شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
عن اضطراب الرغبة الجنسيّة بالأطفال.. وكيف نحميهم؟

عن اضطراب الرغبة الجنسيّة بالأطفال.. وكيف نحميهم؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الجمعة 26 أبريل 201903:08 م

في الآونة الأخيرة بتُّ أسمع الكثير من الشباب والشابات يتجرّؤون ويعبّرون عن عدم رغبتهم في إنجاب الأطفال، وكنت أستغرب وأنا الأم لثلاثة أطفال أن يأخذ الإنسان قراراً مسبقاً مع كامل الإصرار والإرادة في هذا الجانب. كانت أحد الأسباب التي أراها تدلّ على شخصيةٍ متمركزةٍ حول ذاتها، عدم الرغبة في تحمّل مسؤوليةٍ جديدةٍ وعبءٍ يحدّ من الحرية الشخصيّة! وأعود لأعبّر أن هذا استنتاجي الشخصي الذي بتّ أرى أنه ليس بالضرورة صحيحاً، وخيار هؤلاء الأشخاص يندرج تحت حريتهم الشخصيّة.

لكن ما لفتني جداً، هو المبرّر الذي كان يرى وحشية وخطورة وصعوبة الحياة، والشعور بالخوف على أي طفل ممكن أن يأتي إلى هذا الزمن... لكن ممّ وممّن نخاف؟ ألم تكن الحروب والنزاعات ديدن شعوب الأرض كافةً! عدا عن الكوارث الطبيعيّة وتصاعد همجيّة الإنسان.

لكن ما لم يكن ليخطر لي في أوائل الثلاثينيات أن اليوم سيأتي لأخاف على طفلي، حتى ممن يُظهر له المحبّة ويُبدي له الرغبة في إعطائه الدفء.

ما هي البيدوفيليا؟

البيدوفيليا هي حبّ الأطفال والرغبة فيهم جنسيّاً. بدأ هذا التهديد يُقلقني، أسمع قصصاً رغم ندرتها ولكنها موجودة، وأنا من نذرت حياتي لحماية أطفالي مثل غالبية الأهل. من الصعوبة بمكان أن تراقب الأجواء دائماً: من يقترب من طفلك، ولأي درجة مسموح له أن يظهر الودّ والحبّ والاحتضان؟ في الوقت الذي تنصح كتب التربية بإغداق الطفل بالمحبّة وحضنه عدّة مرات في اليوم!

البيدوفيليا مصنّفة على أنها من الاضطرابات الجنسيّة الشهيرة.

البيدوفيليا مصنّفة على أنها من الاضطرابات الجنسيّة الشهيرة، يتميّز هذا الاضطراب بوجود محفّزاتٍ جنسيّةٍ شديدة، أو خيالاتٍ جنسيّةٍ مثيرة، مرتبطة بالأطفال غير البالغين الذين تقلّ أعمارهم عن 13 سنة. وتتكرّر لمدّة لا تقلّ عن ستة شهور للمضطرب الذي لا يقلّ عمره عن 16 سنة، ولا يقلّ فارق السنّ بين المضطرب والضحية عن 5 سنوات، وهو اضطراب قديم وموجود منذ عصور سابقة.

ويتمّ التفريق عادةً بين من يتصرّف بناءً على هذه الرغبة الجنسيّة (Pedosexuality) ومن يشعر بهذا الميل ويخجل منه ولا يتصرّف بناءً عليه (pedophilia)، كما يختلف البيدوفيليك بين من يميل للطفل فقط عندما يقترب من البلوغ، وبين من يشعر بالميل للأطفال الأصغر. يذهب الناس للاعتقاد خطأً بأن المصابين بهذا الاضطراب هم غالباً ذكور، ولكن يمكنه أيضاً أن يصيب النساء، غير أننا قد نلتفت للرجل الذي يُبدي حبّه ويقدّم انتباهه المبالغ به للطفل أكثر من المرأة بسبب طبيعتها الأموميّة.

من الجدير بالذكر، أن الأسباب لهذا الاضطراب غير مؤكّدةٍ أو معروفةٍ بشكل واضح، قد يساهم فيها تعرّض الشخص نفسه كطفل للتحرّش، فيما يُعرف بنظرية الضحيّة والجلاد، ولكن كما يذكر الطب النفسي لا يكفي ذلك كسببٍ واحدٍ، وقد يكون ميلاً جينيّاً يولد مع الشخص أو طفولة سيّئة وعلاقة راضّة مع الأب أو الأم، وقد يكون مزيجاً من كل ذلك.

هناك ثلاثة أنواع من المعتدين بناءً على الأسلوب المتبع، الأوّل يسعى إلى بناء علاقة ثقةٍ وحبٍّ مع الطفل ويرعاه ومن ثم يقوم بالتقرّب والاعتداء عليه، والنوع الثاني غير قادر على بناء علاقةٍ صحيّةٍ مع البالغين، وغالباً ما يكون من الذكور ذوي الاتجاه الجنسي المغاير، والنوع الثالث الذي يستمتع بالسلطة والقوّة التي يستطيع ممارستها على الطفل. من المهم التأكيد على الفروقات بين من يشعر بهذا الميل ويشعر بالخزي بسببه، حيث أنه خارج عن إرادته، وبين من يقوم بالتصرّف بناءً عليه.

معالجة البيدوفيليا

في مشفى الشاريتيه هنا في ألمانيا، يوجد برنامج خاص لمعالجة هذا الميل باسم (لا تصبح معتدياً) kein Täter werden، حيث يقابلون الشخص و يتمّ التحاور معه و سؤاله للتعرّف على وضعه تماماً و من ثمّ تقديم العلاج المعرفي السلوكي لتخفيف وضبط هذا الشعور، والعمل على عدم التصرّف بناءً عليه. يقول فريد برلين، وهو طبيب نفسي ومدير وحدة السلوك الجنسي في جامعة جونز هوبكنز: "الأشخاص الذين يعانون من البيدوفيليا غالباً ما يكونون في حالة إنكار لوجود مشكلة ما لديهم "، وبالتالي أولى خطوات العلاج هي أن يدرك الشخص أن هنالك مشكلة، وهو يحتاج لمساعدة ما كي يستطيع السيطرة على دوافعه ورغباته الجنسيّة، كما أن هناك بعض العلاجات الدوائيّة كمثبطات التوستوستيرون، وقد أعطت بعض مضادات الاكتئاب نتيجةً مؤقتةً، حيث أن تناول الكحول أو التعرّض لمُثيرات قد يهدّد النتيجة، هناك حديث عن حقن مادةٍ دوائيّةٍ معيّنةٍ في فترات محدّدة تعمل على تثبيط الهرمونات، وكان البديل عنها، ضمن الجدل القائم عليها، فيما إذا كانت تخترق حقوق الإنسان ومقارنة ذلك بحقوق الطفل، كان البديل عزل المعتدين ضمن السجون وتمّ حساب التكلفة الماديّة على الدول في كلتا الحالتين.

البيدوفيليا هي حبّ الأطفال والرغبة فيهم جنسيّاً. أسمع قصصاً رغم ندرتها ولكنها موجودة، وأنا من نذرت حياتي لحماية أطفالي مثل غالبية الأهل. من الصعوبة أن تراقب الأجواء دائماً: من يقترب من طفلك، ولأي درجة مسموح له أن يظهر الحبّ والاحتضان؟

أولى خطوات العلاج هي أن يدرك الشخص أن هنالك مشكلة، وهو يحتاج لمساعدة ما كي يستطيع السيطرة على دوافعه ورغباته الجنسيّة، كما أن هناك بعض العلاجات الدوائيّة كمثبطات التوستوستيرون، وقد أعطت بعض مضادات الاكتئاب نتيجة مؤقتة.

أتجرّأ لأصنّف زواج القاصرات والطفلات ضمن هذا الاضطراب! كنا وما زلنا نسمع عن زيجاتٍ من بناتٍ أعمارهن تبدأ من تسع سنوات حتى السادسة عشرة، وفي حالات أخرى سمعنا عن أعمارٍ أصغر! 

زواج الطفلات.. نوع من البيدوفيليا

وهنا أتوقّف لأراجع المشهد في الشرق الأوسط، وأتجرّأ لأصنّف زواج القاصرات والطفلات ضمن هذا الاضطراب! كنا وما زلنا نسمع عن زيجاتٍ من بناتٍ أعمارهن تبدأ من تسع سنوات حتى السادسة عشرة، وفي حالات أخرى سمعنا عن أعمارٍ أصغر! وترى الرجل يتبجّح بأنه اختارها صغيرة "ليربّيها على إيده" كما يقولون ولا يُستهجن ذلك من قبل عددٍ لا بأس به من أفراد المجتمع.

بتنا نحتار كيف نضبط هذا الخط الفاصل بين تقبّل المودّة واللمس والاحتضان من الأصدقاء والمقرّبين لأطفالنا، وبين خوفنا من لحظةٍ نغفل فيها عن لمسةٍ من معتدٍ لفلذات أكبادنا.

تمّ تشريع هذا الاعتداء دينيّاً ومجتمعيّاً وفي حالات قانونيّاً، وباتت الضحية، تعتقد، وحيدةً، أن هذا هو الطبيعي، وأن اعتراضها، إذا اعترضت، هو خروج عن الدين أو عن التقاليد، غسيل أدمغةٍ مكثّفٍ لقبول الاعتداء، تماماً كما تختبئ الأنثى ضحيّة الاغتصاب، كونها بنظر المجتمع هي التي لم تحتشم في لباسها أو خرجت بمفردها، فتسبّبت بأذيّة نفسها وتتحوّل الضحيّة إلى متهمة. وفي مثل هذه الحالات، لا توجد محاولة لمعالجة الشخص أو الحدّ من سلوكه، لا بل ونباركه ونقيم الحفلات احتفاءً به!

من جهة أخرى وضمن هذه الحقائق، وفي حالة وجودنا في بلادٍ غريبةٍ نحتاج فيها للدفء ولجوِّ العائلة، بتنا نحتار كيف نضبط هذا الخط الفاصل بين تقبّل المودّة واللمس والاحتضان من الأصدقاء والمقرّبين لأطفالنا، وبين خوفنا من لحظةٍ نغفل فيها عن لمسةٍ من معتدٍ لفلذات أكبادنا.

اليوم، صرت أفهم من يقول: هذا العالم لا ينبغي له أن يحظى بالمزيد من الأطفال.. ولكن ....


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image