شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
الروايات

الروايات "الماراتونيّة" و"الميني رواية": هل الحجم مهمّ؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الجمعة 31 مايو 201902:04 ص

أثارت رواية السعودي محمد حسن علوان "موت صغير"، الحائزة على جائزة البوكر عام 2017، الكثير من التساؤلات حول عدد صفحاتها الذي يقارب الستمائة، لن ندخل هنا في قيمتها النقديّة والأدبيّة، بل حجمها فقط، كون الكثيرون يرون أن زمن الرواية "السميكة" قد انتهى، ولابد أن تكون الرواية أكثر رشاقةً، خصوصاً في زمن الإنتاج الهائل للروايات.

ومن هنا أصبح قصر أو طول الرواية مرتبطاً بسياسات الإعلان والتسويق، وضرورة أن يكون زمن القراءة قصيراً كي يتمكّن القارئ من الانتقال لغيرها. فموت صغير والتساؤلات المحيطة بها تنسحب على الكثير من الروايات، التي يرى البعض أن "حجمها" يؤثّر أيضاً على نوعها وقيمتها الأدبيّة، فرواية بريد الليل التي حصلت اللبنانيّة هدى بركات إثرها على جائزة بوكر هذا العام، رأى البعض فيها "نوفيلا" وحجمها الصغير لا يؤهّلها لأن تكون رواية.

الكثيرون من بيننا ينفرون من الكتب التي فُرض عليهم قراءتها في المدرسة، لكنهم يحبّون تلك التي اكتشفوها وهم أطفال ومراهقون.

اشتكى الروائي البريطانيّ إي.أم. فورستر مرّة من الكتب الطويلة وكبيرة الحجم وقال" إنها تُمدح بشكلٍ زائدٍ"، لأن "القارئ يسعى لإقناع الآخرين ونفسه بأنه لم يضيّع وقته بقراءتها" ولاختبار هذه النظرية، قامت الإيكونوميست في مقال لجيمس توزر بجمع تقييمات القرّاء لـ 737 كتاباً مصنّفةً على أنها "أدب كلاسيكي" في موقع غوود ريدز، الذي يحوي انتقادات وتقييمات لأكثر من 80 مليون عضواً.

المُثير للاهتمام في الرسم البياني الذي أنجزته المجلة، هو ميل القرّاء نحو الكتب "السميكة"، فالمؤلّفات التي يتراوح عدد صفحاتها بين الـ 100 والـ 200 كان معدّل قراءتها 3.87 من أصل 5، في حين أن تلك التي تتجاوز الألف صفحة، كان معدّل قراءتها 4.19، فالأكبر أفضل حسب رأي القرّاء.

الكثيرون يرون أن زمن الرواية "السميكة" قد انتهى، ولابد أن تكون الرواية أكثر رشاقةً، ولكن المثير  جاذبية الكتب الطويلة، فالأكبر حسب رأي القرّاء، "أفضل"

في ثقافتنا التي عرفت عصوراً ذهبية للإنتاج الموسوعي عبر تاريخها، والتي قلّما تجد بيتاً فيها لا يقتني مصنفاً ضخماً، أو قاموساً أو كتاباً كلاسيكياً متعدد الكتب، هل لا زلنا نحبّ أن نقرأ كتباً "سميكة"؟

الظاهرة التي تحدّث عنها فورستر تشبه ما يمكن تسميته "متلازمة ستوكهولم الأدبيّة" لكن هناك تفسيراً آخر، وهو التحيّز نحو النجاة، فأولئك الذين يعجبهم كتاب لدرجة إنهائه، ميّالون أكثر لتقييمه على الموقع، هناك أيضاً عامل آخر مرتبط بالتراكم، بعض الكتب التي يزيد عدد صفحاتها عن الألف هي عادة أنطولوجيّات، أي مجموعة من النصوص التي تدور حول موضوعة واحدة كتبها عدّة أفراد، والتي يُحكم عليها عادة، بصورة عامة، عوضاً عن تقييم كلّ نصٍّ على حدة.

يدّعي شيكسبير أن الفطنة والذكاء تكون في الإيجاز، إلا أن مجموع أعماله نال تقييم 4.49، بالمقارنة مع 3.8، معدّل تقييم كلّ واحدة من مسرحيّاته بشكل منفصل.

تُظهر النتائج شكلاً آخر من أشكال التحيّز، التعليقات والتقييمات تميل نحو الحكايات المعاصرة أكثر من تلك "القديمة" باستثناء بعد النصوص القديمة التي ما زالت تُقرأ حتى الآن، مثل كتاب "فنّ الحرب" لسن تزو، "ألف ليلة وليلة"، و"تأمّلات" ماركوس أوريليوس، ويجب أن نعلم أيضاً أن الكثيرين يكرهون الكتب التي فُرض عليهم قراءتها في المدرسة، لكنهم يحبّون تلك التي اكتشفوها وهم أطفال ومراهقون، ككتب "جي كي روليغ" و" جي أر أر تولكين" التي تتربّع القمة.

يجب الأخذ بعين الاعتبار أيضاً أن القرّاء المنهمكين في تقييمات غوود ريدز ليسوا إلا مجموعة من كارهي المثقّفين والعفاريت و"الترولز"، وما يُثير الاهتمام أيضاً أن الأدب الروسيّ من أكثر الفئات تقديراً، وبعد أشهر من قراءة آنّا كارنينا أو الجريمة والعقاب، من الممكن أن يكون تَرْكُ تقييمٍ أو تعليقٍ وسيلةً لخلق شعورٍ بالرضا لدى القارئ مشابهٍ لذلك الذي ينتاب الكاتب.

حقيقة لا يمكن الوصول إلى نتيجة حاسمة فيما يتعلّق بحجم الكتاب ومدى إقبال القرّاء عليه، لعوامل تتعلّق بالنوع الأدبي وطبيعة جمهوره، أو الكاتب نفسه ومدى شهرته، أو ببساطة جودة الكتاب، كلّ النظريات الاقتصاديّة والثقافيّة التي تحاول تفسير أو إيجاد معادلة للطول المناسب دوماً تُفاجأ باستثناءات مختلفة، فروايات دان براون البوليسيّة الكبيرة نسبيّاً، لها قرّاء في مختلف أنحاء العالم، كذلك روايات أمين معلوف التاريخيّة، نفس نسبة القرّاء نلاحظها في روايات باولو كويللو القصيرة التي يشكّك الكثيرون في قيمتها الأدبيّة، وروايات ميلان كونديرا ذات القيمة النقديّة العاليّة.

المقال مُترجم من مجلة الإيكونوميست (لرابط) مع بعض الإضافات.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image