شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"مشروب الأفراح"...كيف بإمكان فقاعات الشامبانيا تفجير قنبلةٍ من النكهات في فمكم وإسعادكم؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 21 مايو 201908:45 م

غالباً ما تكون المناسبات السعيدة مقرونةً بقائمةٍ طويلةٍ من الأطعمة اللذيذة والمشروبات المُنعشة، وفي معظم الأحيان يكون مشروب الشامبانيا، "ضيف الشرف" على المائدة وجزءاً رئيسيّاً من طقوس الاحتفال.

فما هو السبب الذي يجعل البعض يختار الشامبانيا للاحتفال بمناسبةٍ ما؟ ولماذا تشكّل الفقاقيع التي تطفو على سطح بعض السوائل، مصدرَ سعادةٍ وعنصر جذبٍ لشاربيها؟

مشروب النبلاء

في أعياد الميلاد، سهرات رأس السنة، النجاح الدراسي، الخطوبة، أو الزواج.... نلاحظ أن كؤوس الشامبانيا تبدو حاضرةً في كلّ مكانٍ، لمواكبة لحظات الفرح والسعادة العارمة التي يمرّ بها الناس.



أوضح "كولين غاي"، أستاذ التاريخ المساعد في جامعة تكساس في سان أنطونيو وصاحب كتاب When Champagne Became French، أنه تاريخياً، ارتبط "النبيذ الفاتح" بالفخامة والترف وبالاحتفالات التي كان يُقيمها الأرستقراطيّون في أوروبا.

وكشف "غاي" أنه بعد الثورة الفرنسيّة، أصبحت الشامبانيا جزءاً من الطقوس العلمانيّة التي حلّت محل الطقوس الدينيّة القديمة، وباتت زجاجات هذا المشروب تُفتح في حفلات الزفاف والمناسبات الأخرى.

تاريخياً، ارتبط "النبيذ الفاتح" بالفخامة والترف وبالاحتفالات التي كان يُقيمها الأرستقراطيّون

نشأ تقليد شرب الشامبانيا في الاحتفالات قبل العام 1789 في المحاكم الملكيّة في أوروبا، بحسب ما أكّده موقع Live Science بحيث كان يُنظر للمشروب باهظ الثمن على أنه رمز للمكانة الاجتماعية: "أحبَّ الملوك بدعة الفوّار والذي قيل إن له آثاراً إيجابيّةً على جمال المرأة وخفّة دم الرجل"، على حدّ قَوْل "غاي"، مضيفاً أن الشامبانيا تحوّلت إلى ظاهرةٍ عالميةٍ في أواخر القرن التاسع عشر.

وأشار "كولين" إلى أن الشامبانيا تواكب المناسبات الجميلة، لكونها "تفيض فرحاً"، وحتى مجرّد فتح زجاجة شامبانيا وسماع صوت الفلين ورؤية الرغوة وهي تطفو على السطح، كلّها عوامل كافية بحدّ ذاتها لبثِّ الفرح في الأجواء.

سرّ الرغوة والفقاعات

هل سبق وأن تساءلتم عن سرّ الرغوة التي تطفو على سطح الشامبانيا وسرّ النكهة التي تتفجّر في فمكم، بعد احتساء مثل تلك المشروبات؟

يبدو أن كأس الشامبانيا عابق بالفيزياء والتاريخ والثقافة، وفق ما يؤكّده موقع aeon مشيراً إلى أن شرب المواد الغازيّة من أجل المتعة، أمر يفعله البشر دون سواهم من الكائنات الحيّة، والتي تكتفي بشرب السوائل من أجل ترطيب أجسادها فقط.

أحبَّ الملوك بدعة الفوّار والذي قيل إن له آثاراً إيجابيّةً على جمال المرأة وخفّة دم الرجل

في فرنسا القرن السابع عشر، قام راهب البينيديكتين "دوم بيرينيون" باكتشاف سرّ النبيذ الفوّار، المعروف باسم "شامبانيا"، وقد استغرق منه الأمر سنواتٍ عديدةً لإتقان تصميم زجاجةٍ وفلّين يصمدان أمام الضغط العالي الذي تتطلّبه عملية صنع الشامبانيا، خاصّة وأن هناك جزءاً من التخمير يحدث بعد تعبئة السائل، ونظراً لكون ثاني أكسيد الكربون لا يستطيع الخروج من الإناء المغلق، فإن الضغط يتراكم في الداخل.

ومع الوقت، ومع استمرار السائل في إطلاق الغاز، فإن حجم الفقاعات يزداد ويزداد معه حجم المرح: "بمجرّد أن تصبح الفقاعات كبيرة بما فيه الكفاية، فإنه لا يمكن أن تظلَّ عالقةً في الشقوق المجهريّة في الزجاج حيث تكوّنت في الأصل، وبالتالي فانها ترتفع إلى السطح، وبعد فترةٍ وجيزةٍ تتشكّل فقاعة جديدة وتتكرّر العملية نفسها".

هذا ويشير الموقع إلى أنه في بعض المشروبات الأخرى، مثل الجعة والمياه الغازية، فإن الفقاعات لا تأتي من عملية التخمير ولكنه يتمّ إدخالها بشكلٍ مصطنعٍ عن طريق تعبئة السائل تحت ضغطٍ عالٍ بكميةٍ زائدةٍ من ثاني أكسيد الكربون، وهذه الرغوة التي تتشكّل تؤثّر على ملمس المشروب ونكهته: "تعزل الرغوةُ المشروبَ وتُبقيه بارداً لفترةٍ أطول، وتعمل كحاجزٍ لمنع تسرّب ثاني أكسيد الكربون".

تناول مشروب الشامبانيا سيجعلكم تشعرون بالثمالة بسرعةٍ أكبر، مقارنة باحتساء مشروبٍ كحوليٍّ آخر من دون فقاعات

بمعزل عن الجانب الفيزيائي لعملية تشكيل الرغوة في بعض المشروبات، فإن السؤال الذي يُطرح في هذا الصدد: لماذا يُحبّ البشر احتساء المشروبات الغنيّة بالفقاعات؟

توّصلت بعض الدراسات الحديثة إلى أن تفاعل ثاني أكسيد الكربون مع بعض الإنزيمات الموجودة في اللعاب، يؤدّي لتفاعلٍ كيميائي ينتج عنه حمض الكربونيك، وهي مادة يُعتقد بأنها تحفّز بعض مستقبلات الألم، على غرار تلك التي يتمُّ تنشيطها عند تذوق الطعام الحارّ، لذلك يبدو أن البشر يحبّون ما يسمّى بـ "لدغة الكربنة"، ما يجعل المصانع تتسابق لإنتاج مشروباتٍ تتميّز برغوتها الكثيفة وفقاعاتها الكثيرة، وذلك بهدف إرضاء أذواق المستهلكين.



وبالمثل، لقد تبيّن أن وجود الفقاعات وحجمها يؤثّران على إدراكنا للنكهة، ففي دراسةٍ حديثةٍ وجد الباحثون أن الناس بامكانهم تجريب لدغة حمض الكربونيك بدون فقاعات، غير أن هذه الأخيرة غيّرت مذاق المشروبات، مع العلم أن الفقاعات تؤثّر على معدل استيعاب الجسم للكحول، إذ أن تناول مشروب الشامبانيا سيجعلكم تشعرون بالثمالة بسرعةٍ أكبر، مقارنة باحتساء مشروبٍ كحوليٍّ آخر من دون فقاعات.

إتيكيت توافق الشامبانيا مع الطعام

قسّم موقع le decante الشامبانيا إلى 4 فئاتٍ، كاشفاً عن أفضل الأطعمة التي تناسب كلّ نوع:

blanc de blancs المصنوع من الشردونيه والذي يناسب الوجبات التي تستدعي أن يكون النبيذ أكثر حدّةً، بما في ذلك المأكولات البحريّة، الأسماك الزيتيّة مثل السلمون والسوشي، هذا بالإضافة إلى الجبن الطري.

blanc de noirs المصنوع من العنب الأحمر والذي يمتاز برائحة الفاكهة، مما يجعله مناسباً لبعض الأطباق مثل كبد الأوز واللحوم البيضاء كالديك الرومي مع الكستناء.

Rosés Champagne المصنوع من خليط النبيذ الأحمر والأبيض والذي يتلاءم مع بعض اللحوم مثل البط أو الضأن ومع فطائر الفاكهة.

Vintage Champagne لا تتردّدوا في تقديمه مع الجبن المعتّق أو الأطباق المقدّمة مع الفطر.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image