شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
فيلم

فيلم "علاء الدين" بنسخته الحديثة: مُطعّمٌ بنكهةٍ مشرقيّة ومُتّهمٌ بتعزيز الإسلاموفوبيا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 24 مايو 201908:47 م

 لقد سحرت قصّة علاء الدين ومصباحه السحري جيلاً بكامله، فخفق قلب المشاهدين على وقع الأحداث المتسارعة وأنغام الموسيقى التصويريّة الساحرة A whole new world، وذرفوا الدموع حين قابل علاء الدين الأميرة ياسمين واصطحبها على البساط السحري.

واليوم بعد مرور نحو 27 عاماً على إصدار الفيلم الكرتوني الأصلي لشركة "ديزني" ينتظر عشّاق فيلم "علاء الدين" بفارغ الصبر النسخةَ الحيّة منه، خاصّة وأن العمل الجديد يُعتبر من أضخم الإنتاجات السينمائيّة العالميّة لعام 2019 وهو يحمل توقيع أبرز صنّاع هوليوود، منهم المخرج غاي ريشي ونخبة من النجوم على غرار ويل سميث، الذي يلعب دور الجنّي ونعومي سكوت بدور ياسمين.

نكهة مشرقيّة

منذ نشره على قناة ديزني الرسميّة على يوتيوب، حقّق الفيديو الإعلاني الجديد لفيلم "علاء الدين" أكثر من مليوني مشاهدةٍ، خلال أقلّ من يومٍ واحدٍ، وهو أمر يشير بوضوح إلى حماسة المشاهدين من حول العالم لمشاهدة مقتطفاتٍ من فيلمهم المفضّل، والذي أُعيد تصويره بتقنياتٍ هائلة وخُصِّصت له ميزانيةٌ ضخمة.

وتكتسب النسخة الحديثة من فيلم علاء الدين طابعاً شرقياً بامتياز، بعدما تقرّر تصوير أحداثه في العقبة في الأردن، والاستعانة بالممّثل المصري-الكندي مينا مسعود، لتأدية دور البطولة من خلال تجسيد شخصيّة "علاء الدين".

حقّق الفيديو الإعلاني الجديد لفيلم "علاء الدين" أكثر من مليوني مشاهدةٍ، خلال أقلّ من يومٍ واحدٍ

ومنذ يومين، وجّه "مسعود" رسالةً للجمهور المصري، جاء فيها: "يا أهل مصر أهلاً، أنا متحمّس جداً إنكو تشوفوا فيلم علاء الدين من إنتاج شركة ديزني"

وتابع في الرسالة التي وردت عبر صفحته الرسميّة: "أنا فخور إني أكون جزء من الفيلم دا وأتمنى إنكو تحبّوه على قدّ ما أنا حبيتو واتبسط وأنا بصوّره...تحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر"، وقد نال الفيديو إعجاب ملايين العرب، وحظي بتعليقاتٍ كثيرة أشادت بدوره وتمنّت له المزيد من النجاح في عالم هوليوود.

تكتسب النسخة الحديثة من فيلم علاء الدين طابعاً شرقياً بامتياز، بعدما تقرّر تصوير أحداثه في العقبة في الأردن، والاستعانة بالممّثل المصري-الكندي مينا مسعود، لتأدية دور البطولة

وبدورها فاجأت النجمة اللبنانيّة "هبة طوجي" جمهورها بوضع صوتها في الدبلجة الفرنسيّة لشخصية الأميرة  "ياسمين"، مع تقديم بعض الأغاني الأخرى خلال الفيلم، مع العلم أن "طوجي" سبق وأن جسّدت شخصية "إزميرالدا" وهي قصّة من تأليف الكاتب الشهير فيكتور هوغو، والتي تتحدّث عن فتاةٍ غجريةٍ تدافع بشراسة عن مبادئها، رغم أنها مكسورةٌ من الداخل كونها وقعت ضحية المجتمع الذكوري غير المنصف خلال فترة الثمانينيات.

تعزيز الإسلاموفوبيا؟

بالعودة إلى فيلم "علاء الدين" فقد تمّ اقتباس الأحداث عن القصّة الواردة في حكايات "ألف ليلة وليلة"، والتي تدور في المدينة الخياليّة "أغربا"، المستوحاة من الأماكن والثقافات الموجودة في الشرق الأوسط والهند.

ويتناول الفيلم قصّة "طفل الشوارع" الذي يجوب الطرقات برفقة صديقه القرد "آبو"، فتجمعه الصدفة بالأميرة ياسمين ويقع في غرامها، لكنه يُزجُّ في السجن بعد تعرّضه لمؤامرةٍ لحكم الأرض من تخطيط "جعفر"، مستشار السلطان، فتتسارع الأحداث وينتصر الحبّ في نهاية المطاف، بمساعدة المصباح السحري الذي يحقّق الأمنيات.

وبالرغم من الجمهور الراغب في معرفة ما تخفيه النسخة الحديثة من الفيلم من مفاجآتٍ، وعمّا إذا كان سيحقّق النجاح ذاته الذي حقّقه الفيلم الأصلي، فإن النسخة الحيّة من فيلم "علاء الدين" لم تسلم من الانتقادات اللاذعة.

فقد انتقد مجلس العلاقات الأميركيّة-الإسلاميّة (CAIR) النسخةَ الجديدة من فيلم "علاء الدين"، معتبراً أن إطلاق الفيلم خلال عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعزّز الصور النمطيّة للمسلمين.

وتعليقاً على هذا الموضوع، قال "نهاد عوض"، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأميركيّة-الإسلاميّة: "أسطورة علاء الدين متجذّرة في العنصريّة والاستشراق والإسلاموفوبيا"، مضيفاً أن إطلاق الفيلم خلال عهد ترامب الذي يتّسم بالعداء المتزايد ضدّ المسلمين والمهاجرين لا يؤدّي سوى إلى تكريس الصور النمطيّة وتهميش مجتمعات الأقليّات: " الإطار العام، النبرة وتطوّر الشخصية في قصّة علاء الدين، كلّها أمور لا تزال تروّج للقوالب النمطيّة، ما يؤدي إلى إدامة الأفكار والصور المعادية للإسلام".

ويحثُّ "عوض" الجمهور ونقّاد السينما على "التدقيق وإمعان النظر في الإنتاج الجديد لعلاء الدين، في ضوء سياقه التاريخي وبيئة اليوم السامّة لجميع أطياف الأقليّات"، على حدّ قوله.

وبالرغم من أن الممثل المصري "مينا مسعود" سبق وأن أكّد لصحيفة "ذو ناشونال" في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر، أن مسألة التنوّع في الأعراق لا تطاله لوحده في الفيلم،  بل تطال غيره من المشاركين في العمل، وهو أمرٌ مهمٌّ على حدّ تأكيده، كون الفيلم يأخذ بعين الاعتبار جميع الفئات في المجتمع، فإن المجلس الأميركي-الإسلامي اعتبر أن فيلم علاء الدين يحاكي تجربة الشرق الأوسط و"يصوّر العربَ والمسلمين وكأنهم بربريين وغير متحضّرين".

 10 حقائق قد لا تعرفونها عن "علاء الدين"

في العام 1992، شقّ "علاء الدين" طريقه إلى قلوب المشاهدين، ووقع الجمهور في حبّ مغامرات هذا الصبي اليتيم، وأصبح الفيلم من الروائع الكلاسيكيّة الخالدة في صناعة الأفلام الكرتونيّة، غير أن هناك بعض الحقائق الصادمة والتي قد يجهلها عشّاق الفيلم.

حكاية علاء الدين هي واحدةٌ من ألف حكاية وحكاية: إن علاء الدين هو جزء من قصص عمرها قرون تسمّى ألف ليلةٍ وليلة أو الليالي العربيّة، وفي القصّة تكون البطلة "شهرزاد" متزوّجة من ملكٍ يعمد لقتل زوجاته الجدد بعد مرور يومٍ واحدٍ على الزواج بهنّ، ولإنقاذ حياتها تقرّر "شهرزاد" أن تروي كلّ ليلةٍ حكايةً لزوجها، ومن بينها قصّة "علاء الدين" وتتكتّم في كلّ مرّة عن إخباره نهاية القصة، واعدةً إياه بمتابعتها في الليلة التالية، وهكذا تُرغم أحداث القصة الملكَ الفضولي على تأجيل قتل شهرزاد لمعرفة ما سيحدث في النهاية.

حكايات ألف ليلة وليلة لا تتحدّث فقط عن الجزيرة العربيّة: يعود تاريخ هذه الحكايات إلى القرن العاشر ميلادي، وتعود أصولها إلى الثقافات الموجودة في شمال أفريقيا، العربيّة، التركيّة، الفارسيّة، الهنديّة وشرق آسيا. ففي العام 947 على سبيل المثال، يطلق المؤرّخ العربي "المسعودي" على مجموعةٍ كبيرةٍ من آلاف الحكايات من جميع أنحاء العالم القديم إسم "هزار الفارسيّة"، وقد جرى تداول هذه القصص على مدى قرون مع إضافة الحكايات الشعبيّة.

وفي العام 1712، ترجم الأديب الفرنسي "أنطوان غالان" النسخة العربيّة إلى اللغة الفرنسيّة وقد أضاف "غالان" العديد من القصص الجديدة التي رواها له "حنا دياب" من حلب، وكان "علاء الدين ومصباحه السحري" من ضمن هذه القصص.

علاء الدين لا ينتمي إلى أغربا: في نصِّ "غالان" وترجمة "ريتشارد بيرتون" في العام 1885، يعيش علاء الدين في إحدى المدن الصينيّة، وتُظهر الرسوم التوضيحيّة للحكاية أن الشخصيات صينيّة بالأساس، غير أن الانتقال بالقصّة نحو شبه الجزيرة العربيّة والشرق الأوسط بدأ حين تمّ سرد القصّة على الشاشة الكبيرة في أوائل القرن العشرين.

علاء الدين يعيش مع والدته: بعكس ما يدور في فيلم "ديزني"، فإن علاء الدين ليس "جرذاً يتيماً" في "الليالي العربيّة"، فبالرغم من أن والده الخيّاط قد توفيّ غير أن والدته الفقيرة لا تزال على قيد الحياة، وهي أوّل من فرك المصباح السحري الذي أطلق الجنّي.

التضارب في الشخصية: في رواية "ديزني" يبدو علاء الدين شاباً ذكياً، واسع الحيلة ووفياً ولكن يستخفّ الجميع به بسبب فقره، أما في رواية "ريتشارد بيرتون" فإن البطل سطحيٌّ، كسولٌ، جشع ويمكن الاحتيال عليه بسهولة عن طريق عرض المال والثروة عليه، هذا وتشير القصّة إلى أن الوالد قد توفّي لأن ابنه رفض تعلّم التجارة.

لا يوجد جنّي واحد بل اثنان: في نقاطٍ مختلفةٍ من القصّة، يتضح أن علاء الدين قد استعان بجنيين اثنين لمساعدته: جنّي المصباح السحري وجنّي الخاتم السحري، الأمر الذي مكّنه من الخروج من محنه.

هناك 3 شخصيات شريرة: في فيلم "ديزني" يتواجه علاء الدين فقط مع الشرير "جعفر" ولكن في النصّ الأصلي هناك 3 شخصيات شريرة: ساحرٌ من أفريقيا، أخ الساحر الشرير وابن الوزير الذي يتنافس مع علاء الدين على حب الأميرة.

الأميرة تكون مخطوبة حين تلتقي بعلاء الدين: بعد إلقاء نظرةٍ على الوجه غير المكشوف لابنة السلطان والتي تسمّى في القصّة الأصليّة "بدر البدور" وليس ياسمين، يطاردها علاء الدين من خلال إغداق الهدايا على والدها، وفي حين أن السلطان يقبل هذه الهدايا إلا أنه يزوّج ابنته من ابن الوزير، وعندها يستعين علاء الدين بالمارد الخاصّ به لخطف العريس واحتجازه في زنزانةٍ باردةٍ ومظلمة لمدّة ليلتين، لحين موافقته على إلغاء الزواج.

الأماني الكثيرة: بعدما تفكّ "بدر البدور" ارتباطها العاطفي بابن الوزير، يبدأ علاء الدين في جذبها بجديةٍ والتودّد إليها، من خلال الطلب من الجنّي إبهارها بالذهب والمجوهرات والقصور والخيول الجميلة، وبعدما يتزوّج الثنائي وتستمر الأمنيات ويتمّ تجميع المزيد من الكنوز والثروات.

هناك تتمة: هناك جزء ثانٍ من قصّة علاء الدين، فبعد أن قام علاء الدين وبدر البدور بقتل الساحر الشرير من خلال الإغواء والسمّ والطعن، استمرّا في عيش حياةٍ سعيدةٍ في الصين، لحين مجيء شقيق الرجل للانتقام منهما.

أما الشقّ المثير للدهشة والذي كشفته صحيفة التايم هو ترجيح بعض الباحثين فرضية أن يكون علاء الدين شخصاً حقيقيّاً وليس من نسج الخيال، وأن يكون هو نفسه الروائي السوري من حلب "حنا دياب": " قد يكون علاء الدين الشاب العربي الماروني القادم من مدينة حلب والمندهش بجواهر وثروات فرساي".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard