فيسبوك، تويتر، يوتيوب أو "مواقع التواصل الاجتماعي" كما يحلو للجميع تسميتها. يستطيع مستخدموا هذه المواقع بسهولة أن يدركوا أنها تسمية خادعة في العالم العربي. فمنذ عام 2007 عندما أخذت هذه المواقع في الانتشار، بقي الاستخدام الاجتماعي لها في حدود ضئلية جداً.
قبل ظهور غوغل كمحرك بحث لا غنى عنه في عام 2005، كانت المدونات والمنتديات هي الوسيلة الأكثر انتشاراً، وكان العالم كله يتعامل معها باعتبارها "إعلاماً بديلاً". يتضح هذا الأمر من كيفية التعاطي الدولي والرسمي معها، من توفير المنح والتمويلات للمدونين، إلى التدريبات المنظمة، ولما شابه من أشكال الدعم الأخرى.
عندما ظهرت "مواقع التواصل الاجتماعي" في الغرب، لم تكن امتداداً للمدونات، بل بالفعل أشكالاً للتواصل الاجتماعي. يتضح هذا مثلاً من حجم الأصدقاء في حسابات الأشخاص العاديين، حيث كثير من المستخدمين لا يتجاوز أصدقاؤهم العشرات، كما يتضح من طبيعة المادة التي يبثونها، حيث يغلب عليها الطابع الشخصي. حتى صفحات المشاهير، وحساباتهم، هي صفحات شخصية يكون فيها عادة فصل واضح بين حياة "النجم" وعمله، ولا يستخدمونها لنشر أخبارهم، أو للإعلان عن تعاقداتهم إلا قليلاً.
في البلاد العربية ومنطقة الشرق الأوسط، ومنذ اللحظات الأولى، كان واضحاً أن صفحات المستخدمين أقرب لجرائد أو قنوات دعائية، وهو ما تطور لحظة بلحظة. ربما نتذكر انتخابات الرئاسة الإيرانية سنة 2009، بين المرشحين المتنافسين أحمدي نجاد ومير حسين موسوي، وكان هذا أول ظهور لطبيعة هذه المواقع الإعلامية على المستوى الإقليمي، بعد أن أصبح تويتر مصدر الأخبار الأول، وتم إنشاء عشرات الآلاف من الحسابات لمتابعة الإنتخابات. ربما سبقتها في بعض الدول أحداث محلية، كما حدث في مصر من استفادة من "يوتيوب" في قضية عماد الكبير عام 2006 (إحدى قضايا التعذيب) أو إضراب 6 أبريل 2008.
يستطيع المتابع بسهولة أن يكتشف أن هذه المواقع تتحكم بشكل كبير فيما تبثه وسائل الإعلام والإعلان والبرامج والنشرات والميديا بكافة أشكالها. فبالإضافة إلى لجوئها لها للحصول على المعلومات، غالباً ما يُقاس النجاح في سوق القنوات الفضائية بمدى انتشار المادة المذاعة على الشبكة، ويقاس النجوم بعدد "الفانز" على صفحاتهم، إذ أن هناك علاقة طردية بين رواتب الإعلاميين وعدد "الشير" التي يحصدونها.
كما أن الحدث المركزي لليوم، أو أيّ يوم، هو ما يقرر مستخدمو الشبكة تداوله على نطاق واسع، الأمر الذي يجبر المستخدمين على تداوله والتدوين بشأنه. باختصار تحدد الشبكة خريطة المادة الإعلامية المتداولة. هذه الصورة لا تجعل هناك أية فرصة للتواصل الاجتماعي على الشبكة، فكلّه يُستخدم لتكون الشبكة بديلاً عن الوسائل الإعلامية المعهودة، يشجع على ذلك تردي مستواها، وقصورها عن مواكبة الأحداث بصورة تتفوق على ما تقدمه الشبكة.
نظراً لهذه الظروف وطرق التعاطي مع مواقع التواصل، يصعب أن نمنحها صفة "الاجتماعي".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...