت السيرة الشعبية صورة في غاية التعظيم والإجلال، للزناتي، إذ وصفته بقولها:

جالس على الكرسي خليفة الغندور

راجل منظره يهيب الأسود

بطل المغارب نعم وعنده شعور

ياما فيه ناس حسودة وحقودة

أيضاً، فأن رواة تلك الملحمة قد جعلوا من الزناتي، البطل المُعادل والمكافئ لشخصية أبي زيد الهلالي، فإذا كان أبو زيد، هو فارس بني هلال وبطلهم، فأن الزناتي هو فارس المغارب وأسدها الغالب، فالبطلان بحسب تعبير الراوي "ضدان لما استجمعا حسنا/ والحسن يظهر حسنه الضد".

كذلك اهتمت الرواية بإظهار الرجلان وقد نظرا لبعضهما البعض بكل احترام وتقدير، فخصومتهما لم تمنع كل منهما من إظهار إعجابه بالأخر وبالإشادة به في كل فرصة سانحة، فإذا كان الزناتي قد تمنى أن يكون أبو زيد ابنه، فأن الأخير قد احترم جثمان حاكم تونس بعد مقتله، ورفض أن يمثل به دياب.

هذه العلاقة القوية في بناء شخصيتي الزناتي خليفة وأبي زيد الهلالي، تدفعنا للاتفاق مع عدد من الباحثين الذين لاحظوا أن البطل الرئيس للملحمة، متغير وليس ثابت، فإذا كان أبو زيد هو البطل في رواية العرب المشارقة، فأن الزناتي خليفة هو البطل الأول في بلاد المغرب، أما دياب بن غانم فهو البطل في الجنوب.

بين زناتي السيرة الهلالية وهيكتور الالياذة

من أكثر النقاط المثيرة للاهتمام في سيرة الزناتي خليفة، أن كاتبها قد صاغها لتقترب كثيراً من سيرة هيكتور بطل طروادة في ملحمة الإلياذة للشاعر اليوناني الأشهر هوميروس، مما يدفعنا للتساؤل إذا كان الراوي العربي قد اطلع على نصوص الملحمة اليونانية قُبيل صياغته للسيرة الهلالية.

من نقاط التشابه الواضحة بين شخصيتي هكتور والزناتي خليفة، أنه إذا كان مبدع الإلياذة قد جعل مقتل هكتور على يد أخيل، البطل اليوناني الغاضب على قيادات جيشه، فأن الراوي الشعبي العربي قد مشى على الخطى ذاتها، إذ جعل نهاية الزناتي خليفة على يد دياب بن غانم، وهو البطل الذي فارق جماعته غاضباً من السلطان حسن وأبي زيد الهلالي.

أيضاً، تبدو دوافع الرجلين (أخيل/ دياب) متشابهة، فالأول يعمل على الانتقام لقريبه بتروكلوس الذي قتله هكتور، بينما كان السبب الذي حرك دياب ودفعه للتوجه لقتال الزناتي، هو أن الأخير قد صرع عامر الخفاجي - صديق دياب- على أرض الميدان.

وكما هو الحال فيما يخص واقعة مقتل هكتور في الالياذة، فقد حظيت لحظة مقتل الزناتي خليفة، بالنصيب الوافر من التركيز والاهتمام، إذ تظهر السيرة الشعبية أن الأمير غانم، عرف أنه لن يتمكن من هزيمة الزناتي في أرض المعركة، ولذلك أرسل إلى ابنه دياب، مستغيثاً إياه، فكان مما قاله له:

أخرب أبو سعدى جميع مساكنا/ وما عاد لنا سامع ومجيب

دائر كما الدواب وولد غانم/ ينادي دياب مين لقا هريب

طاردته ثلاثة أيام ثم أربعة/ شمس الضحى بعد الدموع تغيب

قتلت جواده طلب الشمس باكر/ جاء من قدمته سريع عجيب

ألا يا دياب الخيل أسرع نحونا/ واقتل خليفة يا أمير غصيب

قتل خليفة ابن عمك زامل/ وأخوك عند ما عاد فيه نصيب

وهكذا تُسلط الأضواء على حادثة مقتل الزناتي، وكيف أن دياب قد سدد حربته، "فأصابت عين الزناتي وخرجت من قفاه"، وكيف "عُلق رأس الزناتي على أسوار تونس، وحرم دياب دفن جثمانه، طارحاً إياه في العراء لتنهشه جوارح الطير..."، وذلك بحسب ما يذكر شوقي عبد الحكيم في كتابه "سيرة بني هلال".

قد يُثار التساؤل هنا عن السبب الذي حدا بالراوي الشعبي لاختيار تلك النهاية الدامية المؤسفة للبطل التونسي، فلم اختار الراوي الشعبي أن يُقتل الزناتي خليفة، عوضاً عما حددته المصادر التاريخية بانزواء المعز بن باديس في مدينة المهدية بعيداً عن مشاغل الحكم ومتاعب السلطة؟

في الحقيقة، كان الاختيار الأول، هو الاختيار الأكثر توافقاً مع مفهوم البطولة بمعناه الشعبي الملحمي، وهو المفهوم الذي لطالما احتفى بالشهداء الذين قضوا نحبهم في سبيل الدفاع عن قضيتهم العادلة، ويظهر ذلك بشكلٍ واضح فيما روي عن الزناتي نفسه في لحظاته الأخيرة، إذ يقول فيما يشبه الحكمة الخالدة:

نفس الفتى لا بد من زوالها/ الأيام والدنيا سريع زوالها/ تطوي عزيز ثم تطوي أرذالها/ قولوا واخراب الدار عقب اعتدالها

كما أن البُعد الوطني الاستشهادي في شخصية الزناتي خليفة، يتضح على أفضل ما يكون في جملته التي لطالما رددها قُبيل صراعه مع أبطال الهلالية، إذ قال الراوي على لسانه:

أنا البطل الزناتي/ للوطن بايع حياتي


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image