قضت محكمة مغربية بالحبس النافذ 3 أشهر وغرامة قدرها 500 درهم (52 دولاراً أميركياً) في حق طالب بمعهد التنشيط الثقافي والفن المسرحي، لاتهامه بسب رئيس الحكومة المغربية السابق عبد الإله بنكيران في رسالة نصية أرسلها له.
ووصف الطالب بنكيران في الرسالة بـ"الكلب"، وذلك لعدم استجابته طلباً بإعطائه منحة دراسية لتتم إدانته قضائياً بتهمة "السب والقذف".
ما القصة؟
بدأت القصة حين تقدم بنكيران بشكوى إلى النيابة العامة في الرباط قائلاً إن أحد الطلبة الجامعيين هاتفه قبيل عيد الأضحى، وأخبره بتعسر ظروفه المادية وعجزه عن قضاء العيد مع أسرته، ليطلب منه الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية الذهاب إلى منزله وسط العاصمة المغربية، حيث منحه 200 درهم (20 دولاراً) من خلال أحد مساعديه، وفق صحف محلية.
غير أن أحد أصدقاء الطالب عندما علم بمساعدة بنكيران المالية، قرر اللجوء إليه بدوره ليطلب منه إعادة ملف قضائي يخصه، سبق له أن سلمه إلى بنكيران. لكن رئيس الحكومة السابق أغلق الخط بوجهه، وهذا ما أثار غضبه ودفعه إلى إرسال الرسالة التي وصف فيها بنكيران بـ"الكلب"، ليحرر الأخير ضده شكوى قانونية.
وإثر شكوى بنكيران، ألقت السلطات المغربية القبض على ثلاثة طلاب، أحدهم الذي أرسل الرسالة، وصديقه الذي منحه رقم بنكيران، وصاحب الهاتف الذي أرسلت منه الرسالة.
وبعد إيداع الثلاثة سجن العرجات، قضت المحكمة ببراءة مانح الرقم وصاحب الهاتف واكتفت بالحكم الصادر بحق مرسل الرسالة.
"الفقر هو السبب"
وبعيداً عن رواية بنكيران، أكد أحد المبرئين في القضية لموقع هسبريس المحلي، أن سعيد (صديقه الذي أرسل الرسالة) كان يسعى إلى "التواصل مع بنكيران غير مرة، وردة فعله المتشنجة جاءت بعد إقفال الخط في وجهه".
وأوضح أن "العلاقة بين سعيد وبنكيران قديمة، فقد سبق أن سلم إليه وثائق تثبت أنه ابن خيرية للا مريم (ملجأ أيتام بالعاصمة)، وطلب منه أن يساعده في الحصول على منحة لمواصلة الدراسة بالخارج".
وأشار إلى أن علاقته هو شخصياً ببنكيران انتهت بعد تسلمه المساعدة المادية من القيادي الإسلامي، معتبراً أن منحه الرقم لصديقه ورطه في القضية.
وأكد الطالب الجامعي أنه ذهب إلى بنكيران في اليوم الثاني من عيد الأضحى، ومنحه المبلغ المشار إليه سلفاً، مشدداً على أن صديقه، سعيد، "ليس معصوماً من الخطأ، ولم يطلب سوى منحة دراسية، بحكم أنه يتيم الأب والأم".
تعرض للإذلال
ونقل الموقع المحلي عن "أم سعيد بالتبني" قولها إنها "لم تعد قادرة على تحمل مصاريف الابن"، معربةً عن دهشتها لعدم حصوله على المنحة طوال فترة دراسته.
رئيس الحكومة المغربية السابق عبد الإله بنكيران يتسبب في السجن 3 أشهر لطالب "يتيم" قصده للحصول على منحة دراسية، وأسرته تؤكد أن القيادي الإسلامي "أذله"
الناشط الحقوقي والمحامي المغربي نوفل بوعمري يذكر بنكيران بتاريخه في هجاء معارضيه ونعتهم بأبشع الأوصاف، مؤكداً أن الفرق بينه وبين الطالب الذي نعته بـ"الكلب" هو التقدم بشكوى رسمية
واتهمت السيدة المغربية بنكيران بـ"تحقير الشاب وعدم الرد على اتصالاته المتكررة عبر الهاتف"، مردفةً "سعيد شاب مغربي ابن الشعب والملك، ولا يريد سوى حقه في المنحة".
وطالبت ختاماً بإطلاق سراحه ومنحه المنحة التي اعتبرتها "حقاً له".
"فعلها بنكيران مراراً مع خصومه"
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، أبدى كثيرون تعاطفاً مع الطالب المتهم وغضبهم من تصرف القيادي الإسلامي، فيما عتب البعض على الطالب ووصفه بنكيران بـ"الكلب" الذي يعد رمزاً للوفاء، لافتين إلى أن وصف "التمساح" كان أنسب.
في حين كتب الناشط الحقوقي والمحامي المغربي نوفل بوعمري، عبر حسابه على فيسبوك: "من حقه (يقصد بنكيران) أن يتقدم بشكاية وواجب النيابة العامة أن تطبق القانون، لكن لدي سؤال لابن كيران: ألم يسبق لك أن وصفت عمر بن جلون بالكلب الأجرب؟".
وعمر بنجلون هو محامٍ ونقابي وسياسي يساري مغربي اغتالته إحدى الفصائل الإسلامية المتشددة في البلاد عام 1975. ونسب لبنكيران أثناء محاكمة المتهمين بقتله أن خرج وصرح: "أمن أجل كلب أجرب يحاكم خيرة شبابنا؟".
وأضاف بوعمري: "ألم تصف وزيراً في الحكومة الحالية بالحقير وقبله بالبوانضية وغيرهما"، مشيراً إلى أن الطالب "وصفه بالكلب بينما كان هو يصف معارضيه مقهقهاً بالتماسيح، كلا الوصفين يعودان للحيوانات".
ثم ختم: "عليه أن يعلم أن لا فرق بينه وبين هؤلاء الطلبة فقط، هو تقدم بشكاية ضدهم والآخرون أعرضوا عنه وعن سبه لهم".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...