شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
المنافسة بين الدراما المصرية والسورية... من المنتصر؟

المنافسة بين الدراما المصرية والسورية... من المنتصر؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الجمعة 9 يونيو 201702:12 م
يمنى علاء فتاة مصرية تبلغ من العمر خمسة وعشرين عاماً، هوايتها الأولى والأخيرة منذ أن كان عمرها عشر سنوات هى متابعة الدراما. كانت تحفظ كل أحداث الأفلام والمسلسلات عن ظهر قلب، تكتب في دفترها الخاص أسماء العاملين بكل مسلسل وفيلم تشاهده، بداية من الممثلين ووصولاً إلى المخرج والمنتج والمؤلف والمصورين وكل العاملين. لم تتخصص يمنى التي تخرجت من كلية التجارة بدراسة السينما، ولكن هوايتها الوحيدة، خاصة بعد أن تخرجت من الجامعة ولم تستطع الحصول على فرصة عمل، هي المتابعة، فقط متابعة الدراما ولا شيء غير ذلك. في الأعوام الثلاثة الأخيرة، لاحظت يمنى تغيراً ملحوظاً في جودة الدراما المصرية، أصبحت المتابعة الأولى بالنسبة لها تأتي من نصيب الدراما السورية، تليها في أحيان كثيرة الدراما التركية، التي دفعها حب متابعتها إلى تعلم اللغة التركية، لأن الدوبلاج لا يروقها، وتفضل أن ينتقل إليها الحوار بنبرة صوت الممثل وأدائه مباشرة. ترى يمنى أن الدراما المصرية أصبحت تسير في خطوط معروفة، لا تخالفها، فيمكنها أن تجزم، وتقسم بكل المقدسات التي تعرفها والتي لا تعرفها، ماذا سيحدث في المشهد التالي. كل القصص التي تتناولها الدراما المصرية أصبحت متوقعة ولا تأتي بجديد لا في الأحداث ولا الأداء، فيمكنك، بحسب يمنى، أن تشاهد أول حلقة من العمل، لتعرف ماذا سيحدث في الحلقة الأخيرة، ولن يفوتك كثيراً الاستمتاع بأداء الممثلين، لأن لكل منهم خط مخصص له لا يخرج في أغلب الأحيان عنه. تتفق مع يمنى إلى حد كبير بثينة سليم - الطالبة بالدراسات العليا بالمعهد العالي للسينما - معتبرة أن الدراما التركية والسورية أصبحت إلى حد كبير تجتذب جمهورًا يفوق ذلك الذي يحرص على متابعة الدراما المصرية. من وجهة نظر بثينة، فإن ذلك يعود إلى أن الدراما المصرية مؤخراً أصبحت تركز على الواقع بشكل فجّ، فهي إما أن تريك حياة الطبقات الدنيا من البلطجية واللصوص في المجتمع، أو ترُيك حياة الأغنياء الذين يمتلكون المليارات، وهي في الحالتين تبتعد عن حياة الفئة الأكبر من الجمهور والتي لا تنتمي لأيٍ من الشريحتين السابقتين، فلا يرى نفسه، بخلاف كونه أصبح يحفظ أكثر مما ينبغي ما تصل إليه أدمغة المؤلفين من خيال، ويعرف مُسبقاً أداء الممثلين الذي لا يخرجون عنه، فلم يعد العمل الدرامي يحمل له جديداً، بخلاف العمل الدرامي السوري والتركي، الذي يُحدثه عن حياة أخرى ومجتمع آخر. النقطة التي تتحدث عنها بثينة هي تلك التي تجتذب تحديداً فايزة عبد الجليل - مدرسة - 45 عاماً - فهي ترى أنها بمتابعة الدراما السورية والتركية، وتضيف إليهما الدراما الهندية، تكتشف مجتمعاً أخر لا تعرف عنه شيئاً، ترى شوارع مختلفة عن تلك التي تراها حولها في مدينتها، وترى عادات حياة مختلفة، وإناساً يحبون ويشعرون ويتحدثون بطريقة مختلفة عما اعتادته وعما تحفظه.
عندما تخسر الدراما المصرية جمهورها للدراما السورية والتركية... آراء شباب مصريين
جمهور الدراما يرصد أسباب تأخر الدراما المصرية... ملينا
أكثر ما يثير استفزاز فايزة، أن الممثلات المصريات خصوصاً أصبحن يسعين إلى تصدير صورة معينة عن أنفسهن بشكل شخصي من خلال تلك الأعمال الدرامية التي يقدمنها، فمثلاً هناك بعض الممثلات لا يردن أن يخرجن عن كونهن مثاليات، فيقدمن كل عام مسلسلاً يكنّ خلاله شخصيات ليس بها خطأ إنساني واحد، وأخريات لا يردن الخروج عن كونهن رقيقات جداً أو طيبات جداً، وهذا أمر مستفز ولا يُشجع على المتابعة، من وجهة نظر فايزة. أما كريم فتحي - طالب بالمعهد العالي للفنون المسرحية - فيرى أن نجاح الدراما في المجتمع المصري مرتبط بالنساء المشاهدات كشريحة أكبر من الجمهور، فالنساء يستطعن أن يتابعن مسلسلاً مدته مائتا حلقة، وهو عمل لا يقوى عليه الذكور من متابعي الأعمال الدرامية (على حد قوله)، مما يجعل الدراما التركية متفوقة جداً في رأيه، لأنها تقدم عناصر تجتذب النساء، من قصص الحب الرومانسية بشكل مبالغ فيه، إلى الأبطال الوسيمين الذين تفضل النساء متابعتهم. لا يغيّر من هذا الميل تراجع الدراما السورية مؤخراً. ففي مقال نشره بصحيفة الحياة، رى أمين حماده - كاتب مهتم بالدراما السورية - أن هذه الدراما تصل رمضان 2017 مثخنة بالجراح على صُعد مختلفة داخلياً وخارجياً. تزيد مسافة التأخر فنياً خلف نظيرتها المصرية وفق ما توضح الإعلانات الترويجية المنشورة للأعمال الحاضرة في شهر رمضان. ويرى حماده أن سبب ذلك يعود إلى استبعاد مخرجين مثل الليث حجّو، ونفي حاتم علي من الداخل، والممثلين المصنفين «معارضة»، وحتى من هم خارجها لحسابات لا يدركها منطق كـ«تهجير» قيس الشيخ نجيب، إضافة إلى توجه فنانين آخرين إلى السينما والمسرح كملجأ فني بحثاً عن مستوى أفضل مثل أيمن زيدان والمخرج باسل الخطيب، إلى جانب اعتكاف بعضهم لعدم وجود ما يقنع فنياً مثلما فعل الممثل قصيّ خولي. بينما يرى الناقد السينمائي المصري طارق الشناوي أن الدراما المصرية تتأثر في ما تقدمه بحالة "الموضة العامة" وخاصة في الأعمال الدرامية المقدمة في شهر رمضان، فكل عام تتوجه مجموعة من الكتاب والمخرجين إلي إبراز جانب معين - دون اتفاق مسبق بينهم - فتارة تجدهم يقدمون أعمالهم عن الصوفية، وتارة أخرى يركزون على البلطجية، وثالثة عن رجال الأعمال والأغنياء، وهكذا يفقد الجمهور عنصراً مهماً جداً وهو التنوع والتفرد لكل عمل درامي، فأن يكون التوجه العام واحداً يثير الملل، ويجعل الأعمال محفوظة ومتوقعة أحداثها مسبقاً.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image