بينما تشترك الدول الإسلامية في صلاة العيد وذبح الخروف في عيد الأضحى إلا أنه لكلّ دولة إسلامية تقاليدها وطقوسها وأطباقها الخاصّة بهذا العيد. إن حدث وكنتم أو قررتم زيارة هذه البلدان خلال فترة عيد الأضحى، فسوف ترون أن لكلٍّ واحد منها نكهته وروحه الخاصة، إضافة إلى بعض القواسم المشتركة بينها جميعاً.
تركيا
وفقًا لتقالید عيد الأضحى فإن كلّ عائلة في تركيا تضحي بالغنم أو أيّ حيوان آخر ذي لحم حلال، وتوزّعه على الأصدقاء والعائلة، أو تتبرع به للجمعيات الخيرية؛ غير أنه في السنوات الأخيرة قامت الحكومة التركية بتخصيص مناطق لذبح الأضحية، ومنعت ذبح أضحية عيد الأضحى في الشوارع والساحات العامة، فأصبح ذبح الأضحية اليوم مقتصراً على القرى والمدن الصغيرة.
ووفقًا للتقاليد الإسلامية في تركيا فإنّ الهدفَ الرئيسيّ من الأضحية هو عمل الخير، فإن العديد من المسلمين، خاصة في المدن الكبرى يتبرّعون بالمال للفقراء بدلاً من شراء وذبح الأضحية.
إلى جانب صلاة العيد، يقوم الأتراك بزيارات عائلية بمناسبة هذا اليوم، وتقديم التهاني التي لا تخلو من مائدات تضمّ أطباقاً شعبية تخصّ هذا اليوم، منها "صاج كاورما"، وهو لحم مقطّع يوضع على صحن مدهون بالسمنة، ويقلى على النار؛ بالإضافة إلى البقلاوة التركية الشهيرة، والشاي التركي الحاضر دوماً.
في عيد الأضحى والذي يعتبر من الإجازات الطويلة في غالبية الدول الإسلامية، يتوافد السيّاحُ خاصّة من الدول الخليجية إلى تركيا التي تسودها أجواء سياحية وطقس جيد مقارنة بطقس الدول الخليجية في هذه الأيام، كما تقدّم المراكز التجارية تنزيلات جيدة بمناسبةِ هذا العيد للزوّار والمقيمين. وتقدّم الحكومة في بعض الأحيان تسهيلات في النقل العام، حيث يصبح التنقّل عبر وسائط النقل العام مجاناً في أيام العيد.
لكلّ يوم في عيد الأضحى في المغرب اسمٌ محدّد فالأول يوم "الشواء"، و الثاني يوم "الريوس"، أما اليوم الثالث فيوم "القديد"
إلى جانب صلاة العيد، يقوم الأتراك بزيارات عائلية بمناسبة هذا اليوم، وتقديم التهاني التي لا تخلو من مائدات تضمّ أطباقاً شعبية تخصّ هذا اليوم، منها "صاج كاورما"، وهو لحم مقطّع يوضع على صحن مدهون بالسمنة، ويُقلى على النار
الجزائر
تحتفل الجزائر بعيد الأضحى كالدول الإسلامية الأخرى، إلا أنها تتميز ببعض الطقوس، منها تنظيم مسابقات على مستوى الأحياء لمصارعة الكباش في الأيام السابقة للعيد ويحضرها كثير من المتفرجين.
كما يقوم الجزائريون بتزيين الأغنام قبل ذبحها، ويضعون الحناء فوق جبهاتها، وأشرطةً ملوّنة حول رِقابها.
ويشتهر الجزائريون بأكلاتهم وحلوياتهم الخاصة بعيد الأضحى مثل "الملفوف"، وهو عبارة عن كبد مشوي مقطع يُلف بقطَعٍ من الشَّحم، ثمّ يُعاد شيّه من جديد، وهناك أيضاً مرقٌ يُحضر على نار هادئة بمزيجٍ من الكرش والرئة والكبد والقلب والكِلى، يُسمى "البوزلوف"، و"العصبان" الذي يتمّ إعداده من بطن الخروف بعد غسله وتنظيفه جيداً، والذي يقلب ويتمّ حشوه بالكبد والقلب وقطع من اللحم وبعض الحمّص والتوابل، ثمّ يُطهى.
السعودية
يتميّز عيد الأضحى في السعودية نظراً لاستضافتها ملايين من الحجّاج وإقامة مناسك الحجّ من كلّ أنحاء العالم. يقيم الحجّاج في السعودية المناسك الخاصة بيوم العرفة وعيد الأضحى، ولكن لدى العائلات السعودية تقاليد خاصة بهذا اليوم، حيث تجتمع العائلات في صباح يوم العيد بعد الصلاة لذبح الأضحية، ومن ثم يُطهى جزء من لحم الأضحية لوجبة الغذاء على طرق شتّى، حسب المناطق السعودية المختلفة، وتتنوع الوصفات فتشمل "الكبسة" و"الهريس" و"المرقوق" و"المراهيف" و"المصابيب" و"المراصيع".
كما يعتبر "الجريش"، وهو عبارة عن القمح المكسّر ومرق اللحم والفلفل الأسود والكمون والبصل، من أشهر الأطباق السعودية في عيد الأضحى.
وتتناول العائلات السعودية الأكلات والحلويات على طاولة واحدة تضمّ أعضاء الأسرة جميعاً، ثمّ يتوجهون إلى المنتزهات والمرافق الترفيهية، والحدائق، او إلى أرياف المدينة لقضاء عطلة يوم العيد مع العائلة والأقرباء.
الإمارات
في الإمارات، يتجمّع الأشخاص خلال الزيارات العائلية حول ما يسمى بـ"والة العيد"، وهي المائدة الرئيسية التي يتمّ إعدادها لاستقبال ضيوف عيد الأضحى، والتي تحتوي على مجموعة منوّعة من الأكلات والحلويات الشعبية الإماراتية كـ"الهريس"، و"الخَبيص" و"الثريد" و"المَندي"، والحلوى الخليجية.
ويعدّ "الهريس" الطبق الأشهر في عيد الأضحى في الإمارات، والذي يتكون من حبوب القمح واللحم وبعض التوابل العربية.
وللمراكز التجارية في دبي والتي تعتبر وجهة سياحية ذات شعبية حتى في الصيف، طقوس خاصة، إذ تقوم معظم المراكز التجارية في دبي ببثّ تكبيرات العيد إعلاناً بقرب عيد الأضحى، كما تترك بعضُ المراكز التجارية أبوابَها مفتوحة للمتسوّقين حتى ساعاتٍ متأخّرة من الليل، إضافة إلى إقامة احتفالاتٍ شعبية ومراسم خاصّة في هذه المراكز.
يقوم الجزائريون بتزيين الأغنام قبل ذبحها، ويضعون الحناء فوق جبهاتها، وأشرطةً ملوّنة حول رِقابها
مصر
تتزين الشوارع والمراكز التجارية في مصر لعيد الأضحى، كما تقام صلاة العيد وذبح الأضحية بحضور العائلة التي تجتمع في بيت عائلة الكبير في الحيّ أو المدينة، ثمّ تقسيم الأضحية وتحضير طبق الفتة المصريّ هي من الطقوس الخاصّة بعيد الأضحى في مصر.
ويتم تحضير "الفتّة" المصرية بطبخ اللحم مع الأرز ومرقة خاصة مع فتات الخبز، كما أن هناك خبزاً خاصاً يطبخه المصريون باسم "الرقاق"، وهو عبارة عن خبزٍ رقيق يحضر في هذا اليوم باللحم.
ومن العادات الأخرى لدى المصريين هي تلطيخ اليدين بدم الأضحية بعد ذبحِها، وطباعة الكفّين على واجهة المنازل أو على السيارات.
المغرب
لكلّ يوم في عيد الأضحى في المغرب اسمٌ محدّد فالأول يوم "الشواء"، و الثاني يوم "الريوس"، أما اليوم الثالث فيوم "القديد".
في اليوم الأول يكتفي أهل المغرب بأكل اللحوم المشوية فقط، تجتمع الأسرة حول الموقد، وتشوي اللحم، وتأكل منه. أما يوم "الريوس"، فتُطهى فيه رؤوس الأضاحي بعد تبخيرها وسلخها، وغالبًا ما تتبادل الأسر المغربية الزيارات في هذا اليوم، أمّا اليوم الثالث (يوم القديد)، ويعدّ فيه طبق "المروزية"، والذي تُستخدم فيه رقبة الخروف. وهذا اليوم يتمّ فيه إعداد لحم الخروف للتخزين، وهو متوارث منذ القِدم.
يتوجّه المغاربة إلى صلاة عيد الأضحى بالزيّ المغربيّ، ثمّ يتوجّهون إلى الشوارع العامّة والساحات لإقامة طقوس ذبح الأضاحي. ثمّ يتمّ توزيع الأضاحي لتُطهى كي تصبح أطباق متنوّعة من المطبخ المغربي كـ"بولفاف" أو "الملفوف"، وهو عبارة عن قطَعٍ من الكبد والرئة ملفوفة بالشّحم، والتي تُعتبر أول وجبة يتناولها المغاربة يوم العيد مباشرة بعد ذبح الأضحية.
ويقوم بعضُ المغاربة بغمس أيديهم في دمِ الأضحية وتلطيخ الجدران بها، لاعتقادهم أنّ هذه الدماء تحمي البيت وأصحابه من الجنّ. كما تقوم بعض المغربيات بالاحتفاظ بمرارةِ الأضحية، لاعتقادهنّ أنها تشفي من الأمراض
كما تعتبر "التقلية" من أشهر أطباق يوم عيد الأضحى، وهي عبارة عن أمعاء الأضحية التي يتمّ تقطيعها وطهيها مع الطماطم والثوم والتوابل.
ومن العادات الغذائية الأخرى لدى المغاربة في عيد الأضحى هو "القديد"، وهو عبارة عن نشر قطع لحم الأضحية المقطّع الى شرائح رفيعة السمْك على سطوحِ المنازل، والذي يتمّ تمليحُه بملحٍ كثير وتوابل خاصة، وتجفيفه بأشعة الشمس، للاحتفاظ به من أجل إعداد وجبات في الفترة القادمة كطبق "الطاجين" و"الكسكس".
ويقوم بعضُ المغاربة بغمس أيديهم في دمِ الأضحية وتلطيخ الجدران بها لاعتقادهم أنّ هذه الدماء تحمي البيت وأصحابه من الجنّ. كما تقوم بعض المغربيات بالاحتفاظ بمرارةِ الأضحية، لاعتقادهنّ أنها تشفي من الأمراض.
كما أن هناك طقساً باسم "البوجلود" أو "السبع بو البطاين"، والذي يقوم فيه عدد من الرجال والشباب بلفّ أنفسهم بجلود الماعز أو الخرفان، أو زيّ يشبه ذلك، ويغطون وجوههم بأقنعة ملوّنة، ويبدأون في الطواف في المدينة برفقةِ إيقاعات الطّبول وأغاني خاصة بهذه المناسبة. ويقوم أهالي المدينة بإعطائهم الحلويات أو المال أو أجزاء من الأضاحي، كمكافأة وهدية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...