شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
كان صندوق أسرار مبارك ومُصدّر الغاز لإسرائيل… رحيل رجل الأعمال حسين سالم

كان صندوق أسرار مبارك ومُصدّر الغاز لإسرائيل… رحيل رجل الأعمال حسين سالم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 13 أغسطس 201905:49 م

توفي، في الساعات الأولى من صباح 13 آب/أغسطس، رجل الأعمال المصري البارز حسين سالم في إسبانيا عن عمر ناهز الـ85 عاماً. اقترن اسمه بملفات كبيرة أبرزها تصدير الغاز لإسرائيل وإهدار المال العام. فمن هو الرجل الذي بدأ مسيرته ضابط مخابرات وقال إن مشروعاته تمت بتوجيه من المخابرات المصرية؟

نقلت بعض المواقع المصرية عن "مصدر مقرب من العائلة" لم تذكر اسمه أن سالم الذي توفي بعد صراع طويل مع المرض طلب أن يدفن بجوار حفيده في العاصمة الإسبانية مدريد، مشيرين إلى تحديد موعد للعزاء في القاهرة لاحقاً.

وتحدثت مواقع محلية عن نقل جثمان سالم إلى القاهرة لدفنه في مقابر العائلة "تنفيذاً لوصيته"، وإقامة بعض المستثمرين ورجال الأعمال عزاء له في مدينة شرم الشيخ. وأشارت مواقع أخرى إلى وجود "خلاف" بين أفراد أسرته على مكان الدفن.

من هو حسين سالم؟

كان حسين سالم المولود في 11 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1933، أحد المقربين من الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك ووصف أحياناً بـ"الصديق المقرب" له و"صندوق أسراره".

التحق سالم في بداية حياته بالقوات الجوية وعمل ضابطاً في المخابرات العامة، لكن اسمه لمع رجل أعمال ناجحاً بعدما اعتبر أحد أهم مؤسسي مدينة شرم الشيخ السياحية التي طالما استضافت المؤتمرات الدولية وتعد اليوم قطباً سياحياً عالمياً بارزاً. وبدأ استثماره في المدينة التي كانت تعدّ "المكان المميز لمبارك" في مصر منذ العام 1982.

ومنذ سقوط نظام مبارك بدأ المصريون يبحثون عن "أموال الشعب التي نهبها النظام"، وكان سالم في طليعة المتهمين بـ"التعاون والاستفادة من نظام مبارك" للاستيلاء على هذه الأموال.

وما عزز الشبهات حول علاقة سالم ومبارك هو أن الأول الذي يملك أكبر منتجعات شرم الشيخ، منتجع "موفنبيك جولى فيل"، أمر ببناء قصر كبير على أطراف المنتجع وفق أحدث الأساليب العالمية وأهداه لمبارك.

هروب واتهامات فتصالح

هرب سالم بعد ثورة يناير مباشرةً إلى إسبانيا التي يحمل جنسيتها منذ عام 2008. وخلال الأشهر الأولى بعد الثورة، صدرت بحقه وبحق أفراد أسرته بضعة أحكام بالسجن تراوح بين 7 أعوام و 15 عاماً بتهم تتعلق بـ"إهدار واستغلال المال العام وغسيل الأموال والفساد".

ومن هذه الأحكام السجن سبع سنوات وغرامات مقدارها أربعة مليارات دولار في عام 2011 إثر إدانته بـ"غسل أموال والكسب غير المشروع"، وحكم غيابي في آذار/مارس عام 2012 بالسجن 15 عاماً لإدانته في قضية تصدير الغاز إلى إسرائيل بأقل من أسعاره العالمية، وهذا ما عدّ إهداراً للمال العام.

كذلك صدرت بحقه وحق نجله أحكام بالسجن المشدد 15 عاماً لكل منهما بتهمة الاستيلاء على 35 فداناً من أراضي الدولة، مستغلين علاقتهما بمسؤولي النظام الأسبق.

وألقي القبض على سالم بموجب مذكرة توقيف دولية في عام 2011 في إسبانيا، بعدما حاكمته محكمة غيابياً، ولاحقاً أفرج عنه بكفالة ضخمة، لكنه لم يستطع مغادرة مدريد بسبب مذكرة توقيف حمراء من الإنتربول الدولي بحقه.

ووافقت محكمة إسبانية في أيار/مايو عام 2012 على تسليمه وأولاده إلى مصر للمثول أمام المحكمة. غير أن القرار جرى تعليقه بعد رفعه دعوى يعترض فيها على قرار التسليم لأنه "ينتهك حقوقه الدستورية".

وفي العام 2013، عرض سالم على مصر، التي كان يحكمها الرئيس الراحل والمحسوب على جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، صفقة تصالح يتنازل فيها عن 50% من ثروته مقابل إسقاط جميع الاتهامات عنه. لكن السلطات لم تتجاوب مع اقتراحه.

اتهم بالتربح واستغلال صداقته بالرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، تخلى عن 75% من ثروته ليتمكن من العودة إلى مصر دون ملاحقة قضائية... من هو حسين سالم الذي توفي في 13 من آب/أغسطس الجاري؟
حسين سالم الذي اتهم بتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل بأبخس الأسعار، ودافع عن نفسه مؤكداً أنه عمل "بتوجيهات المخابرات العامة المصرية"، توفي في إسبانيا وأنهى سيرة طويلة من النجاح الاقتصادي والاتهامات والهروب

مرة أخرى حكمت محكمة مصرية أخرى، في أيلول/سبتمبر عام 2014، على سالم ونجله خالد وابنته ماجدة بالسجن 10 سنوات لكل منهم، في قضية الإضرار بأموال شركات البترول في الإسكندرية.

وفي آب/أغسطس عام 2016، تخلى سالم وأفراد عائلته عن 75% من ثرواتهم في صفقة مع السلطات المصرية، قدرت بقيمة 5 مليارات و341 مليوناً و850 ألفاً و50 جنيهاً (قرابة 302 مليون دولار)، على أن تمنحهم حق العودة إلى مصر من دون إمكانية ملاحقتهم قضائياً.

ونص الاتفاق على أن يتنازل سالم للدولة المصرية عن "أي ممتلكات أخرى بجميع أنواعها وصورها داخل مصر وخارجها، إذا ثبت أنها كانت مخفية حتى وقت إبرام التصالح، ولم ترد بالكشف المقدم من قبل الطرف الثاني".

وكان سالم بذلك في مقدّم رجال الأعمال الذين تصالحوا مع الدولة في القضايا المتصلة بالتنازل عن أموال وممتلكات. ونهاية أيلول/سبتمبر عام 2016، طلبت مصر رسمياً من الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) والاتحاد الأوروبي "رفع اسم حسين كمال الدين إبراهيم سالم وأفراد عائلته من قوائم ترقب الوصول"، مسقطةً عنه الاتهامات المنسوبة إليه.

وفي كانون الأول/ديسمبر عام 2018، أعلن جهاز الكسب غير المشروع استعادته 30 مليون جنيه مصري (قرابة مليونَي دولار)، قيمة أصول أخفاها المدير التنفيذي لشركة مملوكة لسالم، في محافظة جنوب سيناء.

أزمة الغاز باقية

وبرغم التصالح وإسقاط التهم، لم يتصالح الكثير من المصريين مع قطب صناعة السياحة والطاقة في البلاد، والسبب ما تشير إليه تقارير بشأن اضطلاعه بدور كبير في تصدير الغاز المصري إلى تل أبيب بأسعار زهيدة، من خلال شركة غاز شرق المتوسط المصرية التي يعد أكبر المساهمين فيها.

الجدير ذكره أن محكمة مصرية برأته في 21 شباط/فبراير عام 2015، هو ووزير البترول المصري الأسبق سامح فهمي و5 متهمين آخرين من قيادات قطاع البترول، في الاتهامات المتعلقة بقضية تصدير الغاز إلى إسرائيل.

كذلك لم ينس الكثيرون أنه كان بمنزلة "مستشار" و"ناصح" لمبارك الذي ثار المصريون عليه في 25 يناير. غير أن العديد من المسؤولين والعاملين في مجال السياحة "يقدرونه" لجهوده الطويلة في "إنعاش" هذا المجال.

"بتوجيهات المخابرات"

منذ توقيع اتفاق المصالحة، ظهر سالم في مصر للمرة الأولى منذ ثورة 25 يناير عام 2011 في تموز/يوليو عام 2017، بعد رفع اسمه من قوائم ترقب الوصول والمنع من السفر.

وشوهد للمرة الثانية والأخيرة في آذار/مارس الماضي، متجولاً بين عدد من البازارات السياحية المملوكة له على كرسي متحرك في منطقة خليج نعمة السياحية. وبدا في حالة صحية حرجة.

ودافع سالم عن عروضه للتصالح مع الحكومات المتعاقبة، مبرراً إياها بأنها ليست ضعفاً، وليست إحساساً بالذنب، بعدما برأته المحكمة، لكن لشعوره "بالتعب من الظلم" وكثرة الاتهامات و"رغبة في المساهمة في الاقتصاد المصري وعرفاناً بفضل البلد" عليه.

وكان قد أنكر جميع الاتهامات الموجهة إليه، وقال "دائماً كنت أقدم المصلحة العامة على أي مصلحة خاصة، وأفنيت حياتي مؤمناً ومخلصاً لهذا المبدأ، وهو ما تشهد عليه الأعمال التي قمت بها، وأنا قمت بكل شيء بناءً على توجيهات من المخابرات".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image