"منذ 27 عاماً قابلت زوجتي...كانت علاقتنا أروع من أي علاقةٍ انخرطت بها في السابق. ظننت أن زواجنا يسير على خير ما يرام لحين أن قالت لي في العام 1995: "لقد تغيّرت مشاعري. لا يتعلق الأمر بك. لا تأخذ المسألة شخصية" ومنذ ذلك الحين عشنا مثل أخ وأخت، نعمل معاً، نادراً ما نتجادل ونُربي أولادنا، ولكن ليس هناك أيّ رابط جسدي بيننا".
هذا ما باح به أحد الأشخاص للكاتبة هارا إستروف مارانو في موقع سيكولوجي توداي، والتي أوضحت له أن القاعدة غير المعلنة لزواجه هي تجنّب الصراعات والخلافات بأيّ ثمن، مشيرةً إلى أنه من غير المنصف على الإطلاق إقدام زوجته على تغيير شروط العلاقة والامتناع عن مناقشة المسألة طوال هذه السنوات، هذا وتوجّهت هارا إلى الزوج بسلسلةٍ من الأسئلة من بينها: لماذا لم تتحدّث عن نفسك كزوج وتصرّ على المناقشة حتى ولو كان ذلك يزعج زوجتك؟كيف توقعت زوجتك أن تُلبّي احتياجاتك الجسدية بعد التخلي عنك جنسياً وعاطفياً؟ ألم تسأل نفسك ماذا كانت تفعل لتشبع رغباتها الجسدية؟ هل فكرت باحتمال انخراطها في علاقةٍ غراميةٍ خارج إطار الزواج؟
وختمت مارانو ردّها بالقول: "لقد تأخرت أنت وزوجتك 13 عاماً عن إجراء محادثةٍ حقيقيةٍ. المواجهة لا يجب أن تكون سيئة. قد تبدأ بإخبار زوجتك عن الألم الذي كنت تعانيه خلال السنوات الماضية. وفي حال لم تتعاطف مع مشاعرك المؤلمة فإن مفهوم "الأخ والأخت" لن يقضي على الصقيع في منزلك".
هذه الحادثة قد تحصل مع أي شخصٍ مرتبط بعلاقةٍ عاطفية، فمع مرور الوقت والضغوطات اليومية والهواجس الحياتية من المرجح أن تمرّ بعض العلاقات الزوجية بمرحلةٍ من الصقيع العاطفي والبرودة الجنسية، فصحيح أن مشاعر الحب تبقى موجودة في الكثير من الأحيان إلا أن الشغف قد يغيب أحياناً بين الطرفين، فيشعر المرء أن العلاقة بينه وبين الطرف الآخر باتت أخوية بامتياز، الأمر الذي من شأنه جعل العلاقة الجنسية في طيّ النسيان أو حتى الامتناع عنها وكأنها من "المحرّمات".
أين ذهب الشغف؟
بعد مرور سنوات على الارتباط بينكما، هل لاحظتما أن علاقتكما الجنسية أصبحت مجرّد علاقةٍ ميكانيكيةٍ خالية من الرومانسية ومن المشاعر الجيّاشة؟ هل تفتقر حياتكما الزوجية إلى الشغف والإثارة في غرفة النوم؟ هل ينام كل شخص منكما في غرفةٍ منفصلةٍ ام أنكما تتقاسمان السرير نفسه إنما كأخ وأخت فقط؟
في حال وصلتم إلى هذا النمط من العلاقة العاطفية وباتت حياتكم الجنسية في مرحلة الركود، فلا تفزعوا من ذلك، إذ أنه من الشائع بالنسبة إلى الأزواج في مرحلةٍ ما من علاقتهم، اختبار "المدّ والجزر" في حياتهم الجنسية، ولكن في حال كان أحد الطرفين غير مهتم جنسياً بشريكه لفترةٍ زمنيةٍ متواصلة، فعندها قد يكون هناك خطأ ما في العلاقة نفسها.
مع مرور الوقت والضغوطات اليومية والهواجس الحياتية من المرجح أن تمرّ بعض العلاقات الزوجية بمرحلةٍ من الصقيع العاطفي والبرودة الجنسية
في الواقع يكثر الحديث عن مدى أهمية أن يتصرّف المرء كالصديق/ة والأخ/ الأخت مع الطرف الآخر، إذ تعدّ الأخوة والصداقة عاملين مهمين في نجاح أي علاقة عاطفية، غير أن الجرعة الزائدة من الصداقة قد تساهم أحياناً في الوصول إلى حياةٍ جنسيةٍ غير مرضية، أو حتى علاقة زوجية تقوم على قاعدة عدم ممارسة الجنس، نظراً لغياب الرغبة الجنسية من الأساس.
صحيح أنه في عالمنا العربي يخجل العديد من الأشخاص من التحدث بحريةٍ عن علاقاتهم العاطفية في حال كانت تمرّ بمرحلةٍ من الجفاف والركود، غير أن فكرة اللجوء إلى أخصائي في العلاقات الزوجية باتت تأخذ حيّزاً واسعاً ومساحة معيّنة من التفكير.
ومع مرور الوقت، باتت عيادات الأخصائيين في المسائل الزوجية تعجُّ بالأشخاص الساعين إلى تحسين حياتهم العاطفية، بعد أن لاحظوا أن علاقاتهم الزوجية تحولت إلى علاقة تعايش لا أكثر ولا أقل، فصحيح أن هؤلاء الأزواج لا يكرهون بعضهم البعض إنما يشعرون بالملل وبغياب الشغف والرغبة الجنسية، فيكتفون بتجاذب أطراف الحديث والاهتمام ببعضهم البعض من دون وجود أي انجذابٍ جنسي، تماماً كالعلاقة التي تميّز الإخوة والأصدقاء.
أسباب البرودة الجنسية
الحقيقة أن معظم العلاقات العاطفية تكون في بداياتها مدفوعة بالعاطفة والشغف والحماسة الجنسية، إلا أنه في غضون بضع سنوات فقط قد تتحول العلاقة الزوجية إلى علاقة ودّ وتتخذ طابع الأخوة والصداقة، أما الأسباب فتختلف وفق كل ثنائي، وقد تتخذ أشكالاً عديدة:
- اعتبار الجنس مسألةً ثانويةً وغير مهمة.
-النشوء في كنف عائلات لم تقدم الحياة الجنسية بشكلٍ صحي.
-تحوّل الشريك/ة إلى شخصيةٍ أبوية.
-الشعور بالرضا بما فيه الكفاية عن الحياة الجنسية الحالية، والاعتقاد بأن البدء في التغيير سيهز القارب.
-تطوير حياة جنسية نشطة خارج العلاقة الزوجية، أو ابتكار حياة من نسج الخيال عبر الإدمان على المواد الإباحية.
-الشعور بفقدان الطاقة وانخفاض الرغبة الجنسية.
في معرض الحديث عن أسباب فقدان الرغبة الجنسية والفتور العاطفي الذي قد يحصل بين الأزواج، كشفت أسماء (اسم مستعار) لرصيف22، أنها اختبرت البرودة الجنسية مع زوجها في الفترة التي تلت مرحلة الإنجاب: "بعد الولادة، شعرت بنوعٍ من النفور الجنسي تجاه شريكي، كنت أنظر إليه كأخٍ وسند ولم أكن أتخيّل أن أمارس الجنس معه".
وأشارت أسماء، البالغة من العمر 29 عاماً، إلى أنها كانت تحاول الهروب وخلق الأعذار كلما حاول زوجها الاقتراب منها: "بالأول كنت شوفو متل خيي، تخايلي أعمل معوsex! حتى البوسة استغربها وما فهمت أبداً سبب هالنفور منّو"، وتضيف ضاحكة: "بس بعد فترة رجع الـpassion (الشغف) متل الأول وأكتر...".
واللافت أنه بالنسبة إلى مثل هذه الحالات، ينصح الأطباء السيدات في العادة بالانتظار لمدة 6 أسابيع بعد الإنجاب قبل معاودة النشاط الجنسي، ففي العام 2005، قام فريق من مستشفى سان جورج في لندن بدراسة تأثير الولادة على الصحة الجنسية، وتبيّن أن 83% من النساء عانين من مشاكل جنسية، مثل الألم أو الجفاف المهبلي أو غياب الرغبة الجنسية بعد الإنجاب.
كيفية إشعال العلاقة بين الأزواج؟
لا يمكن التعميم والجزم بأن الوقت "يقتل" الرغبة الجنسية وأن العلاقة العاطفية تتحوّل بالضرورة إلى علاقة "أخوّة" مع مرور الزمن، إذ أن العديد من الأشخاص ارتبطوا ببعضهم منذ فترةٍ طويلةٍ، ومع ذلك فإنهم يعيشون حياة جنسية مزدهرة ومليئة بالإثارة والشغف.
تعرفت نيفين (اسم مستعار) على زوجها منذ حوالي 10 سنوات، وشعرت بالحب من أول نظرة، وفق ما أكدته لموقع رصيف22: "من أول ما تعرفت عليه حسّيت إنو هيدا هو الشخص يلي بدي كفي حياتي معو بس من تاني جهة كان عندي خوف من الإرتباط على قد ما منسمع إنو الزواج مقبرة الحب"، وبالفعل بقيت تؤجل مسألة الزواج لحين أن اقتنعت في نهاية المطاف بضرورة المجازفة: "قررت أخذ risk (مخاطرة) وصرت قول لحالي إنو لو كل واحد بدو يفكر متلي ما كان حدا اتزوج".
وبالفعل ارتبطت نيفين (30 عاماً) بحبيبها ومرّ على زواجهما عدة سنوات وبقيت نار الحب متقدة، بحسب تأكيدها: "في شي بيناتنا كتير قوي وما بيموت، أكيد في أوقات منمرق بفترة برودة بسبب انشغالاتنا وظروفنا الاقتصادية الصعبة شوي بس هالوضع ما بطوّل كتير، عنّا قاعدة ماشيين عليها من أول ما تزوجنا: نحكي كل شي بقلبنا وولا مرة ننام من دون ما عالقليلة نبوس ونغنج بعضنا...".
صحيح أن هؤلاء الأزواج لا يكرهون بعضهم البعض إنما يشعرون بالملل وبغياب الشغف والرغبة الجنسية، فيكتفون بتجاذب أطراف الحديث والاهتمام ببعضهم البعض من دون وجود أي انجذابٍ جنسي، تماماً كالعلاقة التي تميّز الإخوة والأصدقاء
في هذا الصدد، أكّد موقع Quentin hafner أن الحصول على حياةٍ جنسيةٍ مزدهرة يتطلب الكثير من المخاطرة والوقت والجهد، ولكن بمجرد أن تصبح العادات الجنسية صحية والمحادثات الحميمية حول الحياة الجنسية مسألة روتينية، تصبح الحياة الجنسية مرضية.
من هنا ينصح الموقع الأزواج بالتفكير ملياً بمشاعرهم حول الجنس وبحقيقة ما يؤمنون به، مشيراً إلى أن التقبيل واللمس والمغازلة والاحتضان ومشاركة الأوهام الجنسية، كلها أمور من شأنها مساعدة الأزواج على الخروج من "منطقة الأصدقاء".
بمعنى آخر، إن تطوير العادات والطقوس اليومية مع شريك الحياة هو المفتاح للحفاظ على علاقةٍ عاطفيةٍ مليئةٍ بالشغف والإثارة، فلا بأس من المرور بمرحلةٍ من الركود العاطفي والجنسي، ولكن من المهم الخروج من هذه الدائرة، بخاصة وأنه لا يمكن إنكار أننا كبشر نُعتبر مخلوقات جنسية، والجنس جزء لا يتجزأ من نجاح العلاقة بين الأزواج.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون