شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
وشمٌ صوفيّ: بورتريهات الصعايدة في مسجد الإمام الحسين بن علي

وشمٌ صوفيّ: بورتريهات الصعايدة في مسجد الإمام الحسين بن علي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الجمعة 3 مايو 201904:28 م

لم أجد في تلك الحياة ما هو أصدق من اللون الأبيض ونقيضه الأسود -علميّاً الأسود يعني انعدام اللون- واللذين إذا ما اجتمعا سوياً شكّلا طعماً ووضعاً آخر مغايراً لما تعرفه عيوننا وتمارسه.

قالت لي عمتي يوماً، أن الأبيض والأسود كانا يحكمان العالم وينشران السلام والعدل والمحبّة في أرجاء المعمورة.

خالقان عظيمان هما، سحرٌ مذاقهما -على الأقلّ بالنسبة لي- كما القهوة الخالية من السكّر، نداهة يتيه في رحابها كلّ من هو ساعٍ وملاحِق للمعرفة وربما الحقيقة، والحقّ أقول إنني ومنذ الصغر، مأخوذ بما صنعاه في ألبومات صور العائلة، وكذلك في صور أسلافي المعلّقة في بيتنا الصغير، وهو ما كان يدفعني ببراءة للتساؤل عن كيفية تحوّل الأشخاص من تلك الحالة الآسرة إلى ما نحن فيه من ألوان؟ وكيف تحديا الزمن وأصبحا كلّهم؟!

قالت لي عمتي - لروحها السلام- أن الأبيض والأسود كانا يحكمان العالم وينشران السلام والعدل والمحبّة في أرجاء المعمورة، وهو أمر لم يرضَ عنه الرمادي الباهت الذي خان الأمانة، فثارت دموعهما وامتزجت فكانت الألوان الأخرى، نار لثورة بدورها قالت: لا، فكان المجد.

منذ الصغر، مأخوذ بما صنعاه في ألبومات صور العائلة، وكذلك في صور أسلافي المعلّقة في بيتنا الصغير، وهو ما كان يدفعني ببراءة للتساؤل عن كيفية تحوّل الأشخاص من تلك الحالة الآسرة إلى ما نحن فيه من ألوان؟

وجوه أسيادنا الصعايدة تحمل داخل ملامحها تطمينات، عرفان، محبّة تمنح ولا تأخذ، تُعطي ولا تقطع كما هي قلوبهم، هم أبناء الأبيض والأسود بحق، بكلّ ما فيهم من حكمةٍ ووقارٍ.

وعاد الأبيض والأسود وعهدا الأمر لكلّ الألوان فصارا وصرنا.

أعلم تماماً، وبيقينٍ مثبتٍ أنهما أيقونتان للموت، ابن الكلب، ذلك السيد الاقتنائي الطعّان لقلوبنا وأرواحنا، المؤكِّد للوجود والمذكِّر بالحقيقة، الباعث الدائم للحزن والبكاء، لكنني لم أكن أعرف أنهما، من داخله، يمنحان الحياة وينشران الحبَّ والحنين رغماً عنه، وشمٌ في الروح حُفر ولم يزل، لذا وفي كلِّ مرّة كنت فيها عند الحسين بن علي، وجدت الحياة التي صنعا، في الوجوه التي أتت إليه حبّاً من شتّى بقاع المحروسة، وتحديداً من صعيدها الطيب الذي أزعم أن بروحي ميراثاً كبيراً منه.

وجوه أسيادنا الصعايدة تحمل داخل ملامحها تطمينات، عرفان، محبّة تمنح ولا تأخذ، تُعطي ولا تقطع كما هي قلوبهم، هم أبناء الأبيض والأسود بحق، بكلّ ما فيهم من حكمةٍ ووقارٍ وطباعٍ خلّفها الزمن بمنحنيات أموره فيهم، وجدتهم ووجدوني، وعاشوا فيّ رغم ما فيّ، فكانت السلوى.

ما يلي بورتريهات لمحبّي الحسين بن علي من أبناء صعيد مصر، اللذين، بالأبيض والأسود، منحوا وأوفوا، أُخذت من المشهد الحسيني ومسجده وساحته وكذلك بعض بيوت الخدمة التابعة لبعض الطرق الصوفيّة، أثناء الاحتفالات بمولده في القاهرة 2018.














رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image