كان يتوقّع الإيرانيون أن يبدأوا عامهم الجديد، والذي يبدأ 21 مارس/آذار، بربيعٍ مزهر، غير أن الأمطار الغزيرة غطّت البلاد شمالاً إلى الجنوب، والفيضانات طالت كلّ شيء. في الجنوب الغربي الإيرانيّ المليء بالأنهار، دارت الأحاديث حول احتمال انكسار السدود، لاسيما أن السيول الطاغية التي جرت شمال المنطقة وخلف جبال "زاكرُس" أكّدت هذه الظنون.
إحدى الصور هي صورة رجل عربيّ مسنّ ذي شعر أبيض ولحية مشوشة، واقف، ويداه النحيفتان والمرتجفتان مفتوحتان إلى الجانبين. في إحداهما علبة سجائر وفي الأخرى قداحة!
منذ بداية الربيع، ومع ازدياد احتمال الفيضان، أُنذر سكّان سهل "خوزستان" (الذي يشمل الأهواز والمدن المحيطة بها)، بإخلاء منازلهم، غير أن الناس الذين كانوا يتوقعون عاماً زراعياً خصباً لم يتجشّموا للأمر. إثر الفيضانات لجأ الأهالي إلى سطوح منازلهم أو ركبوا الشاحنات أو الزوارق لينتقلوا إلى مناطق مرتفعة. أما سكّان قرية "بامديج" (bamdej)، المحطة الثالثة بعد الأهواز باتّجاه طهران، فكانت لهم حكاية أخرى.
مشاهدتي للمعرض استغرقت نصف ساعة. لم يكن باستطاعة أيّ أحد من من الزوّار البقاء في هذه الغرفة المعدنية أكثر من ذلك.
طلب رئيس محطة القطار المساعداتِ من العاصمة، فتمّ إرسال عدّة قاطرات شحن إلى محطة "بامديج" المحاطة بالمياه، وبذلك تحوّل رمز السفر والرّحلات إلى بيتٍ للسكون وبعض الاستقرار.
أقيم المعرض في القاطرة بـ17 صورة لأربعة مصورين، تحت عنوان "الخط الأول"، أي الخط الذي كان ينطلقون منه من أجل مساعدة المتضرّرين من السيول.
قام بعض المصوّرين بتصوير ملابسات وظروف الفيضان. وبعد هدوء الفيضان، دعتْ مصوّرةٌ من بينهم (ثناء أحمدي) إلى عرض الصور في تلك القاطرات التي كانت ملجأ لأهالي "بامديج". فأقيم المعرض في القاطرة بـ17 صورة لأربعة مصورين، تحت عنوان "الخط الأول"، أي الخط الذي كان ينطلقون منه من أجل مساعدة المتضرّرين من السيول.
إحدى الصور هي صورة رجل عربيّ مسنّ ذي شعر أبيض ولحية مشوشة، واقف بوجهه المتعب على عتبة العربة وخلفه الضوء. ويداه النحيفتان والمرتجفتان مفتوحتان إلى الجانبين. في إحداهما علبة سجائر وفي الأخرى قداحة!
صورة أخرى تظهر امرأة في منتصف العمر في محطة القطار؛ امرأة متعبة تحمل سجادة على كتفها، وتمشي وهي تاركة خلفها خطوط سكة القطار المتوازية المستمرّة إلى أقصى الحدود.
صور أخرى تظهر ساحة منازل غارقة في أكثر من متر من الماء حيث حوّلها إلى حمام سباحة. في زاوية من الساحة ووسط الصورة، أزياء لسكّان المنزل، متروكة على حبل الملابس، التي توضّح أن الفيضانات لم تمنحهم الفرصة حتى لجمع الملابس.
مشاهدتي للمعرض استغرقت نصف ساعة. لم يكن باستطاعة أيّ أحد من من الزوّار البقاء في هذه الغرفة المعدنية أكثر من ذلك. في تلك الدقائق شعرت وكأنني احترق ويخرج البخار من جسدي. جدار القاطرة المعدنيّ وأشعة الشمس التي تستهدفه طوال اليوم كانت قد حوّلت القاطرة إلى فرنٍ مشتعل. ویبدو أن إصرار المصورين على اختيار هذه النقطة لإقامة المعرض، هو إعادة خلق المشاهد والظروف التي قضاها أهل "بامديج" في تلك الأيام.
وهنا صور أخرى لهذا المعرض:
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...