بعد ثلاثة أعوام من تأسيس وزارة مُختصة بالسعادة، أطلق حاكم دبي محمد بن راشد الثلاثاء وزارة تحمل اسم “اللامستحيل" وهي منظومة عمل جديدة في حكومة الإمارات، لا يقودها وزير بل أعضاء مجلس الوزراء.
وأعلن حاكم دبي في تغريدة في تويتر الثلاثاء أن وزارة “ اللامستحيل" ستعمل على ملفات وطنية مهمة، وبناء أنظمة حكومية جديدة للمستقبل. وأكد أنها ستباشر عدة مشاريع منها تقديم خدمات استباقية للجمهور وبناء منصة إلكترونية لتسهيل مُشتريات الحكومة واختصار وقتها من شهرين إلى 6 دقائق وإنشاء أنظمة تخصص لاكتشاف المواهب في كل طفل في الإمارات، وفقاً لما أعلنه.
وشدد حاكم دبي على أن المستحيل "ليس في قاموسنا وليس جزءًا من تفكيرنا ولن يكون جزءاً من مُستقبلنا”.
الوزارة الجديدة تضم إدارة بيانات تهدف إلى دعم عمليات اتخاذ القرار، وتشجيع التبادل المعرفي بين الجهات، وتحفيز ثقافة الاستكشاف وترسيخ "منهجية اللامستحيل كثقافة عمل مؤسسي في الحكومة" بحسب صحيفة الإمارات اليوم.
وتوّفر وزارة اللامستحيل خدمات استباقية بتصميم تجربة متعامِلٍ تُرافقه في كافة مراحل الحياة، من خلال توفير خدمات قبل الطلب.
تشمل الوزارة كذلك إدارة للمكافآت السلوكية، تهدف إلى تحفيز السلوك الإيجابي من خلال نظام "مكافآت" تُمنح للملتزمين بالسلوكيات المجتمعية الإيجابية على شكل نقاط يُستفاد منها في دفع رسوم الخدمات الحكومية المختلفة. أما عن السلوكيات الإيجابية، فستعمل الإدارة على تحديدها في قائمة وتضع نظاماً لجمع النقاط والمكافآت.
وتضم الوزارة كذلك إدارةَ المهارات التي تعمل على "تهيئة بيئة حاضنة" لمهارات المواطن وإدارةً مُختصة بالمشتريات الحكومية بهدف تطوير منصة سهلة الاستخدام للمشتريات تُحاكي "سهولة وسرعة الأسواق العالمية على الإنترنت" وتطوير الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم.
حاكم دبي يطلق وزارة “اللامستحيل”. كيف يتخيل المواطن العربي مهامَ هذه الوزارة؟ هل آن الأوان للتفكير بتحويل “ المستحيل” إلى “ممكن” أم أن مشاغل المواطن العربي أعقد بكثير من جعل المُحال ممكناً في الوقت الحالي؟
كيف علّق العرب؟
توجه رصيف22 بالسؤال لعدّة أشخاص في دول عربية مختلفة عن آرائهم في "وزارة اللامُستحيل" في الإمارات، بِمَ يوحي إليهم اسمها؟ كيف يتخيلون مهامها؟ فجاءت الردود كالتالي:
"استحداث وزارة لـ “اللامستحيل” أمر تقدمي ومستفز في الوقت عينه. أتى في وقتٍ تتخبط فيه الدول الأخرى في صراعات دموية، أو في سجالات سخيفة، أو في أساليب حكم ديكتاتورية"، يقول الصحافي اللبناني جان مخول. ويُضيف أن الشعب اللبناني في المُقابل يسعى جاهداً لتأمين ميزانية الدولة و"يُهلل" عند تحقيقها، مُشيراً إلى أنه من الطبيعي أن يشعر اللبنانيون بالقهر لأن بلادهم كانت قِبلة أنظار حاكم دبي، مثلما روى في كتابه "قصّتي" الصادر في يناير الماضي، "في حين أن بلدنا اليوم يتراجع إلى الوراء"، حسب قوله.
وكان محمد بن راشد قد تحدّث عن بيروت في كتابه “قصتي” قائلاً : "أذهلتني صغيراً، وعشقتُها يافعاً، وحزنتُ عليها كبيراً" واصفاً إياها بأنها "ساحة لتصفية كثير من الحسابات والصراعات التي لا تنتهي".
أما الشاب الفلسطيني محمد عُمر، وهو طبيب مُقيم في ألمانيا، فيقول إنه يسجل للإمارات أنها الأولى من بين دول الخليج التي تسعى لخلق اقتصاد غير معتمد إلى حد ما على النفط، لكنه يؤكّد أن مدن الإمارات "مدن الملح هشة وقد تذوب مع أول قطرة ماء"، بسبب تدخلاتها السياسية والعسكرية في شؤون الدول الأخرى.
وأكّد أن إطلاق وزارة اللامستحيل لم يكن مُدهشاً رغم أنه كان "خبراً لافتاً” الثلاثاء شارحاً وجة نظره بالقول: "لأننا رأينا إنجازات مُشابهة في الإمارات"، على حد قوله. وأعرب عن أهمية وجود إدارة المهارات في الوزارة قائلاً: "ليس من المنطقي أن نرى دولة تقوم بكاملها على الخبرات والطواقم الغربية، الدول والحضارات لا تُبنى كهذا".
أقام عمر مقارنة بين بلده فلسطين والإمارات قائلاً إن فلسطين "في مرحلة التحرر من الاحتلال...ما زلنا في خضم صراع من أجل تحقيق أساسيات الحياة، لم نصل بعد لمرحلة بناء الدولة، حتى نبلغ تلك الرفاهية” في إشارة إلى رفاهية العيش في الإمارات.
ومن جهته، يقول الصحافي العراقي حيدر إنذار: "إن أردنا تطبيق وزارة اللامستحيل في العراق، ستكون وزارة "المُستحيل" في مُحاربة الفساد الذي كرسته أحزاب السُلطة مُنذ عام 2003 حتى اليوم، ووزارة المُستحيل في تقديم الخدمات للمواطن العراقي الذي يُعاني من خدمات مُتهالكة”.
وقال إنها ستكون وزارة يستحيل عليها مُحاربة الطائفية التي أنجبت داعش الإرهابية والتي بدورها أضاعت من عُمر العراق أكثر من خمس سنوات ورمّلت آلاف العراقيات، ويتّمت مئات الآلاف من الأطفال.
وأضاف: "من المستحيل أن يفكر المواطن العراقي بأن تكون هُناك دولة عراقية من جديد، بسبب السياسيين الموجودين حالياً وأحزاب السلطة الحاكمة الذين ضيّعوا الشعب العراقي ومؤسسة الدولة العراقية التي كانت تتغنى بها دول العالم بما فيها الإمارات التي كانت تقول سنجعل الإمارات كبغداد من ناحية الحضارة والثقافة والتطور والاقتصاد والعلم".
ولفت إلى أنه من المستحيل أن تعود العقول العراقية التي هاجرت إلى بقاع مختلفة من العالم إلى العراق، لأنها دولة ذات بيئة "غير صالحة للعيش" بحسب قوله.
استحضر الصحافي حيدر تدني التعليم في العراق خاصة في المدارس المبنية من طين حيث يكتظ في كل صف نحو 80 طالباً، قائلاً إنه يتألم لما يكابده الشعب العراقي: "أتألم عندما أنقل قصص العراق للعالم، قصص للأسف من بلدي".
أما الصحافية الأردنية عبير هشام أبوطوق، فتقول "كالعادة تأتي الأخبار غير التقليدية من الإمارات، وهذه المرّة وزارة اللامستحيل والتي يُخيّل لك وللمرة الأولى أنك لم تقرأ اسم الوزارة بشكل صحيح".
وتُضيف أن إطلاق الوزارة فتح باب التساؤلات المشروعة عن مشاريع عربية لم ترَ النور حتى الساعة رغم مرور سنوات على إعلان العزم على تنفيذها. ولفتت إلى أنها تتمنى أن تعمّ عدوى النجاح مع كل انجاز للإمارات موضحةً: "نعم النجاح والإنجاز والإبداع والابتكار عدوى، ولكنها عدوى إيجابية ومطلوبة بشدة للتمكن من خوض غمار المستقبل الذي يباغتنا بسرعته وتكنولوجياته اللامحدودة واللامستحيلة".
وتقول شابّة سورية مُقيمة في الإمارات فضّلت عدم كشف اسمها إنها بداية جيّدة ألا يكون هُناك مستحيل في الإمارات ولكنها تتساءل: "هل ما ستقوم به الإمارات كان مُستحيلاً بالفعل وستجعله الآن لامستحيلاً؟"
أما عن سوريا، فتقول: هُناك أمور كثيرة "مُستحيلة" في الوقت الحالي، تتطلب سنوات طويلة لا تعدّ لكي تُصبح "لامُستحيلة". ولكنها لم تفقد الأمل بعد نحو ثماني سنوات من الحرب وتقول: "من اللامُتسحيل أن يقف الشعب السوري على قدميه من جديد ومن اللامُستحيل إرجاع الاقتصاد مثلما كان، ولكنه يتطلب جهداً عظيماً".
أما الناشطة الكويتية الحقوقية كريمة كرم فتقول إنها ليست مُتعجبة من إطلاق وزارة اللامستحيل في الجارة الإمارات لافتةً إلى أن الإمارات "سبّاقة في مجال التطوير والتنميه البشرية خاصة من خلال الاستعانة بالطاقة الشبابية واستشارتهم في الطرق الكفيلة بتطوير بلدهم"، مُضيفة أن هذا ما يفتقده الشعب الكويتي.
وتوضّح كرم: "الوزراء وأعضاء مجلس الأمة في الكويت مُتقدمون في السن لا يستطيعون الوصول إلى تفكير الشباب ورغبته في تنمية الوطن".
أما الناشط المصري شريف عُثمان، فيقول بالعامّية: "مصر بتجري لورا والإمارات بيتفرج عليها العالم كله".
ويُضيف أن وزارة اللامُستحيل قد تكون أول مركز أبحاث علمي في العالم على مستوى الدعم الحكومي لتصل بأي فكرة خُرافية إلى مرحلة التطبيق. وأشار إلى أن فكرة الوزارة جذّابة "للعقول البراقة" على مستوى العالم خاصة أن البشرية على مشارف تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي ستُشكل نقلة نوعية في تسارع تطور الإمكانيات البشرية على حد وصفه.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...