أمام جمهور حاشد ينشد الشيخ ياسين التهامي "إذا ما بدت روحي"، وبصوته القوي يردد علي الهلباوي نشيد "قل للمليحة" الذي اشتهر به، وبملابسها الصوفية المميزة تنشد فرقة الحضرة "سكن الفؤاد"، ويهز الجمهور رأسه باستمتاع وهو يستمع للشيخ أحمد التوني الذي يؤكد أن "الله محبة"، أما صليب صوفي فاختار أن يمزج بين الأناشيد الإسلامية والترانيم القبطية. هذه خمس تجارب مصرية تستحق أن تستمعوا لأصحابها الذين سيجعلونكم "تطيرون للسماء السابعة".
في حضرة سلطان المداحين
مساء يوم 25 آب/أغسطس الجاري وقف الآلاف من المصريين أمام مسرح مهرجان القلعة الدولي للموسيقى والغناء في دورته الـ 28، وهم يستمعون بتركيز شديد للمنشد المصري الشيخ ياسين تهامي، الذي قدم خلال الأمسية مختارات من أشهر المدائح والتواشيح والابتهالات الدينية ومجموعة من الأعمال والقصائد الصوفية التراثية التي تفاعل معها عشاقه ومحبوه.
"سلطان المداحين"، "بلبل الصعيد"، "شيخ المنشدين"، نماذج من ألقاب عديدة يطلقها المصريون على التهامي الذي ولد في صعيد مصر، وبالتحديد في محافظة أسيوط في العام 1949، واسمه الكامل هو ياسين التهامى حسنين محمد، ودائماً يقول "بلبل الصعيد" إن لنشأته الدينية وسط عائلة ينتسب معظم أفرادها للطرق الصوفية أثراً واضحاً على حبه للمديح.
حفظ الشيخ ياسين القرآن وجوّده فكان ذلك سبباً في امتلاكه اللغة العربية، وساعد على تقويم لسانه بالفصحى، وساعده أيضاً فى حفظ الأشعار الصوفية، وقد التحق بالأزهر الشريف، حتى وصل إلى السنة الثانية من الثانوية فيه، لكنه تركه بسبب عشقه للمديح والإنشاد الديني، اللذين قرر أن يتفرغ لهما من العام 1970، وهو في الواحدة والعشرين من عمره.
للشيخ ياسين ابن يدعى "محمود" سار على درب والده، وأصبح أحد أبرز المنشدين في مصر، ويلقبه الكثيرون بفارس الإنشاد.
للتهامي العشرات من الأناشيد الصوفية التي يطلبها منه جمهوره في حفلاته، وأشهرها مولد الحسين، ومولد السيد أحمد البدوي، ومنها النفس تبكي على الدنيا، قلبي يحدثني، أين المفر، حفظت هواك، أكاد من فرط الجمال أذوب...
على قناة الشيخ ياسين التهامي على يوتيوب، يمكنكم الاستمتاع بأجمل أغانيه.
علي الهلباوي
تحقق حفلات المنشد علي الهلباوي في ساقية عبد المنعم الصاوي بالقاهرة وفي دار الأوبرا المصرية وغيرهما من الأماكن نجاحاً كبيرة، وكثيراً ما يأتي للهلباوي جمهور كبير يعشق الأناشيد الصوفية، فيتمايل في خشوع وهو ينشد "قل للمليحة"، و "ابعت لى جواب"، و"مرسال لحبيبتي"، و"واسع الملكوت".
ولد الهلباوي في العام 1977، ووالده هو المنشد محمد الهلباوي، الذي علمه فن الإنشاد وجعله ينشد أمام الناس منذ كان عمره 6 سنوات.
يقول الهلباوي لرصيف22 إنه، إلى جانب الإنشاد الديني، يؤدي العديد من الأغاني العاطفية التي تعجب الجيل الجديد، لكنه يقدمها بطريقة مختلفة، بطلها هو "العفة" حتى أصبح له مريدون من جميع الأجيال، بحسب قوله، ويضيف: "أغني أغاني الحب الطاهر على نحو لا يتناقض وروح المنشد التي تعيش داخلي".
نجح الهلباوي في أن يغير معادلة المنشد الديني، الذي كان لا يغنى غالباً إلا في المناسبات الدينية والموالد فقط، إذ باتت له حفلات شبه ثابتة في أماكن مهمة، منها ساقية الصاوي ومراكز ثقافية وفنية أخرى طوال العام وليس في وقت محدد.
على مسرح الساقية، يشعر الهلباوي بالحرية التي يعشقها، خصوصاً أن غالبية جمهوره من الشباب، كما أنه لا يضطر لارتداء ملابس رسمية، “أرتدي ملابس بسيطة، وأشعر هناك أنني بين أصدقائي"، يقول.
نور ناجح… من فيسبوك إلى المسارح المصرية
في العام 2015 أراد المنشد الشاب نور ناجح أن ينشيء فرقة مصرية خالصة تغني أغاني صوفية، كي تجذب فئة الشباب لهذا اللون من الفن، فنشر إعلاناً على فيسبوك يطلب فيه منشدين من الشباب للانضمام للفرقة، فتواصل معه العديد من عشاق الأغاني الصوفية، وبسرعة شديدة تكونت الفرقة التي حققت نجاحاً كبيراً في وقت قياسي.
تعتبر فرقة الحضرة أول فرقة مصرية للإنشاد الصوفي الجماعي، وتتكون من 11 عضواً أكبرهم عمره 41 عاماً وأصغرهم عمره 21 عاماً، وهناك زي رسمي للفرقة يتكون من جلباب أبيض وعمامة خضراء اللون.
ينتمي أغلب أعضاء الفرقة لطرق صوفية مختلفة، منها الطريقة النقشبندية والخليلية والبرهانية.
5 أسماء في الإنشاد الديني الصوفي في مصر تستحق أن تستمعوا لأصحابها لكن لا تغرنكم المظاهر فبعض المنشدين هم مسيحيون مزجوا بجمالية فائقة بين الإنشاد الصوفي والترانيم الكنسية… سيجعلونكم "تطيرون للسماء السابعة"
يقول المنشد علي الهلباوي لرصيف22 إنه، إلى جانب الإنشاد الديني، يؤدي العديد من الأغاني العاطفية لكنه يقدمها ، بطريقة مختلفة، بطلها هو "العفة" حتى أصبح له مريدون من جميع الأجيال. نجح الهلباوي في أن يغير معادلة المنشد الديني الذي كان لا يغنى غالباً إلا في المناسبات الدينية والموالد فقط
وفي جميع حفلاتها لا تستخدم الفرقة سوى ثلاث آلات موسيقية هي الناي والدف والعود، واللافت أن لدى جميع أعضائها وظائف أخرى يمارسونها إلى جانب الإنشاد في الحفلات، فمنهم المدرس والموظف في البنك والإمام في وكتاب صحافيون.
اشتهرت الفرقة بالعديد من الأناشيد، أبرزها، "حلفت بسرك الأسمى يميناً" للشيخ أحمد أبوخليل و"إني جعلتك في الفؤاد محدثي" لرابعة العدوية، و"المسك فاح" للشيخ صالح الجعفري.
التوني "ساقي الأرواح"
اشتهر الشيخ أحمد التوني، الذي ولد في الصعيد عام 1932 بعدة ألقاب، منها، "ساقي الأرواح" و"سلطان المنشدين"، ويحسب له أنه استطاع بسبب أهمية موهبته الخروج بالغناء الصوفي من المحلية إلى العالمية، إذ أحيا حفلات في دول غربية عديدة.
بدأ التوني رحلته في عالم الإنشاد الصوفي قبل نحو سبعين عاماً، حين كان طفلاً يحضر بعض حلقات الذكر في محافظته أسيوط، ثم بدأ يقلد من يستمع إليهم من أمثال الشيخ أحمد حسّونة والشيخ الشبيطي والشيخ مرزوق والشيخ القبيصي. وقد حفظ كلمات للعديد من شعراء الصوفية مثل أبو العزايم وابن الفارض والحلاج.
أشهر أناشيد التوني هو "الله محبة"، الذي يحبه جمهوره وكثيراً ما يطلبونه منه بصوت عال في حفلاته التي يحضرها مسيحيون أيضاً.
ويعتبر الشيخ ياسين التهامي أحد أهم تلاميذ الشيخ التوني.
توفي "ساقي الأرواح" في العام 2014 بعدما قدم مئات الأناشيد الصوفية التي أبهرت جمهوره في جميع موالد مصر وفي دول أخرى، منها فرنسا وبلجيكا وأمريكا.
صليب صوفي
يمزج الفنان المصري صليب فوزي مؤسس مشروع "صليب صوفي" الفني بين الألحان القبطية الأرثوذكسية والأغاني الصوفية والمديح، وتحقق تجربته نجاحاً لافتاً في مصر.
في حفلاته في مصر وخارجها تتمايل رؤوس الحضور إذ ينشد صليب لهم "يا أعظم المُرسلين.. يا جليس الذاكرين.. ويا أنيس الموحدين".
ويتكون مشروع صليب صوفي من ستة شباب، ويقول لرصيف22 إنه درس الإعلام لكن حبه للموسيقى كان أقوى.
وقبل توجهه للفن كان فوزي شماساً (من يقوم بخدمة الكنيسة) في إحدى كنائس الصعيد، ويعتبر أن انضمامه لكورال جمعية الصعيد بقيادة الراهبة سيلست خياط هو المحطة الأساسية والملهمة لكل ما وصل إليه فنياً وانسانياً، وقتذاك بدأ حلمه بتكوين فرقة تمزج بين الإنشاد الصوفي والألحان القبطية والمديح.
وتحقق حفلات فوزي نجاحاً داخل مصر وخارجها، وينال ما يقدمه إعجاب المسيحيين والمسلمين على السواء، ويرى أن تنوع جمهوره يعني نجاحه، لأنه يقدم فناً للجميع وهدفه الأساسي نشر التسامح.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...