يتشارك الناس في جلسات التدخين، الدخان نفسه. ولا بد من مايسترو لضبط إيقاع الجلسة باللف والدوران. ولكل جلسة طقوسها الخاصة، وبعض التقاليد الشائعة، وطرق وأساليب خطيرة ومهلكة أحياناً، وأخرى سهلة وسريعة التحضير، وأدبيات وأصول. هنا نمر سريعاً على جلسات التدخين، لنرى من يضبط الإيقاع واتجاهات الدوائر، وكم شخص يمكن أن يتقاسموا سيجارة واحدة، ومن هو عسكري القعدة، وكيف تتعامل المجموعة مع السفّاحين.
المايسترو ولي النعم
منح الفنان عماد حمدي ولي النعم في ثرثرة فوق النيل، صورته السينمائية الأشهر، إذ هو من يقود الجلسة طوعاً وباتفاق الغالبية. يختار من يقوم بالمهمات المساعدة، لا يسأل أحداً بل يشير ويأمر: "ورق، ولاعة، افرك سيجارتين، تبغ". وحين تتم المهمة وتصبح التعميرة جاهزة: كرسي الدخان، السجائر، الخوابير، أياً كانت الطريقة، يحدد ولي النعم كيف تدور الدوائر، ومن يمرر لمن، ومن له حق الشعلة الأولى لكل سيجارة.كمنجات... 2kiss and pass
وصلة من التسليم والاستلام لا تتوقف، فتتفق المجموعة، أو يقرر ولي النعم حين تكون الكمية قليلة منذ البداية، أو أن المتبقي لن يكفي الجميع، أن يقترب الأصدقاء مشكّلين دائرة ما، مشعلين السجائر دفعة واحدة، وتدور في اتجاه عقارب الساعة أو عكسه، ولكل فرد قبلتان سريعتان، ليمرر ويتسلم ويمرر ويتسلم، وهكذا إلى أن تنتهي السجائر في الوقت نفسه، لتفتح الدائرة نفسها.وحين يقول الراعي "كمنجات"، يفهم الآخرون أن الكمية أصبحت قليلة، وأن على الجميع مراعاة ذلك، فلا تتأخر سيجارة في يد أحدهم، بل استلام وتسليم الجالسين إلى مجموعات متقاربة ومتماثلة، كلما أمكن ذلك، ليعطي كل ثلاثة منهم سيجارة، أو يشعل سيجارتين فقط عن يمينه وعن شماله، ويقول ده يلف كده وده يلف كده... حتى لا يتوقف اللف والدوران.
سيجارة لكل ثلاثة على الأكثر
لا يشعل اثنان سيجارتين أبداً. لذلك، إذا كنتم اثنين فحتماً ستشعلان سيجارة أو جوزة/نرجيلة واحدة، وكذلك الحال إن انضم إليكما رفيق، فسيظل الدخان يمارس سلطته على الثلاثة، ولكن إذا جاء رابع فلتشعلوا الثانية ولتدُر الدائرة.السفاح وعسكري القعدة
أدوار أو أرواح تتلبس البعض في جلسات التدخين، حتى تكاد تخلو جلسة من الرفيق السفاح، الذي لا يترك من الحجر سوى الرماد، ومن السيجارة غير قبلة خاطفة، ربما يقتنصها أحد من بعده قائلاً "موّته"، أي أنه لم يتبق من السيجارة غير رمق أخير، وبذلك يستدعي الند نده، فيظهر العسكري المراقب يتلو قوانين وأخلاقيات الكيف وكرسي الدخان ومنها: "من رل أشعل، الكيف لف مش حف، الكيف صد رد مش صد صد، ارحموا أخاكم إنه الآن يُسأل (ويقصد بها اقتراب أجل السيجارة في يد أحدهم).Back fair الأنفاس المرتدة
بيدين مضمومتين إلى الفم، يقبل المايسترو على رفاقه وكأنه يقبلهم واحداً واحداً، محكماً المسافة القصيرة بين الوجهين، وحيث تكون السيجارة في فمه بموضع معكوس، الزهرة وهي مقدمة السيجارة المشتعلة في داخل الفم، يقبض على نهايتها بشفتيه، لينفث الهواء بشكل بطيء ومتواصل وكثيف. وهكذا تتكرر الحركة التي يطلق البعض عليها باكات أي جمع لكلمة back، حيث يكون على المدخن طوال تلك الفترة بين يدي الرفيق، أن يستنشق الحشيش كله بأنفه وفمه دون الفكاك من خيط دخان واحد.في السيارة، لا يطمع أحدهم في نسمة من الهواء قبل أن تتشبع السيارة ومن فيها بالدخان تماماً، ثم يلتقون جميعاً بالهواء ممزوجاً بالموسيقى والضحك والاتجاهات غير المقصودة، إذ تقوم المجموعة بغلق النوافذ حتى لا تحترق السجائر سريعاً وحتى لا يطير الدخان وتفوت الفرصة في الوصول إلى مدى واسع من التأثير. via GIPHY
المروحة خطر، لا تبدأ المجموعة في فرك السجائر (فكها وتجهيز التبغ) إلا إذا أغلقت المروحة أياً كان وضعها في المنزل، حيث تسببت قبل ذلك في العديد من الحوادث، منها طيران التبغ في الهواء وضياع الحشيش، بعد أن يشتعل جانب من السيجارة أسرع من جانب أخر "تشلح"، والأهم أن يحترق الحشيش سريعاً.
سيجارة وطرف
يطلق المتعاطون للحشيش أسماء عدة على سيجارة الكيف مثل "الجوينت الجوان والجوب"، وبعض الأسماء يمثل وصفاً معيناً لحالة السيجارة، منها البوب أو سيجارة بوب مارلي الحجم الكبير ذات الرأس الأسطواني الواسع، سلمّات جمع لكلمة slim وهي السيجارة الرفيعة، وسمسون السيجارة الصغيرة. "الأوتومان للبانجو الرزلة للحشيش"، يوضح هذا القانون أن الورق الخفيف هو الأنسب لتدخين الماريجوانا/البانجو، بينما الورق الشفاف السميك مناسب للف الحشيش الذي يحتوي على مادة زيتية، وغالباً يُستخدم في لف سيجارة من الورق الطويل، سيجارة عادية ويُضاف إليها طرف من سيجارة أخرى، ويكفي ثمن صوباع الحشيش لإعداد سيجارة واحدة. وهناك من يشتري السجائر ملفوفة وجاهزة للتدخين، فيخبر الديلر بتجهيز عدد سجائر معين، من الحشيش أو الماريجوانا، وتظهر في سوق مستلزمات الدخان والسجائر، علب كرتونية صغيرة، تحتوي على 10 ورقات أو أكثر ملفوفة وجاهزة للحشو. الكارتلة... غالبا ما يتسغني أحدهم عن بطاقة عمل لصديق له كي يحل المشكلة التي تظهر عقب فرك الحشيش وتجهيزه، ليصيح القائم على المهمة كارتلة، والمقصود فم السيجارة من الورق المقوى لبطاقات العمل وعلب السجائر، التي لا يريد أفراد المجموعة أن يفسدوا تماسكها بقطع الأجزاء الداخلية من العلبة، وعليه تفسد بقية السجائر المتبقية سريعاً.أشهر الطرق المتعارف عليها
كرسي الدخان: هو مجموعة متراصة من أحجار المعسل/التومباك المكرسة بقطع الحشيش الصغيرة أو بقطعة واحدة كبيرة، يطلق عليها أحياناً "البصمة"، معدة للجوزة/الشيشة/النرجيلة.الخابور.. علق الدبوس: كأس والسيجارة تقطع كقطر الدائرة، يتدلى من خصرها عمود من الحشيش مرشوق في المنتصف تماماً، يحترق ليملأ بالدخان الكأس المغطاة بقطعة من الورق السميك أو البلاستيك أو حافظة النقود في غالب الأحيان. ويعالج أحدهم السيجارة مستخدماً ورق اللف الخفيف، ليشعلها وقد امتصت الدخان طوال بقائها حبيسة في الكأس، الذي يصب فيها أحدهم شاياً ساخناً متأملاً زيت الحشيش على السطح.
الطرق الصعبة
يدخل الكثيرون في منافسات على مواقع التواصل الاجتماعي تتصل بتصوير مدى قدرتهم على تعاطي الدخان بواسطة أقوى الطرق تأثيراً من تدخين الحشيش المتبّغ، ومنها: الكنشة: النرجيلة اليدوية، التي يمكن تجهيزها في بضع دقائق باستخدام زجاجة بلاستيكية وأسلاك نحاسية رفيعة، ويتم تشكيلها لتغطي فوهة الزجاجة بدلاً من حجر الشيشة. فيضاف الحشيش إلى كمية من التبغ بدلاً من المعسل، وربما تكون الكمية نفسها التي تكفي لسيجارة واحدة، لكنها تحتاج إلى سرعة في التعاطي نظراً لاحتراق التبغ بسرعة أكبر من المعسل، وأكبر من حالته ملفوفاً في الأوراق. الغرقانة: نصف زجاجة بلاستيكية مملوءة بالماء حتى منتصفها، ونصف زجاجة أخرى أصغر حجماً، ومجهزة مثل الكنشة ولكن دون نصفها السفلي. بعد إشعال الحشيش تُسحب الزجاجة الصغيرة من الكبيرة تدريجياً حتى تمتلئ بالدخان، الذي يحل بدلاً من الماء، ثم يتم رفع الغطاء/الحجر، وسحب كمية الدخان الكبيرة.الفولية: في الكثير من أعراس صعيد مصر، يوزع أصدقاء العريس وأقرباؤه على المدعوين قطعاً من الحلوى المخدرة والمخلوطة بالحشيش، تسمى الفولية. تشبه قطعة الحلوى الشهيرة التي تحمل الاسم نفسه، والتي يمتد تأثيرها أكثر من الطرق الأخرى، نظراً لبقاء الحشيش في المعدة فترة طويلة، ولكنها أحد الطرق الخطرة لتعاطي الحشيش، والتي يقول الكثيرون أنها من الممكن أن "تسبب هبوطا حادا في الدورة الدموية". وهناك من يقومون بتفريغ مساحة مناسبة لسيجارة أو أكثر في ثمرة فاكهة مثل التفاح، وتفريغ مساحة أخرى لسحب الأنفاس منها بعد إشعال السجائر دفعة واحدة، ثم الاستمتاع بأكل التفاحة المشبعة بالحشيش في نهاية الأمر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...