شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
ثلاثة للأبد... قصة عائلة عربية من مصاصي الدماء

ثلاثة للأبد... قصة عائلة عربية من مصاصي الدماء

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 30 مايو 201909:40 م

 لطالما اعتمدت السينما العربيّة بشكلٍ رئيسي على قصص الحبِّ العنيفة لجذب المشاهدين ورفع مبيعات شبّاك التذاكر، فالتركيز يكون في معظم الوقت منصبٌّ على المشاهد الساخنة، ونتيجة مقصّ الرقابة تسير الأعمال الدراميّة بين الفخاخ، وتعتمد أسلوب التلميح أي الإثارة المغطاة بقناع الأعراف والتقاليد، ولكن يبدو أن المنتجين العرب قد ملّوا مؤخّراً من قصص الحبّ والغرام هذه، وباتوا يبحثون عن نوعٍ جديدٍ من الإثارة والتشويق: أفلام الرعب.

شراكة عربيّة ضخمة

في الآونة الأخيرة بات من الملاحظ أن معظم الأعمال العربيّة الرائدة تكون من انتاجٍ عربي مشترك (سوري-لبناني، مصري-سوري...)، نظراً لكون هذه الشراكة تساعد العمل على الانتشار أكثر في الوطن العربي.

إنطلاقاً من هذا الهدف، جمعت شراكةٌ إنتاجيّة أطرافاً مصريّة وإماراتيّة وسعوديّة من خلال العمل على مجموعةٍ من الإنتاجات الدراميّة والسينمائيّة العربيّة الضخمة، وتقديم الدعم الفنّي والتمويل، لمختلف هذه المشاريع الفنية في منطقة الشرق الأوسط، من مرحلة بَلْوَرَة الفكرة مروراً بالتصوير والإنتاج وحتى التوزيع، الأمر الذي سيعطي زخماً قوياً للصناعة السينمائيّة الناميّة في المنطقة العربيّة.

ويعتبر الفيلم السينمائي "ثلاثة للأبد" أوّل عملٍ درامي ناجم عن هذه الشراكة الفنيّة.

يستهدف فيلم "ثلاثة للأبد" بشكلٍ رئيسي السوقين المصري والخليجي، وهو من إنتاج المؤلّف المصري محمد حفظي، رئيس شركة فيلم كلينيك، التي شاركت من قبل في إنتاج أفلام "اشتباك" الذي سبق وأن شارك في مسابقة "نظرة ما"، أحد أقسام مهرجان كان السينمائي الدولي، و"الشيخ جاكسون"، و"يوم الدين" الذين شاركا بدورهما في المسابقة الرسمية لمهرجان كان في العام 2018، وشركة الإنتاج الإماراتيّة "إيميج نيشن"، بالإضافة إلى مجموعة قنوات "إم بي سي" السعوديّة، ومجموعة الملياردير الإماراتي ماجد الفطيم، التي تمتلك أكبر سلسلة دور عرضٍ سينمائي في المنطقة العربيّة، هذا ويُعتبر العمل الإخراجي الأول للمنتج والمؤلّف رامي ياسين.

أما ما يميّز هذا العمل السينمائي عن سواه فهو ابتعاده عن القصص الواقعيّة والتوجّه نحو الأحداث المشوّقة التي تدور في فلك الفانتازيا والخيال، عبر تناول قصّة عائلةٍ مؤلّفةٍ من مصّاصي الدماء.

والمفارقة أن جرعة الفانتازيا هذه ترافق ثاني الأعمال التي تمَّ الإعلان عنها، وهو فيلم سينمائي بعنوان "حوجن"، مقتبس عن روايةٍ للكاتب السعودي "إبراهيم عباس".

يتناول "حوجن" قصّة حبٍّ بين جنّي وطالبةٍ متفوّقة في كلية الطب، ولكن المفارقة أنه وبخلاف ما اعتدنا مشاهدته في الأفلام الخياليّة، فإن الجني هنا يخاف الله ولا يحمل أي صفاتٍ شريرةٍ، كما أنه لا يحاول التواصل مع البشر، بل على العكس فإن البشر هم الذي يقتحمون عالمه.

من هنا يتضح أن هذه الشراكة الفنيّة تسعى جاهدةً إلى إنتاج أفلامٍ قائمةٍ على عنصري التشويق والإثارة، وتضاهي بضخامتها الأفلام الأجنبيّة التي تخطف قلوب وعقول جيل الشباب، كما أن التعاون العربي بين مصر والإمارات والسعوديّة يسعى إلى استغلال الأرضيّة الفنيّة التي توفّرت مؤخّراً في المملكة العربيّة السعوديّة، بحيث أصبح من الممكن حالياً التصوير السينمائي على أرض المملكة، كما أُقيمت قاعات سينما مجهّزةٌ بأحدث الإمكانات والمعدات اللازمة.

لماذا الإهتمام المفاجىء بأفلام الرعب؟

بالرغم من أنه لا يمكن معرفة على وجه الدقّة الأسباب التي تدفع المنتجين العرب إلى إعطاء أهميةٍ خاصّة لأفلام الرعب، خاصّةً وأن بيان الإعلان عن الشراكة لم يذكر سبب اختيار فيلم "ثلاثة للأبد" كباكورة إنتاجاتها، ولكن من المعلوم أن المنتجين يسيرون وفق مبدأ "الجمهور عايز كده" أي درسوا عن كثب إيرادات شبابيك التذاكر لمعرفة توجّه المشاهدين وتلبية رغباتهم، هذا بالإضافة للتطلّع نحو العالميّة، من خلال أفلامٍ ضخمةٍ وإنشاء صناعة محتوى حيويّة في الشرق الأوسط، تستجيب لرغبات الجمهور المحلّي وتجذب اهتمام الجمهور العالمي أيضاً"، وفق ما يؤكّده "بن روس" رئيس قسم المحتوى في "إيمج نيشن".

شراكاء العمل السينمائي "ثلاثة للأبد"

وقد اعتبر "روس" أن "دول المنطقة تزخر بكثيرٍ من المواهب البارعة في كتابة وإخراج النصوص الفنيّة، ممن يرغبون في تجسيد قصصهم على الشاشة، إضافةً لوجود جمهورٍ رفيع الثقافة والذوق الفنّي، يتشوّق لرؤية أفلامٍ من صناعةٍ محليّة تحاكي بيئته الاجتماعيّة. ولا شك في أن هذه الشراكة سيكون لها تأثير مهم على حجم الإنتاج الفنّي وطموحات صناعة المحتوى والترفيه في منطقة الشرق الأوسط، حيث ستتيح الفرصة للمبدعين لتجسيد أفكارهم في أعمالٍ فنيّةٍ حيّة، كما ستقدّم أعمالاً تلبّي رغبات الجمهور في المنطقة، انطلاقاً من حرص الأطراف الثلاثة على توفير كلّ التسهيلات الضروريّة للعمليّة الإبداعيّة في كلّ خطوة من خطوات تطوير المشاريع السينمائيّة والتلفزيونيّة".

هذه الشراكة الفنيّة الضخمة تسعى جاهدةً إلى إنتاج أفلامٍ قائمةٍ على عنصري التشويق والإثارة، وتضاهي بضخامتها الأفلام الأجنبيّة

ومن جانبه قال الرئيس التنفيذي بالوكالة لشركة ماجد الفطيم للسينما خالد الشدياق: "لا شك في أن الصناعات الترفيهيّة والإبداعيّة تشكّل عاملاً حيويّاً لأي اقتصادٍ مزدهر ومتنوّع القطاعات، ونرى أن هذه الشراكة الثلاثيّة تمثّل لنا فرصةً مثيرة لم تكن ممكنةً من قبل، لأن نكون جزءاً من صناعة الترفيه في منطقة الشرق الأوسط ولا سيما في السعوديّة على ضوء رؤية 2030. وبناءً على ذلك، نسعى إلى التعاون الوثيق مع مختلف المواهب التي تزخر بها دول المنطقة في شتى مجالات صناعة الترفيه، لتجسيد إبداعاتهم في مشاريع فنيّةٍ حيّة، وعرضها بما تستحقّ على أكبر شريحةٍ ممكنة من الجمهور، محليّاً ودوليّاً".

ميزانية منخفضة وأرباح كثيرة

إن تلبية رغبات الجمهور العالمي والوقوف على ما يحبّه جمهور الشرق الأوسط، يستدعي التوجّه نحو إنتاج أفلام الحركة والأبطال الخارقين، وهي الصناعة التي تحتلّ حالياً صدارة إيرادات السينما في أميركا والعالم، غير أن هذه النوعية من الأفلام تحتاج ميزانيةً ضخمة ومتطلباتٍ فنيّةً معيّنة، من هنا انحصرت الخيارات الإنتاجيّة بأفلام الرعب، التي تحظى بقاعدةٍ جماهيريةٍ كبيرة على مستوى العالم ولا تتطلب ميزانيةً عالية لإنتاجها، رغم حجم الأرباح الكبيرة التي تحقّقها.

هل ستتمكّن الشراكة العربيّة الجديدة من تحقيق النجاح في مجال صناعة أفلام الرعب وقصص مصاصي الدماء، أم أنها ستفشل في إقناع المشاهد العربي والذي ضاق ذرعاً من مشاهد "الكاتشاب" والدماء المزيّفة؟

وفي حين أن السينما الأجنبيّة تزخر بأفلام الرعب، فإن السينما العربيّة تبقى خجولة في هذا المجال، مع عددٍ قليلٍ من الأفلام التي تركّز بمعظمها على حكايات الجن والأرواح الشريرة: "الإنسان والجنّ" من بطولة عادل إمام ويسرا، "البيت الملعون" بطولة ماجدة الخطيب، كمال الشناوي وسمير صبري، "التعويذة" بطولة محمود ياسين ويسرا وتحية كاريوكا، "الجن" من بطولة خالد ليث ورزان جمال....

وفي ظلِّ هذا الشحّ في الإصدارات العربيّة المتعلّقة بأفلام الرعب، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستتمكّن الشراكة العربيّة الجديدة من تحقيق النجاح في مجال صناعة أفلام الرعب وقصص مصاصي الدماء، أم أنها ستفشل في إقناع المشاهد العربي والذي ضاق ذرعاً من مشاهد "الكاتشاب" والدماء المزيّفة؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard