أكد وزير السياحة السوري محمد رامي مرتيني، في 19 آب/أغسطس، أن أعداد السائحين الذين زاروا سوريا خلال العام الجاري "قياسية ومدهشة ولافتة" على نحو فاق توقعات أشد المتفائلين من المسؤولين والعاملين في القطاع.
وخلال مقطع فيديو بثه حساب رئاسة مجلس الوزراء السوري عبر فيسبوك، قال الوزير السوري إن "العدد كبير جداً وغير مسبوق" مشيراً إلى أنه يعيد البلاد إلى فترة ما قبل الحرب.
وأضاف مرتيني أن هذا الإقبال تحقق بفضل "تضحيات الشهداء وإعادة الجيش السوري الأمن للبلاد، بالإضافة إلى وجود جيش خدمي أو جيش رديف يعمل من خلال تضافر جميع الجهود على توفير أفضل الظروف لاستقبال السياح".
"سوريا الحياة"
وبيّن المسؤول أن الإقبال على سوريا خلال أيام العيد تحديداً كان مفاجئاً لأفضل المتفائلين، لا سيما "إقبال المغتربين السوريين على العودة إلى البلاد"، مؤكداً أنه "لم تكن هناك غرفة فارغة في أي فندق في جميع المناطق السياحية، والمشكلات كانت في أدنى مستوياتها، مثل ارتفاع الأسعار ببعض المنشآت السياحية خلال العيد".
ولفت إلى أن "هذا النشاط السياحي يكشف عن سوريا الحقيقية... سوريا الحياة"، موضحاً أن بعض المناطق سجلت إقبالاً سياحياً يفوق مرحلة ما قبل الحرب التي اندلعت عام 2011، أبرزها اللاذقية (شمال غربي البلاد).
ووفق أحدث رصد لوزارة السياحة السورية، "بلغ عدد الوافدين منذ بداية العام 2019 حتى نهاية حزيران/يونيو الماضي مليون ومئة وعشرين ألف زائر، أي قرابة 6222 زائر يومياً، مسجلاً زيادة قدرها 76% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي (650 ألف زائر )".
"سائقون وزوار شيعة"
في المقابل، أكد مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في باريس سلام الكواكبي لرصيف22 أن "لا معلومات موثوق بها بشأن هذا الرقم"، لافتاً إلى أن "أجهزة الدولة السورية عودتنا مثل هذه الإحصاءات المغلوطة، فلا يمكن الأخذ بها في أي حال من الأحوال".
وأضاف ساخراً "ربما يقصد الوزير عدد أفراد الميليشيات اللبنانية والإيرانية والعراقية الذين يدخلون إلى البلاد للقتال، أو قد يعني بالرقم عدد الحجاج الإيرانيين والعراقيين واللبنانيين الذين جرى الاتفاق منذ زمن بعيد على تنظيم زياراتهم إلى أماكن مقدسة للطائفة الشيعية في سوريا، بعضها حقيقي وبعضها الآخر مستحدث".
وزير السياحة السوري يؤكد أن الإقبال السياحي خلال العام الجاري "مدهش وغير مسبوق وقياسي"، لكن الباحث السوري سلام الكواكبي يؤكد لرصيف22 أن السلطات تمارس الخداع وتسجل كل من يدخل حدود البلاد "سائحاً" حتى إذا كان "مقاتلاً أو سائقاً"
وزارة السياحة السورية تزعم أن أكثر من 6222 سائحاً يقصدون البلاد يومياً، قرابة مليون ونصف المليون خلال العام الجاري فحسب، والباحث السياسي السوري سلام الكواكبي يفند هذه المزاعم
وأردف الكواكبي شارحاً "عودتنا وزارة السياحة (السورية) حتى قبل العام 2011، تضمين كل من تسجل النقاط الحدودية دخولهم ‘كسياح‘... حتى لو كانوا سائقين على الخطوط البرية".
لكنه أشار في الوقت نفسه إلى "وجود عودة أوروبية خجولة، وخصوصاً في أوساط اليمين المتطرف والمنظمات المسيحية المتطرفة، لتنظيم رحلات يسمونها ‘سياحية‘ من أجل زيارة بعض الأماكن في دمشق ومحيطها والساحل".
وعلى الرغم من أن الإحصاء الأخير لوزارة السياحة السورية لم يحدد البلدان التي قدم منها الزائرون أو أسباب الزيارة (نوع السياحة)، فإن الأرقام السابقة التي تتعلق بحركة النشاط السياحي إلى سوريا عام 2017، بينت أن غالبية الزوار كانوا من الجنسيات "اللبنانية والعراقية والروسية والأردنية والإيرانية والباكستانية والأمريكية والبحرينية".
وكان الإحصاء المشار إليه نبه إلى أن 161 ألفاً من مليون و300 ألف دخلوا البلاد في عام 2017، دخلوها بغرض السياحة الدينية وقضوا قرابة 860 ألف ليلة خلال العام نفسه.
مساعٍ لتشجيع السياحة
وبحسب الأمم المتحدة، تشهد سوريا، منذ آذار/مارس عام 2011، صراعاً أجبر أكثر من نصف السكان على ترك منازلهم والنزوح داخلياً أو اللجوء إلى دول أخرى في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية خلال العصر الحديث.
تسببت الحرب بضرر كبير للاقتصاد السوري، بعدما دمرت البنى التحتية في المناطق المتنازع عليها، وفر العديد من السوريين إلى الخارج. وبرغم استرداد النظام بعض المناطق، تصر جماعات حقوقية دولية ومحلية على أن الأوضاع الأمنية في البلاد، التي تشهد قصفاً لمناطق تسيطر عليها المعارضة بانتظام مع شهادات حول استمرار الاختفاء القسري والتعذيب والاحتجاز الذي شمل كثيرا من الأجانب والسوريين، ليست مؤهلة لعودة حتى مواطنيها في الخارج.
ويسعى النظام السوري إلى تشجيع النشاط السياحي في البلاد، لبث رسالة طمأنة مفادها أن المناطق التي بات يسيطر عليها آمنة تماماً، ولجني أرباح تعوض عن خسائر الحرب عبر "إعادة مساهمة القطاع السياحي في بناء اقتصاد البلاد من خلال دعم السياحة الدينية والشاطئية والسياحة الداخلية والشعبية".
في هذا الإطار، اعتمدت الحكومة السورية، في تموز/يوليو الماضي، خطة وزارة السياحة التي تمتد حتى عام 2030، وتستهدف الوصول إلى قرابة 100 ألف سرير (غرف الفنادق)، مقابل 32 ألفاً حالياً، و300 ألف كرسي إطعام و9.6 مليون زائر، مع تأمين 104 ألف فرصة عمل مباشرة عند انتهاء تنفيذ الخطة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...